المحتوى الرئيسى

«مصادرة أموال الإرهابيين».. «البطلان» يلاحق القانون قبل الإصدار

04/20 11:20

4 مخالفات لمجلس الدولة على القانون.. أبرزها اعتراضه على منح الأمور المستعجلة حق الطعن أمامها

تباين أراء الخبراء حول الموقف القانوني للجنة الجديدة

فرغلي: يتعارض مع قانون الكيانات الإرهابية.. والجمل: تقنين ما جرى خلال الأعوام الماضية

البداية، عندما لاحظ مجلس الوزراء أن كل قرارات لجنة التحفظ على أموال الإخوان تبطلها محكمة القضاء الإدارى، وتعتبرها مبنية على أساس باطل، سعى لتقنين عمل اللجنة عن طريق آخر، فأرسل إلى البرلمان يطالب بتشريع قانون لمصادرة وإدارة أموال الجماعات والكيانات الإرهابية.

بالفعل، بدأ المجلس فى تشكيل لجنة «قضائية» تكون مختصة دون غيرها باتخاذ جميع الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة باعتبار جماعة أو كيان أو شخص إرهابى يمارس نشاطًا إرهابيًا أيًا كانت الصورة التى تتم من خلالها ممارسة النشاط، على أن تتشكل اللجنة من 7 قضاة بمحاكم الاستئناف، ويختارهم وزير العدل، ويصدر قرار بتعيينهم من رئيس الجمهورية، بعد موافقة مجلس القضاء الأعلى.

وينظم القانون إجراءات التظلّم على قرارات اللجنة، وحدد محكمة الأمور المستعجلة للتصدى للتظلمات، وفى حال أصبح الحكم نهائيًا وكان منطوقه نص على التصرف فى المال، فإنه ستؤول ملكيته للخزانة العامة، كما يلغى القانون القرارات السابقة التى أصدرها رئيس الوزراء، ووزير العدل، بتشكيل لجنة التحفظ وإدارة الأموال.

وبموافقة البرلمان على القانون، نجد أن تلك هى المرة الثانية التي يخالف فيها مجلس النواب، لملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة، بعد قانون السلطة القضائية واختيار رؤساء الهيئات القضائية.

وانفردت جريدى "الدستور في عددها الصادر بتاريخ 12 يناير 2017، بنص ملاحظات قسم التشريع بمجلس الدولة، برئاسة المستشار أحمد أبو العزم، نائب رئيس المجلس، وقتها، والذي أكد فيها أنه لا يجوز الالتفاف على أحكام القضاء، وفند المجلس مخالفات القانون وشبهات عدم الدستورية في النقاط الآتيه:

- الحراسة علي الأموال تكون في حضور الخصوم واجراءات علانية

ومن حيث إن الحراسة على ضوء مقاصد الدستور تعتبر تسلطًا على الأموال المشمولة بها فى مجال صونها وإدارتها، فلا يكفى لفرضها مجرد أمر على عريضة يصدر فى غيبة الخصوم، بل يكون توقيعها فصلًا فى خصومة قضائية تقام وفقًا لإجراءاتها المعتادة، وتباشر علانية فى مواجهة الخصوم جميعهم، وعلى ضوء ضماناتها القانونية التى تتكافأ معها مراكزهم وأسلحتهم، ليكون خاتمها إذا توافر الدليل على قيام الخطر العاجل فى شأن أموال بذاتها تعيين حارس قضائى عليها يكون نائبًا عن أصحابها، يباشر سلطته عليها فى الحدود التى يبينها الحكم الصادر بفرضها، فلا يجاوزها أيًا كان نطاقها، وهو ما يعنى أن تدخل القاضى لا يكون إلا لضرورة، ويقدرها، وإن فرض قيود على بعض الأموال عن طريق حراستها لا يكون إلا من خلال الخصومة القضائية فصلًا فى جوانبها وإلا كان تحميل المال بها فى غيبتها عملًا مخالفًا للدستور.

- التظلم حق دستورى أصيل

تبين لمجلس الدولة من مطالعة مشروع القانون المشار إليه ومذكرته الإيضاحية أنه يهدف إلى إنشاء لجنة أسبغ عليها وصف «لجنة قضائية» تشكل من قضاة محاكم الاستئناف، وعقد لها دون غيرها اتخاذ جميع الإجراءات المتعلقة بتنفيذ الأحكام القضائية الصادرة باعتبار جماعة أو كيان أو شخص إرهابى يمارس نشاطًا إرهابيًا أيًا كانت الصورة التى يتم من خلالها ممارسة النشاط، وخول للجنة سلطة إصدار قرار مسبب بالتحفظ على الأموال بعد سماع أقوال ذوى الشأن، وجعل القرار واجب التنفيذ فور صدوره، وأعطى لكل ذى مصلحة الحق فى التظلم من هذا القرار أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة التى تصدر أمرها فى التظلم بوقف تنفيذ القرار أو تأييده أو إلغائه، وأجاز المشروع لذوى المصلحة الطعن بالاستئناف على الأمر الصادر أمام المحكمة المختصة، ويكون حكمها والذى عبر عنه المشروع بلفظ «قرار» فى هذا الشأن نهائيًا وغير قابل للطعن عليه.

- المحكمة وحدها تصادر الأموال

وأوضحت، أن أحكام القانون رقم 8 لسنة 2015 فى شأن تنظيم قوائم الكيانات الإرهابية والإرهابيين رتبت بقوة القانون على نشر قرار الإدراج بالنسبة للكيانات الإرهابية تجميد الأموال المملوكة للكيان أو لأعضائه متى كانت مستخدمة فى ممارسة النشاط الإرهابى، وكذلك الحال بالنسبة للإرهابيين، وفى الأحوال التى تقتضى فيها طبيعة الأموال المجمدة تعيين من يديرها، يجب أن يحدد قرار المحكمة من يدير هذه الأموال بعد أخذ رأى النيابة العامة وأوجب على من يعين للإدارة أن يتسلم الأموال المجمدة ويبادر إلى جردها بحضور ذوى الشأن وممثل للنيابة العامة أو خبير تندبه المحكمة وإلزامه بالمحافظة على الأموال وبحسن إدارتها، وردها مع غلتها المقبوضة طبقًا للأحكام المقررة فى القانون المدنى بشأن الوكالة فى أعمال الإدارة والوديعة والحراسة، وذلك على النحو الذى يصدر بتنظيمه قرار من وزير العدل.

كما أن قانون مكافحة الإرهاب أجاز للسلطات اتخاذ التدابير التحفظية اللازمة، بما فى ذلك تجميد الأموال، والمنع من التصرف فيها أو إدارتها، أو المنع من السفر، ومن ثم فإن التنظيم القانون الحالى يلبى الضرورات العملية، إلا أن الدولة لم تفعل أحكامها بصورة مرضية حتى الآن.

واختتم القسم، أن ما انتهى إليه من رأى فى هذا الشأن لا يخل باختصاصه الدستورى المقرر بنص المادة «190» من الدستور، وذلك بمراجعة المشروع المعروض وإفراغه فى الصيغة القانونية حال الموافقة عليه من مجلس الوزراء.

- خبراء: القانون يشوبه العوار

علًق المستشار عادل فرغلي، رئيس محاكم القضاء الإداري الأسبق، على مشروع القانون قائلًا:أن "يشوبه عدم الدستورية، لأن قرار إنشاء اللجنة جاء بقرار وزير العدل لتنفيذ حكم صادر من محكمة الأمور المستعجلة الصادر بحظر أنشطة تنظيم الإخوان في مصر، وأي تنظيمات أو جهات أو مؤسسات متفرعة منه أو تابعة له، والتحفظ على جميع أموالها العقارية والسائلة والمنقولة".

وأضاف «فرغلي»: أن "قرار إنشاء اللجنة مطعون عليه أمام القضاء الإداري"، مشيرًا إلى أنه بالقعل تم قبول الطعون المقدمى من جميع المتحفظ على أموالهم بما فيهم قيادات لجماعة الإخوان، لأن أساس تشكيل اللجنة جاء بشكل خاطئ، ووضحته المحكمة في حيثيات حكمها، لأن تحريات الأمن وحدها غير كافية للتحفظ على أموال الأشخاص والشركان، فلا بد أن يكون هناك حكم قضائي يثبت اضطلاع تلك الأموال في ارتكاب أي عمليات إرهابية وعدائية ضد الدولة".

وفي ذات السياق، أكد مصدر رفيع المستوي بمحكمة القضاء الإداري، أن حكم محكمة القاهرة للأمور المستعجلة باطل، لصدوره من محكمة غير مختصة، لأن محكمة القضاء الإداري بمجلس الدولة (تنظر في المنازعات التي تكون الدولة طرفًا فيها)، مضيفًا أن المحكمة تدرك أن الإرهاب يشكل خطرًا على المجتمع، وأن على جهة الإدارة واجب مواجهته الآن، لافتًا: إلى أن "مواجهة الإرهاب وكل خروج على القانون، يجب أن يتم بالوسائل والإجراءات المشروعة، ولا يجوز لجهة الإدارة أن تتخطي أو تتجاهل أحكام الدستور والقانون، فخطر الاستبداد على المجتمع ليس أقل من خطر الإرهاب".

وتابع: أن "هناك عدة نقاط فى الموضوع يجب الأخذ بها، وهى انتزاع اختصاص نظر طعون قرارات لجنة التحفظ من القضاء الإدارى، وإسنادها لمحكمة الأمور المستعجلة، بالمخالفة للمادة 190 من الدستور التي تنص صراحة على اختصاص مجلس الدولة دون غيره بالفصل فى المنازعات الإدارية ومنازعات التنفيذ المتعلقة بجميع أحكامه".

بينما قال المحامي والحقوقي عمرو عبد السلام، نائب رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، أن مشروع القانون الحالي يتناقض تمامًا مع قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015، حيث إن القانون الجديد جعل التحفظ علي الأموال من اختصاص لجنة التحفظ في حين أن قانون الكيانات الإرهابية السابق جعل التحفظ عقوبة تكميلية تابعه للعقوبة الأصلية توقعها محكمة الجنايات المختصة ويجوز لها ألا تحكم بها على المتهم، ومن ثم فالقانون الجديد خالف كافة الدساتير والقوانين الجنائية والمواثيق الدولية التي تكفل المحاكمة الجنائية العادلة في ظل توافر الضمانات الحقيقية التي تضمن عدالة المحاكمة أمام القاضي الطبيعي للمتهم، ومن ثم فإن اختصاص اللجنة المختصة بالتحفظ على الأموال بتوقيع عقوبة قضائية لا تصدر إلا من محكمة قضائية مشكلة وفقًا للقانون يعد عصفًا بمبدأ المحاكمات العادلة.

وأوضح أنه منذ إنشاء لجنة التحفظ على الأموال نهاية عام 2013 لتنفيذ حكم محكمة الأمور المستعجلة، باعتبار جماعة الإخوان إرهابية، كان من يصدر ضده قرار التحفظ يتظلم أولا أمام اللجنة، ثم يلجأ إلى محكمة القضاء الإداري التي تواترت أحكامها بإلغاء قرارات التحفظ باعتبارها صادرة دون مسوغ قضائي، وباعتبار أن اللجنة إدارية وليست قضائية، وأيدت الإدارية العليا بعض هذه الأحكام، ولم تنفذ اللجنة أيا منها.

وأشار نائب رئيس منظمة الحق الدولية لحقوق الإنسان، إلى أن القانون الجديد جاء ليبعد ملف التحفظ عن ساحة القضاء الإداري تماما، حيث تنص المادة السادسة على أن «يتظلم كل ذى مصلحة من قرار اللجنة خلال 8 أيام من تاريخ إعلانه أمام محكمة القاهرة للأمور المستعجلة، وعلى المحكمة الفصل فى التظلم خلال 30 يوما من تاريخ قيده أمامها بالإجراءات المعتادة. وللمحكمة أن تأمر بوقف تنفيذ القرار أو تأييده أو إلغائه»، وإذا لم يرتض صاحب المصلحة الحكم، فيجوز له أن «يستأنف على الأحكام الصادرة من محكمة أول درجة خلال 8 أيام من تاريخ الإعلان. وعلى المحكمة أن تفصل فى الاستئناف خلال 30 يوما، ويعد قرارها نهائيا ولا يجوز الطعن عليه».

ولفت إلى أن القرارات التي تصدرها لجنة التحفظ هى قرارات إدارية بحته وليست قرارات قضائية لا يسبغ على قراراتها حصانة الطعن عليها أمام القضاء الإداري باعتباره قضاء المشروعية، وبالتالي ينعقد الاختصاص بإلغاء أو تأييد تلك القرارات قضاء مجلس الدولة وحده دون منازع له من أي جهة قضائية أخرى.

وأضاف أن القانون مشوبًا بشبهة عدم الدستورية، ويعد التفافًا على أحكام القضاء الإداري، اغتصابًا لولاية دائرة الجنايات بمحكمة استئناف القاهرة، والتي لا يجوز لها أن تتخلى عن ولايتها لهذه اللجنة مهما علا شأنها، ويستند في أعمال وقرارات لجنة التحفظ إلى أحكام قضائية منعدمة، مؤكدًا أن القانون يتناقض مع قانون الكيانات الإرهابية رقم 8 لسنة 2015، وسيتم الطعن عليه أمام المحكمة الدستورية العليا، عقب نشره فى الجردية الرسمية.

وفى سياق آخر، قال المستشار محمد حامد الجمل، رئيس مجلس الدولة الأسبق، إن مشروع القانون يمثل محاولة لتقنين ما جرى خلال اﻷعوام الثلاثة الماضية، عبر تحويل اللجنة إلى لجنة قضائية تتولى تصحيح اﻹجراءات السابقة، والتي أبطلتها أحكام مجلس الدولة.

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل