المحتوى الرئيسى

«الشروق» ترصد تضحيات رجال الجيش الثالث الميدانى بوسط سيناء: رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه

05/12 01:16

-أبطال الجيش يخضعون لتدريبات شاقة وتأهيل بدنيا ونفسيا وعسكريا للتعامل مع التكفيريين بأسلوب غير نمطى

-عمليات المداهمة والتمشيط على مدى الـ24 ساعة مع مراعاة الحفاظ بأقصى درجات الحرص على حياة المدنيين

-«قائد عسكرى» بأحد الارتكازات الأمنية: دورنا الرئيسى تأمين الطريق ومحاور التحرك لأعمال المداهمات والتمشيط فى جبل الحلال.. والمشاركة فى سيناء 2018 نوط شرف على صدر كل مشارك فى تطهير الأرض

-«عسكرى» يشيد بالدور الوطنى الكبير لقبائل سيناء «الشرفاء» فى مساندة القوات المسلحة فى حربها ضد الإرهاب

-«قائد» يكشف: نجحنا فى إفشال حيل الإرهابيين باستخدام «الجمال» فى نقل الأغراض من القرى إلى الجبل

-الجنود يتسابقون على المشاركة فى المداهمات لنيل الشهادة والمقاتل لا يهاب الموت

-«أحد أبطال سلاح المشاة»: الأهالى يدركون حتمية الإجراءات المتخذة لمواجهة العناصر الإرهابية

-أحد أبطال قوات الدفاع الجوى: أشعر بالفخر واتفقت مع زملائى على طلب مد فترة خدمتنا حتى الثأر لدماء زملائنا

مع أول ضوء نهار، لبداية رحلة استمرت لعدة أيام مع أبطال القوات المسلحة، شملت معايشة يومية لما يقدمه رجال الجيش الثالث الميدانى بوسط سيناء من تضحيات.. تقف على الضفة الغربية من نفق الشهيد أحمد حمدى تحدق النظر فى أرض الفيروز الطيبة والممتدة أمامك، تداهمك مشاعر ممتزجة يصعب الفصل بينها ما بين أحساس بالفخر والإصرار والتحدى والأمل والحزن على فقد رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه مقدمين أرواحهم فداء تراب وطنهم.

منطقة وسط سيناء تعد منطقة رملية يغلب عليها الطابع الجبلى، حيث تبعد فيها المدن عن بعضها، وتزيد المسافات بين المدينة والأخرى لقرابة الـ60 كيلومترا، ما يصعب على أهلها التنقل بسهولة، وبخاصة مع انطلاق العملية العسكرية الشاملة «سيناء 2018» لإحكام السيطرة على جميع الاتجاهات الاستراتيجية، والتى تخطت مدتها الـ70 يوما والمستمرة حتى الآن، حقق خلالها أبطال القوات المسلحة نجاحات كبيرة عبر تنفيذ المهام المخططة مثل تدمير المئات من أوكار اختباء العناصر الإرهابية وضبط عدد كبير من العناصر الهاربة وإحكام السيطرة على مناطق العمليات.

يخضع مقاتلو الجيش الثالث الميدانى بوسط سيناء، لتدريبات شاقة لتأهيل الأفراد بدنيا ونفسيا وعسكريا للتعامل مع التكفيريين بأسلوب غير نمطى، بينما تتم عمليات المداهمة والتمشيط على مدى اليوم وفى أوقات مختلفة خلال الـ24 ساعة، مع مراعاة الحفاظ وبأقصى درجات الحرص على حياة المدنيين وبخاصة النساء والأطفال والشيوخ.

التقت «الشروق» مع عدد من مقاتلى القوات المسلحة بوسط سيناء المشاركين فى العملية الشاملة والذين يتمتعون بعزيمة وروح قتالية أقل ما يمكن وصفها بـ«الروح العالية»، استكمالا لرسالتهم السامية من أجل حماية الوطن، مجمعين على حب الوطن، مؤكدين عقدهم العزم على عدم مغادرة أرض الفيروز إلا بعد دحر آخر العناصر الإرهابية.

بدأت الرحلة فى اليوم الأول بالتحرك من أحد مراكز العمليات بوسط سيناء، فى التاسعة والنصف صباحا وسط حالة من الهدوء الحذر التى تخيم على أجواء الطريق بجميع المناطق.. ونادرا ما تجد مارة على الطرق بوسط الصحراء، حتى وصل الركب العسكرى إلى منطقة جبل الحلال بوسط سيناء الذى يبعد نحو 60 كيلومتر عن جنوب مدينة العريش.

منطقة جبل الحلال تعد سلسلة من الهضاب، ترتفع لنحو 1700 متر فوق مستوى سطح البحر، تتكون أجزاء الجبل بها من صخور نارية وجيرية ورخام، كما أنها منطقة غنية بالموارد الطبيعية، ففى وديان تلك الجبال تنمو أشجار الزيتون وعدة أنواع من الأعشاب المفيدة، كما يمتلئ الجبل الذى يشكل امتدادا لكهوف ومدقات أخرى فوق قمم جبال «الحسنة والقسيمة وصدر الحيطان والجفجافة وجبل الجدى»، بمغارات وكهوف وشقوق يصل عمقها أحيانا إلى 300 متر، وسمى بـ«الحلال» التى تعنى «الغنم» عند بدو سيناء، لانه كان أحد أهم وأشهر مراعيهم.

وفى إحدى نقاط الارتكاز الأمنى المكلفة بتأمين جبل الحلال، التقت «الشروق» مع قائد الارتكاز، الذى أجاب على سؤال «ما هى طبيعة المهام المكلف بها النقطة قائلا: «إن مهمتهم الأساسية تأمين المنطقة المحيطة بالجبل والطرق المؤدية إليه وإحكام السيطرة عليها ومنع تحركات العناصر الإرهابية من خلاله، ومنع وصول الإمدادات لهم، بالإضافة إلى صد أى محاولات عدائية توجه ضد القوات المتواجدة بالمنطقة.

وأضاف «القائد العسكرى»، أنه من بين المهام المكلف بها القوة تفتيش السيارات والمارة والكشف على المطلوبين جنائيا عن طريق فحص بطاقات تحقيق الشخصية، موضحا: «أن الدور الرئيس للارتكاز تأمين الطريق ومحاور التحرك وتأمين المناطق المجاورة له وتأمين أعمال المداهمات والتمشيط التى تجريها القوات فى جبل الحلال والمناطق المجاورة والتى تتم بصورة يومية فى جميع مناطق سيناء بمشاركة قوات الجيش والشرطة المدنية.

وأشار، إلى أن انتشار الارتكازات الأمنية بأنواعها المختلفة، أسفر عن تحقيق عنصر الأمن والطمأنينة لدى المواطنين ما ساهم فى ممارسة حياتهم بشكل طبيعى.

من جهته، قال أحد قادة العمليات بوسط سيناء: «إن إجراءات التأمين والتمشيط والمداهمات كانت تتم قبل بدء العملية الشاملة سيناء 2018 بشكل مستمر، لافتا إلى أنها تتم حاليا بشكل مكثف فى إطار خطة المجابهة الشاملة التى تجرى على الأرض، موضحا: أن القوات نجحت فى اقتحام مناطق شديدة الوعورة، حيث تم التعامل مع جميع الأهداف وتحققت نجاحات كبيرة على جميع المستويات.

وأشاد «القائد» بالدور الوطنى الكبير الذى تقوم به قبائل سيناء «الشرفاء» فى مساندة القوات المسلحة فى حربها ضد الإرهاب، لافتا إلى أن العناصر الإرهابية تختبئ حاليا فى الجحور كالفئران التى تفر خوفا من الاصطياد، كاشفا عن اعتماد العناصر الإرهابية فى بعض الأحيان على استقطاب ضعاف النفوس ممن تميل أنفسهم للاغراءات المالية التى تقدمها تلك الجماعات لتنفيذ عمليات ضد القوات.

وأشار، إلى أنه مع تضييق الخناق الذى تفرضه القوات المحاصرة للجبل لجأت العناصر الإرهابية إلى استخدام «الجمال» لمحاولة نقل أغراضهم المعيشية من القرى إلى الجبل، ولكن تم كشف تلك الحيلة ومنع وصول الإمدادات إليهم.

وكشف عن أن جبل الحلال يعد من أصعب البؤر الإرهابية التى تم اقتحامها نظرا لصعوبة الوصول إلى الكثير من المناطق داخل حضن الجبل لوعورة التنقل بين الوديان، مشيرا إلى أنه تم مداهمته أكثر من مرة حتى استقرار الأمور فيه حاليا، كما تم القضاء وإلقاء القبض على عدد كبير من العناصر الإرهابية التى كانت تستوطنه، مؤكدا مواصلة عمليات التمشيط والمداهمة، حيث يتم التعامل الفورى مع الأهداف بعد التأكد من صحة المعلومات، مشددا على تحقيق عملية المجابهة الشاملة سيناء 2018 لنتائج كبيرة ما أدى إلى استقرار الوضع الأمنى فى وسط سيناء.

وأكد القائد مراعاة القوات المسلحة المشاركة فى العملية العسكرية للبعد الإنسانى والحفاظ على حياة المواطنين الأبرياء من أهل سيناء الشرفاء الذين يرفضون تواجد هذه الجماعات المتطرفة بينهم، ويساعدون فى القبض على الإرهابيين، مؤكدا ارتفاع الروح المعنوية للجنود حاليا، مشددا على حسن معاملة الضباط للجنود وحمايتهم قبل حماية أنفسهم.

وفى أحد الارتكازات الأمنية بمنطقة وسط سيناء بنطاق الجيش الثالث الميدانى، يقف قائد القوة المتحركة للتمشيط «ابن منطقة المطرية»، والذى انتقل إلى سيناء قبل 9 أشهر من بداية العملية الشاملة، مرتديا قناعه الذى يخفى ملامح وجهه، بينما تظهر عينيه تحملان نظرات القوة والصرامة، موجها جنوده بضرورة التضحية من أجل الوطن والحفاظ على حياة المدنيين.

ويصف القائد، لـ«الشروق»، شعوره بالفخر لتكليفه بحماية الوطن وأهل سيناء من العناصر التكفيرية، قائلا: «إن يقين الشعور بالرضا التام يأتى من وجود المواطنين آمنين فى منازلهم لوجود وحوش لا تهاب الموت تسهر على حمايتهم»، مؤمنا بأن المشاركة فى عملية المجابهة الشاملة 2018 بمثابة نوط شرف على صدر كل من شارك فى تطهير أرض الفيروز من دنس الجماعات المتطرفة.

وأكد القائد تسابق الجنود على المشاركة فى المداهمات التى تنفذها قوات إنفاذ القانون بالحيش الثالث الميدانى لنيل الشهادة ليقينهم بمكانة نيل الشهادة عند الله، مضيفا: «أن الجنود لا تهاب الموت وعلى قدر كبير من المسؤلية كما أنه تم تدريبهم على أعلى مستوى للقتال وتغير أسلوب التدريب لمواجهة عشوائية الجماعات الإرهابية فى القتال».

وقال: «إن وطنية الجندى المصرى ليس لها مثيل»، ضاربا المثال بدفعة رديف 1 مارس 2018، والذين رفضوا الإخلاء وطلبوا مد فترة خدمتهم مع زملائهم لاستكمال العملية الشاملة وموجة الإرهاب، موجها رسالة إلى «الجماعات الإرهابية قائلا: «عمرنا ما بنخلص وقصاد كل شهيد 1000 مقاتل بيتولد»، موضحا أن عددا كبيرا جدا من الضباط تقدموا بطلبات نقل للخدمة فى سيناء، مضيفا: «لن يهدأ بال لجندى مصرى واحد إلا بعد رجوع سيناء إلى أهلها خالية من الإرهاب».

وأعلى إحدى التباب الجبلية بوسط سيناء يقف ضابط صف متطوع من مركز إيتاى البارود بالبحيرة، حاملا سلاحه منتبها بنظرات حادة تمشط المنطقة المحيطة به من كل الاتجاهات، لا يكل ولا يمل من خدمة وطنه، لا يفكر فى أبنائه «سيف وعمر» لكن كل ما يشغل باله تأمين وطنه من الإرهابيين.

وبصوت أجش يقول «ضابط الصف»: «مش هنمشى غير لما نطهر سيناء ونسلمها لأهلها خالية من الإرهاب»، مضيفا «لما بمسك تكفيرى ببقى عايز اقطع رقبته لكن بتبع معاه التعليمات والاجراءات القانونية».

وعن المواقف التى لا يمكن نسيانها مع أبنائه من الجنود يقول: «أن مجند من دفعة رديف 1 مارس تصادف تحديد موعد زفافه، «قبل انتهاء موعد خدمته العسكرية»، والذى تزامن مع موعد بدء العملية الشاملة، ما دعاه إلى إبلاغ أهل خطيبته بأنه سيطلب مد فترة خدمته، ليأتيه الرد من والدها بأنه «يجب تأجيل موعد الزفاف بلدك أهم».

من جانبه، قال أحد الجنود المكلفين بالخدمة فى أحد الكمائن: «تمنيت منذ الصغر أن أخدم كضابط فى القوات المسلحة لكن لم يحالفنى الحظ، وبعد انتهاء دراستى بكلية الحقوق توجه لمكتب التجنيد لأداء الواجب الوطنى، وكنت فى غاية السعادة والفخر بأن مكان خدمتى أرض الفيروز، متمنيا التطوع فى الجيش وخدمة الوطن ما تبقى من حياته.

وأضاف: «كنت أستقبل ما يقال فى الإعلام بشأن العمليات العسكرية التى تتم فى سيناء باستغراب شديد ولكن بعد الخدمة فى سيناء أجد أن ما يحدث على أرض الواقع يختلف تماما عن الكلام فمصر تتعرض إلى مؤامرات دولية ينفذها مجموعات تكفيرية، لافتا إلى احساسه بتغير إلى الأفضل فى شخصيته كما أصبح ملتزم ومنضبط بعد الخدمة فى الجيش.

وقال: أتفاخر أثناء جلوسى وسط أصدقائى خلال فترة الإجازة بالخدمة فى سيناء كما أروى لهم بعض البطولات والتضحيات التى تقوم بها القوات المسلحة من أجل حماية الوطن والحفاظ على سلامة المواطنين من المؤامرات الخارجية».

وأشار إلى سعادة والدة فور معرفته بأن مكان خدمته فى الجيش وسط صفوف القوات المسلحة فى سيناء قائلا: «الجيش هيخليك راجل ومنضبط ومجتهد فى أى عمل تقوم به»، مضيفا أن والدته كانت تملؤها حالة من الخوف والقلق بداية فترة الخدمة فى سيناء نظرا لما تسمعه فى الإعلام بشأن قساوة الظروف المعيشية والأمنية فى سيناء لتقول بعدها: «مترجعش من غير ما تجيب حق اللى استشهدوا».

ولفت «البطل» إلى الدعم المستمر من القادة للجنود المشاركين فى العملية بداية من القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول صدقى صبحى حتى إلى الضباط المسئولين عن التأمين.

من جهته، لفت ابن قرية كفرالغريب بمدينة أشمون بمحافظة المنوفية «جندى مقاتل»: إلى إعداد القيادات العسكرية فى مركز التدريب للجنود للدفع بهم إلى الخدمة فى سيناء واطلاعهم على بطولات الجنود هناك، مضيفا «أنه خلال أحد المحاضرات وقف جميع المجندين للمطالبة بأداء خدمتهم العسكرية فى أرض سيناء.

وأشار إلى مشاركته فى عدد من عمليات المداهمة قائلا: «ولم نخشْ الموت وكنا نتمنى الشهادة حاملين شعار «النصر أو الشهادة»، لافتا إلى أنه أبلغ أهله بتكليفه بأداء الخدمة العسكرية فى سيناء قائلا: «متخافوش الشهداء مش أحسن منى»، ليرد والده: «ربنا معاك أنا مخلف راجل».

وأوضح «الجندى المقاتل» أن أصدقائه اللذين سبقوه بالخدمة فى سيناء أكدوا تميز الخدمة فى سيناء كما أنها تعد شرف ووسام على صدر كل جندى، مؤكدا عزمه التقدم بطلب لمد فترة خدمته العسكرية المقرر أن تنتهى بعد 6 أشهر حتى يتمكن من تطهير أرض الفيروز وتنميتها.

وكشف عن أن مهمته مراقبة محيط الكمين ورصد أى هدف متحرك وإبلاغ قائد الكمين باى تحرك غريب، لافتا إلى مساعده أهالى سيناء للقوات المسلحة بشكل كبير.

ومن ناحيته، قال أحد أبطال قوات الدفاع الجوى بالجيش الثالث الميدانى: إنه يخدم فى سيناء منذ بداية العملية الشاملة، ويشعر بالفخر لمشاركته فى المساهمة فى القضاء على الإرهاب أثناء خدمته بسيناء، مشيرا إلى اتفاقه مع زملائه على مد خدمتهم حتى يثأروا لدماء زملائهم من الشهداء والمصابين، مؤكدا: «أن سيناء بخير وستظل طاهرة من دنس الإرهاب بفضل جهود رجال الجيش الثالث».

وأضاف: أن الإرهاب زائل بلا رجعة خلال فترة قصيرة.. نحن فداء لسيناء ولمصر وللشعب ولن نترك أماكننا حتى نقضى على الإرهاب ونطهر أرض الفيروز، موجها رسالة للمصريين: «لن نترك سيناء حتى يعود لها الأمن والأمان».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل