المحتوى الرئيسى

لماذا لا يحل المجتمع المدنى أزمة 'مترو الغلابة' ؟ !

05/14 10:13

منذ ان أعلنت وزارة النقل عن تحريك أسعار تذاكر "مترو الأنفاق" بالقاهرة الكبرى لتصل إلى 3 جنيهات للتذكرة الواحدة مقابل 9 محطات ، و 5 جنيهات للتذكرة حتى 16 محطة ، و7 جنيهات للتذكرة لما هو أكثر ، مساء الخميس الماضي بشكل مفاجئ وما تلاها من أحداث وتذمر المواطنين البسطاء ممن سيكون لهذا القرار تأثير سلبى كبير على حياتهم المعيشية، التى لا يخفى على أحد أنها ليست على ما يرام منذ قرارات الإصلاحات الإقتصادية الجريئة التى اتخذتها الحكومة لمعالجة تشوهات الإقتصاد المصري والتى كان لابد منها ، 

فى هذه اللحظة انقسم المجتمع المصري إلى مؤيد ومعارض للقرار ، وانفجرت مواقع التواصل الإجتماعي بملايين المنشورات والتغريدات المعارضة والمؤيدة للقرار دون ان يلتفت أحد للبحث والتفكير خارج الصندوق للبحث عن بديل أو حل للخروج من هذا المأزق، ويبدو ان هذا أصبح سمة من سمات الشعب المصرى منذ ظهور الفضاء الإلكترونى أو أبعد بقليل.

وزارة النقل بدت فى الازمة وكأنها مستعدة للسيناريوهات المختلفة التى ربما أن يقودها إليها القرار فظهر الوزير سريعا على شاشات الفضائيات مبررا للقرار واسبابه وأن الحكومة تأخرت فى تطبيقه كثيرا ، وأن هذا القرار كان يجب أن يتم اتخاذه منذ سنوات طويلة حتى لا يتهالك المرفق الحيوي ، وكل هذا "معلوم ومحل تقدير من الجميع"، وأعلن البدائل المختلفة التى تساهم فى تخفيف الضغط على أصحاب الدخول الأقل والتي كان ربما مقدرا لها من صناع القرار أنها قد تكون الحل السحري للأزمة والمتمثلة فى "الاشتراكات المخفضة" والمتاحة لكل الفئات والتى قد تصل فيها سعر التذكرة فئة 5 جنيهات لما يقارب 2.5 جنيه ، والتذكرة فئة 7 جنيهات لما يقارب 3.5 جنيه مقابل مبالغ مالية تدفع كل 3 اشهر أو حتى كل شهر ، 

ولكن الحقيقة أن هناك مواطنين يرتادون المترو يوميا دون ان يكون لهم وجهة محددة يتمكنوا من خلالها تحديد فئة الاشتراك الذى يلبى متطلباتهم لأنهم لايوجد لديهم مكان عمل ثابت أو وجهة محددة فيوما يركب 9 محطات بفئة تذكرة 3 جنيهات ويما يطيل المسافة لـ 16 محطة فئة 5 جنيهات وآخر يركب لمسافة أطول فئة 7 محطات فكيف لهذا الشخص ان يحدد فئة اشتراك بعينه ناهيك عن أن هؤلاء يعيشون "يوم بيوم" يعملون فى مهن يحصلون فيها على اجرهم باليومية، ولا يوجد لديهم مصدر رزق ثابت يمكنهم من تدبير مبلغ لدفعه كقيمة للإشتراك ليصير ميزانية للمواصلات طوال الشهر ، باعتبار أن يوميته بالكاد يدبر منها احتياجاته الأساسية من مأكل ومشرب بشكل يومى ليبدأ فى اليوم التالى رحلته فى البحث عن يوميه جديدة ليعيش منها هو وأسرته ، كيف لهؤلاء الأشخاص يا وزير النقل أن يدبروا ثمن اشتراك للمترو يخفض ميزانية المواصلات لديهم.

وكما أشرنا فى السابق نحن هنا لا نحاول ان نصدر المعوقات والمشكلات كما يحدث فى مواقع التواصل الإجتماعى ولكن نحاول سويا ان نبحث عن الحلول، فكما كان فى الماضى لايوجد لهؤلاء مظلة تأمينية تحميهم لعدم تواجدهم فى وظائف ثابتة، وخرج الرئيس عبد الفتاح السيسى بفكرة عبقرية لتوفير شهادات "أمان" التأمينية كمظلة ضمان اجتماعى لهم وأسرهم وهو أمر ما كان من الممكن أن يحدث دون ان نفكر خارج الصندوق، من هنا يجب ان نستدعى الحل لهذه الازمة بتفكير خارج الصندوق أيضا وهذا من خلال دعم لهؤلاء المواطنين البسطاء على غرار ما يحدث داخل وزارة التموين من دعم للسلع المقدمة لهم ، ولكن فى هذه المرة من دون أن نحمل الدولة اعباء إضافية فى مرحلة حساسة تحتاج فيها الدولة لترشيد الإنفاق وتخفيض عجز الموازنة، وذلك من خلال الاستعانة بالمجتمع المدنى.

منظمات المجتمع المدنى أو الجمعيات الاهلية فى المجتمعات المتقدمة هذا هو صميم عملها من اجل حماية غير القادرين وتأهليهم ودفعهم للامام ، فلماذا لا تقوم هذه المنظمات بعمل بحوث اجتماعية بالتعاون مع الجهات المعنية فى الدولة لتقدم دعما ماليا لغير القادرين بتقديم اشتراك مترو لهم لانقول هنا بسعر مخفض ، ولكن بسعره الحقيقى او أن تقسط لهم قيمته على مدار الشهر أو على مدار الـ 3 أشهر ، وهذا هو صميم عمل الجمعيات الأهلية فى ان تتطور قدرات المواطنين لكى يتمكنوا من مواصلة العطاء والعمل ، بدلا من ان نقدم للمجتمع اشخاصا ساخطين على حياتهم ومعيشتهم قد يلجأوا للإنحراف أو الجريمة لتلبية متطلباتهم الاولية ، 

وهنا نحن لا نفرض نسقا معينا فى كيفية تعامل الجمعيات الاهلية مع هذه الازمة ، ولكننا نترك القوس مفتوحا امام حلول أخرى تسير فى هذا الاتجاه للتعاون مع الدولة والمواطن فى تخفيف معاناة غير القادرين على تحمل أعباء الإصلاح الإقتصادى الذى كان لابد منه.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل