من أجلك يا مدينة نبروه أكتب

من أجلك يا نبروه أكتب، استجابة لمئات الرسائل التي وصلتني عبر السوشيال ميديا من أبناء مركز ومدينة نبروه بالدقهلية رجالا ونساء، شبابا وشابات، للكتابة مرة ثانية عن الحاجة سعدية عبد السلام ذات 75 خريفا، والتي لاقت "العظم في الكرشة" حيث إنها قليلة البخت كانت ذاهبة حالمة لأداء العمرة، وألقي القبض عليها ومعها شنطة كانت تحملها، والتي أعطاها لها "نصاب" على أن بها ملابس في حين كانت تحتوي على مخدرات، بزعم توصيلها إلى أحد أقاربه بالسعودية .

قَبِلت الأمانة على أن أؤديها إلى أهلها (نبروه)،مدفوعًا بتقدير خاص لشباب قرية درين في وقفتهم لمناصرة بنت قريتهم المتهمة زورا بالاتجار في المواد المخدرة، فالقصة لم تنتهِ ومازالت محبوسة، رغم أن السلطات المصرية قبضت على المتهم الرئيسي، والذي اعترف بتفاصيل نصب شباك جريمته.

ففي بطون نبروه قصة حب نقلتها مراسلات السوشيال ميديا، منذ بدء المظاهرات التي خرجت تندد بمحبسها وتطالب بالإفراج عنها، في مشهد سيظل عالقا بالذاكرة الإنسانية، التي أحياها أبناء نبروه بعدما كانت قد دفنت وشيعت "أي الإنسانية" بالإنسان.

كل مواضيع الحب والعشق والغرام كتبها فقهاء وشعراء وأدباء وصحفيون كبار، ودائما ما تكون بين رجل وامرأة، ويحكمها الإعجاب والغريزة وتمني الزواج والعيش في تبات ونبات "ونجيب صبيان وبنات"،إلا أن قصة الحب التي أمامنا وقصيدتها التي رفعها المحبون وعاشقو الصبابة للمسنة سعدية، والتي بدأت ببيت شعر هزّ أرجاء الشوارع في مظاهرات حب "بنحبك يا سعدية..يا ست الكل معاكي لأخر الدنيا" و"الحاجة سعدية بريئة .. والكلب غرر بيها"، كتبها العامة من أهل قرية درين مدفوعين بغريزة رفع الظلم عنها، والقصة لا تتمنى شيئا سوى فك أسرها، وداعا روميو وجوليت "باي باي" قيس وليلي "جود باي" عبلة وعنتر ، مرحبا نبروه وسعدية.

"قيس" و"روميو" و"عنتر" ماتوا هياما بمحبوباتهم، وباتوا لا يعرفون من الدنيا سوي التغزل بالمعشوقة فقادهم العشق إلى التيه "الجنون"، متخوفا أن يصيب أهل نبروه هذا التيه لتأخر عودة معشوقة الجماهير سعدية. 

عموما الصدق في المشاعر الذي طغى علي هتيفة قريتها وتدوينات الفيس بوك، وحتى صفحات المصريين الذين استبدلوا صورة بروفايل "الفيس" بالصورة الشخصية لسعدية ، دليل دامغ أن مازال للإنسانية تواجد، وأن حجاب القسوة قد رفع ، وأن ثياب الرحمة قد لبس ، وأن غيامة "يلا نفسي" قد انقشعت، وأن ظلام أنا ومن بعدي الطوفان قد زال ، وأن ستارة المصلحة الشخصية قد أزيحت.