المحتوى الرئيسى

أطفال حلب المعاقون ـ الحياة في الغربة بأطراف اصطناعية

05/11 16:07

كانت ماجدة العمر لا تزال في ربيعها الخامس، عندما انفجر برميل متفجر ذهب بساقها اليمنى. لا تزال ماجدة تتذكر يوم الهجوم، رغم أنها غالباً ما تتمنى أن لا يكون قد حدث ذلك. "كنا داخل شاحنة صغيرة مع عشرة أشخاص آخرين، فجأة أطلقت علينا طائرة البراميل المتفجرة ، وتضيف الفتاة التي تبلغ اليوم العشر سنوات من عمرها، وهي تنظر بخجل نحو الأرض :"ثم احترق كل شيء، وتحول إلى اللون الأسود". حدث هذا في شباط / فيراير عام 2013، عندما فرت ماجدة ووالداها وأشقاؤها الأربعة من شرق حلب المحاصرة. وتتذكر أم ماجدة لحظة استرجاع وعيها بعد الهجوم: "عندما عدت إلى وعي بعد الهجوم، رأيت ماجدة ملقاة على الأرض، وقد اختفت ساقها". وتضيف أم ماجدة: " لقد كانت هناك جثث في كل مكان، جثث متفحمة، كان المشهد كما لو أنه الجحيم". وقد نُقلت ماجدة إلى مستشفى ميداني، وتعين بتر ساقها على الفور.

جولة في المنطقة الصناعية في مدينة غازي عنتاب التركية وقت خروج العمال تكفي لمعرفة أن الكثير من هؤلاء هم من الأطفال دون الخامسة عشر. أحاديث وروايات كثيرة يرويها هؤلاء لـ DW عربية عن الأسباب والظروف التي أجبرتهم على العمل. (12.03.2017)

اتهامات جديدة للنظام السوري بالتوّرط في استخدام أسلحة كيماوية. 50 قتيلاً على الأقل في مدينة دوما، كثير منهم أطفال. المشاهد التي نقلها عمال الإنقاذ مرّوعة. لكن هل تمرّ مرة أخرى هذه الجريمة دون عقاب كسابقاتها؟ (09.04.2018)

 تمكنت العائلة في النهاية من الفرار إلى تركيا. وهم يعيشون حالياً في غازي عنتاب، على بعد حوالي 60 كيلومتراً من الحدود السورية. واستقبلت هذه المدينة نصف مليون سوري، إما في مراكز إيواء اللاجئين خارج المدينة أو وسطه مثل عائلة ماجدة. في الشقة الصغيرة لا شيء يذكر بالوطن، إذ لا توجد صور، ولا تذكارات عن الحياة القديمة، فقط الذكريات. وتقول ماجدة: "عندما خرجنا من المستشفى، كان هناك الكثير من الجثث في الفناء، إحدى الجثث لم تكن مغطاة". أختي أغمضت عينيها، ولكن أنا لم أفعل، وتمنيت لو أنني لم أشاهد ذلك، ومن يومها لا أستطيع أن أنسى تلك الصورة أبداً". وفقاً لتقارير صادرة من الأمم المتحدة، يعاني 1.5 مليون شخص من إعاقة نتيجة الحرب السورية. أكثر من 80 ألف منهم بترت أطرافهم، كما أن العديد من بينهم هم أطفال مثل ماجدة. وتتحدث منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) عن "جيل كامل يعاني من ضرر بدني ونفسي".

الطفلة ماجدة العمر في مركز "ويل ستيبس" لإعادة التأهيل في غازي عنتاب

 اليوم تبلغ ماجدة عشر سنوات من عمرها وتعلمت المشي من جديد بمساعدة طرف اصطناعي وكثير من التمارين. وتقول إنها سعيدة لأنها تمتلك الساق الاصطناعية، لكن الحياة اليومية عن طريق المشي بالقدم الاصطناعية غالباً ما تكون معقدة، كما تقول: "في حين يستيقظ الأطفال الآخرون في الصباح ويقفزون من السرير ويرتدون ملابسهم ويأخذون حقائبهم ويذهبون إلى المدرسة، أستغرق أنا دائمًا ساعة للوصول إلى ساقي، وأحيانًا تساعدني أمي في ذلك". كل بضعة أشهر، يجب أن تذهب ماجدة إلى العيادة الصغيرة التي بناها الأطباء والمعالجون السوريون في غازي عنتاب. هنا يحصل المرضى المعاقون جراء الحرب على أذرع أو سيقان اصطناعية. ويمول "مركز ويل ستيبس لإعادة التأهيل" عن طريق التبرعات، ومن الاتحاد الأوروبي. لا تشعر ماجدة بالراحة عند فحص ساقها. ولحسن حظها لم تضطر إلى التردد على المركز باستمرار كما في البداية منذ حصولها على الساق الاصطناعية الجديدة. الندبة، الموجودة على ساقها لا تسبب لها مشكلة، وهذا هو الشيء الأهم. لكن التدريب على الجري مع أخصائي العلاج الطبيعي يشعرها بالمتعة أكثر، إذ تتسلق الدرج، وتمارس تمارين التوازن. تحسنت نفسية الطفلة ماجدة الآن إلى درجة أنها بالكاد تلحظ ساقها الاصطناعية.

مصطفى الخطيب، أخصائي في صناعة الأطراف الاصطناعية بغازي عنتاب.

 أنس الصوفي، أخصائي العلاج الطبيعي: "نريد من مرضانا أن يشعروا بالارتياح مع الأطراف الاصطناعية و يستطيعون القيام بأي شيء في حياتهم اليومية، من دون أي قيود". ويضيف: "ماجدة شجاعة ولديها إرادة قوية، لهذا السبب تعلمت كل شيء بسرعة وتكيفت مع الساق الاصطناعية بشكل جيد." الأهم بالنسبة لأخصائي العلاج الطبيعي المشرف على حالة ماجدة، أنس الصوفي أن تنظر ماجدة للأعلى، وليس إلى الأسفل، ويقول :"لا ينبغي لها أن تفكر في ساقها". تتوفر العيادة على ورشة عمل خاصة بها، ويحتاج الفريق إلى يوم أو يومين لعمل ساق اصطناعية واحدة. ويتم توفير المكونات الأساسية مثل القدم والمفاصل من قبل شركة ألمانية. و بعد ذلك تُجمع الأطراف الاصطناعية وتُعدلعلى حسب المقاسات في غازي عنتاب، ويقول مصطفى الخطيب، الأخصائي في صناعة الأطراف الاصطناعية، والذي كان يعمل ممرضاً في سوريا قبل الحرب أنه في الشهر الواحد يحصل حوالي 15 مريضاً على أطراف اصطناعية جديدة. ويضيف:" العيادة يمكنها خدمة المزيد من المرضى، ولكن تركيا أغلقت الحدود مع سوريا في أوائل عام 2016، ومنذ ذلك الحين لم يعد يقصدنا الكثير".

ولاء حمزة، أخصائية نفسية سورية تعالج أطفال الحرب السورية في غازي عنتاب

 على ماجدة الذهاب إلى موعد آخر مع ولاء حمزة، الأخصائية النفسية المعالجة التي تعالج جروحاً لا يراها أحد. ماجدة تتردد عليها منذ سنوات. أحيانا تقومان بالرسم معا، أو تعجنان، كما تفعلان اليوم. تحاول ولاء، القادمة أيضًا من سوريا، أن تكتشف من خلال الحديث، كيف غيرت الحرب نفسية كل من ماجدة والأطفال الآخرين. وتقول: "أحيانًا يكون الأطفال عدوانيين وغاضبين". وتضيف الاخصائية النفسية: "كثيرون يعانون من كوابيس سيئة، وأحياناً تظهر صدمتهم في طريقة لعبهم، إذ يعيدون تمثيل مشاهد من الحرب". الأطراف الاصطناعية سهلت الحياة اليومية للعديد من الأطفال الآخرين مثل ماجدة، والتي تكمل تعليمها حالياً في الصف الرابع بأحد المدارس التركية الرسمية. وتقول ماجدة إن مادة الرياضيات هي مادتها المفضلة، وترغب أن تصبح طبيبة في المستقبل. غير أن الأطفال الآخرين غالبًا ما يبتعدون عنها فور سماعهم عن ساقهم. تقول ماجدة: "عندما لم يكن الأطفال في المدرسة يعرفون عن ساقي، كانوا لطفين معي، ولكن عندما أدركوا ما بي، لم يرغبوا في اللعب معي بعد الآن. ليس الأطفال فقط، وإنما الكبار أيضاً أصبحوا غريبين، إذ تعاملني معلمتي بحذر شديد، ومعاملتهم هذه لي تذكرني بأمر ساقي، عندما أنسى".

بعد مرور نحو سبع سنوات على بدء الصراع في سوريا، أصدرت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسيف) اليوم الاثنين (12 مارس/ آذار 2018)، تقريراً بالأرقام عن الوضع الإنساني للأطفال في البلاد. وبحسب التقرير، فإن 13.1 مليون شخص، ما يعادل أكثر من نصف عدد السكان، هم بحاجة للمساعدة، من بينهم 5.3 مليون طفل.

تحدث التقرير أيضاً عن نزوح نحو ستة ملايين شخص، منهم 2.8 مليون طفل. كما تعرض العديد منهم عدة مرات للتهجير. ولجأ أكثر من خمسة ملايين سوري، نصفهم من الأطفال إلى الدول المجاورة منها تركيا ولبنان والأردن والعراق ومصر، ومن بينهم 10 آلاف طفل فروا من دون عائلاتهم.

وفقاً للتقرير، قُتل أكثر من 400 ألف شخص في الحرب. وتوفي خلال عام 2017 فقط ما لا يقل عن 910 وأصيب 361 طفل. وقد تكون هذه الأرقام أعلى بكثير، خصوصاً بين صفوف الأطفال المجندين. إذ جندت الجماعات المسلحة 961 قاصر على الأقل.

في عام 2017 وُثقت 67 حالة اعتداء على المدارس والمؤسسات التعليمية وأعضاء هيئة التدريس. ولا يمكن الوصول إلى أكثر من 7400 مدرسة، بسبب تدميرها أو إتلافها أو استغلالها لأهداف أخرى. كما يفتقر قطاع التعليم إلى 180 ألف موظف. وتعرضت المستشفيات والمراكز الصحية إلى 180 حالة اعتداء. ولا يلتحق حوالي 1.7 مليون طفل بالمدارس.

وتحدث تقرير اليونيسيف عن تعرض 3.3 مليون طفل في سوريا للخطر بسبب التفجيرات. كما أن الأطفال، الذين أصيبوا بإعاقات جسدية جراء الحرب، لا يتلقون غالباً العلاج المناسب. وقد سُجل 1.5 مليون شخص معاق.

يعيش 69 بالمائة من سكان سوريا في فقر مدقع ويبلغ دخل الفرد الواحد حالياً أقل من دولارين في اليوم. وتؤدي فقط حوالي نصف المستشفيات والمرافق الصحية في البلاد عملها بشكل كامل.

وذكر التقرير معاناة 40 بالمائة من 200 ألف طفل في منطقة الغوطة الشرقية المحاصرة من سوء التغذية المزمن، كما لا يملك ثلث سكان سوريا المياه الصالحة للشرب.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل