المحتوى الرئيسى

جولة| «النور مكانه فى القلوب».. كفيفات «النور والأمل» ينسجن من الظلام إبداعا

04/15 23:13

«زينب».. العضوة الكبرى فى أوركسترا النور والأمل: «السيسى طلبنا بالاسم»

على بعد خطوات من شارع أبو بكر الصديق بمصر الجديدة، تجد معرضًا يحوى العديد من الأعمال اليدوية المصنوعة بمزيج من الحب والإتقان، ينتابك السحر من التنفيذ الدقيق للمنتجات سواء كانت الملابس أو الأعمال الخشبية، يمتزج شعور السحر بالصدمة فور معرفتك أن من نفذ تلك المنتجات من بدايتها إلى آخرها كفيفات جمعية النور والأمل.

تأسست الجمعية على يد السيدة إستقلال راضى، التى عملت فى الهلال المصرى لفترة طويلة من حياتها، قادها شغفها بمساعدة ذوى الإعاقة خصوصًا الكفيفات لإنشاء الجمعية عام 1954، كأول مركز فى العالم العربى لرعاية ودعم وتأهيل الكفيفات ودمجهن فى المجتمع.

تقول السيدة نصرة النجار، المديرة التنفيذية للجمعية، إن هناك ثلاثة شروط يجب أن تتوافر فى البنت لكى يتم قبولها فى الجمعية، وهى أن يتراوح عمرها من 13-35 عاما، وأن تكون الفتاة كف بصرها كاملا، وأن لا تمتلك إعاقة مزدوجة، وبعد قبولها يتم تدريبها أسبوعين فى أقسام الجمعية المختلفة بدءًا من القش والسجاد إلى التريكو والخياطة، الفتاة فى ذلك القسم ستُكمل فيه لمدة عامين مقابل 300 جنيه شهريا.

تضيف «النجار» لـ«اليوم الجديد»، معظم الفتيات اللاتى يجئن إلى الجمعية متسربات من التعليم، لذلك يتخذن العمل اليدوى كوسيلة للتخلص من الظلام والاعتماد على النفس، ولكن إذ أحبت الفتيات إكمال تعليمهن، تدعمهن المؤسسة حيث تُعلمهن طريقة برايل خلال السنتين، وتنضم لفصول محو الأمية، وتمتلك الجمعية مجموعة كبيرة من النماذج المُشرفة كالدكتورة سعيدة، التى تعمل حاليا فى جامعة قناة السويس كأستاذة دكتورة، حيث وصلت لذلك بعد عملها فى القش، داخل الجمعية وبعد ذلك التحقت بفصول محو الأمية ووصلت لهذا المنصب.

بعد انتهاء عامى التدريب، تتحصل الفتاة على شهادة الـ5%، بالإضافة إلى إمكانية عملها فى الجمعية والحصول على راتب عادى كمبصرة.

تقول السيدة نصرة، إن تمويل الجمعية قائم على التبرعات بالإضافة إلى المعرض الدائم لمنتجات جمعية النور والأمل، والذى يحوى مشغولات يدوية وقطعا منزلية، وأطباقا وحقائب نسائية، وعلب مكياج ومطابخ وكراسى ومنضدات.

أوركسترا النور والأمل.. الإحساس يعزف أجمل الألحان

دعت السيدة إستقلال راضى عام 1961 الدكتورة سميحة الخولى، رئيسة الأكاديمية المصرية للفنون سابقا، للتعاون فى إنشاء معهد موسيقى جمعية النور والأمل على أسس علمية وأكاديمية حيت تدرس طالبات معهد الموسيقى فى الوقت نفسه المواد الدراسية المقررة بمدارس التعليم المُختلفة، صباحًا والموسيقى مساءً.

تتعلم الفتيات عزف أدوارهن فرادى ويتلقين التدريب مرتين أسبوعيا، بعزف الموسيقى الكلاسيكية الغربية بالإضافة إلى الموسيقى الشرقية المتطورة، ويشمل الأوركسترا أنواع الآلات الموسيقية الأربع: الوترية والنفخ الخشبية والنحاسية والإيقاع.

كان لـ«اليوم الجديد» لقاء مع كبرى عضوات أوركسترا النور والأمل، السيدة زينب إبراهيم، تقول: حفلتنا مع الرئيس جاءت عن طريق واسطة من أحد الصحفيين الذين جاؤوا لتصوير حوار مع الأوركسترا، تفاجأنا بعد ذلك بحضور حفلة بفندق الماسة والعزف فيها، وقالت أحد الفتيات المنظمات لنا «السيسى طلبكم بالاسم».

وتضيف السيدة زينب أن الفتيات كانت سعيدة بلقاء الرئيس حيث تعجب من وجود فريق مثلنا فى مصر، وأكد لهن أنه لن ينساهن.

تكمل زينب حديثها، سافرنا إلى بلاد كثيرة، مثل النمسا والأردن والكويت ولندن والسويد وقطر والمغرب وتايلاند واليونان وفرنسا وسويسرا وكندا والتشيك والهند والمجر.

أعادت زينب الفضل للسيدة آمال فهمى فى شهرة فريق أوركسترا النور والأمل «كانت بتنحت فى الصخر عشان نوصل».

تسترجع زينب كواليس انضمامها للأوركسترا، «كنت حاسه إنى فى بحر، كل واحد بيعزف بارت معين» أدى ذلك إلى هروبها من الأوركسترا، ولكن مع إقناع أستاذها، حاولت مرة واثنتين وثلاثا حتى وصلت للعزف الصحيح.

منى، عضوة أخرى من فريق الأوركسترا وخريجة آداب قسم تاريخ، تقول «أنا كنت مولودة باشوف شوية وبعدين وأنا عندى 3 سنين جالى ميه زرقا، وأنا عندى 6 سنين عملت نضارة، والدكتور شجع ماما إنى أدخل مدرسة النور والأمل ولما لقتنى بحب الموسيقى دخلتنى معهد الموسيقى بعد الظهر، بعزف فيولا، و«الناس بتقابلنى فى الشارع يقولولى إنتى بتعزفى حلو قوى» تحلم منى بوصول فريقها إلى العالمية، فهو ملاذهم الوحيد بعد فقدان أبصارهن.

- جولة داخل أقسام «النور والأمل» الأربعة

داخل قسم القش، تصطف 45 سيدة حول مجموعة من الطاولات الخشبية، يصنعن بحب مجموعة من المشغولات الخشبية التى تتنوع بين قواعد كراسى الأطفال الهزازة، وصناديق المهملات، وعلب الشوك والسكاكين والملاعق، وحوامل الهواتف وغيرها.

تجلس فتاة تبلغ من العمر 30 عامًا فى وسط زملائها وتدندن بصوت عذب «بص فى قلبى يا عيون قلبى .. شوف كام حاجة بتستناها»، تتحدث لـ«اليوم الجديد» فتقول: «إنها تحب القش لأنها تستطيع تقديم أشكال كُثر فى هذا الفن بإلاضافة لأنها الصناعة الوحيدة التى استطاعت أن تسير فيها، على حد قولها».

بداخل غرفة السجاد، تقول المسئولة عن تدريب الفتيات إنها تقوم بتعليم الفتيات الفرق بين الصوف والقطن كبداية أساسية لتعلمهن فن السجاد، ثم تجلس على النول لتتعلم العقد وتقف بجانبهن أثناء عمل السجادة كاملة، حيث تقوم برسم شكل السجادة وتبدأ معهن فى النول.

تقول هالة، إحدى عضوات قسم القش، بدأت هنا منذ عشر سنوات، حيث وجدت إعلانا للجمعية فى إحدى القنوات التليفزيونية، وجئت للانضمام إليهن وبقيت عامين كاملين فى التدريب وأحببت السجاد جدا ووصلت لمرحلة إنهاء سجادة كاملة بمفردى بدون مساعدة أى أحد.

تجلس فريدة بداخل غرفة التريكو على ماكينة فى ركن بمفردها، جاءت فريدة من الريف لتلتحق بجمعية النور والأمل عام 1980، وتعيش بالدار الخاصة بالمغتربات التى توفرها الجمعية.

تقوم بضبط الآلة وتجلس طوال النهار لتنهى قطعة ملابس واحدة، تحلم فريدة كغيرها من بسطاء الريف بالحصول على عمرة صغيرة وختم القرآن الكريم.

أمينة، داخل قسم الخياطة، تقوم بتطبيق الملابس وتغليفها ووضعها فى الأكياس الخاصة بها، «جئت الجمعية عن طريق الأستاذة سعاد فى محو الأمية»، وانضممت فى البداية إلى قسم القش ولكن بعد العملية جرحت عينى بسببه ولذلك انضممت إلى الخياطة وأنا هنا من وقتها.

- مكتبة جمعية النور والأمل.. 42 عامًا من التراث

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل