المحتوى الرئيسى

وليد عونى: أعتمد على الجرأة فى توصيل رسالتي الفنية

04/15 21:20

جاء إلى مصر منذ 25 عاماً قاصداً الأوبرا المصرية، ليس طمعاً بشهوة الشهرة أو فى جنسية أخرى، فهناك وطنه لبنان، وبلجيكا التى تعلم فيها، وفرنسا التى عمل بها، ولكن حبه لبلاد الشرق الذى يجرى بدمائه قاده لترك بلاد أوروبا بعد أن مكث فيها سنوات طوال، نهل خلالها من ثقافات متعددة ومتشعبة وعميقة، ليقدم فناً مختلفاً ومغايراً عن فنون المسرح، ومؤخراً تم تكريمه فى المسرح الكبير بدار الأوبرا بمناسبة مرور 25 عاماً على تأسيسه فرقة الرقص الحديث.

هو الفنان وليد عونى الذى تحدى الصعاب، وجعل من المعوقات طاقات إيجابية، ومن الألم قوة، ليصنع لنفسه مكانة خاصة تتجاوز حدود النص، نظراً لما قدمه من أعمال وموضوعات غير تقليدية فى عالم المسرح المعاصر، خرج فيها عن المألوف واتبع الغموض والأفكار الجريئة، حتى أصبح مدرسة تُدرس أعماله فى المعهد العالى للباليه.

جعل «عونى» من الرقص أداة يعبر من خلالها عن هموم المجتمع، مثلما يعبر الرسام بريشته، والصحفى بقلمه، والعازف بآلته، فأعماله حملت حالة سياسية خاصة.

احتضنت مصر فنه، ومنحه فاروق حسنى وزير الثقافة السابق إشارة البدء فى تأسيس فرقة الرقص المسرحى الحديث فى مصر.

غاص فى أعماق أدباء مصر وفنانيها المخضرمين، منهم الأديب نجيب محفوظ، والمخرج شادى عبدالسلام، والمخرج يوسف شاهين، وقاسم أمين، والفنانة التشكيلية تحية حليم، وعبر عن أفكارهم وتوجهاتهم بالجسد والحركة.

وبمناسبة مرور 25 عاماً على فرقة الرقص الحديث، التقينا «عونى» داخل أروقة الأوبرا المصرية فى حوار خاص، كشف خلاله عن سر حبه لفن الرقص المسرحى، وعن التحديات التى واجهته فى مصر التى يعتبرها وطنه الثانى، وكواليس «إيكاروس» التى أبعدته عن مصر لسنوات، وأعادته إلى أحضانها مرة أخرى.. وإلى نص الحوار:

- جئت إلى مصر بدعوة من وزير الثقافة الفنان فاروق حسنى 1993، فكان من أشد المؤمنين بفنى، بعد أن تعرف علىّ وشاهد العروض التى قدمتها فى بلجيكا، فطلب منى تأسيس فرقة الرقص المسرحى بمصر.

- وجدت فى مصر سحراً خاصاً أعاد لى شرقيتى التى افتقدتها فى بلاد أوروبا، فاخترتها رحلة نجاحى وصعودى، فهى البلد التى احتضنتنى، واعترفت بى بعد ذلك كمصمم للرقص الحديث، أما عن رفض الجمهور لى فى البداية فكان شيئاً متوقعاً خاصة أنه

- الفشل شعور سيئ ومرير لا يشعر به إلا من ذاق مرارته، فقد استقبل الجمهور المصرى فنى برفض تام، وتمت مهاجمتى عندما قدمت أول عمل لى بعنوان «إيكاروس»، حينها شعرت بالفشل وقررت العودة إلى بلجيكا بناء على طلب الجمهور، ولكنى عدت إلى مصر عندما وجهنى أستاذى الكبير موريس بيجار قائلاً: «عد وتعلم ثقافة وتاريخ وحضارة البلد الذى ستختار أن تعيش فيه.. فالشرق بين يديك لتصبح أنت»، فحملت حقائبى وعدت إلى مصر، وعدت إلى المسرح لأستكمل الثورة التى بدأتها على خشبة مسرح الأوبرا المصرية، حتى أقتنع الجمهور بى وأعترف بفنى، ومن هنا أصبحت ابناً لمصر أغوص فى حضارتها ومجتمعها وفنونها وتاريخها.

- عدت إلى مصر وقدمت مزيداً من العروض المصرية، فقدمت الثلاثية «نجيب محفوظ، وشادى عبدالسلام، وتحية حليم»، كما قدمت محمود مختار، ونساء قاسم أمين، ومن ثم قدمت «الأفيال تختبئ لتموت» التى لاقت نجاحاً كبيراً، و«ليالى أبوالهول الثلاثة»، وغيرها من العروض التى نالت إعجاب الجمهور.

- هذا العرض تحديداً شاهد على نجاحاتى ولحظات انكسارى، فتجمعنى به ذكريات جميلة، فهو العرض الأول الذى حاربت به لكى أقنع الجمهور المصرى بفنى، والعرض ملم بالرقص المسرحى الحديث وبعروضه.

- حقيقى، أضفت إليه بعض التطورات الجديدة عليه، وهو ما لمسه الجمهور عند مشاهدته للعرض، والعرض مستلهم من الأسطورة اليونانية القديمة التى تحمل نفس الاسم، وتدور

- من أصعب الأعمال التى قمت بها عندما بدأت أمزج بين الفن التشكيلى والتعبير بالجسد، فقدمت أعمال تحية حليم، وشادى عبدالسلام، ومحمود مختار، ومحمود سعيد، فجميعها أعمال أفتخر بها.

- كما قلت سلفاً أى تغيير فى البداية يحتاج بعض الوقت حتى يتقبله الجمهور، ولا أنكر أننى قدمت أعمالاً وضعتنى فى موضع نقد وتشكيك من جانب النقاد والجمهور، ولكن فى النهاية أنا فنان لدى أفكار وتطلعات ووجهة نظر خاصة ربما هذا ما يميز فنان عن آخر، وفى النهاية نجحت فى إقناع الجمهور، وخير دليل على قولى إننى حصلت على أوسمة وكُرمت فى مصر تقديراً لمشوارى.

- بالطبع، الفن مرآة للواقع، والفنان يجب أن يستشعر آلام الناس ويعرض قضيته وغضبه للعالم، وأنا مصمم رقص لا أملك سوى الجسد والحركة فقدمت «تحت الأرض»، والذى تناول المجازر فى فلسطين والظلم، وقضية لبنان وأحداث 11 سبتمبر، و«بين الغسق والفجر» التى تعبر عن الحرب والسلم وغيرها من القضايا العربية.

- سعيد جداً بالطفرة الفنية التى شهدتها السعودية مؤخراً، فالدولة بلا فن أشبه بالصحراء الجرداء، أتمنى تقديم أعمالى فى دول الخليج، ربما غداً أو بعد أيام وربما أشهر أو سنوات لا أعرف، فمن كان يعتقد أن السعودية سوف تقيم حفلات غنائية على مسارحها يوماً ما بسبب التقاليد الصارمة والموروثات الثقافية لديهم.

- أستاذى ومعلمى موريس بيجار، عملت معه مصمم مناظر لمدة 9 أعوام تعلمت فيهم الكثير، فهو لا يقتصر دوره كمعلم، فكان بالنسبة لى الأب الروحى الذى يقف بجانب ابنه ويدفعه نحو الأمام، فهو الذى حمسنى للعودة إلى مصر واستكمال ما بدأته، وإقناع الجمهور المصرى بأفكارى.

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل