المحتوى الرئيسى

أزمة سقطرى وحقيقة الدور الإماراتي في اليمن

05/07 22:39

نشر الإمارات قوات ومعدات عسكرية تابعة لها في مطار وميناء جزيرة سقطرى اليمنية دون "إبلاغ الحكومة اليمنية"، خلق جوا من التوتر بين الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا وبين الإمارات المشاركة في التحالف العربي الذي تقوده السعودية. وفي آخر التطورات، خرجت مظاهرات حاشدة في مدينة حديبو، عاصمة محافظة أرخبيل سقطرى، تأييدا للرئيس عبد ربه منصور هادي وحكومته وللمطالبة بمغادرة القوات الإمارتية من سقطرى.

وتحدثت صحيفة واشنطن بوست عن تعزيز الإمارات لوجودها في الجزيرة من خلال بناء قاعدة عسكرية ومركز اتصالات استخباراتي وإجراء تعداد للسكان كما أنها "تغازل" سكان سقطرى بتوفير إمكانية السفر جوا مجانا لهم لأبو ظبي للحصول على الرعاية الصحية وفرص العمل.

فهل تعدى دور القوات الإمارتية في جزيرة سقطرى "مهمة الدفاع عن الشرعية والتصدي للانقلاب الحوثي" في إطار التحالف العربي، إلى محاولة لبسط النفوذ على الجزيرة الاستراتيجية؟ ثمة من يشير إلى ذلك بناء على كلام لوزير الدولة الإماراتي للشؤون الخارجية أنور قرقاش. إذ قال إن هناك علاقات تاريخية وأسرية مع سقرطى وأهلها، مما يحتم على الإمارات دعم سكان الجزيرة على كافة النواحي.

دولة الإمارات شددت على أن الدور الذي تؤديه في سقطرى قد تم "تشويهه" وأكدت على أن "الوجود العسكري في كافة المحافظات اليمنية المحررة بما فيها سقطرى يأتي ضمن مساعي التحالف العربي لدعم الشرعية في هذه المرحلة الحرجة في تاريخ اليمن".

التصريحات الإمارتية هذه جاءت ردا على بيان صادر باسم رئيس الوزراء اليمني  أحمد بن دغر قال فيها إن "استمرار الخلاف وامتداده على كل المحافظات المحررة وصولاً إلى سقطرى أمر ضرره واضح لكل ذي بصيرة، وهو أمر لم يعد بالإمكان إخفاؤه. وإن آثاره قد امتدت إلى كل المؤسسات العسكرية والمدنية"، مشددا على أن "تصحيح هذا الوضع هي مسؤولية الجميع".

وظلت جزيرة سقطرى بمنأى عن أعمال العنف التي تجتاح اليمن. لذلك يرى المحلل السياسي اليمني خالد الأنسي، أن وجود الإمارات في هذه الجزيرة ليس له ما يبرره، مضيفا في مقابلة مع DW عربية "وجود الإمارات في جزيرة سقطرى يعتبر وجودا استعماريا واحتلاليا لأن أي تواجد عسكري بدون إذن من الحكومة الشرعية وبدون إذن من السلطات المعترف بها دوليا يعتبر عدوان على سيادة اليمن".

وكانت مصادر يمنية أفادت أن طائرات عسكرية إمارتية حطت فجأة في مطار سقطرى تزامنا مع زيارة رئيس الوزراء اليمني للجزيرة وقامت بطرد القوات اليمنية المتمركز بالمطار وانتقلت بعدها للسيطرة على ميناء سقطرى . بيد أن الإمارات ترى في ذلك مجرد تشويه لدورها في التحالف العربي "مصدره جماعات معادية  للإمارات"، حسب الخارجية الإماراتية. وفي هذا السياق يقول عبد الخالق عبد الله، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الإمارتية "الإمارات ليست لديها مطامع في سقطرى وإنما جاءت إلى هناك من أجل دعم الشرعية ومن أجل تقديم خدمات إنسانية".

جزيرة سقطرى لها موقع استراتيجي على الممر الدولي البحري الذي يربط دول المحيط الهندي وشرق آسيا ببقية القارات

ويبرر عبد الله في حديث لـ DWعربية تعزيز الإمارات لقواتها العسكرية في جزيرة سقطرى "بوجود محاولات  لبعض القيادات السياسية من داخل الحكومة الشرعية للزج بالجزيرة في الصراع وذلك من خلال إرسال جنود وقوات لاحتلال الجزيرة ". ويضيف "لم تقم الإمارات بإرسال قواتها إلى هناك إلا بعد أن تأكدت من مثل هذه المعلومات ".

تشارك الإمارات إلى جانب السعودية في التحالف العربي ضد الحوثيين في اليمن منذ مارس 2015. وذلك استجابة لطلب من الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي. لذلك يرى البعض في دخول الإمارات وحكومة هادي في "صراع" حول جزيرة سقطرى قد يقوض الحكومة الشرعية اليمنية". وبهذا الخصوص يرى المحلل السياسي اليمني خالد الأنسي أن تدخل الإمارات في جزيرة سقطرى هو "من أجل إفقاد الناس الثقة في الحكومة الشرعية وتسويقها على أنها حكومة عاجزة لا تستطيع حماية أرضها وبالتالي الإبقاء على الفوضى"، حتى تتمكن الإمارات من "الاستلاء على الجزر اليمنية ومد نفوذها إلى باب المندب والسيطرة على الموانئ اليمنية وتعطيلها".

بالمقابل يصف عبد الخالق عبد الله الحكومة الشرعية في اليمن بأنها حكومة عاجزة ومخترقة من قبل "جماعات معادية للإمارات". ويضيف عبد الله "المسؤولية عن أي سوء فهم يقع سواء كان في سقطرى أو في جنوب اليمن أو في اليمن عموما تقع على عاتق حكومة شرعية بتأييد دولي، لكنها حكومة بعيدة عن الواقع ومنعزلة وتعيش في فنادق بعيدة عن اليمن".

مطالب بعودة الشرعية في اليمن بقيادة الرئيس عبد ربه منصور هادي

ولتخفيف التوتر بين الإمارات والحكومة اليمنية أجرى وفد سعودي محادثات في سقطرى. وهناك مخاوف من أن يؤثر هذا التوتر على التحالف العربي في اليمن، الذي تنادي الأصوات المناوئة بطرد الإمارات منه. وهو ما عبر عنه أيضا المحلل السياسي اليمني الأنسي بالقول "إذا استمرت السعودية في غض الطرف عما تقوم به الإمارات في اليمن بدون أن تتخذ موقفا رافضا تؤكد من خلاله تمسكها بشرعية الرئيس عبد ربه هادي وتحارب من أجل عودته إلى اليمن، فسيكون الموقف السعودي مطابقا للإماراتي وبالتالي سيصبح التحالف غير مبرر ووجوده غير مرحب به".

في المقابل يعتبر أستاذ العلاقات الدولية الإماراتي، عبد الخالق عبد الله أن "الأصوات التي تنادي بطرد الإمارات من التحالف العربي في اليمن أصوات يائسة بائسة"، قائلا إن الوجود الإماراتي باليمن "سيستمر حتى بعد انتهاء الحرب وسيتخذ أشكالا متعددة حسب ما يطلبه الشعب اليمني جنوبا وشمالا"، في إشارة إلى أن الإمارات لن تترك جزيرة سقطرى ولا مناطق أخرى من اليمن مادام الوضع على الأرض لا يخدم مصالحها.

تقود السعودية منذ 26 مارس/آذار 2015، تحالفاً عربياً في اليمن ضد الحوثيين وحليفهم السابق الرئيس المقتول علي عبدالله صالح. يقول المشاركون فيه إنه جاء استجابة لطلب الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي بالتدخل عسكرياً لحماية اليمن. وذلك بعد بسط الحوثيين وقوات صالح نفوذها على مناطق واسعة.

يرى مراقبون أن الكلفة الباهظة مالياً وبشرياً في ظل الفشل في تحقيق انتصارات على أرض المعركة أدخل المملكة السعودية في مأزق، لا سيما مع انخفاض واردات النفط وهو ما تجسد في تفاقم العجز في الموازنة العامة للمملكة.

أعلن وزير المالية السعودي، محمد بن عبد الله الجدعان، أن العجز في الميزانية السعودية خلال الربع الثالث من العام الجاري 2017 بلغ 7.48 مليار ريال، وبلغ الدين العام بنهاية الربع الثالث من السنة المالية الحالية 8,375 مليار ريال سعودي.

وبعد مرور ما يقرب من 33 شهراً على بدء هذه الحملة العسكرية تتزايد الصعوبات على المملكة بشأن التدخل العسكري في اليمن، إذ ان التفهم الدولي الذي قوبل به التدخل العسكري في بدايته اختفى وحل بدلاً منه انتقادات دولية لا سيما على الصعيد الإنساني.

أكدت "منظمة هيومن رايتس ووتش" أن التحالف العربي بقيادة السعودية استخدم صواريخ عنقودية في عدة هجمات بمحافظة حجة شمال غرب اليمن ممّا أدى إلى سقوط قتلى وجرحى بين المدنيين. ودعت المنظمة إلى تشكيل لجنة دولية لتقصي الحقائق.

وخلّفت هذه الحرب أوضاعاً إنسانية وصحية صعبة، وجعلت نحو 80% من سكان البلاد، البالغ عددهم حوالي 27 مليون نسمة، بحاجة إلى المساعدات. وتسبب النزاع في اليمن بمقتل أكثر من 8750 شخصاً منذ آذار/مارس 2015 وإصابة عشرات الآلاف من المدنيين والمقاتلين بجروح ونزوح مئات الآلاف، بينما غرق البلد الفقير بأزمة غذائية وصحية كبرى.

ووفقاً لإحصاءات الأمم المتحدة فقد "بلغ إجمالي الوفيات بسبب مرض الكوليرا 2230 حالة، في حين بلغ عدد وفيات وباء الديفتيريا أكثر من 300 حالة، كما تفشت الأمراض بسبب انعدام الأمصال الواقية.

شكل مقتل الرئيس السابق والحليف السابق للحوثيين، علي عبد الله صالح، في الرابع من ديسمبر/ كانون الأول على أيدي الحوثيين ضربة أخرى للجهود السعودية التي راهنت على قدرة صالح على حسم الوضع عسكرياً بعد أن انقلب على الحوثيين قبل أيام من مصرعه.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل