المحتوى الرئيسى

15 عاماً على هجمات الدار البيضاء.. ماذا تغير في سيدي مومن؟

05/16 18:42

"أحاول جاهداً أن أمحو تلك المرحلة من حياتي. إنها نقطة سوداء في ماضينا"، يقول خالد (اسم مستعار)، البالغ من العمر 36 عاماً كان يعيش  في الحي الصفيحي "السكويلة  في سيدي مومن، حيث خرج أغلب المتورطين في التفجيرات الدامية التي هزت مدينة الدار البيضاء بالمغرب في 16 مايو/ أيار 2003 وأسفرت عن مقتل 45 شخصاً من بينهم 11 انتحارياً.

كان خالد ضمن شباب كثر تحلقوا حول الفكر المتطرف خلال تلك الفترة، ويقول خالد  في حوار معDW   عربية: "كان المتشددون يلاحقوننا بعد الصلاة ويدعوننا إلى جلسات دينية، ويذهبون أيضاً إلى الأمكنة التي يجتمع فيها المدمنون والمنحرفون في الحي، ما أزال أتذكر كيف تحول عدد كبير من شباب الحي من منحرفين إلى متشددين".

اعتدى على شقيقه لأنه كان برفقة فتاة

يضيف خالد: "كنت أحضر جلساتهم الدينية لقد جعلوني إنساناً أخر، أخبرونا بأنه من الضروري تغيير المنكر بالفعل، لقد تغيرت معاملتي لشقيقاتي وللجيران كنت متعصباً جداً، ما أزال أتذكر أحد أبناء الحي الذي اعتدى على شقيقه لأنه كان برفقة فتاة، معتقداً أنه بذلك غير المنكر". كان من الصعب على خالد سرد تفاصيل تلك المرحلة الحساسة من حياته التي انتهت باعتقاله جراء حملة مداهمات طالت متطرفي المنطقة عقب أحداث 16 مايو/ أيار الدامية.

تجد حملة تم إطلاقها في العاصمة تونس ضد ظاهرة التحرش تفاعلا في بلدان عربية أخرى تعاني من هذه المشكلة التي تقيد حرية المرأة. ما هي أهداف هذه الحملة وكيف يبدو التفاعل معها عبر الحدود؟ (04.10.2017)

فتيات مغربيات يجمعهن عشق كرة القدم، يقتحمن بكل إصرار عالما لايزال حكرا على الرجال، يسجلن حضورا قويا داخل مجموعة "الألتراس" رغم تعرضهن للتحرش ومضايقات المجتمع الذكوري. يشجعن بقوة فرقهن المفضلة. (03.03.2018)

وعن الأسباب التي دفعته إلى ترك الفكر المتطرف، يقول خالد " كانت شقيقتي الصغرى ستتزوج آنذاك، وخلال اعتقالي رفض خطيبها الزواج منها بسببي، أحسست بالألم جراء ذلك".

يعتبر خالد أن نبذ المجتمع له ولعائلته وإحساسه بأنه تعرض للاستغلال من قبل أولئك المتشددين دفعه إلى التخلص من تلك الأفكار المتطرفة. ويشير خالد "أحداث 16 مايو/ أيار وما نجم عنه من ضحايا، ومعاناة عائلتي وأسر الشباب الذين فجروا أنفسهم، كل ذلك جعلني أدرك بأن تلك الأفكار المتطرفة لا علاقة لها بالدين الإسلامي وأنهم كانوا يستغلوننا فقط" . ويشتغل خالد في التجارة الآن بعد ما تخلى عن تلك الأفكار المتشددة. ويقول في هذا السياق: "كان من الصعب عليَّ التعافي من تلك المرحلة الصعبة لكن نجحت في نهاية المطاف".

يرافقني خالد في جولة بحي مشروع السلام بسيدي مومن، حيث استفاد أبناء حي السكويلة الصفيحي من السكن، "لم يتغير المشهد كثيراً"، يقول خالد، مضيفاً: "انتقلنا من السكن العشوائي إلى بنايات عشوائية بنفس نمط العيش السابق. هذه المنطقة ماتزال مهمشة ويعاني أغلب سكانها من الفقر وغياب الفضاءات العمومية".

الوضع في حي "الرحامنة" الصفيحي بسيدي مومن لا يختلف كثيراً، حيث لا يزال السكان يعيشون في السكن العشوائي، أكوام من النفايات تحاصر البيوت القصديرية، رائحة تزكم الأنوف، وخبز حاف منتشرة على الأرض، يتاجر فيه السكان لتأمين لقمة العيش، وعربات مجرورة تعرض الخضر والسمك، تجمعات شبابية في كل مكان من بينهم من يتعاطى المخدرات، بينما يكتفي البعض الآخر بمراقبة المارة.

إبراهيم كرو ناشط مدني، وأحد أبناء الحي الذي عاش تفاصيل تلك الأحداث الدامية من حي سيدي مومن. يشعر كرو بالحزن على حال منطقته وشبابها، ويقول في هذا السياق لـDW عربية: "خلال تلك المرحلة كان الشباب يتوجه إلى التطرف. أما الآن فقد أصبحوا يدمنون على المخدرات، كما أن جميع أنواع المخدرات توجد في المنطقة ما يتسبب في انتشار الجريمة".

ويضيف كرو بنبرة يعلوها الغضب: "الشباب هنا يهربون من واقعهم بالمخدرات".

يتابع الناشط المدني كرو قائلاً: "لم نلمس أي تغيير  باستثناء أن الحي تحول إلى مجموعة من الكتل الإسمنتية، الطرق مهترئة، دور الصفيح ما تزال كما كانت باستثناء السكويلة وكاريان طوما المقامة منازلهما من الصفيح".

وأشار كرو إلى أن حي سيدي مومن يضم شريحة كبيرة من الشباب، أغلبهم من حاملي الشهادات الذين يعانون من البطالة، لافتاً إلى أن وصمة عار أحداث 16 مايو/ أيار ما تزال تلاحق ساكني الحي.

يشار إلى أن السلطات المغربية دشنت في 2015 السادس مركزاً للتكوين المهني متعدد التخصصات بحي سيدي مومن، ليستفيد الشباب المنحدرين من أسر فقيرة والمنقطعين من التكوين بهدف إدماجهم في سوق العمل. وكانت أحداث 16 مايو/ أيار قد عجلت بإطلاق عملية إعادة الهيكلة وتوفير السكن اللائق التي استفاد منها سكان المجمعات العشوائية السكويلة وطوما، حيث خرج معظم المتورطين في تلك الهجمات الدامية.

من جانبه يعزو رضى أمحاسني، مختص في علم النفس، انتشار الجريمة والمخدرات في حي سيدي مومن في حديثه مع DW عربية إلى أن منظومة القيم السائدة في الحي أكثر تطبيعاً مع الجريمة والمخدرات، معتبراً أن ذلك راجع إلى أن الأطفال يترعرعون في وسط يعيش فيه تاجر المخدرات وضعاً مادياً أفضل من العامل البسيط الذي يعاني من ظروف اجتماعية صعبة.

وعن أسباب انتشار التطرف في منطقة سيدي مومن يوضح أمحاسني قائلاً: "لا يمكن أن نكتفي فقط بذكر السبب الاقتصادي"، مشيراً إلى أن "شباب سيدي مومن يعانون من الهشاشة النفسية وغياب العقل النقدي".

ويوضح المختص في علم النفس أن "عدم اهتمام المؤسسات التعليمية بتنمية العقل النقدي لدى الشباب والأطفال في المقابل نجد تكريس ثقافة الحفظ إلى جانب القيم الإقصائية للأخر المختلف عنا، وتكفيره هي من تساهم في إنتاج أفراد لديهم قابلية لتبني الفكر المتشدد والاعتقاد بأن العمليات الانتحارية ستجعلهم  يفوزون بحور العين والجنة". ويدعو المختص في علم النفس إلى ضرورة تغيير المناهج الدراسية وتوعية الأطفال والشباب "بأهمية حب الحياة والاندماج في المجتمع، لكي لا يكونوا فريسة سهلة لجماعات متطرفة أخرى".

وشدد أمحاسني على ضرورة توفير العيش الكريم لهذه الفئة، مشيراً إلى أن "هؤلاء الشباب ترعرعوا في سكن غير لائق ينامون في غرفة واحدة حيث العلاقة الحميمية بين الأب والأم ليست ببعيدة عن أنظارهم ومسامعهم، ما يجعلهم يفتقدون لتوازن النفسي والتربية السوية".

واعتبر المتحدث ذاته أن مبادرات الجمعيات لدعم الفئات الهشة في سيدي مومن غير كافية بسب الكثافة السكانية الكبيرة في المنطقة، مؤكداً على "ضرورة تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية إلى جانب التوازن العائلي، وتغيير المناهج الدراسية لتكوين جيل أكثر انفتاحاً على آخر ومتسلحاً بالعقل النقدي".

الهام الطالبي - الدار البيضاء

بدأت الاحتجاجات بمدينة جرادة (شمال شرق المغرب) في نهاية ديسمبر/ كانون الأول 2017. فبعد وفاة أربعة أشخاص في حوادث عرضي في أحد المناجم، خرج العديد من سكان المدينة محتجين في مظاهرات سلمية مطالبين ببدائل اقتصادية لمدينتهم التي لم تعد فيها فرص عمل منذ إقفال الدولة لمناجم الفحم عام 1998.

المتظاهرون من سكان جرادة لا يطالبون بغير إيجاد بديل اقتصادي عن مناجم الفحم. كما أنهم يطالبون الجهات المسؤولة بإعفائهم من دفع فواتير الماء والكهرباء، والعمل على محاسبة المسؤولين في المنطقة منذ إيقاف مصدر عيشهم الأساسي. "الرغيف الأسود" يُنسب للقمة العيش التي يحصل عليها العمال من الكدح بمناجم الفحم الأسود.

يعيش المئات من سكان جرادة من العمل في "مناجم الموت" العشوائية وغير القانونية، والتي باتت مصدر رزق لهم وفي نفس الوقت مهددة لحياتهم. وقد عبر المحتجون عن رفضهم للأوضاع من خلال الاعتصام، وتنظيم مسيرات سلمية وشن إضرابات عامة. كما رفعوا رايات البلد ورددوا النشيد الوطني في مرات عديدة.

مع اندلاع الشرارة الأولى للاحتجاجات السنة الماضية، ذهب وفد رسمي رفيع المستوى إلى جرادة. وكان سعد الدين العثماني، رئيس الحكومة المغربية قد أعلن، بعد زيارته للمدينة ضمن الوفد، عن مجموعة من القرارات الحكومية المهمة والعاجلة لاحتواء غضب الإقليم ككل. لكن الوضع لم يعرف تحسناً رغم الوعود المقدمة، حسب ما صرح به المتظاهرون، مما دفع بهم إلى الخروج من جديد.

أدى اعتقال السلطات شابين يوم السبت (10 مارس/ آذار 2018) إلى تصاعد التوتر بالمدينة. وخرج السكان في تظاهرات كبرى للمطالبة بإطلاق سراح المعتقلين، هذا في الوقت الذي خيم فيه إضراب عام على المدينة. وقد تحولت المظاهرات إلى مواجهات بينهم وبين القوات والأجهزة التابعة للدولة فيما بعد.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل