المحتوى الرئيسى

محمد عبد الخالق يكتب: كيف "تحكي" بدون سفر؟! - E3lam.Org

04/24 17:24

إذا استمع إلى نصيحة أديب نوبل جابريل جارسيا ماركيز.. يجب أن تعيش أولا.. حتى تجد ما تحكيه/ تكتبه.

اطرد فكرة الحكي من ذهنك، لا تشغل بالك بها بعد الآن، فأنت بحاجة أولا لفرصة أكبر لأن تعيش، اللحظات والدقائق والساعات والأيام ليست سوى عمرك، بدلا من إهدارها في التفكير فيما ستكتبه عن نفسك، عشها أولا بكل تفاصيلها، حتى تجد حقا ما يستحق أن تقوله.

لا تتعجل، فسيأتي اليوم الذي تشعر فيه بأنك تحتاج عمرا إضافيا لتحكي ما حدث.

تحرك قدر الإمكان، سافر، تجول، اذهب إلى أماكن جديدة، شاهد مناظر مختلفة، لا تعش كالشجرة، فقد خلقنا الله بقدمين لنسير، ولم يخلقنا بجذور.

لقد صدقوا جدا حين قالوا: “في السفر سبع فوائد” … في الحقيقة العدد أكثر كثيرا.

تعرف على أشخاص جدد، ابتعد عن الزملاء والأصدقاء والمعارف، خذ حطوة للأمام أو حتى للخلف، ستكتشف وجوها مختلفة تماما، لم تكن لتراها طالما قريبا منهم.

الأيام والسنين كفيلة بوضعك في تجارب لا تتخيلها.

نرشح لك: محمد عبد الخالق يكتب: من مشاهد لقنوات الدراما: اعتبروا التعاقد بيننا لاغي

العالم ليس ما نراه … كن متأكدا من أن عين الصقر ترى العالم مختلفا، حتى لو نظرت إلى نفس البقعة، ليس إلا لأنها تنظر من زوايا وارتفاعات مختلفة، هكذا هي الحياة زوايا وارتفاعات نحب أن نطلق عليها (خبرة)، فما تراه وتتعلمه من مكانك يختلف حتما عما يمكن أن تراه وتتعلمه من نقطة أخرى من العالم.

ولنكن منصفين فإن النصيحة بالسفر سهلة جدا في كتابتها، لكنها في الحقيقة، عند التفكير في تنفيذها، ليست بهذه السهولة، أعرف أن النصيحة تبدوا مستفزة وكأن السفر مجانا والوقت ملكنا، لذا تقبلوا مني البديل، القراءة هى البديل السهل المتاح للسفر، القراءة تنقلك إلى عوالم وأماكن وثقافات وتجعلك تختلط بشعوب وبشر أبعد مما يفكر فيه ذهنك لو قررت السفر حقا.

ولن أكون مبالغا لو قلت أن القراءة يمكن أن تقدم أكثر مما يقدمه السفر الحقيقي، وهو البعد الثالث الذي لا تستطيع طائرات العالم مجتمعة أن تنقلك إليه، وهو السفر في الزمان.

نعم القراءة وحدها قادرة على تحقيق هذا، فأنت لن تسافر إلى المكان الذي تريده فحسب، بل ستسافر إليه في الحقبة التي تريدها وتقرر أن تعيشها.

تخيل أن “آلة الزمن” للسفر عبر الزمان، التي شغلت بال العالم منذ مئات السنين، وحاول البعض صنعها، وإلباسها مرة صورة الأسطورة ومرة صورة العلم والفيزياء، هى فعلا بين ايدينا طول الوقت، منذ اللحطة التي تمكن فيها الإنسان من التدوين، بداية من النقش على الحجر وحتى الكتابة الطباعة الحديثة بنسخها الورقية والإلكترونية.

وبعيدا عن المخاطر التي طالما أحاطت بفكرة السفر في الزمن التخيلية، بدءا من عدم تحديد الزمان بدقة، وصولا إلى فشل العودة مرة أخرى بعد تدمير الآلة، فإنك بكل بساطة ما عليك إلى أن تمد يديك لأحد أرفف المكتبة، أو تضغط على شاشة هاتفك لتفتح الزمان والمكان الذي تريده، وتعشه بكل تفاصيله، أشكال مبانية وديكوراتها، شكل شوارعه وحوانيته وأصوات الباعة بها، أصوات موسيقاه، وشكل أهله وأزياءهم، ما يشغلهم وما يفكرون فيه ويحلمون به.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل