المحتوى الرئيسى

أنا كنت فين؟ | المصري اليوم

05/14 06:44

كل بلد لدىّ معه ذكريات؛ فى مصر أو خارج مصر. ذكريات أحن إليها. أهرب إليها كلما أتيحت لى الفرصة. ذكريات تعيش معى منذ أيام الشباب.

كنت فى أمريكا مؤخرا. قررت أن أستعيد أيام زمان.

ذهبت لتناول إحدى الوجبات السريعة فى أحد المطاعم التى اعتدت عليها. أخذت طعامى وجنحت إلى أحد المقاعد العامة التى يجلس إليها من يأكلون. فتاتان كانتا جالستين بجوارى تتحدثان. انشغلت بوجبتى ولم أنظر إليهما. لكنهما كانتا تتحدثان بصوت عال. تناقشان أموراً غريبة. مثلاً كيف سنتصرف لنحافظ على شكلنا لو لحق بنا كبر السن؟. تتحدثان عن زملائهما فى المدرسة.. من الأولاد والبنات.. عن الرياضات التى يمارسونها.

بعد أن انتهيت من طعامى نظرت إلى الفتاتين. فوجئت أنهما كانتا تماما فى سن حفيدتى التى أتابع نموها عن كثب اليوم. أتابع ما تكتبه فى المدرسة من مواضيع.. الرياضة التى تمارسها. انشغالها بحذاء رياضى جديد تلح فى اقتنائه. محاولاتها إقناع أمها باقتناء ملابس تتوافق مع مناسبات معينة. كل هذه تصرفات طبيعية لا غضاضة فيها. لكن تركنى هذا الحديث أفكر: يا الله.. أين كنت أنا حينما كانت بناتى فى هذه السن؟. لماذا كنت بعيدا؟. ماذا كان يشغلنى؟. ما الذى اختطفنى منهن كل هذا العمر؟.

عدت ربع قرن إلى الوراء. نعم أنا الآن أتابع حفيدتى. لماذا لم تتح لى الفرصة لمتابعة التفاصيل الدقيقة والبسيطة والمبهجة لابنتىّ. لماذا تركت كل هذه اللحظات الجميلة لتفوتنى.

تلك هى الحياة. مليئة بالتفاصيل الصغيرة الساحرة. لا ننتبه عادة إليها إلا بعد مرورها. أو لنقل بعد هروبها.. بعد فوات الأوان.

استدرت إلى الفتاتين الجالستين بجانبى. قلت لهما إننى آسف لكننى دون قصد استمعت إلى حديثكما. الذى أثار سؤالا مدويا يدور فى رأسى. حكيت لهما عما مر بعقلى من أفكار.

استمعتا إلىّ فى ذهول وابتسمتا. قلت لهما أترككما بخير. وأتمنى لكما كل سعادة. انصرفت وظل عقلى معلقا بهذا الحديث.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل