المحتوى الرئيسى

الإعلام لا يصنع واقعا | المصري اليوم

04/16 01:56

فى أوج سطوع نجم الحزب الوطنى الديمقراطى قبل يناير 2011، وهو الحزب الذى لم أنتم إليه يوما، جاءتنى مكالمة تليفونية من أحد قادته طالبا لقاء عاجلا. دعوته على القهوة فى مكتبى، ودار بيننا حوار مضمونه ما يلى. قال ضيفى الكريم إنه قد انتهى توا من اجتماع مصغر لقادة الحزب، وإن الرأى السائد كان أن الحزب يحقق نجاحات باهرة، وإن حالة عدم الرضا الشعبى ترجع إلى خلل فى تسويق هذه النجاحات. وكان سؤال ضيفى مباشرا: هل ترى صحة هذه المقولة؟ وكان تعليقى، المباشر أيضا، أن النظام لديه مشكلتان، وليست مشكلة واحدة: المشكلة الأولى فى البضاعة التى يبيعها، والمشكلة الثانية فى الطريقة التى يتم تسويقها بها.

فى محاولة للاستفادة من هذه التجربة، دعونا نتساءل: ما هى العيوب الأساسية للسياسات الاقتصادية لحكومة أحمد نظيف؟ وما الذى شاب طريقة تسويقها؟ وإلى أى حد تختلف الأمور الآن؟

بالنسبة للسياسات الاقتصادية، لا يخفى على أحد أن الهدف الرئيسى لحكومة نظيف كان تحقيق معدلات نمو مرتفعة، اعتمادا على القطاع الخاص واقتصاد السوق، مع توفير قدر من الحماية الاجتماعية. والحق يقال إن هذه السياسات نجحت فى تحقيق معدلات نمو مرتفعة، وصلت 7% عام 2007. إلا أن هذا الإنجاز صاحبته عدة مشاكل، أولاها أن عوائد النمو لم يتم توزيعها بعدالة. ثانيا، أن المنظومة كانت تحابى المقربين من النظام، وليس كل مجتهد من رواد الأعمال. وأخيرا، اتسم النظام باختلاط رأس المال بالسلطة، مما ساعد على تفاقم شبهة تعارض المصالح.

أيا كان الأمر، لم يكن من السهل على القائمين على تسويق هذه البضاعة إقناع المصريين بنجاحها للأسباب التى تمت الإشارة إليها توا. فضلا عن ذلك، اتسم تسويقها إعلاميا، عدا حالات استثنائية، بالانتقائية، والمغالاة فى إظهار الإيجابيات، وتواضع المهنية. باختصار، أخفق الإعلام لأن البضاعة كانت معيبة فى بعض جوانبها، إضافة إلى تواضع الصدق والمهنية فى التناول.

ماذا عما يحدث الآن؟ بالنسبة للسياسات الاقتصادية، لا شك أن السنوات الأربع الماضية كانت حافلة بالإنجازات، أهمها التوسع فى البينة الأساسية (من كهرباء وطرق وكبارى وأنفاق)، والقيام بعدد من المشروعات الكبرى، والبدء فى معالجة اختلالات الموازنة العامة والسياسة النقدية، والتوسع فى برامج الحماية الاجتماعية، آخرها شهادة «تأمين». فى المقابل تواضعت الإنجازات فيما يتعلق بالاستغلال الأمثل للموارد والأصول المتاحة، والتحول الهيكلى نحو القطاعات مرتفعة الإنتاجية، وإدماج القطاع غير الرسمى، وتوسيع وتحسين مظلة التأمين ضد المخاطر، خاصة المعاشات والبطالة، وإحداث نقلة نوعية فى الخدمات الصحية والتعليمية لتفعيل مبدأ تكافؤ الفرص. كل هذا يعنى أن المهام الملقاة على عاتق الحكومة فى الفترة الرئاسية الثانية لا تقل جسامة عما سبقها، ليس فقط لأن الإصلاحات المطلوبة أكثر صعوبة فنيا، ولكن أيضا لتفادى المشاكل الأخرى التى صاحبت حكومة أحمد نظيف.

فيما يتعلق بتسويق ما تم وما لم يتم على أرض الواقع، أظن أن الوقت قد حان حتى يقلع الإعلام عن أسلوب ثبت عدم فاعليته فيما مضى. هذا الأسلوب مازال يمارس يوميا، كما تشهد عليه ثلاثة أمثلة كاشفة لعناوين تصدرت صحافتنا فى الفترة الأخيرة:

■ موازنة هذا العام أكبر موازنة فى تاريخ مصر (تحديدا تريليون و412 مليار جنيه). هل المقصود بهذا العنوان أن هذا إنجاز غير مسبوق، وهل هذا صحيح إذا تم تقييم الموازنة بالأسعار الحقيقية، أى بعد استبعاد أثر التضخم؟

■ وصل الاحتياطى النقدى من العملات الأجنبية لدى البنك المركزى إلى 42.6 مليار دولار. هل كان هذا بسبب تزايد قدرتنا على توليد العملات الصعبة، أم أنه نتيجة الزيادة فى الاقتراض العام؟

■ بلغت الزيادة فى أجور العاملين فى موازنة هذا العام 27 مليار جنيه. هل هذا الرقم كبير أم صغير؟ وما هو نصيب الفرد فيه؟ وهل تفوق الزيادة ما هو متوقع من زيادة فى الأسعار؟

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل