المحتوى الرئيسى

أسواق البالة في سوريا... ملتقى الأغنياء والفقراء

05/20 14:48

برغم أن الربيع لم يزل مصحوباً بطقس شتوي، ماطر وبارد أحياناً، فإن أم صلاح بدأت بشراء كسوة الصيف لأولادها الخمسة من محال التصفية في منطقة الإطفائية وسط دمشق، استعداداً لفصل سيسجل بحسب التوقعات ارتفاعاً كبيراً في معدلات الحرارة.

ارتادت أم صلاح أكثر من محل حتى وجدت ما تبحث عنه. تقول: "ملابس الصيف مرتفعة الثمن مقارنة بملابس الشتاء في أسواق دمشق"، الأمر الذي دفعها لشراء ملابس الصيف من محال البالة، التي توفر الملابس بأسعار مقبولة خلافاً للأسعار "الخيالية" في سوق الحميدية على سبيل المثال.

في جولة لنا على تلك المحال، التقينا التاجر سامر مهنا الذي قال: "تجار البالة تأخروا في عرض الملابس الصيفية لأن الطقس متقلب وزبائن الملابس الشتوية لا يزالون يقصدون السوق لشراء الملابس الثقيلة، إلا أن الإقبال على شراء الثياب الصيفية جيد أيضاً".

يشرح مهنا السبب في ارتفاع أسعار الألبسة الصيفية مقارنة بالألبسة الشتوية قائلاً: "موسمها جديد والتصفية تكون على الألبسة الشتوية، كذلك الأمر لم يتم استيراد الألبسة الصيفية بشكل يلبي حاجة السوق حتى الآن، ما يرفع من سعر المتوفر منها".

ويشير مهنا إلى أن سوق البالة ملاذ لذوي الطبقات المتوسطة والفقيرة، حيث يشترون مستلزماتهم ومستلزمات أفراد عائلاتهم، باستثناء الملابس المدرسية.

ويقول: "استطاعت البالة ردم التباين الطبقي بين السوريين، إذ يتزاحم الغني والفقير على البسطة ذاتها، برغم اختلاف دوافع كل منهما، فهي بالنسبة للفقير ملاذ ينجيه من الغلاء، ويقصدها الغني للبحث عن الماركات العالمية التي باتت مفقودة في دمشق".

شارك غردأسواق البالة تقهر التباين الطبقي والتصدع في المجتمع السوري

شارك غردسعر البنطال المحلي الصنع 5500 ليرة سورية، أما في السوق المستعملة فـ500 ليرة

أكدت دراسة أجراها مركز "مداد" للأبحاث الاستراتيجية في دمشق أن نسبة من يعيشون في فقر مدقع في سوريا 67%. كما أن نحو 2.7 مليون شخص فقدوا وظائفهم في القطاعين العام والخاص، ما أدى إلى فقدان الدخل لأكثر من 13 مليوناً، وهذا ما أوقع الأسرة في شباك الاستغلال والفقر.

وتشير مديرية حماية المستهلك (جهة حكومية) إلى أن عائلة من 5 أفراد تحتاج إلى 150 ألف ليرة لكي تستطيع توفير الغذاء، وأن 80% من الأُسر تواجه صعوبات لدى الحصول على الغذاء، ولجأت إلى تناول وجبات بعيدة عن اللحوم والدواجن.

يقول الخبير الاقتصادي أحمد عبد القادر: "مع التراجع في القوة الشرائية للمواطن تصبح البالة ملجأه الوحيد، إذ بإمكان أي عائلة تأمين الثياب لأفرادها بمبلغ لا يتجاوز 20 ألف ليرة، وتوفير ألبسة ذات جودة تفوق جودة ملابس الأسواق المحلية".

ويرى عبد القادر، وهو المتابع لحركة أسواق الألبسة المستعملة في دمشق: "أن محال البالة لا تشكل تهديداً أو خياراً بديلاً للملابس الجاهزه، فلجوء المستهلكين إلى البالة ناتج من رغبتهم في اقتناء الجيد والرخيص بالوقت نفسه، وهذه المعادلة يصعب تحقيقها في ظل الظروف التي تمر بها سوريا، حيث يبلغ سعر البنطال المحلي الصنع 5500 ليرة وفي السوق المستعملة 500 ليرة".

يحذر الدكتور سامح العيسى من خطورة استعمال تلك الملابس، وخصوصاً تلك التي تدخل تهريباً إذ من المحتمل أن تحمل جراثيم وميكروبات وفطريات لا يمكن التخلص منها إلا لدى تعريضها للشمس ولدرجات الحرارة مرتفعة والكي.

ونصح بضرورة تعقيم وتطهير تلك الملابس قبل استخدامها، ونشر الوعى حول كيفية استخدام أو شراء هذه الثياب المستعملة.

حظر النظام السوري استيراد "البالة" منذ انطلاق الثورة مطلع 2011 بحجة حماية القطاع الأجنبي، لكن سوق البالة لم تتوقف إذ تصل البضائع تهريباً من لبنان، ويتم شراؤها بالكيلوغرام. ويبلغ سعر الكيلوغرام الواحد 10 دولارات تقريباً.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل