المحتوى الرئيسى

منطقتي | القلب يعشق "شارع قصر النيل"

05/08 23:37

انتهى فجأة عهد حديقة الأزبكية، وقررت أم كلثوم أن تبدأ عهدا جديدا، فى “قصر النيل”، ربما لم تكن “ثومة” تعرف وقتها -بداية ستينيات القرن العشرين- أن “مسرح سينما قصر النيل” سيكون عهدها الأخير، لكنها بمرور السنوات قررت الاستمرار في الشدو هنا، وبعد حوالى عشر سنوات من حفلتها الأعظم في مسرح قصر النيل، حين انعقد لقاء السحاب وغنت من ألحان عبد الوهاب “إنت عمرى” مايو 1964، وقف الجمهور ينتظر دخول حفلتها فى 4 يناير 1973، يوم غنت “القلب يعشق كل جميل”، وكانت تلك المرة الأخيرة التى يجلجل الصوت الكلثومى.

هنا، فى 6 شارع قصر النيل الذى لازال مسرح قصر النيل فى مكانه على أية حال وإن خفت وهجه القديم، ولم يعد لمدخل شارع قصر النيل-لو اعتبرته يبدأ من ميدان التحرير- مهابته القديمة فى الزمن الكلثومى ولا -بالطبع- فى زمن الخديوى، نتكلم عن “المدخل” فحسب، أما الشارع ذاته فإن أهم المعالم التي تحمل اسمه تتطلب منك أن تعبر الميدان لتصل إليه، إلى “كوبرى قصر النيل”، أشهر كبارى مصر قاطبة وأجملها، بأسوده التاريخية الرائعة التى تبقت من الكوبرى القديم الذى بناه الخديوى إسماعيل، وجعل له تسعيرة وتذاكر عبور للبشر والعربات والحيوانات “ومنها النعام والغزلان والضباع”، قبل أن يهدم ابنه الملك فؤاد الكوبرى ويبنيه من جديد ويفتتحه عام 1930 مزينا بأسود أبيه (عباس الطرابيلى. شوارع لها تاريخ، ص62).

غير أن الامتداد المباشر “لكوبرى قصر النيل” من ناحية التحرير لا يصب فى شارع قصر النيل، بل يتمثل فى شارع التحرير “إسماعيل سابقا” القادم من الدقى عبر الكوبرى وصولا إلى باب اللوق ثم عابدين، أما شارع قصر النيل فى وصفه المختصر فيبدأ -إذا استثنينا الكوبرى- من ميدان التحرير بالقرب من المتحف المصرى ويمتد بطول 1200 مترا إلى شارع الجمهورية، عابرا ميدانى طلعت حرب ومصطفى كامل، فلماذا سمّي “قصر النيل” إذا طالما إنه لا يتصل مباشرة بكوبرى قصر النيل ولا يمثل امتداده؟

السر يعود إلى تسمية “قصر النيل” نفسه، الذى كان قصرا بناه محمد على باشا لابنته الأميرة نازلى التى أنجبها من زوجته أمينة هانم، وهي -نازلى– شقيقة إبراهيم باشا وطوسون باشا، وهى -بالطبع – غير الملكة نازلى ابنة عبد الرحيم باشا صبرى زوجة فؤاد الأول ووالدة الملك فاروق وحين بنى قصر نازلى “قصر النيل”، لم تكن القاهرة الخديوية (وسط البلد حاليا) قد عمرّت بالكامل بعد، فلم يكتمل بنائها على النمط العالمي سوى على يد الخديوي إسماعيل الذي أراد باريسا في الشرق، ربما لهذا قرر سعيد باشا هدم “قصر النيل” ليتحول إلى ثكنات عسكرية، استولى عليها فيما بعد الجيش البريطانى بعد احتلاله مصر، لم تعد الثكنات قائمة، بل صار محلها اليوم عدة منشآت أهمها جامعة الدول العربية وبعض الفنادق الكبيرة، تلك المنشآت التى قامت محل القصر هى التي يواجهها شارع قصر النيل الذى ليس ذنبه أن القصر -الذي سمى على اسمه- لم يعد موجودا.

ربما يكفيه فخرا، أنه رغم اختفاء القصر، فإنه الشارع الوحيد الذي لم يتغير اسمه أبدا، فلا يمكن أبدأ أن تعثر على لافتة “سابقا” فى قصر النيل، ولا يمكن وسط عماراته الساحرة أن تخطىء المكان.

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

أعلمني بمتابعة التعليقات بواسطة البريد الإلكتروني.

أهم أخبار منوعات

Comments

عاجل