المحتوى الرئيسى

صان الحجر.. غابة المسلات والأسوار الأثرية

04/26 11:26

هى «جعنت» كما سماها المصريون القدماء، أو «تانيس» كما ذكرت فى اليونانية، أو «صوعن» كما وردت فى التوراة، أو «صان الحجر» كما نطلق اليوم، على أهم قرى مركز الحسينية بمحافظة الشرقية، لما بها من تل أثرى يتسع لنحو 3 آلاف كيلومتر مربع، يزخر بأكثر المواقع الأثرية أهمية فى العصور الفرعونية الحديثة، لأنها تعج بتماثيل الملك رمسيس الثانى أكثر ملوك المصريين القدماء شهرة.

على بعد نحو 75 كم من مدينة الزقازيق يقع تل صان الحجر الذى يعج بالمعابد والتماثيل الأثرية الضخمة، مهدمة لكنها كانت تدل على مهابة الموقع وفخامته، مسلات عملاقة وبقايا تماثيل ضخمة، يكاد أحدها يكون أكبر تمثال على وجه الأرض، وبقايا سور يعد من أكبر الأسوار سمكاً فى التاريخ الفرعونى، هذا التل اختاره ملوك الأسرتين 22 و23 ليكون عاصمة الحكم فى مصر وقتذاك، بل إن ملوك الأسرة الـ21 اختاروا أن يدفنوا فى هذا التل، وعثر الأثريون على مقابرهم ومقتنياتهم فى مقابر حجرية هناك.

فى زيارة إلى هذا التل العظيم، لم يقم مفتش الآثار بالمنطقة عزت عارف السيد بأى جولة أو حديث عن التل قبل أن يؤكد ارتباط المكان بأماكن أثرية أخرى بمحافظة الشرقية، مشيراً إلى أن ملوك الأسرة 21 الذين اتخذوا من تل بسطة فى مدينة الزقازيق عاصمة لهم، أصروا على اتخاذ صان الحجر مكاناً للدفن، لشعورهم بالأمان فى هذا التل، كما أن تل الضبعة أيضاً له علاقة بصان الحجر، مشيراً إلى أن تل الضبعة كان عاصمة الهكسوس فى الأسر الـ15و16و17، وهى الفترة التى شهدت قدوم سيدنا يوسف عليه السلام إلى مصر ثم إخوته وأبيه، موضحاً أنه كان يقال فى السابق إن صان الحجر كانت عاصمة الهكسوس إلا أن الباحثين والأثريين والحفائر العلمية التى تمت فى منطقة تل الضبعة عثروا على خراطيش وجعارين تؤكد اتخاذ الهكسوس من تل الضبعة عاصمة وليس صان الحجر. ويضيف «عارف» أن الأسرة الـ19 اتخذت من منطقة «قنتير» أو «بر رع ميس سو» عاصمة لها، التى كان فيها الملك رمسيس الثانى، وفيها رُمى سيدنا موسى فى اليم فى بحر اسمه «مويس» أحد أفرع النيل الذى جف فى العصور الماضية، مشيراً إلى وجود 7 أفرع للنيل إلا أنه لم يبق منها سوى فرعى دمياط ورشيد فقط فى العصر الحديث، مشيراً إلى أن الموقع الأثرى يعج بالآثار التى تحمل اسم رمسيس الثانى، أحد أشهر ملوك الفراعنة وحكم 67 عاماً والذى اختلف عليه العلماء إن كان هو فرعون موسى أم نجله مرنبتاح أو والده سيتى الأول، فيما يقال إن موسى عاصر ملكين.

ويوضح مفتش الآثار أن منطقة صان الحجر هى عاصمة مصر فى الأسرة 21، ويرجع تاريخها إلى 1100 قبل الميلاد، وعدد ملوك الأسرة 7 أشهرهم بسوسنس الأول، وتعمل فى المنطقة البعثة الفرنسية منذ دخول الفرنسيين مصر عام 1798 ولا تزال البعثة الفرنسية تعمل فى المنطقة إلى يومنا هذا، يأتون شهراً ونصف الشهر كل عام فى الشتاء.

البعثات الفرنسية عملت 216 عاماً فى التنقيب.. ولم تغط سوى 25% من مساحتها.. واكتشاف مقابر 3 ملوك فقط من أصل 7

وعن حجم الآثار المكتشفة فى المنطقة، أكد «عارف» أن البعثة قامت بالحفائر فى 25% من الموقع البالع 600 فدان، وأن باقى الموقع لا يزال بكراً لم يتم التنقيب فيه، وهو ما يضع احتمالات بأن تكون هناك مقابر ومعابد أخرى لم تكتشف بعد، لأن ما تم اكتشافه من مقابر 7 ملوك 3 فقط، وأن صان الحجر ستحقق صحوة التاريخ، كما أنه لم تكتشف سوى مقبرة ملكة واحدة فقط وهى الملكة «موت نجمت» زوجة بسوسنس الأول اكتشفت داخل مقبرة زوجها، متابعاً: «الغريب أن المقبرة كان يستخدمها أكثر من ملك ممكن أن يضع معه زوجته وأبناءه».

وحول اسم المكان «جعنت» أوضح مفتش الآثار أنها تعنى الأرض الرملية، وذكرت فى التوراة «صوعن» أما الاسم اليونانى فهو «تانيس»، وتابع: «أما العرب فيبدو أنهم حولوا الجيم إلى صاد، فتحولت إلى صعن ثم صعن الحجر»، مضيفاً أن المكان به معابد تشبه إلى حد كبير المعابد الموجودة فى مدينة الأقصر أو العاصمة القديمة، لأن به 5 معابد بينها المعبد الكبير الخاص بالإله آمون ومعبد حورس، ويكاد يكون التصميم واحداً، لذلك أطلق عليه طيبة الشمال مقابل طيبة الجنوب نظراً للتشابه فى التصميم، قائلاً: «هناك معابد، هنا معابد، هناك مقابر فى محيط المعبد، هنا مقابر فى محيط المعبد، وهناك أبيار وهنا أبيار أيضاً، حتى إن مصطفى الوزيرى الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار قال كأننى فى الأقصر».

وحول أهمية معبد آمون، أضاف أن معنى كلمة امون هى الإله الخفى الذى لا يراه أحد، ما يعنى أن المصرى القديم كان مؤمناً بوجود إله واحد لا أحد يراه، وأن المصريين القدماء أنفسهم كانوا موحدين، وكان من أشهر الآلهة، موضحاً أن فرعون ليس منصباً ولكنه اسم شخص وليس صفة الملك، حتى إنه وجد فى القرآن 74 مرة كلها نكرة ولم يرد فى مرة واحدة معرفاً، ولكن فى سورة يوسف ذكر «الملك» وليس فرعون، متابعاً: «فيه سؤال هنا فى سورة يوسف ما قالش الملك وقال الفرعون ليه، وربنا قال يا هامان وذكر قارون باسمه، وهذه كلها أسئلة واسم فرعون لم يذكر صراحة ليظل العلماء فى البحث عن من هو فرعون»، ويقال إن فرعون هو رمسيس الثانى، لأنه تم تحليل الجثة الخاصة به وعثروا على ملوحة البحر فى غضاريفه وبيده اليسرى كان قابضاً وممسكاً برمح أو سيف»، وأشار إلى أن المصرى القديم تمكن من أن يركب الحجارة فوق بعضها عن طريق التفريغ الهوائى دون أن يكون هناك مواد أسمنتية أو أى لواصق للحجارة، ولذلك تجده متماسكاً حتى هذا الوقت، موضحاً أن الأبيار الموجودة فى التل قيل إنها كانت تستخدم فى قياس ارتفاع وانخفاض مياه النيل لتحديد الضرائب فإن كان مستوى النيل مرتفعاً تفرض ضرائب كبيرة، وإن كان منخفضاً تفرض ضرائب قليلة، فيما قيل إنه كان يستخدم من قبل كهنة المعابد فى التطهير، مضيفاً أن الموقع كان به اكتشاف كبير جداً تمثل فى العثور على مقبرة الملك بسوسنس الأول فى عام 1940، حيث اكتشفها العالم الفرنسى بيير مونتيه واستدعى وقتها الملك فاروق شخصياً حتى يفتتح المكان لكن الاكتشاف لم يحظ بالاهتمام العالمى الذى حظى به اكتشاف مقبرة توت عنخ آمون، بسبب تزامن الاكتشاف مع اندلاع الحرب العالمية الثانية، حيث إن المقبرة تم اكتشافها كاملة بكل مقتنياتها وبها التابوت والقناع وكل شىء خاص بالملك، وهو ما جعل لآثار صان الحجر قاعة مميزة داخل المتحف المصرى الكبير، مشيراً إلى أن الملك بسوسنس الأول هو أشهر الملوك لأنه أقام سوراً عظيماً عرضه 200 متر وطوله 300 متر وسمكه 27 متراً، تم بناؤه من الطين، وكل طوبة ختم عليها بختم الملك وهو يعد من أضخم الأسوار.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل