المحتوى الرئيسى

مهمة صعبة.. كيف يُهدد روما صلاح ورفاقه في دورى أبطال أوروبا؟

04/16 19:57

كنت فى ضيافة الزميلة فرح على، بفضائية «سى بى سى»، الجمعة الماضى، قبل إجراء قرعة دورى أبطال أوروبا، سألتنى: «من تتمنى أن يكون خصمًا لصلاح فى قرعة الأبطال اليوم؟»، قلت: ريال مدريد.

تعجبت كثيرًا وارتفع صوتها: «أنت الوحيد بين ١٠٠ مليون مصرى يتمنى الريال.. الجميع يُمنى النفس بلقاء روما، أليس هو الخصم الأسهل؟». الحقيقة أن فرح لم تكذب، فحالة الفرحة التى انتابت المصريين، وحفلات الكوميكس التى انطلقت فرحًا وسعادة بوقوع روما فى طريق ليفربول تكشف إلى أى مدى نحن واهمون، نفس الوهم الذى عاشته الصحافة الكتالونية عندما أسفرت القرعة عن وقوع فريق العاصمة الإيطالية أمام برشلونة بدور الثمانية، وعنونت صحيفة «سبورت» غلافها بــun bonbon، أى «البونبوناية» التى منحتها الأقدار هدية للبارسا، فكانت الفاجعة فى زلزال الأوليمبيكو، الذى اغتال «سيد لاعبى العالم»، ليونيل ميسى.

لماذا نحن واهمون؟.. وإلى أى مدى يستطيع الفريق الإيطالى تحقيق المفاجأة بإقصاء ليفربول؟، وكيف يتعامل الألمانى يورجن كلوب مع هذا الفريق؟.. هذه وغيرها من التساؤلات تُجيب عنها «الدستور» فى التقرير التالى.

دفاع قوى ومساحات مغلقة ولياقة جبارة أسلوب يكرهه كلوب ويرهق «الفرعون»

رغم تغلبه على مانشستر سيتى، ذهابًا وإيابًا، وانتصاره بآخر لقاء جمعهما فى بطولة البريميرليج أيضًا، ورغم أنه أكثر مدرب حقق الانتصارات على بيب جوارديولا، إلا أن يورجن كلوب عقب اللقاء فى المؤتمر الصحفى يقول: «لا شك، بيب جوارديولا أفضل مدرب فى العالم، وفريقه هو الأفضل أيضًا».

يعرف «كلوب» أن فريقه لا يستطيع أن يكرر ما فعله أمام «السيتى» كثيرًا، وأن فلسفته الدفاعية التى انتهجها وأقصى بها الفريق السماوى قد تفلح مرة وتخيب أخرى، وربما تكون هى الطريقة المُثلى للأدوار الإقصائية والمحطات النهائية فى بطولات خروج المهزوم، لكن على المدى البعيد، وفى دورى يشهد ٣٨ جولة، لن يتوج سوى الأفضل والقادر على وضع استراتيجية تقتحم أى دفاع فى كل الجولات، ولو تعثر قليلًا.

يُدرك الألمانى أن فريقه يقدم نتائج مذهلة أمام كبار البريميرليج، لأن جميعهم يرغبون فى الانتصار وينتهجون طرق لعب هجومية، فيتسبب اندفاعهم فى فتح المساحات ومنحه أقوى أسلحته، حيث الهجوم المرتد عبر أقوى ثلاثى هجومى فى العالم حاليًا «صلاح وفيرمينيو ومانى»، لكن عندما يفكر أحدهم (مانشستر يونايتد) فى اللعب بطريقة دفاعية وإغلاق المساحات أمامه، يجد المعضلة وتكون النتيجة سلبية.

هكذا هو الحال أمام صغار البريميرليج، يعانى ليفربول أمام الأندية المتكتلة، التى تقف فى منتصف ملعبها وتغلق المساحات، فتتعقد الحسابات والأمور مع كلوب، بينما يكون الأمر أكثر يسرًا عندما يفكر الخصم فى تبادل الاستحواذ وامتلاك الكرة ومباغتته هجوميًا.

هنا تكمن معضلة وصعوبة مواجهة ليفربول أمام روما، ففريق العاصمة الإيطالى ليس الفريق الهجومى، ومن الأندية التى تستطيع الدفاع بأشكال متنوعة، تمامًا كما فعل ليفربول أمام «السيتى»، فهو فريق يجيد تطبيق «الضغط العالى» كما فعل أمام برشلونة وفاجأ فالفيردى بخطف الكرة بمناطق متقدمة وشل محاولات البناء السليم للهجمة، وكذلك يُجيد الضغط العكسى عقب اختطاف الكرة منه، ويكون قويا جدًا حينما يدافع بشكل منظم واللعب بأسلوب دفاع فوق الوسط.

الأزمة باختصار أن ليفربول سيواجه فريقًا يُشبهه كثيرًا فى ملحمته الأخيرة أمام السيتى، فريقًا يمتلك نفس الأدوات والقدرة على التنظيم الدفاعى إذا أراد، فريقًا لا يُحب امتلاك الكرة والاستحواذ عليها بنسبة ٧٠٪ كما يفعل السيتى وبرشلونة وتوتنهام، فيجد كلوب المساحات، بل يحب التأمين الدفاعى أولًا، والهجوم بأقل عدد واستغلال بعض نقاط القوة لديه لصناعة الفارق.

محمد صلاح وساديو مانى، أفضل جناحين فى العالم حاليًا، يستطيعان استغلال المساحات، ويكون عقابهما جاهزًا، لكنهما يعانيان كثيرًا إذا وجدا دفاعًا متكتلًا ومساحات مخنوقة، وفريقًا يلعب بمنظومة ضغط جماعى طوال الوقت، حيث يمتلك قوة بدنية جبارة، وهى نقطة القوة الأساسية لدى الطليان، إذ يؤمن جميعهم بأن القوة البدنية وامتلاك معدلات الجرى العالية تمنحك القدرة على اللعب بأى أسلوب واستبدال الطريقة فى أى وقت.

أهم مميزات الفريق الإيطالى، التى أظهرها المبدع إيزيبيو دى فرانشيسكو، فى مواجهتى برشلونة، هى المرونة التكتيكية والقدرة على انتهاج أكثر من طريقة لعب، والأهم من ذلك هو إيمان العناصر جميعًا بأفكار مدربهم، وثقتهم الكبيرة فى قدرته على تحقيق الكثير.

فى الأساس يعتمد دى فرانشيسكو على طريقة ٤٥١، وحولها فى العودة أمام برشلونة إلى ٣٥٢، لكنه فى النهاية يراهن على الكثافة العددية فى الوسط والمناطق الخلفية، ويكون التسجيل فى مرمى الفريق، خاصة على ملعبه، لأن ضيق عرض الملعب أمر صعب.

بالتأكيد لن يلعب مدرب روما بمهاجمين صريحين فى مباراة الذهاب، وسيكتفى بدجيكو وحيدًا فى المقدمة، لكنه وبعد معركة الأولمبيكو الأخيرة ربما يستمر فى الاعتماد على ٣ قلوب دفاع فى مباراة الذهاب، مع الدفع بظهيرى جنب دفاعيين بشكل صريح، ويحول فلورينزى إلى لاعب وسط لتتحول الطريقة إلى (٥٤١)، بـ٣ قلوب دفاع وظهيرى جانب، ودى روسى فى قلب الارتكاز أمامه ٣ لاعبين بأدوار مزدوجة هجوميًا ودفاعيًا خلف المهاجم الوحيد دجيكو.

ناينجولان «القلب النابض».. دجيكو «محطة فضائية».. دى فرانشيسكو يراهن على الكرات الثابتة.. والضغوط النفسية أقل من الريدز

كما أوضحنا يستطيع الفريق الإيطالى أن يدافع بكثافة عددية بانتهاج أكثر من طريقة لعب، ويتحول من شكل إلى آخر، حسب معطيات الخصم ومتطلبات المباريات، لكن ماذا عن الشكل الهجومى؟.

يعتمد دى فرانشيسكو على ٣ أفكار رئيسية فى الأسلوب الهجومى، الأولى عن طريق صانع ألعاب وقلب الوسط النابض «ناينجولان»، الذى يستطيع بتمركزه دائمًا فى المساحات الميتة بين قلب دفاع ووسط الخصم أن يصنع كل الخطورة عندما تغيب الرقابة، وهو ما فعله أمام برشلونة عندما كان دائمًا يسعى للتمركز بين بوسكيتس وراكيتيتش من جهة، وبيكيه وأومتيتى من جهة أخرى، ويكون محطة مهمة لصناعة اللعب أو إرباك الخصم فى التمركز عندما يفكر أحد قلوب الدفاع فى الخروج لرقابته.. فكيف يواجه كلوب هذا الأمر؟.

كلوب ذكى للغاية، ويعرف أهمية إغلاق المساحات الميتة بين الخطوط، وأفسد هذه الفكرة على بيب جوارديولا بورقة محور الارتكاز إيمرى تشان، وبعده إنديرسون، ثم أخيرًا فينالدوم، فشاهدنا ذكاءه فى تحريرهم من رقابة لاعب بعينه، وتكليفهم بالتواجد فى المنطقة العرضية أمام قلبى الدفاع والظهيرين لسد أى مساحة يمكن أن يتواجد فيها أحد لاعبى الخصم، وهكذا يستطيع أن يقتل ورقة ناينجولان التى يمتلكها دى فرانشيسكو.

ثانى الأفكار التى يعتمد عليها المدرب الإيطالى هى الأطراف، وفكرته قائمة على فتح المساحات عن طريق الانتشار بعرض الملعب، خاصة عندما يعتمد على ٣ قلوب دفاع، فيمنح لاعبى الأطراف حرية التقدم هجوميًا بالتواجد على الخطوط، وتدفع هذه الطريقة ظهيرى الجانب فى الفريق الخصم للخروج على الخط لمقابلتهم فتظهر مساحات العمق، أو يظلان فى مناطقهما فتكون المساحة على الأطراف، وهذا يمثل عبئا كبيرا، يتطلب جهدا بدنيا جبارا من الجناحين ساديو مانى وصلاح ومن لاعبى الوسط تشامبرلين وميلنر أو فينالدوم، إذا لعب فى هذا المركز.

كما يراهن دى فرانشيسكو على الكرات الثابتة واستغلال طول قامات لاعبيه، سواء المدافعين أو لاعبى خط الهجوم.

ثالث وأهم الأفكار، هى الاعتماد على المحطة الفضائية وأطول مهاجمى العالم دجيكو، الذى كان نقطة قوة فى ملحمة البارسا، فيراهن المدرب الإيطالى على إرسال الكرات الطولية لقدرة دجيكو على الاستحواذ والسيطرة على الكرة فى مناطق متقدمة تنقل الفريق للثلث الأمامى دون إرهاق، وهو الأمر الذى افتقده بيب جوارديولا فى معركة الليفر الأخيرة عندما تعرض للضغط المتقدم من مهاجمى الليفر، فلم يجد المهاجم الصائد للكرات الطولية، مثل دجيكو، بحكم التراجع البدنى لخيسوس العائد من الإصابة.

هنا ستكون مهمة لوفرين وفان ديك صعبة للغاية، وتزداد تعقيدًا حينما يدفع دى فرانشيسكو فى الأوقات الحاسمة بمهاجمين صريحين، هما تشيك إلى جوار دجيكو، لممارسة عملية الضغط بالمناطق المتقدمة ومحاولة خطف الكرة بالأمام من جهة، أو تكوين محطات وكثافة عددية كبيرة فى الثلث الأخير، فيتمكن من صناعة فرص تهديف.

مواجهة معقدة بكل الحسابات، روما خصم لا يحبه يورجن كلوب، ويجد لاعبوه صعوبات كبيرة أمام تلك الأندية، وأمام الأساليب الدفاعية التى يتبعونها، وأمام قدرتهم على عملية التحول الهجومى بأقل عدد من اللمسات، وبأقصر الطرق إلى المرمى.

ضف إلى ذلك أنك ستواجه فريقًا لا يُعانى أى ضغوط، فإذا ودع البطولة من هذه المحطة لن يلومه أحد فى العالم، بينما سيكون ليفربول محل انتقادات إذا خرج أمام روما بعدما أبهر العالم وأقصى أفضل المدربين والأندية، ومن هنا يدخل كلوب ورجاله محملين بضغوط كبيرة تجعل العامل النفسى فى صالح الكتيبة الإيطالية التى تدخل بمعنويات وطموحات لا حدود لها، ولا تمتلك أى مخاوف من الخسارة، وهذا أصعب خصم يمكن لفريق أن يواجهه، لذلك نقول بكل تأكيد: «عفوًا.. روما ليس أسهل الخصوم».

أهم أخبار الرياضة

Comments

عاجل