المحتوى الرئيسى

ناصر خليفة يكتب: فتوى مجاني من فقه الفاكهاني

04/18 11:43

من عادتنا دائما كباقي المصريين في يوم شم النسيم "عيد الربيع" نأكل الرنجة والفسيخ فمهما قالوا عنه وحاولوا تشويه سمعته المعلومة للجميع ، كلما زاد ارتباط المصريين به وزاد شوقهم إليه وارتفعت صيحات شهيتهم تجاهه، في ذلك اليوم ذهبت صباحا إلى منافذ البيع وبالطبع المشهد يشير إلى أن لا شيء يباع في هذا اليوم غير مجموعة الرنجة والفسيخ وتوابعهم ، اشتريت ما هو مطلوب وفي طريق عودتي مررت ببائع الخضار والفاكهة لأشتري ما هو مطلوب أيضا، من فاكهة وخضرة وخصوصا "البصل والليمون" وبذلك تكتمل كل أدوات التفجير الموسمي للمعدة وملحقاتها ،

إلى هنا تجري الأمور على ما يرام إلى أن قلت للفاكهاني "كل سنة وانت طيب" من باب الملاطفة والعادة المصرية الفطرية، فوجت برده الغريب على تهنئتي له بشم النسيم قائلا : ليه هو ده عيد إيه ؟! قلت له عيد الربيع شم النسيم يعني ! فقال: "وهو يبدو واجما" مندهشا مهاجما معنفا: حرام حرام ! فقلت له حرام ؟! إيه هو اللي حرام !؟ فأجاب بسؤال: هو عيد شم النسيم في القرآن ؟! قلت له لا مش في القرآن ! قال: خلاص يبقى مش عيد ! ده عيد حرام يا بيه ! عيد النصارى هو انت مسيحي يا حاج ؟ قلت له : لا انا مسلم ..

هممت بالرحيل دون شراء شيئ منه ولم أرد أن أطيل النقاش لكنه كان قد وزن ما أريده ويطالبني بالحساب فحاسبته وحملت أغراضي وعدت إلى المنزل وفي رأسي تدور عدة تساؤلات لم يقطعها سوى مشهد الفسيخ والرنجة وباقي سفرة شم النسيم .

لم يكن موقف الفكهاني هو الأغرب في ذاك اليوم بل كان في انتظاري ما هو أغرب وهو تعليق أحد ضيوفنا في "حفلة الفسيخ" وكالعادة في مثل هذه الأكلات لا نستعمل "السفرة" فنفترش الأرض "أفضل وأرحب" كي تأخذ المعدة كافة استعداداتها لإستقبال رسايل الفسخاني الموسمية ! نظر ضيفنا لمن بجانبه حول المائدة الأرضية وقال : "على فكرة إنته قاعد قعدة المغضوب عليهم " اقعد قعدة سنة النبي ! وكانت تلك الفتوى هي الفصل الثاني من فقه الفاكهاني ! وقس على تلك الخزعبلات الكثير مما لا يجب الخوض فيه ! ..

شد انتباهي تعبير قعدة المغضوب عليهم وقلت له طيب وبالنسبة لقعدة الضالين ؟! ضحك الجميع فقلت : يا جماعة هي الفكرة مش في تصنيف القعدات عقائديا الفكرة في مجرد وضع صحي يمنح المعدة المجال ولا بأس في ذلك ، ودعونا نكمل ما بدأنا .. عودوا إلى رنجتكم يرحمكم الله .

لقد اخذت قضية الخطاب الديني حقها في الطرح والمناقشة والمطالبة بالتجديد والتنقيح لكن لم تأخذ التطبيق الفعلي على خشبة معظم المنابر و"الجلسات الخاصة" فالخطاب الديني إن كان من الممكن تجديده على الورق فيبدو أنه غير قابل للتجديد في النفوس والقلوب التي طبع فيها طباعة عالية الجودة من سنوات بعيدة المدى . وما زالت بعض المنابر تمارس تعصبها بدون رقيب ولا حسيب .

لم يكن بائع الفاكهة إلا واحدا من بين ملايين يفهمون العقيدة عن جهل وتعنت وهؤلاء هم من خرج من بينهم من فجر نفسه في كنيسة أو دير او سلك من التشدد والعنف طريقا ممهدا يقتل ويخرب معتقدا أنه بهذا الفكر يخدم دينه ومعتقده ويرضي ربه ! .

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل