المحتوى الرئيسى

صدمة في برلين بعد مهاجمة رجلين يرتديان قلنسوة يهودية

04/18 14:38

اعتدى ثلاثة مجهولين بالسب والضرب على رجلين على التوالي (21/ و24 عاما) مرتديين قلنسوة اليهود (كيباه) في قلب العاصمة الألمانية برلين. وذكرت الشرطة اليوم (الأربعاء 18 أبريل / نيسان 2018) أن المجهولين الثلاثة وجهوا شتما معاديا للسامية للإسرائيلي (21 عاما) ومرافقه الألماني (24 عاما)، اللذين كانا يسيران مساء أمس الثلاثاء في حي برينتسلاور بيرغ ببرلين، ثم أمسك أحد المعتدين بحزام وأنهال بالضرب على الإسرائيلي.

وعلى الإنترنت انتشر فيديو يظهر فيه شاب يضرب بحزام وهو يصيح بكلمة "يهودي" باللغة العربية. وبدأت لقطات الفيديو بتوجيه الضربات. وكان الإسرائيلي قام بتصوير الجريمة. وفر الجناة الثلاثة. وبحسب بيانات الشرطة، كان يريد أحد الضحايا ملاحقة الجناة، إلا أن أحد المعتدين قام بمهاجمته بزجاجة دون أن يصيبه. 

من جهتها، أدانت وزيرة التعليم الألمانية أنيا كارليتسك الاعتداءات الأخيرة المعادية للسامية في ألمانيا. وقالت اليوم "هذه أمور لا ينبغي أن تحدث... لدينا آلية يتعين علينا تنفيذها (لمواجهة ذلك)". وأكدت الوزيرة أهمية العمل على نحو متزايد من أجل نشر التسامح المتبادل، مضيفة أنها حثت قبل أسبوعين رئيس مؤتمر وزراء التعليم الألمان الذي يشغل أيضا منصب وزير التعليم المحلي في ولاية تورينغين، هيلموت هولتر، على توسيع البرنامج الحالي "عيش الديمقراطية". وذكرت الوزيرة أن التسامح ليس فقط مسألة تخص الدين، مضيفة أنه من المقرر مناقشة هذه القضية أيضا خلال الاجتماع القادم لوزراء التعليم الألمان في حزيران / يونيو المقبل.

ويُثار جدل في ألمانيا حول مكافحة معاداة السامية على خلفية واقعة تعرضت فيها تلميذة بالصف الثاني بمدرسة ابتدائية في العاصمة برلين للسباب، بصفتها يهودية من جانب تلاميذ أكبر منها سنا ينتمون لأسر مسلمة. ويتردد أن زميلا بالمدرسة هدد بقتلها لأنها لا تؤمن بالله، بحسب ما ذكره والد الفتاة لصحيفة "برلينر تسايتونغ" الألمانية.

تجدر الإشارة إلى أن الحكومة الألمانية استحدثت مؤخرا منصب مفوض مختص بشؤون الحياة اليهودية في ألمانيا ومكافحة معاداة السامية، وذلك بعدما أصدر البرلمان الألماني قرارا بتكثيف الجهود من أجل مكافحة معاداة السامية.

تجدر الإشارة إلى أن تقريرا حول معاداة السامية على مستوى العالم نشر قبل أسبوع أظهر أن كلمة "يهودي" أصبحت تستخدم بشكل متزايد على مستوى العالم كإساءة، مع عودة معاداة السامية التقليدية للظهور. وخلص التقرير السنوي إلى أن تعبيرات ورموز معاداة السامية تعود بالتدريج، وتزيد من قوتها بروز اليمين المتطرف وتبني العناصر الإسلامية المتطرفة للأنماط المسيحية لمعاداة السامية، ولا سيما في أوروبا والعالم العربي.

إرسال فيسبوكƒ تويتر جوجل + Whatsapp Tumblr Digg Newsvine stumble linkedin

وأعد التقرير "مركز كانتور" في جامعة تل أبيب بالتعاون مع "المؤتمر اليهودي الأوروبي". وحذرت مديرة المركز دينا بورات من "مثلث" لمعاداة السامية، يتكون من العناصر اليمينية في بلاد مثل ألمانيا والنمسا والإسلاموية "الراديكالية" وخطاب معاداة الصهيونية في جناح اليسار، مشيرة إلى اتهامات بمعاداة السامية في حزب العمال البريطاني. وقال رئيس المؤتمر اليهودي الأوروبي، فياتشيسلاف موشيه كادار "العيش كيهودي في الكثير من مناطق أوروبا يعني العيش في قلعة والتصنيف كشخص مختلف".

عاش يهود مدينة برلين، وكان أغلبهم من التجار والصيارفة والمقرضين، خلال العصور الوسطى في الحي اليهودي. وكانت تُفرض عليهم ضرائب عالية جداً. وفي مناسبات الأفراح والمآتم، كان يُطلب منهم دفع أموال إضافية. وفي الحي الذي كان يقطن فيه اليهود في تلك الفترة، يوجد حالياً مبنى البلدية الحمراء التي يوجد بها مكتب عمدة برلين.

استقبل الأمير فريدريش فيلهيلم اليهود الأغنياء في برلين. ولم يكن ذلك من باب التسامح معهم، فبعد "حرب الثلاثين عاما"، أصبح مرحباً بدافعي الضرائب من كل الديانات. وكان فايتل هاينه إيفرايم من بين اليهود الأغنياء الذين رحب الأمير بهم. ولا يزال القصر الذي تعود ملكيته لهاينه إيفرايم (قصر إيفرايم) حتى اليوم أحد أجمل الشواهد لأثرية على تاريخ برلين.

جاء موسى ميندلسزون إلى برلين وعمره 14 ربيعاً، وكان ميندلسزون تلميذاً مجتهداً، يتحدث لغات كثيرة ويهتم بالفلسفة. وتحول ميندلسزون إلى فيلسوف مشهور ذاع صيته عبر العالم وأصبح أحد أكثر اليهود نفوذاً في وقته. وأسس ميندلسزون في برلين حركة التنوير اليهودية (هاسكالا).

كانت النساء اليهوديات من ذوي النفوذ، مثل راهل فارنهاغن، يدعون ضيوفهن إلى جلسات ثقافية في بيوتهن الخاصة. وكان يدعى لهذه الجلسات التي كان يطلق عليها الصالونات البرلينية، كتاب وفنانون ومفكرون. وكان هاينريش هاينه وهومبولدت وهاينريش كلايست من بين الضيوف، الذين كانوا يترددون على هذه الصالونات، إذ شكلت آنذاك مركز الحياة الثقافية والاجتماعية في برلين.

بمرور الوقت تحولت برلين إلى مدينة أوروبية كبرى، ارتفع فيها عدد الجالية اليهودية. ولم يُمنع اليهود من ممارسة بعض المهن كما هو الحال في بعض الأقاليم النائية. وكانوا يمارسون المحاماة والتجارة والصناعة والطب، وأيضاً الصحافة. وفي عام 1866 تم بناء كنيس يهودي جديد، يتسع لثلاثة آلاف شخص، لأكثر من 35 ألف يهودي كانوا يعيشون في برلين. وحضر افتتاح الكنيس رئيس وزراء بروسيا أوتو فون بيسمارك.

هذا الحي اليهودي يرجع إلى عهد فريدريش فيلهيلم الأول. ففي عام 1737 أمر فيلهيلم الأول اليهود الذين لم يكن لهم مساكن خاصة بهم بالانتقال إلى هذا الحي، الذي كان في بداية القرن العشرين حياً فقيراً، وكان أيضاً ملجأ ليهود أوروبا الشرقية الفارين من المذابح هناك. واليوم ينتمي هذا الحي إلى مقاطعة "وسط برلين"، و"برلين سينبيتسيرك".

في العقد الثاني من القرن العشرين، كانت برلين حاضرة أوروبية ثقافية تجذب الزوار، نظراً لوجود عدد كبير من المقاهي والحانات والنوادي الليلية وقاعات الرقص فيها. وكان اليهود يساهمون في الحركة الثقافية للمدينة.

بعد نجاح الحزب النازي في الانتخابات وتسلم أدولف هتلر السلطة، بدأت المداهمات والمضايقات ضد اليهود في حي شوينن. وفي العام نفسه تم إحراق 25 ألف كتاب أمام جامعة هومبولت، كانت من بينها كتب لموسى ميندلسزون وهاينريش هاينه وفرانتس كافكا.

خلال مذبحة نوفمبر/ تشرين الثاني قتل النازيون أربعمئة يهودي ودمروا أكثر من 1400 محل تجاري تعود ملكيتها ليهود ألمان، إضافة إلى المعابد والمقابر. كما طُرد آلاف الموظفين اليهود ومُنع آخرون من ممارسة بعض المهن مثل الطب والفن والصحافة.

خلال مؤتمر فانزيه، تباحث المسؤولون النازيون في النهج الأكثر فعالية "للتخلص من اليهود". هنا تقرر ترحيل عدد منهم إلى معسكرات الاعتقال وتمت مناقشة سبل التخطيط لذلك.

قبل الحرب العالمية الثانية كان 160 ألف يهودي، أي قرابة ثلث يهود ألمانيا، يعيشون في برلين. هاجر منهم خلال الحرب وقبيلها قرابة 90 ألف منهم إلى خارج ألمانيا، وقضى 60 ألف في معسكرات الاعتقال أو تعرضوا للقتل، فيما تمكن ألف وخمسمائة يهودي فقط من البقاء على قيد الحياة في برلين بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية.

دعا الزعيم السوفيتي السابق جوزيف ستالين عام 1952 إلى حملة معادية لليهود، قادت إلى أعمال معادية للسامية وتجسدت في اندلاع أعمال شغب في ألمانيا الشرقية آنذاك. وبعد وفاة ستالين "عاد الوضع لطبيعته"، لكن رغم ذلك تقلص عدد اليهود في برلين الشرقية من 1500 شخص إلى 200 شخص فقط.

أغلب العائدين من الناجين من مراكز الاعتقال النازية كانوا يريدون مغادرة ألمانيا في أقرب وقت ممكن. لكن البعض الآخر من اليهود قرر البقاء وبدء حياة جديدة في برلين الغربية. وفي شارع "فازاننشتراسه" تم بناء كنيس يهودي جديد محل الكنيس الذي هُدم عام 1958.

فيما كانت حياة الجالية اليهودية في برلين الشرقية تشهد بعض الركود، كانت مثيلتها في برلين الغربية تسجل تدريجياً بعض الازدهار، ففي 1962 تم تأسيس مدرسة يهودية ومن ثم روضة أطفال في 1971، ثم دار للعجزة 1978. واليوم، يوجد في برلين مدرسة ابتدائية يهودية وأخرى ثانوية إضافة إلى جامعة، فضلاً عن مسرح يهودي ومطاعم ومقاهي، كما أن برلين دأبت على الاحتفال بمهرجان الفيلم اليهودي.

نرشح لك

أهم أخبار الصفحات الأولى

Comments

عاجل