المحتوى الرئيسى

«الدستور» في دمشق.. ماذا فعلت 7 سنوات من المعارك في سوريا؟

05/12 20:20

سنوات من الحرب خلَّفت آلاف القتلى ومئات الآلاف من النازحين عن «الوطن» دون يقين عن موعد «العودة إلى الديار»، أرض محترقة تمامًا يحارب فيها الكل الكل، رأى فيها العالم سوريا كلعبة إلكترونية تنطلق فيها المدافع والقذائف والصواريخ صوب البيوت والطرق والمستشفيات والأطفال، الجميع هدف للجميع.

ويظل السؤال يطارد الجميع: مَنْ الجانى؟، هل كل ما يُنقل عن الأرض المغدورة صحيح.. أم أنّ ثمة خديعة أو فبركة نتعرض لها؟

كل هذا وأكثر كان دافعًا قويًا لدى «الدستور» لشد الرحال إلى هناك.. إلى سوريا.

من الصعب أن تكتب عن خلافات السياسيين داخل غرفهم المغلقة وتصريحاتهم أمام «الميكروفونات»، عن خريطة التحركات العسكرية، عن انتصارات أو اتهامات بانهزامات، عن ادعاءات بهجمات كيميائية، دون أن تعرف حقيقة ما يجرى على الأرض. فما تنقله وكالات الأنباء فى الغالب ليس إلا تنفيذًا لأجندات أطراف بعينها.

هذه زيارتى الأولى إلى دمشق، حيث تابعت الملف السورى سنوات مضت، إلا أن القرار جاء بعد ساعات قليلة من الادعاء بهجوم «كيماوى» على مدينة دوما، وتوجيه اتهامات للرئيس بشار الأسد بأنه صاحب الهجمة المزعومة، واتخاذ قرار ثلاثى من أمريكا وبريطانيا وفرنسا فيما وصفوه بـ«الجراحة الناجحة» لضرب مراكز أبحاث التطوير الكيماوى السورى، الأمر الذى ما زال قيد التحقيق من اللجنة الأممية بعد جمعها عينات من موقع الواقعة.

الحصول على تأشيرة دخول إلى الأرض الصامدة.. وصور الأسد تزين مطار دمشق

داخل السفارة السورية التقيت المستشارة الإعلامية للسفارة رانيا الرفاعى، ورغم الترحيب وحفاوة الاستقبال، إلا أننى وجدتها متحفظة على معالجتنا فى «الدستور» لما يجرى فى سوريا، كنا قد اخترنا عنوانًا «لسوريا لا لبشار الأسد» تعبيرًا عن موقفنا الرافض للضربة الثلاثية.

اعتبرت السيدة أن العنوان غير موفق، ويمس الرئيس السورى، ورغم تأكيدنا على انحيازنا للوضع الإنسانى للشعب السورى، ودعمنا للجيش الوطنى فى الحفاظ على سيادته ووحدة أراضيه، بغض النظر عن الأشخاص، إلا أن ذلك أثار استياءها بشدة، فكان اللقاء متوترًا وعصبيًا.

تمسكت السيدة بوجهة نظرها، فلا يجوز أن يُطرح الأمر إعلاميًا وكأن الضربة موجهة للرئيس الأسد وليس للدولة السورية، لا يجوز فصل الاثنين، ما يحدث هو تربص بالدولة.

لم يكن الأمر يحتمل الكثير من الجدل، كما أن للسيدة عذرها، فهى تدافع عن دولتها التى تعانى حربًا منذ ما يقرب ٧ سنوات، كان الخلاف الإعلامى أهونها.

كان من الواضح أن الزيارة لن تكون يسيرة، أو مدعومة بتسهيلات رسمية، وعلى الرغم من ذلك عزمت على الذهاب.

توقفت رحلات الطيران مع بداية الأزمة السورية من القاهرة إلى دمشق، وأوقفت شركة مصر للطيران رحلاتها الجوية إلى مطارى دمشق الدولى وحلب، فى حين خفضت شركة الطيران السورية عدد رحلاتها، وبذلك أصبح هناك طريقان للوصول إلى دمشق، الأول عبر شركة الطيران السورية التى تسيّر رحلتين فقط أسبوعيًا يومى السبت والخميس، والثانى الوصول جوًا لمطار لبنان، والعبور إلى دمشق من الأراضى اللبناينة.

أمام ضابط الجوازات، اصطف طابور طويل من المسافرين، أغلبهم عائلات سورية مجتمعة، لم يكن هناك من يغادر منفردًا إلا نادرًا، كان الطابور يتحرك سريعًا مع تتابع وقوع الأختام على جوازات السفر السورية بلونها الأزرق، قبل أن يأتى دورى.

لم تسقط تأشيرة الخروج على جواز السفر بالطريقة المعتادة، سألنى الضابط المسئول باهتمام «رايحة تعملى إيه؟»، فأخبرته بأننى صحفية، وأن «الفيزا» تحمل موافقة إدارة الإعلام بوزارة الخارجية، حولنى إلى الضابط الأعلى رتبة، فأعاد السؤال: «رايحة تعملى إيه؟»، فأخبرته أنها مهمة صحفية، لم يكن راضيًا ولا مقتنعًا، لكنه سمح بمنحى التأشيرة.

على الطائرة جلست جوارى سيدة فى نهاية الأربعينات، وشابة فى منتصف العشرينات، قالت السيدة إن لديها ٥ أولاد، ثلاثة فى مصر، واثنان فى سوريا، تبتسم السيدة وتقول إنها تزوجت أولًا سوريًا أنجبت منه طفليها، وبعد وفاته تزوجت مرة ثانية من مصرى وأنجبت منه ولدين وبنتًا يحملون جنسية أبيهم، لديهم شقة فى مدينة العبور، وهذه زيارتها الأولى إلى دمشق منذ عام ونصف العام، لم ترَ فيها ولدها الكبير، تروى أنهم استقروا بالقاهرة، مع بداية الأزمة السورية فى ٢٠١١، ولم يكن من الممكن لم شمل الأسرة مجتمعة.

الفتاة كانت قادمة من السويد لزيارة أخيها المستقر بالقاهرة، قبل أن تطير إلى دمشق لزيارة أختها المتزوجة وتستقر بأسرتها فى منطقة مساكن برزة على أطراف العاصمة.

أقل من ساعة هى مدة رحلة الطيران من القاهرة إلى دمشق، كانت كلها مليئة بحكايات التغريبة السورية، وشتات العائلات، وطرق الهروب من جحيم التنظيمات المسلحة.

ما حدث فى مطار القاهرة، تكرر بعد أقل من ساعتين فى مطار دمشق، لم يمنحنى المسئولون تأشيرة الدخول، قبل أسئلة واتصالات ما بين وزارتى الإعلام والخارجية.

حسب النظام المتبع فى دمشق، فإن الإعلام الأجنبى يتبع ما يعرف بإدارة الإعلام الخارجى بوزارة الإعلام، الأقرب إلى الهيئة العامة للاستعلامات فى مصر.

الساعة الآن السابعة بتوقيت دمشق، السادسة بتوقيت القاهرة، بدا مطار دمشق فى حالة جيدة رغم تعرضه للقصف مرات عدة فى ٧ سنوات، كان آخرها فى ١٥ أبريل الماضى.

داخل صالة الاستقبال كانت هناك صور عديدة للرئيس بشار الأسد مذيلة بعبارات بالعربية والفارسية، وفى الخارج اصطفت سيارات تحت يافطة «تاكسى العاصمة»، يقول السائق إن التوصيلة من المطار ستكلفنى سبعة آلاف ليرة (الدولار يعادل ٤٥٠ ليرة) أى ٨ دولارت.

على الطريق انتشرت حواجز لقوات الجيش السورى، تفتش السيارات وتفحص أوراق الهوية والأوراق الثبوتية للمارين.

استوقف ضابط الجيش سيارة التاكسى، وأشار إلىّ وطلب الهوية، فأخرجت جواز السفر، تفحصه باهتمام وسأل: مصرية؟، قبل أن يخبط على السيارة للتحرك.

لا يوجد أى آثار لعمليات تخريب أو دمار على طول الطريق، بدت دمشق متلألئة فى أضواء محلاتها، وإن بدت حركة البيع والشراء بطيئة.

فنادق دمشق: للسوريين 12 دولارًا.. وللأجانب 70 دولارًا

بحثت عن مكان مناسب للإقامة خلال الفترة المحددة، فى شارع بوسط المدينة، قال مسئول الاستقبال بالفندق: الليلة للسوريين ١٢ دولارًا، ولكن للأجانب ٧٠ دولارًا، حاولت التفاوض معه، إلا أن الأمر كان صعبًا، حيث تمسك بأنها تعليمات وزارة السياحة، لم تختلف الحال كثيرًا فى باقى فنادق المنطقة.

من وسط المدينة إلى منطقة المزة، كان الأمر أكثر يسرًا، تراوحت الأسعار ما بين ٣٥ و٥٠ دولارًا فى الليلة.

تراجعت فى السؤال عن أسعار الإيجارات للشقق، لأن ذلك مستحيل، أولًا لضرورة تسجيل أى عملية استئجار لدى المصالح الحكومية، وهى سلسلة طويلة معقدة من الإجراءات، خلافًا لكونى أجنبية، وأخيرًا للارتفاع المبالغ فيه فى أسعار الإيجارات.

ارتفعت أسعار الإيجارات خلال سنوات الحرب فى سوريا بمعدل ١٠ أضعاف فى المناطق المخططة، ووصل الارتفاع إلى ١٧ ضعفًا فى العشوائيات بعد نزوح الأهالى من المناطق الساخنة إلى مناطق العشوائيات باعتبارها أقل سعرًا من المناطق المنظمة، أو ملجأ للعاملين فى المدينة، أو طالبى العلم ممن قصدوا العشوائيات بالدرجة الأولى لنفس السبب.

تحملت دمشق وحدها أكثر من ١.٢ مليون نازح، معظمهم من الأحياء الجنوبية ومدن الغوطة الشرقية وداريا ودوما وجوبر والقابون وبرزة، ومن منطقة القلمون بسبب المعارك التى تشهدها هذه المنطقة، واستقروا فى منطقة التل ومساكن برزة، وضواحى قدسيا، وجرمانا، وصحنايا، والشاغور، ومشروع دمر، والمزة.

سوق ضخمة للسيارات... وكوريا تجتاح السوق

فى شوارع دمشق تنتشر سيارات حديثة، أغلب موديلاتها تعود إلى الألفينات، يقول أبوعمار، صاحب معرض سيارات، إن استيراد السيارات الحديثة ممنوع، لكونها من السلع الكمالية، ولم تمنح وزارة الاقتصاد أى موافقات استيراد بهذا الخصوص منذ عام ٢٠١٣.

ويوضح أنه يتم تجميع السيارات داخل سوريا عبر خمس شركات تجميع توجد معظمها فى المنطقة الصناعية بالحسياء، وتمتلك الحق فى استيراد قطع مكونات السيارات منفصلة بعد موافقة وزارة الصناعة عليها، وتقوم بتجميعها فى هذه الشركات.

طرحت سيارة «شام» فى ٢٠٠٧ بعد إنتاجها من قبل الشركة السورية - الإيرانية المشتركة (سيامكو)، وحسب إحصائيات صادرة من قبل الحكومة السورية، فإن ٢٠١٧ شهد إنتاج ١٥٠٠ سيارة مجمعة داخل سوريا عبر مجموعة من المصانع، بما فيها تلك المقامة بالمشاركة مع إيران.

السيارات التى طرحت فى الأسواق المحلية، هى «بالميرا» و«شمرا» وفق اتفاقية الخط الائتمانى المتفق عليه بين الحكومتين السورية والإيرانية، سيارة بالميرا (١٨ ألف دولار)، وسعر سيارة شمرا (١٥ ألف دولار).

أغلب السيارات التى تجول الشوارع كورية من نوع «كيا»، موديل ٢٠١٧ و٢٠١٨، التى كانت الوكالة الحصرية لها مملوكة من «مجموعة زهير غريواتى»، التى حجزت الدولة على ممتلكاتها، وانتقل امتياز الشركة إلى مجموعة شركات «الفوز القابضة»، التى يترأسها رجل الأعمال سامر الفوز.

أقل سعر سيارة مستعملة من موديل الثمانينيات هو مليون ونصف المليون ليرة، ليطرح فى الأسواق سيارات جديدة خلال العام الحالى أسعارها تبدأ من ٦ ملايين ليرة لتصل إلى ٢٥ مليون ليرة (من ١٣ ألف دولار-٥٥ ألف دولار).

يصل سعر سيارة نوع «مازدا» موديل ٢٠٠٧ لنحو ١١ ألف دولار، وسكودا «أوكتافيا» بـ٦ ملايين ليرة، وسيارة كورية نوع «هيونداى» بـ٧.٥ مليون ليرة.

سيارة «كيا ريو»، وصل سعرها لـ٤.٥ مليون ليرة، أما سيارة «كيا سيراتو» فبـ٥ ملايين ليرة، وسيارة نوع «هيونداى سوناتا» ٣.٥ مليون ليرة، وأيضًا سيارة «هيونداى نوع كليك» بـ٣.٦ مليون، فى حين بلغ سعر سيارة «السوزوكى ماروتى» ٢.٥ مليون ليرة.

يمكن التجول فى شوارع العاصمة وضواحيها كما تشاء، كما يمكنك السهر فى وسط المدينة، كشارع الحمرا ومنطقة الشعلان، ومفرق نورا، كما يحلو لك، فالقلعة وساحة الشهداء والمسجد الأموى وسوق الحميدية، كل الأماكن هادئة، وتحت سيطرة قوات الجيش السورى، ولجان تفتيش طلائع البعث. كانت الساعة قد قربت على الحادية عشرة، وبدت شوارع دمشق عامرة بالساهرين، انتشر الشباب على المقاهى يدخنون الأرجيلة (الشيشة). على مقهيى العجمى، والنزهة، يتجمع المثقفون والصحفيون، لا يختلف المشهد كثيرا عن مقاهى وسط المدينة فى القاهرة، أن تدخن الشيشة التفاح ومشروب، ويتوافر فى كل المقاهى والكافيهات (الواير لس) لاستخدام الإنترنت، لن يكلفك ذلك أكثر من ١٥٠٠ ليرة (٦٠ جنيهًا). بعض أماكن السهر المميزة لا بد من الحجز فيها مسبقًا، كما أخبرتنى صديقة أثناء التجول على الكافيهات والبارات، بأن سعر زجاجة البيرة ٦ دولارات، ويلاحظ أن الأماكن لا تعانى من نقص الساهرين، فكلهم من الشباب السورى، وبعض الروس الذين ما زالوا يعملون ببعض الشركات فى دمشق.

القنبلة الموقوتة الأخيرة فى العاصمة

كل هذه الحياة المتدفقة لا تمنعك من سماع أصوات القذائف المتبادلة بين قوات الجيش السورى وتنظيم داعش فى منطقة مخيم اليرموك، على مدار الليل والنهار، حتى إن إحداها طالت البناية المقابلة للفندق الذى أقطنه، وأسفرت عن مقتل شخص واحد.

تظل منطقة مخيم اليرموك القنبلة الأخيرة الموقوتة فى العاصمة السورية، فهى بمثابة خط أحمر لا يستطيع أحد الاقتراب منها أو تجاوزها، تحمل فى شوارعها موتًا محققًا، وتدور فيها عمليات عسكرية ومعارك طاحنة بين قوات الجيش السورى، وتنظيم داعش الإرهابى.

مخيم اليرموك هو مسكن لأكبر تجمع للاجئين الفلسطينيين فى سوريا، ويقع داخل حدود مدينة دمشق ويبعد ٨ كيلومترات عن وسط العاصمة، مقام على مساحة من الأرض تبلغ ٢٫١ كيلومتر مربع.

تحولت هذه المنطقة خلال السنوات الـسبع الماضية إلى وكر للإرهابيين من داعش، الذين وصلوا إليها بعد دحر تشكيلات التنظيم فى مناطق مختلفة بسوريا.

كان مخيم اليرموك يضم الفصيلين الأشرس من التنظيمات، هما تنظيم داعش وجبهة النصرة، وقد خرج مقاتلو جبهة النصرة من المخيم ضمن الاتفاقات التى يعقدها الجيش السورى بإخراج المسلحين.

وبالفعل تم إخراج نحو ٢٠٠ مسلح مع عائلاتهم غادرت المخيم فى إطار تنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق إخراج المسلحين، وهو الاتفاق الذى يتم على ثلاث مراحل لإخراج ما يقرب من ألفى شخص مع عائلاتهم.

وصل مجموع الأنفاق والحفر والسراديب والخنادق إلى ١٢٠٠ نفق، كما تمتد العملية العسكرية لحى الحجر الأسود جنوب العاصمة، حيث تمكن من إحراز تقدم ملموس بشطر الحى إلى قسمين شمالى وجنوبى، وقطع خطوط إمداد المسلحين فيه.

وقد حاوط التنظيم الإرهابى الحى بسيارات ملغمة لاقتحام بلدات يلدا وببيلا وبيت سحم الواقعة غرب الحجر الأسود.

دوى القصف الإسرائيلى فى المدينة

أصوات انفجارات قوية تهز البنايات، تضىء السماء وتنطفئ فى ومضات متتابعة لأكثر من ساعتين، قامت خلالها إسرائيل بشن ثلاث موجات من القصف الصاروخى استهدفت مواقع عسكرية سورية فى محيط العاصمة ومحافظة السويداء ومحافظة حمص.

وحسب المصادر العسكرية السورية، فإن الدفاعات الجوية للجيش السورى نجحت فى التصدى لعدد من القذائف الصاروخية التى استهدفت العاصمة دمشق والمناطق المحيطة بها.

فى المقابل تعرضت هضبة الجولان لهجوم بالقذائف الصاروخية من داخل الأراضى السورية، وأعلن أن صفارات الإنذار دوت فى المنطقة.

واتهم المتحدث باسم الجيش، أفيخاى أدرعى، فيلق القدس الإيرانى، بإطلاق ٢٠ قذيفة فى اتجاه خط المواقع الأمامى فى هضبة الجولان. من حين لآخر يتكرر نفس السيناريو لهجمات إسرائيلية على العاصمة السورية، على الرغم من إنكارها من الجانب الإسرائيلى، إلا أن اللافت هو كيفية تعامل سكان دمشق مع تلك المقذوفات، فلا إحساس بالذعر ولا التوتر، وحتى التعامل السريع على المستوى الحكومى فى إزالة آثارها بشكل سريع، يسمح للمواطنين بممارسة عملهم بشكل اعتيادى.

أزمة فى المياه.. وسعر الألف لتر 60 جنيهًا

على الرغم من عدم انقطاع المياه بدمشق طوال مدة إقامتى، إلا أن طعم المياه كان سيئًا إلى حد كبير، ما دفعنى إلى سؤال بعض الأهالى عن حالة المياه فى المحافظات الأخرى. الجميع أكد أن حال المياه فى العاصمة أفضل بكثير من باقى المحافظات المتضررة، جراء عمليات القصف المتعددة من كل الجهات المتقاتلة، فقد تم تدمير البنية التحتية بشكل كامل.

وتلجأ بعض المناطق فى دمشق إلى شراء صهاريج المياه بتكلفة مرتفعة لتعويض سوء المياه أو انقطاعها، حيث وصل سعر صهريج المياه (ألف لتر) إلى ١٥٠٠ ليرة سورية، ما يعادل ٦٠ جنيهًا مصريًا.

كما تشهد العاصمة دمشق ارتفاعًا كبيرًا فى أسعار المياه المعدنية مع اختلاف ماركاتها، ويقول أبوطارق بائع فى أحد الأكشاك، إن تجار السوق السوداء يقومون بتصنيع وشراء عبوات فارغة ويعيدون تعبئتها بمياه الآبار غير الصالحة للشرب، ومن ثمّ ختم أغطيتها بطرق احترافية ليس من السهولة كشفها، وأضاف أن بلدات جرمانا وحيالد ويلعة فى دمشق أهم مناطق غش المياه المعدنية.

ترجع أزمة المياه بشكل أساسى فى دمشق إلى الأضرار التى طالت نبع عين الفيجة، الذى يعتبر المورد الرئيسى للمياه فى دمشق وضواحيها.

وتسبب القذف المتبادل فى تدمير نحو ٥٠٪ من مشغلات النبع، وكذلك دمرت مضخات وآليات كبيرة، كما نسفت مستودعات المحروقات الخاصة بالنبع، وموقع تخزين كلور المياه الملاصق تمامًا للنبع، ما أدى إلى اختلاطه بالمياه الصاعدة من جوف النبع.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل