المحتوى الرئيسى

إحنا مواليد 2000.. كيف يعيش جيل الألفينات في مصر؟

04/16 22:23

قبل وقت قريب، كانوا ينظرون إلى أنفسهم، وينظر إليهم الجميع على أنهم أطفال، لكنهم- وإذ فجأة- وجدوا ١٨ سنة من أعمارهم مرت سريعًا، فأصبحوا شبانًا، واستخرجوا رخص قيادة، وبطاقات رقم قومى، وصاروا يزاحمون الكبار بسياراتهم، وفى طوابير المصالح الحكومية، بل يستعدون لدخول الجامعات ومعترك الحياة العملية بعد أشهر قليلة.

إنهم مواليد عام ٢٠٠٠، الجيل الذى لم يعد يهتم كثيرا بما يكتب فى الصحف الورقية، ولا يعبأ بما تشهده الساحة السياسية، وصار مأسورًا داخل قلاع التواصل الاجتماعى، وتحوّل طموحه إلى مجالات عمل جديدة، بعد أن اقتصرت لأجيال على الطب والهندسة، وانتقلت إليه ثقافة الأفلام الأمريكية، فيما يتعلق بعلاقات الحب بين الشباب والفتيات.

هجرة جماعية من «فيسبوك» إلى«إنستجرام» هربًا من الأقارب

لم تمر سوى سنوات قليلة على ولادتهم، حتى ظهرت مواقع التواصل الاجتماعى فى مصر، فنشأوا على صفحات «فيسبوك»، وصارت لحظات حياتهم مسجلة فى هيئة صور على «إنستجرام»، أما ضحكهم ومزاحهم فكان عبر مقاطع فيديو على «سناب شات»، والحديث اليومى بينهم تكفل به «واتس آب».

ورغم أن موقع «فيسبوك» كان بداية علاقة شباب «جيل الألفينات» بالإنترنت، إلا أن عددًا كبيرًا منهم اختاروا لأنفسهم مكانا بعيدا عنه، ولم يعودوا يهتمون كثيرا بالتواجد عليه، بل اتجهوا إلى موقع «إنستجرام»، لإمكانياته المتطورة، وغيرها من الأسباب.

هذا التطور تجسده «سارة عبدالجواد»، مواليد عام ٢٠٠٠ التى تقول إنها ابتعدت عن موقع «فيسبوك» تدريجيا، بسبب وجود الأهل والأقارب عليه، على عكس «إنستجرام» الذى ما زال غير معروف بالنسبة للكثير منهم، فهناك تجد حريتها فى مشاركة صورها مع أصدقائها، دون أن تتلقى تعليقات من الأهل والأقارب.

«الفيسبوك بقا موضة قديمة، ومعظم الرجالة والستات الكبار بقوا موجودين عليه، مش هعرف أقول رأيى أو أرفع صورة من غير ما ألاقى تعليق محرج».. هكذا تقول «سارة».

الأمر ذاته، عبرت عنه «حنين غالب»، المولودة عام ٢٠٠١، موضحة أن «الخصوصية المتوافرة فى تطبيق (إنستجرام) لا تتواجد فى (فيسبوك)، فى ظل وجود خاصية تمنع أى شخص من رؤية أى تفاصيل شخصية عن المستخدم، إلا المسموح لهم بذلك فقط، إضافة إلى إمكانية معرفة أى شخص يأخذ صورا عبر (الإسكرين شوت)».

تطبيق «سناب شات» هو الآخر، تحوّل إلى قبلة للشباب والفتيات من «جيل ٢٠٠٠»، لكونه غير معروف بالنسبة لمن هم أكبر عمرا، إضافة إلى وجود «تقاليع» جديدة، تتعلق بإضافة تأثيرات على الصور والفيديو، وفق «سارة»، التى تضيف: «بنحب سناب شات لأنه مختلف عن فيسبوك، بنحط فيديوهات وصور خفيفة تتمسح بعدها بفترة قصيرة وخلاص».

وتشير الفتاة إلى أن «واتس آب» من التطبيقات التى يستخدمها جيلها بشكل أساسى، فى التحدث وإنشاء مجموعات تواصل مختلفة: «بنعمل جروب للدروس وجروب تانى للأصحاب وللأهل، هو شىء أساسى فى حياتنا أهم من المكالمات وأى حاجة تانية».

مصطفى عاطف ومصعب عرفات أبرز الرموز الدينية.. وإعجاب بـ«مصطفى حسنى»

شاب رياضى وسيم، فى يده «حظاظة» على شكل «سبحة»، وفى إصبعه خاتم إسلامى، يرتدى ملابس «ماركات» ويغنى كلمات الأناشيد الإسلامية بالموسيقى.. ينشر كلمات الدعوة لسماحة الإسلام ورحابته على صفحته بموقع «فيسبوك»، مع صورة شاب يدعو الله أو بعض المشاهد الطبيعية.

هكذا جمّع «الدعاة الجدد» شباب الجيل الجديد حولهم، مستفيدين من تجربة عمرو خالد مع الجيل الذى سبقهم، فبدأها الداعية مصطفى حسنى، منذ سنوات بكونه صاحب خطاب دينى عصرى وجديد، بمزج تعاليم الإسلام السمحة، مع أدوات العصر الجديد، متخليا عن مظاهر الداعية القديم.

المنشد «مصطفى عاطف»، شاب عشرينى، اجتمع على حبه «جيل ٢٠٠٠»، يرون فيه مثالا للشاب المتدين العصرى، فهو لا يظهر لهم بلحية طويلة، ولا بجلباب قصير وعمّة على الرأس كما شيوخ السلفيين، بل هو شاب بمظهر عادى أنيق مبتسم، لكن مع صوت عذب وإيمان يظهر فى أناشيده وابتهالاته وكلماته على مواقع التواصل الاجتماعى.

مئات الآلاف من المشاهدات تحصدها ألبومات أناشيد عديدة يستخدم فيها «عاطف» كلمات عصرية، مثل أناشيد «اصنع فرقا، أنا آسف» من ألبوم «أنا طيب»، والتى تنتشر بين الشباب كأسلوب دعوى جديد ينتهجه المنشد.

العديد من الشباب ساروا على نفس النهج، منهم المنشد «مصعب عرفات»، الشاب العشرينى أيضا، الذى يرى فيه جيل الألفينات مثالا يحتذى به، كونه شابا متدينا غير متشدد، لذلك سيقود مثل هؤلاء الشباب الدعوة الدينية لسنوات مقبلة، متفوقين على دعاة الجيل السابق مثل عمرو خالد ومعز مسعود.

«مصطفى محمد»، فتى فى الثامنة عشرة من عمره، يقول إنه لا ينجذب كثيرا إلى الدعاة السلفيين، لأنه يرى أنهم يعيشون فى القرون القديمة، ويتحدثون بلغة لا يفهمها جيدا ولا تجذبه إلى الدين وسماحته، إضافة إلى أنهم يتحدثون بصيغة التهديد فى أغلب البرامج، معتبرًا أن الفارق كبير بينهم وبين الدعاة الجدد مثل مصطفى حسنى ومصطفى عاطف.

«لما بشوف واحد قريب من سنى، وبيعلمنى مبادئ الإسلام بطريقة سمحة وسهلة أو فى صورة أناشيد، دا بيحببنى فى دينى، لكن الدعاة الأقدم كانوا منعزلين عن الواقع، عشان كدا بنشوفهم متشددين، حتى وهما بيتكلموا عن سماحة الدين وسهولته»، هكذا يعبر «مصطفى».

كرة القدم وتصميم الألعاب طموح «أبناء الآى باد»: «الدكاترة بقوا أكتر من المرضى»

«لما تكبر نفسك تبقى إيه؟».. سؤال يواجهه كل الأطفال، وتختلف الإجابات من جيل لآخر، ففى السابق كانت الإجابات لا تخرج عن «طبيب، مهندس، طيار، أو ضابط»، أما جيل ٢٠٠٠ فجاء فى فترة اقتصادية واجتماعية مختلفة، فى عالم يتواصل فيه شباب العالم بطريقة أسهل، ويستفيدون من تجارب الآخرين بصورة أكبر.

«حنين» ذات السبعة عشر عامًا، وجدت نفسها تهوى الألوان، وتعرف جيدًا كيف تنسقها مع بعضها البعض، فقررت أن تصبح مهندسة ديكور، لكن مكتب التنسيق لم يكن حليفها، تقول: «نفسى أبقى مصممة ديكور، لكنى دخلت كلية تجارة عشان المجموع».

ورغم ذلك تبدو مصممة على تحقيق حلمها: «دخولى كلية التجارة مش عائق إنى أحقق هدفى.. من زمان وأنا مهتمة وبفهم فى مجال الديكور، وتناسق الألوان والأشكال مع بعضها، علشان كده متخليتش عن حلمى، وحاليًا باخد كورس فى مركز عشان أقدر أشتغل فى المجال دا، ومش مهم الشهادة لأنها مجرد شكل وأهلنا اتعودوا إن المجتمع بيهتم بيها».

أما «سعيد لطفى»، من مواليد عام ٢٠٠٠، فلا يتخيل نفسه إلا لاعب كرة قدم، فبعد أن شاهد الجيل الذهبى للمنتخب المصرى ونجومه، وكبر وهو يتابع اللاعبين العالميين ميسى ورونالدينيو ورونالدو، أصبح حلمه وحلم جميع أصدقائه أن يصبحوا لاعبى كرة عالميين.

يقول «سعيد»: «معظم اللى أعرفهم عندهم نفس الحلم، يمكن لأن الشهرة والنجاح من أهم العوامل اللى بتجذبنا واللى بتحققها كرة القدم».

«الدكاترة أكتر من المرضى، وموضوع أبقى مهندس وأسافر الخليج أشتغل هناك بقى موضة قديمة».. هكذا يرى «لؤى هشام»، صاحب الـ١٨ عاما، طموحه ومستقبله، ويقول: «طموحى كله فى الرياضة، مفكرتش أكون دكتور ولا مهندس، عايز أبقى لاعب رياضى محترف وحققت دا وبقيت لاعب فى منتخب مصر للشباب بلعبة التايكوندو».

وما كان فى الماضى مجرد لعبة، أصبح مجالًا يجتذب الكثير من شباب الألفينات، فهم لا يلعبون لمجرد اللعب واللهو، وإنما أصبح ذلك مجالًا للعمل، ومن بينهم «حسام فتحى»، ١٧ عامًا، الذى قرر البدء مبكرًا فى مجال تصميم الألعاب.

يقول «حسام»: «هى دى أكتر حاجة بحبها، ولقيت نفسى فيها، بدأت أتعلم تصميم جرافيك الألعاب فى سن صغير، وبتطور فيها بسرعة، وبحب شغل الكمبيوتر عامّة».

ويضيف: «محبش إنى أكون دكتور أو أدخل صيدلة زى ما كان أهالينا بيقولولنا، فكرة إننا كلنا لازم نبقى دكاترة ومهندسين أصبحت شيئًا غير مقبول بالنسبة لجيلنا، وكل واحد بيختار طريق مختلف حتى لو أهله مش شايفين إن ده صح أو مش مقتنعين بأهميته».

أحمد مالك وياسمين صبرى وزاب ثروت نجوم الجيل.. والحب خاتم وورد و«انزل على ركبتك»

فى الستينات، «زمن الحب الجميل»، كان التعبير عن المشاعر بأن تنتظر تحت شرفة معشوقتك حاملا أزهارا ملونة، وفى حقبة «التليفون الأرضى» كانت الاتصالات فى أوقات متفق عليها لتنال دقائق من صوتها، وعندما ظهر «الموبايل» كان طفرة فى سهولة التواصل مع محبوبتك بالصوت والصورة، أما «جيل ٢٠٠٠»، فلهم طريقتهم الخاصة فى التعبير عن مشاعرهم، على طريقة الأفلام الأمريكية.

صورة شاب يجلس على ركبته ممسكا بـ«خاتم» و«بوكيه ورد» أمام فتاة، تخفى وجهها بيديها حياءً، قبل أن تهز رأسها بالموافقة، وهى ترتدى خاتم الخطوبة.. مشهد صار عاديا بين شباب الألفينات، فلن تقبل الفتاة بأقل من ذلك لتوافق على «العريس».

«سعيد فتحى».. أحد مواليد عام ٢٠٠٠، يقول إن طرق الحب حاليا أخذت شكلًا جديدًا، فبرغم أن التواصل بين الشباب والفتيات سهل على تطبيقات التواصل الاجتماعى، لكن الفتيات لا يقبلن إلا بشاب مستعد لفعل المستحيل من أجلهن: «البنات مبقتش زى الأول عايزة واحد تتجوزه أو ترتبط بيه وخلاص، لأ عايزة شاب متكامل زى ما بيشوفوا فى الأفلام».

ومثلما سيطر عمرو دياب وتامر حسنى على عقول وقلوب الجيل السابق، بدأ نجوم آخرون يتربعون على عرش لقب «نجم الجيل»، ومن بينهم: «أحمد مالك، محمد الشرنوبى، منة عرفة، وياسمين صبرى» الذين «سيطرت صورهم على صفحات مواقع التواصل الاجتماعى»، بحسب «فارس عواد»، ذى الـ ١٨ عامًا.

يضيف الشاب: «هناك أمير عيد وزاب ثروت وعمرو حسن ومحمد فرج، كل دول بنعتبرهم نجوم الجيل ما بين مغنين وكتاب وشعراء».

ويعتبر «لؤى هشام»، أنه من الطبيعى أن يمتلك جيل الألفينات ذوقا خاصا به، حتى وإن اعتبره البعض غريبًا، سواء كان ذلك فى الأغنيات المفضلة أو النجوم الذين يعتبرهم جيله قدوة لهم، ممن حققوا النجاح فى سن مبكرة.

يضيف «هشام»: «زى ما أغانينا مختلفة كمان طريقة تعبيرنا عن الحب كمان مختلفة، خاصة مع تطور مفهوم العلاقات الإنسانية بين الشباب والبنات من أبناء جيلنا، وظهرت مفاهيم زى الصحوبية وغيرها من أشكال العلاقة».

الدحيح وهشام منصور.. ملوك السوشيال ميديا عند أصحاب الـ١٨ عامًا

خلال السنوات الماضية، ظهر نجوم يسيطرون على التواصل الاجتماعى بعد أن انتشروا كالنار فى الهشيم، وتفوقت شهرة بعضهم على نجوم السينما.

«شادى سرور» أول نجوم السوشيال ميديا الشباب بالنسبة لـ«جيل ٢٠٠٠»، فبعد مقاطع الفيديو الكوميدية انطلق نحو الشهرة، وحققت تلك المقاطع ملايين المشاهدات على «يوتيوب» و«فيسبوك»، وما جذب الشباب إليه أنه يشاركهم نفس الأفكار، خاصة تلك الفيديوهات المتعلقة بمواقف تحاكى ما يحدث مع الشباب وذويهم.

«مزج العلوم بالكوميديا».. هذا ما فعله «أحمد الغندور»، أو كما يحب أن يطلق على نفسه «الدحيح»، فيبسط العلوم المعقدة ويحوّلها إلى مادة خفيفة بطريقة كوميدية، جمعت حوله مئات الآلاف من المعجبين والمشاركين لتلك الفيديوهات من شباب جيل ٢٠٠٠، المحبين للعلوم المبسطة خاصة مجال الأحياء الممزوج بـ«إفيهات الأفلام».

«هشام منصور»، أحد نجوم السوشيال ميديا المتابعين من قبل «جيل ٢٠٠٠»، فهو يقدم مقاطع كوميدية أيضا يتوجه بها إليهم، حتى إن إحدى الشركات جعلته يقدم إعلانا يستهدف تلك الفئة من الشباب، لأنه يتحدث بلغة «الألفينات» التى يفهمها ذلك الجيل جيدا.

«باسيتو باسيتو الحمد لله باسيتو».. بتلك الكلمات قدم «هشام عفيفى» أغنية «ديسباسيتو» الشهيرة، لكن بطريقته الكوميدية، فهو يقدم محتوى ساخرا لما هو موجود فى الواقع، لذلك جذب أعدادا كبيرة من شباب «الألفينات»، بمجاراته لكل جديد بشكل ساخر، وهو ما تناسب مع ذوق شباب ٢٠٠٠.

ولاد ٢٠٠٠: أبناء التسعينات «دقة قديمة».. و«طريقة لبسهم مش على الموضة»

العلاقة بين الأجيال دائما ما تكون معقدة، فكل جيل يرى من قبله «دقة قديمة» ويعتبر من بعده «جيل قليل التربية» أو جيل لا يتحمل المسئولية، ولأن الأيام دائرة مغلقة تتكرر، فـ«جيل ٢٠٠٠» يسير على نهج من سبقه، ويعتبر الأجيال السابقة «من كوكب آخر»، كما جاء على ألسنة عدد من الشباب.

أما مواليد التسعينات، الجيل الأقرب لجيل الألفينات، فيراهم «سعيد لطفى»، ابن السادسة عشرة عامًا، مختلفين تمامًا ولم يصبحوا شبابًا على الأرجح: «شباب التسعينات أصبحوا كبارًا فى نظرنا، فيه فرق بينى وبينهم حوالى ١٠ سنين، وده مش فرق قليل، دايمًا بشوف الأجيال القديمة مختلفة عننا، بيلبسوا بطريقة مختلفة وبالنسبالى بشوفها طريقة قديمة، يعنى مش هتشوف جيل التسعينات مثلًا لابس بنطلون مقطع مع إن دى الموضة، هما ملتزمين أوى بشكل لبسهم ومبيحبوش يغيروا، إحنا عندنا الجرأة نجرب كل حاجة جديدة».

يضيف «سعيد»: «تفكيرهم مختلف عننا حتى لو كانوا الأقرب، وساعات بيكون عندى صعوبة فى فهم بعضهم، وبشوفهم معقدين بشكل ما».

ويختلف معه حول جيل التسعينات «فارس»، مواليد ٢٠٠٠، الذى وجد فى الجيل السابق قدوة: «جيل التسعينات بالنسبالى شايفهم أحسن جيل وهما قدوة، بشوف طريقة تفكيرهم أحسن من طريقة تفكيرنا وأحسن من الأجيال اللى قبلهم، وكتير بحس إن نفسى أكون من مواليد التسعينات وأعيش حياتهم».

«الناس اللى فى الأربعينات والخمسينات بقول عليهم جيل العواجيز، مببقاش فاهمهم، ليهم طريقة تفكير قديمة وكلها خوف، إحنا مبنخافش من حاجة عكسهم»، يتحدث «عواد»، ابن الألفينات، عن الأجيال الأقدم.

أما سارة سلطان، التى تتقارب معهم فى العمر، فوجدت طريقًا خاصًا للتعرف على أبناء التسعينات: «مواقع التواصل الاجتماعى سهلت لنا التعرف على الجيل اللى قبلنا، وبقت فيه بينا حاجات مشتركة كتير يعنى بنشترك فى نفس الصفحات، بنشوف طريقة مناقشتهم مع بعض، بنضحك على نفس الحاجات، بس مقدرش أنكر إن فيه اختلاف لكنه مش كبير خصوصًا إن فارق الأعمار بينا قليل».

روايات محمد صادق وشعر الجخ أبرز اهتماماتهم الثقافية

جيل أحب روايات طه حسين ونجيب محفوظ الاجتماعية، أعقبه جيل أدمن قصص أدهم صبرى وأجاثا كريستى الخيالية، أما جيل ٢٠٠٠ فاختار أن يكون كتّابهم من النوعية الواقعية، لذلك سيطرت روايات محمد صادق وانتشرت قصص حسن الجندى بين شباب الجيل الجديد. جيل التسعينات خرج خياليًا لما شاهده من أفلام الخيال العلمى، وما قرأه من روايات عن أدهم صبرى، رجل المستحيل، وما اكتشفه من عوالم خفية فى سلسلة «ما وراء الطبيعة» للدكتور أحمد خالد توفيق، هذه الروايات خلقت جيلا من الشباب الحالم الذى يريد مكانًا أفضل للجميع، ويريد الوصول إلى المثالية، كما فعل أبطال رواياتهم المفضلة، وما غرسه كتابهم من أحلام وردية فى قلوبهم، أما فتيات التسعينات فقرأن روايات «عبير» ومازلن فى انتظار هذا الرجل المثالى، فتى أحلامهن فى الرواية.

وبعد هذا الكم من الخيال كان للواقعية دور آخر، فعادت تطل برأسها من جديد على يد كتاب اختاروا من المجتمع ومشكلاته الخفية مادة جيدة تبنى جيلًا يعرف الكثير عما يدور حوله، فجاء أحمد مراد ليسلبهم عقولهم بروايته «فيرتيجو» ومن بعدها «تراب الماس»، وصولًا إلى «الفيل الأزرق» و«١٩١٩» وتتحول كل أعماله تقريبًا إلى أعمال تليفزيونية وسينمائية من شدة تأثر الجيل الجديد بها ورغبتهم فى مشاهدة هذا الأسلوب الذى يتحدث عن شخصيات يتعاملون معها يوميًا.

ومن بعده، اجتذب محمد صادق بروايته «هيبتا» ما تبقى من قراء جيل ٢٠٠٠، ثم تبعها ببعض الروايات التى لاقت نجاحًا ملحوظًا، ومن بينها «بضع ساعات فى يوم ما»، وأبطالها واقعيون جدًا نصادفهم فى تفاصيل الحياة اليومية، أما «حسن الجندى» فاختار من روايات الإثارة والرعب طريقًا للوصول إلى قلوب الجيل الجديد ومازالوا يقرأون «الجزار» روايته التى ثبتت مكانته فى قلوبهم.

وتذوق جيل الألفينات الشعر على يد «هشام الجخ»، وتابعوا صعوده الذى جمعهم بجيل التسعينات، فاشتركوا سويًا فى الانجذاب لهذا النوع الجديد الذى لا يشبه الشعر الذى تعرفوا عليه خلال سنوات دراستهم، فهو لا يشبه أحمد شوقى، ولا جبران خليل جبران، وإنما هو مختلف وفى نفس الوقت يشبههم، وحاليًا يزاحم بعض الشعراء الشباب مكان «الجخ» فى قلوب أبناء ٢٠٠٠، ومن بينهم «عمرو حسن».

«سارة» و«إتش دبور» و«ثورة يناير» نوستالجيا الألفينات

«بوجى وطمطم، عمو فؤاد، فطوطة، وفوازير نيللى».. عناصر استخدمتها إحدى الشركات فى إعلانات رمضان، مرتكزة على «نوستالجيا» الأجيال القديمة وذكرياتهم فى ثمانينات وتسعينات القرن الماضى، لكن الأيام مضت سريعا، وصارت هناك ذكريات قديمة أيضا لشباب جيل ٢٠٠٠.

شباب الجيل الجديد يرون أن ما مرّ عليه ١٠ سنوات، صار جزءًا من الذكريات القديمة، كيف لا وقد أكملوا عمر الـ١٨عامًا، لذلك يتحدثون عن مسلسلات رأوها وهم فى المرحلة الابتدائية، أو عروض كارتونية سهروا أمام التلفاز من أجلها وهم صغار، وعن أحداث عاشوها وهم أطفال لكنها محفورة فى ذاكراتهم.

تتذكر «سالى إبراهيم»، أول ما ترك أثرًا فى نفسها: «لسه فاكرة طريقة كلام حنان ترك فى مسلسل سارة، والعروسة اللى كانت مسكاها طول المسلسل، وإزاى كنا بنتأثر معاها كأننا هى بالضبط».

وككل الأجيال السابقة كان للرسوم المتحركة دور فى تشكيل جزء كبير من ذكرياتها: «قناة سبيستون لينا معاها ذكريات كتير، وهى بالنسبالنا النوستالجيا اللى لما بفتكر أغانى الكارتون اللى فيها بحس إنى كبرت، الشخصيات الكارتونية اللى اتأثرت بيها أغلبها من قناة سبيستون زى شخصيات أبطال الديجيتال وغامبول، وطبعا كارتون توم آند جيرى، اللى مفيش جيل متفرجش عليه».

أحمد لبيب، مواليد ٢٠٠٠، ارتبطت معه الذكريات بالأفلام السينمائية: «فيلم إتش دبور لأحمد مكى، وآسف على الإزعاج لأحمد حلمى دول بالنسبالى أفلام الطفولة، وأول حاجات أشوفها وأتعلق بيها وأفضل فاكرها». وأكثر ما يشعره بحداثة سنه هو ثورة ٢٥ يناير عام ٢٠١١، فكان قد أتم عامه الحادى عشر ليسمع تلك البيانات الشهيرة، التى خرجت تعلن عن قيام ثورة فى البلاد: «ثورة يناير تعتبر بالنسبالى ذكريات طفولة، لأنى كنت صغير ساعتها، ومكنتش مدرك حجم التغيير اللى بيحصل حواليا، كنت بشوف الأحداث فى التليفزيون كإنه فيلم وفى أى وقت هينتهى». هكذا يتذكر جيل الألفينات ملامح طفولتهم التى شهدت أحداثا متتالية فتشكلت شخصياتهم، وفقًا لما عاصروه فى ثمانية عشر عامًا.

الألعاب.. غرف الهروب وبيت الرعب وحرب الألوان بدلًا من «الكوتشينة» و«بنك الحظ».. والدمينو والشطرنج راحت عليهم

تلك الحلقات المصطفة بعناية يتخللها بعض الصغار، العيون مترقبة ومثبتة على مجموعة من الأوراق الملونة، الكل يحسب خطواته قبل أن يقدم عليها، يفكر فيما لدى الخصم من خدع وأساليب دفاعية، عملية ذهنية معقدة كانت تدور فى عقول اللاعبين فى حلقات «الكوتشينة»، و«بنك الحظ»، واستمر الحال طويلًا حتى ظهرت ألعاب الفيديو، فبدأ وهج ألعاب الورق فى الخفوت حتى تلاشى، وذهبت «الدومينو» مع «الشطرنج» فى رحلة طويلة لن يعودا بعدها أبدًا، فلترقد ألعاب الثمانينات والتسعينات فى سلام، فقد جاءت ألعاب ٢٠٠٠.

الترفيه لم يعد كما كان فى السابق، عندما ظهرت ألعاب الفيديو لتكون نقلة فى عالم الترفيه، أما الآن فلم تعد تجدى نفعًا، فظهرت أنواع جديدة من الألعاب الترفيهية، وهى ألعاب الواقع الافتراضى الذى يعيش فيه الشاب داخل اللعبة، من خلال نظارة يلبسها ليصبح جزءا من اللعبة، وليس مجرد متحكم بإحدى الشخصيات.

«غرف الهروب»، من أهم ما جذب الشباب الجدد، وتقوم فكرتها على الهرب من غرفة خلال ٦٠ دقيقة، وإلا ستجد نفسك فى مشكلة، ويختار الشباب بين تجربة لعملية سطو على أحد البنوك والهروب من طبيب مختل يجرى تجارب لتحويل اللاعبين إلى زومبى، ويخوضون محاولة لإنقاذ جزء من الفريق محتجز داخل سجن، وهناك بعض الغرف التى تمثل معايشة لمحاولة الخروج من خندق أسفل مستوى الأرض مثل «بانكير ٣٨».

بدأت مناطق الألعاب التفاعلية فى الانتشار بمصر، خاصة بمدينتى القاهرة والإسكندرية، بعد أن ذاع صيتها فى أوروبا وأمريكا، لما تركز عليه معظمها من منح الشعور بالواقعية المصحوبة بالرعب والإثارة كعنصر أساسى فى معظم الألعاب خاصة غرف الهروب وبيت الرعب.

فى غرف الهروب لا يسمح للاعبين بالتصوير، وهو ما يجعل الشباب يحافظون على شغفهم تجاه اللعبة، وكأنه مكان سرى يهربون إليه من العالم، وللحفاظ على مزيد من السرية يقدم مالكو الألعاب على تجديد الغرف دائمًا بشكل جزئى أو كلى على مدى فترة لا تتجاوز العام حتى لا تفقد جمهورها.

يقول عمرو أحمد، مالك المساحة المخصصة لألعاب الواقعية: «التجربة واقعية لدرجة إن اللى بيلعب بوكس مثلًا بيعرق ويبذل مجهود أكنه بيمارس الموضوع بجد، ومفيش حد بيلعب قطار الملاهى إلا لما يقع على الأرض، وكذلك لعبة العربيات بيحاول يتفادى ويميل بجسمه فى الملفات اللى جوه اللعبة زى ما بيكون راكب العربية».

«بيت الرعب» من الألعاب التى عرفها جيل التسعينات، عندما كان فى شكله البدائى، ولكن عندما تحول إلى رعب أكثر إثارة جذب العناصر الشابة، الراغبة فى خوض تجربة حقيقية كتلك التى يشاهدونها فى أفلام الرعب.

يشرح «مصطفى بشير»، مدير «فير أند فايت»: «البيت عبارة عن ٥ مراحل، لا تتجاوز كل مرحلة ٣ دقائق يحاول خلالها فريق مكون من ٤ أفراد تخطى تحدى «بيت الرعب»، ويواجه اللاعبون غرفه الأشباح التى تظهر لهم فى المهمة مصحوبة بالمؤثرات الصوتية التى تصيبهم بالرهبة وتظهر عليهم علامات الخوف بعد دقائق من بدء اللعبة، وهو ما يدفع ٩٠ ٪ من اللاعبين إلى عدم استكمال اللعبة والخروج قبل إنهاء كل المراحل، وعدم استكمال المغامرة نتيجة التأثر بما عايشوه خلال اللعبة، ويستثنى من ذلك بعض اللاعبين الذين لا ينتابهم شعور الرهبة.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل