المحتوى الرئيسى

هل «كان» ضد سوريا وكينيا وإيران أم أنه يناصر الحرية؟ | المصري اليوم

05/14 07:22

برغم أن أفلام وأحداث مهرجان (كان) بسبب كثافة التواجد العربى هذه المرة مستحوذة على اهتمام كل الفضائيات العربية التى حجزت (ستالايت) مقابلا لقصر المهرجان، حتى تُصبح على الموجة مع الناس، إلا أننى فوجئت بسؤال من إحدى الفضائيات عن لجنة الدراما وماذا لو تصورنا أنها أنشأت فرعا لها لمتابعة فعاليات مهرجان (كان).

طبعا هو سؤال افتراضى ساخر لا يمكن إحالته لأمر واقع، رغم أن كثيرا من الأفكار التى تبدو مستحيلة باتت واقعا نتعايش معه، إلا أنه حقا يؤكد على أن ما يجرى فى مصر لا يمكن التعامل معه باعتباره شأنا داخليا، بل دائما ما يصبح شأنا عربيا بامتياز.

تخيل أن لجنة (التهذيب والتأديب والإصلاح الدرامى) التى يرأسها المخرج المخضرم محمد فاضل تواجدت فعلا على شاطئ (الكروازيت)، ما الذى من الممكن أن تفعله فى مواجهة تلك الأفلام المعروضة، ولو أنهم أمسكوا فقط الألفاظ، كم عدد المليارات من الجنيهات التى ستحققها اللجنة الموقرة بحجة أن هذا لفظ قبيح وتلك كلمة نابية وذاك مشهد يتعارض مع القيم، اللفظ الواحد كما ذكرت اللجنة يتم دفع مقابلا له 250 ألف جنيه.

لا أدرى ما الذى يجرى فى مصر حقيقة؟ ودفع بعدد من المبدعين لكى يتحولوا إلى رقباء مؤكدين أنهم المحتسبون الجدد حراس الفضيلة، كثيرا ما أسأل نفسى: هل فنان له تاريخ، مثل فاضل كم أثارت مسلسلاته من اتهامات مماثلة، مقتنع فعلا بموقعه الجديد، أم أنه وجدها فرصة لكى يعلن على الملأ أنه متواجد داخل ملعب الدراما، بعد أن صار ومنذ سنوات بعيدة يقف فى مقاعد المتفرجين؟!.

من كنا نؤازره فى مواقفه الدائمة ضد الرقابة صار هو الرقيب الأعلى، رغم أنه حريص على أن ينفى فى كل حواراته أنه جهة رقابية، بينما كل ما يصدر من قرارات عن لجنة الدراما أو حتى المجلس الأعلى للإعلام لن تجد فيه إلا أشباح رقباء، الرقابة تقف ضد العالم وضد التطور الطبيعى للحياة، وليس معنى ذلك أن نفتح الباب للموبقات والتسيب كما يحاولون تصدير ذلك للمجتمع حتى يتمسك بوجودهم، ولكن علينا دعم الإنسان من أجل زيادة مساحة قدرته على الاختيار، إنهم يبددون الطاقة، فى صراعهم المستحيل مع الزمن.

سوف تنتهى فعاليات (كان) السبت المقبل، بينما فعاليات رمضان ستبدأ بعد 72 ساعة، وكما تعودنا مع أول سحور، حيث تتسابق المسلسلات الأربعاء القادم لتسرق الكاميرا من الجميع وسوف تصمت كل الأحداث الأخرى.

ولكن دعونا نعد إلى السؤال الذى يفرض نفسه من (كان) الآن، أكتب إليكم قبل أن يعرض الفيلم الإيرانى الذى يترقبه الجميع (ثلاثة وجوه) للمخرج جعفر بناهى، وهو معروف بمواقفه ضد حكم الملالى المسيطر فى إيران، الذى لديه نظرة شديدة التحفظ فى التعامل مع الفن، بينما جعفر بناهى له موقف ضد الحكم الدينى، ولهذا يواجه بضراوة من قبل السلطة، بعد أن منعوه من ممارسة المهنة لمدة 20 عاما بقرار من المحكمة، كما تم أيضا منعه تماما من السفر، بطريقة أو أخرى لا يزال جعفر قادرا على أن يصل بأفلامه للعالم لأن للأفكار أجنحة تستطيع التحليق عاليا وتجاوز كل المعوقات، أشرطة جعفر تعبر الحدود، كما أن أفلامه حتى داخل إيران يتم توزيعها سرا، المهرجان افتتح بفيلم المخرج الإيرانى أصغر فرهادى (الكل يعرف) وهو فيلم إسبانى الإنتاج، لا يدخل فى إطار السينما الإيرانية إلا فقط فى روحه السينمائية المتأملة، و(أصغر فرهدى )، مثل أستاذه المخرج الإيرانى الراحل عباس كيروستامى، يتعامل مع السلطة الإيرانية على طريقة (لا عايز عسلك وابعدى عنى لدغتك)، ولهذا يسافر خارج الحدود كما يحلو له كما أنه فى المقابل يحرص على ألا تفلت منه كلمة تغضب السلطة، فهو يريد أن يصنع أفلامه ويعلم أن السلطة حساسة جدا فى تقبل أى مساحة معارضة.

مهرجان (كان) لا ينتقى المعارضين تحديدا، ولكنه يبحث عن الفيلم ثم يدافع عن المبدع، وهكذا مثلا طالب السلطات بالسماح لجعفر بالسفر وهى كالعادة لم ولن تستجيب قطعا، مثلما فعلت فى كل المرات السابقة حتى إنهم قبل عدة سنوات رشحوه لرئاسة لجنة التحكيم وعندما لم يأت تركوا فى الحفل مقعده شاغرا وسلطوا عليه الضوء، ليحمل دلالة مباشرة أن هناك مبدعا ممنوعا من السفر ولكن العالم يقف معه.

المهرجان لا يعادى الدول ولكن يقف مع الحرية، وهذا هو الخيط الرفيع، وهكذا مثلا عرضوا الفيلم الكينى (رفيقى) للمخرجة وانورى كاهيى بنسخته كاملة فى قسم (نظرة ما) بينما الرقابة فى كينيا رفضته وطالبت بتخفيف عدد من المشاهد لأنه يقدم صورة سلبية عن المرأة الكينية، حيث إنه يتعرض لعلاقة سحاقية بين امرأتين. ملحوظة الرقابة المصرية عادة فى السنوات الأخيرة لا تتدخل بحذف أى مشاهد أو لقطات من الأفلام عند عرضها فى المهرجانات وتعتبر أن التصريح بالعرض هو للمهرجان بينما فى العرض التجارى داخل مصر قد تحذف لقطات مثلما حدث فى (طلق صناعى) لخالد دياب الذى عرض كاملا العام الماضى فى مهرجان (دبى) وتم حذف مشاهد منه فى العرض الداخلى، أو (اشتباك) لمحمد دياب الذى عرض أيضا كاملا وبلا أى لوحة تسبقه قبل عامين فى افتتاح فسم (نظرة ما) ولكن تجاريا أضيفت لوحة لتحديد الفترة الزمنية للفيلم بأنها فى ثورة 30 يونيو.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل