المحتوى الرئيسى

عيون مصر في كأس العالم.. حكايات المصورين مع تغطية المونديال

05/20 00:55

كتبت- دعاء الفولي وشروق غنيم:

كانت لحظة جنونية؛ أقدام اللاعب محمد صلاح تُركل الكُرة فتسكُن شِباك منتخب الكونغو، القلوب تهتّز، بعد 28 عامًا من الغياب المنتخب الوطني أخيرًا في كأس العالم، يستيقظ الحلم داخل نفس المصريين، فيما أحيا الهدف الطموح داخل نفس المصورين الرياضيين مُجددًا ليخوضوا تجربة كأس العالم.

اختار الاتحاد المصري عشرة مصورين مصريين ليكونوا ضمن بعثة الفراعنة إلى كأس العالم، مصراوي تحدث إلى أربعة منهم، عن الشغف في نفوسهم تجاه الحدث، الأفكار التي يحملونها في انتظار أن تترجم في صور، وما خاضوه لأجل الوصول إلى هذه اللحظة.

أواخر عام 1995؛ دخل أسامة عبدالنبي عالم التصوير الرياضي، خاض تجارب مختلفة في المحافل الرياضية، لكن على مدار الثلاثة وعشرين عامًا، تمنّى ألا يُشاهد كأس العالم من شاشات التلفاز، ويكون على أرضية الملعب يصوّر الحدث، لكن عدم صعود مصر طيلة تلك المُدة حال دون تحقيق حُلمه.

بعد ثمانية وعشرين عامًا تأهلت مصر إلى المونديال، أطّل الحلم بنفس المصور المُخضرم، قرر أن يُسافر إلى روسيا لتغطية مباريات المنتخب، لكن الحسابات المادية كادت أن تُجهز على طموحه، غير أنه في اليوم الذي قرر التخلي عن الفكرة، جاءته مكالمة من رئيس التحرير بمجلة الأهرام الرياضي بأن المؤسسة ستتكفل بتكاليف الرحلة.

يتحيّن المُصور المخضرم منذ الآن اللحظة، يدور بخُلده الأفكار التي يُريد توثيقها بعدسته "عاوز أكون عين المصريين في روسيا، مش بس جوة الملعب، لكن في الأجواء والكواليس كمان"، فيما يتمنى أن تُكلل رحلته بالنجاح "السفر في النهاية نصيب وأنا مؤمن بده".

واحد وعشرون عامًا هو عُمر كأس العالم، فيما يحّل على عبدالنبي وهو في عُمر الخمسين "عشان كدة عندي حماس أكبر إني مفوّتش الفرصة المرة دي، مش معروف مصر ممكن تتأهل تاني إمتى"، فيما يتيقّن بأن العُمر لن يمنعه من خوض المغامرة " طول ما المصور عايش وقادر يقف على رجله مبيبصش على السن".

لم يكن الطريق ممُهدًا أمام المصورين الأربعة؛ سلسلة من الإجراءات خاضوها لأجل اعتمادهم من قِبل الاتحاد الدولي لكرة القدم وكذلك المصري، غير أن التكلفة المادية كانت عقبة في طريق الأربعة، البعض اجتازها حيث وفّرت له المؤسسة التي يعمل بها جزءًا من التكاليف، الآخر اضطر أن يتخلّى عن مقتنيات من أجل تدبير المبلغ، من بينهم المصور أيمن عارف.

فرصة كهذه لا تتكرر كثيرًا؛ هذا ما أيقنه عارف، تكوّر بداخله حُلم تغطية المونديال منذ بدأ التصوير الرياضي عام 2013، وحين جاءت الفرصة بصعود المنتخب الوطني، جازف بكل شئ لجل هذه اللحظة.

باع المصور العشريني الدراجة النارية الخاصة به، أخرج ما في جُعبته من أموال "تحويشة العُمر في السفرية دي"، تأتيه نصائح من المُقربين "اللي يقولي أتجوّز بالفلوس دي أحسن أو خسارة تضيع اللي عملته"، غير أن لعارف وخطيبته كلمة أخرى "هي اللي بتشجعني أخوض التجربة دي رغم إنها مجازفة".

يتخيّل عارف نفسه داخل الستاد، يرى بأعينه الحدث الذي طالما تابعه على التلفاز، تلتقط عدسته ما يدور داخل الحدث العالمي، يستعيد شغفه مُجددًا، رغم أن الميزانية التي معه تتجعله يُغطي الدور الأول فقط من البطول، لكن وجوده داخل المكان يطرد كل الهواجس بداخله "أتمنى أقدر أعمل شغل أرجع بيه مصر مبسوط".

هذه المرّة يُنظّم كأس العالم في 11 مدينة روسية، تفصلهم مسافة كبيرة عن بعض، لكن الفيفا أعلنت مجانيّة القِطارات بالنسبة للمصورين للتنقل إلى المُدن، وهو ما أضفى بعض الارتياح في نفوس الأربعة، بينما أعلنت شركة كانون للكاميرات عن توفيرها لبعض العدسات داخل الملاعب للمصورين المصريين مجانًا.

قبل عامين انتقل محمود خالد للعمل في دولة الإمارات العربية المتحدة. لم ينس الشاب شغفه بالتصوير، عمل بشكل حر لأكثر من مؤسسة صحفية مصرية، جعله ذلك أكثر دراية بما يحدث في عالم الصحافة الرياضية داخل مصر، لذا لم يكن ليفوّت فرصة الذهاب إلى كأس العالم.

لم يوفر خالد جُهدا للذهاب للتجربة المهمة، لكن رغم كل شيء لم يحالفه الحظ في البداية "عرفت بإجراءات التقديم متأخر للأسف"، حينما أنهى خالد المطلوب منه، علم أن عدد المصورين العشرة اكتمل "واتقال لي خليك على قائمة الانتظار".

أكثر من شهر مرّ على المصور دون رد، فقد الأمل في خوض التجربة كمصور، لكنه لم يتنازل عن حضور المباريات كمشجع "اشتريت تذكرة وكنت هشتري الباقي"، وقتها تلقّى مكالمة هاتفية من مصر "قالوا لي إن في حد اعتذر عن السفر، فهل لسة عايز تروح تصور؟"، كان قلب المصور يرتعش من السعادة، ووافق على الفور.

يُدرك خالد أهمية التجربة "مش بس على مستوى المهنة، كفاية الزخم اللي هيحصل من مقابلة ثقافات وأفكار تانية"، غير أن بعض التخوفات سيطرت على عقل المصور الشاب "زي السرقة مثلا خاصة إننا معانا معدات كتير"، كما يحمل عبء التحرك بين المباريات المختلفة، إذ سيتم عقدها في مُدن بعيدة عن بعضها "المسافة بينهم طيران بتعدي عشر ساعات".

مازال فريد قطب، المصور الصحفي بموقع مصراوي، يذكر المباراة الأولى التي حضرها في فبراير 2016 "كنت رايح وقتها أجرّب نوع جديد بالنسبة لي من أنواع التصوير الصحفي"، لكنه أدرك أنه وجد ضالته. أخذ تصوير المباريات عقله، تعيّن عليه التضحية بجزء من إرث والده ليشتري مُعدات متطورة تمكنه من التصوير الرياضي.

استغل المصور الثلاثيني كل فرصة ليطور أدائه، ذهب إلى الجابون ليغطي كأس الأمم الإفريقية العام الماضي، لا ينسى صعوبة التجربة "شكل الاستاد، عدد الجماهير والحدث نفسه، كل ده كان مُرعب".. مرّت 35 دقيقة من المباراة دون أن يرسل صورا للنشر "كنت بصور بس مش قادر أبعت".

خلال دقائق، ازداد الموقف سوءً "لقيت على جروب الشغل الناس بدأت تسألني عن الصور"، اجتاح التوتر عقل المصور، سقط قلبه في يده عندما لاحظ أن المصور الصحفي، حسام دياب، رئيسه في العمل يكتب "قلت وقتها أكيد هيلومني إني اتأخرت"، غير أن المصور المخضرم كتب "يا جماعة محدش يستعجل فريد، هو مصور محترف وعارف بيعمل إيه"، في تلك اللحظة تغيّر كل شيء، حدثت طفرة في أداء قطب، كأن الكلمات احتضنته "بدين بالفضل لأستاذ حسام دايما، بس بسبب الموقف ده يمكن انا لسة بصور لحد دلوقتي".

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل