المحتوى الرئيسى

نحن أضعف من المخدرات.. فلنعترف!!

04/24 18:05

«أنت أقوى من المخدرات».. يا له من شعار جميل، لكن أسوأ ما فيه أنه بعيد عن واقعنا المرير!! منذ عدة أيام كنت عائدًا إلى بيتي ليلا بعد يوم عمل طويل، قبل أن أصل منطقة المهندسين، استوقفني شاب ليسألني إن كنت أريد حشيشًا أو أقراصًا مخدرة أو أي شيء، رددت بكل هدوء «لا شكرًا»، هذا الرد بكل ما يحمله من برود نابع من كونه أصبح موقفا يوميا اعتدته منذ الانهيار الأمني في يناير 2011، ومن المؤكد اعتاده كثيرون غيري، في المرة الأولى كدت أفتك بأحدهم، وأخيرًا انصرف عني هذا الشاب وأسرع زملاؤه ليلبوا طلبات «صف سيارات» بداخلها «زبائن» جاءوا خصيصًا ليلبوا «نداء الكيف».

رغم أن تلك الحملة التي يقودها صندوق مكافحة الإدمان، تستند إلى جماهيرية اللاعب المحترف محمد صلاح، ومن قبله النجم الجماهيري محمد رمضان، ومن قبلهما أطلقت حملة «لا»، وأعقبتها بحملة «اختار حياتك»، وهلم جرا من الحملات التي أطلقتها الحكومة، وملأت بنراتها الشوارع، بلا تأثير حقيقي على الأرض يجتز هذه المشكلة من جذورها، ويبدو أن حكوماتنا المتعاقبة ستنتظر ميلاد نجم جديد لاستغلال جماهيريته في مجابهة شبكات تجارة المخدرات!

للأسف الشديد هذه الحملة ومثيلاتها لن تجبر الشباب على الإقلاع عن الإدمان وارتياد أوكار ودواليب المخدرات، ولن تثني بائعي «الكيف» عن اصطياد الزبائن، وأيضًا لن تثني «الحيتان الكبار» عن مواصلة النشاط، المدمن «مريض» ليس بمقدوره التوقف، والبائع الصغير اعتاد الكسب السريع ولن يوقفه إعلان كهذا، وبالطبع لن يخاف «الحوت الأكبر»!

إن قوانيننا ضعيفة، ثغراتها كثيرة، وعقوبات الاتجار لا ترقى لهذا الجُرم الذي هو أخطر من الإرهاب والخيانة العظمى.

كثيرًا ما نسمع عن الإيقاع بتشكيل مخدرات، وكثيرًا ما نقرأ أيضًا عن ضبط شخص بحوزته جرامات من الحشيش، لكن لم نقرأ أبدًا عن ضبط أحد «المهربين الكبار»، وعادةً يخرج هؤلاء المضبوطون من أول مرافعة لمحام متدرب، ويعودون أقوى من ذي قبل.

تقول الأمم المتحدة إن نسبة التعاطي بمصر بلغت 33% من مجموع السكان في 2012، وأن مصر في المرتبة 12 بين أكثر الدول المصدرة للحشيش.

ورغم ما يعتصر القلب من حزن على هذه الأرقام، لكنها يجب أن تكون حافزًا للبحث عن أسلوب علمي يجابه هذه المشكلة التي تهدد وجود المجتمع المصري، استراتيجية مكتملة، تغلظ العقوبات على غاسلي الأموال المستخدمة في تجارة المخدرات، والتي بلغت في 2017 بمصر 3.5 مليار، كما يجب أيضًا مواجهة الصيادلة الذين يبيعون أقراصا مخدرة.

لدينا تجارب عالمية في القضاء على شبكات المخدرات، أولها الصين، هذه الدولة التي أطلقت «ثورة أفيون» في 1952 لتصبح اليوم بلا مدمنين وبلا تجار، ترى هل هذا الحلم قابل للتحقيق في مصر؟

نعم، بمقدورنا النجاح، بكين شرّعت قوانين صارمة ضد الجرائم ذات الصلة بتهريب المخدرات، بعقوبات تصل إلى الإعدام، وحاصرت خطوط نقل المخدرات وراقبت الموانئ والمطارات، وأقامت قاعدة بيانات عن المدمنين ونوعية الجرائم والمجرمين في كل منطقة.

وفي لبنان سن مجلس النواب قانونًا يعتبر مدمن المخدرات ضحية لا يُحاكم كمجرم إذا وافق على العلاج، وفي الأردن يُعاقب تاجر المخدرات بالإعدام.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل