المحتوى الرئيسى

«التحرير» داخل شقة أول ضحية للعبة «التنين الأزرق» (صور)

04/15 16:59

الضحية جسدت مشهد الطيران في اللعبة الكارتونية فلفظت أنفاسها في الحال

ذهول وحزن وصمت ثم بكاء طويل، مشاهد صادمة تعيشها حارة مسجد الرحمن بكفر أبو صير بمنطقة المرج، ضاحية شرق القاهرة، إثر وقوع أول حالة انتحار للعبة جديدة تعرف بـ«التنين الأزرق»، كراسي العزاء ما زالت منصوبة في الشارع في انتظار وصول جثمان الطفلة إيمان من مشرحة زينهم ومن ثم دفنها بمقابر الأسرة.

ما إن تطأ قدماك الحارة الشعبية حتى تجد الجميع يهمسون «ربنا يرحمك يا إيمان.. أهلها ناس بتوع ربنا وأصحاب واجب.. ربنا يصبر أسرتها».

«التحرير» زارت مسرح الجريمة المأساوية التي شهدت الضحية الأولى للعبة المميتة التي تعرف باسم «التنين الأزرق»، وتجولت في شقة الضحية.

انتحرت إيمان أحمد جمال، صاحبة السنوات العشر، شنقا داخل شقتها، لفت «طرحة» أمها حول رقبتها وصعدت أعلى الأنبوبة وربطت الطرف الآخر من «الطرحة» في مسمار، وانتحرت شنقا تجسيدا للعبة التى سيطرت على عقلها منذ أيام.

تقول عمة الضحية، آيات جمال: «احنا بنعزى الناس كلها، عمرنا ما تخيلنا إن حد ييجى يعزينا في بنتنا الصغيرة.. عمرنا ما تخيلنا إننا نعمل عزاء لإيمان »، تصمت قليلاً ثم تعاود حديثها، موضحة أن زوجة شقيقها توجهت إلى السوق وشقيقها كان في عمله، لتوفير نفقات المعيشة، وإذا بالجميع يصطدم بخبر انتحار إيمان.

«أمها راحت السوق ابن خالها كان بيلعب معاها، قالته انزل العب تحت، جت أمها من السوق لقتها متعلقة في مسمار قدام المطبخ»، تقول آيات، موضحة أنهم عثروا على الطفلة وقد ربطت طرحة خاصة بأمها حول رقبتها وشنقت نفسها في مسمار، ووجدوا أنبوبة بجوار المطبخ وجثة إيمان ملقاة على بطنها و«الريم» يتساقط من فمها.

«هى راحت لربنا اللى أحسن من الكل، بس الواحد مش عارف يقول إيه.. رحنا القسم 3 مرات امبارح وسألونا وكانوا شاكين إن حد دخل الشقة يسرق وشنق البنت عشان يتخلص منها، لكن الحقيقة مش كده خالص»، تشير عمة الضحية.

تستكمل حديثها والدموع بدأت تتساقط منها بمجرد تذكرها صورة ابنة شقيقها: «فيه لعبة جديدة اسمها التنين الأزرق العيال الصغيرة بتتفرج عليها فى التليفزيون عبارة عن كرتون وفيه منها على النت برده، العيال بيعملوا اللى بيشوفوه في اللعبة، وإيمان ماتت بسب كده.. يا ريت يبقى فيه توعية للناس وأولياء الأمور عشان الكل يخلى باله ويحافظ على عياله».

وفجرت العمة مفاجأة حين أوضحت أن ابن شقيقتها الأخرى، عبد الله، حاول يجسد الأسبوع الماضى ما فعلته إيمان ابنة خاله، حيث قام بدق مسمار وعلق نفسه فيه لولا إنقاذه في اللحظات الأخيرة بمعرفة أمه، وعاقبوه بعدها جراء ممارسته ما يشاهده في اللعبة.

عبد الله، طفل صغير، ابن عمة إيمان الضحية، قال إنه وقبل نحو أسبوع «علق نفسه فى مسمار دقه فى الحيطة بنفسه، وربط حبلا حول رقبته وأمه زعقتله وضربته».

وجسد لنا «عبد الله» ذات المشهد الذى أقدمت عليه إيمان ابنة خاله، وأوضح أنه دخل مع زوجة خاله وكان من المشاهدين لجثة إيمان، «لقيتها مرمية على الأرض ولفة الطرحة حول رقبتها ووشها أزرق وجسمها كان متلج»، يعلق عبد الله.

وتابعت آيات عمة الطفلة الضحية: «أبوها اشترى ليهم مروحة عشان الصيف دخل والجو حر، بعد ما إيمان قالتله يا بابا عايزين مروحة اشتراها وكان لسه هيركبها النهارده، ربنا يصبرنا على فراقها».

توجه والد إيمان وأمها إلى مشرحة زينهم لاستلام جثة فلذة كبدهما، بعد قرار وكيل النيابة مساء أمس بتشريحها، هاتفيا قال والد إيمان، أحمد جمال في كلمات مختصرة حزينة لـ«التحرير»: «إحنا عايزين الناس كلها تعرف خطورة اللعبة دى.. دى لعبة مميتة.. ليه يشرحوا البنت ما احنا قلنا ليهم إنها ماتت بسبب اللعبة دى.. معقولة يعنى حد هيشنق طفلة زى دى بالطريقة اللى انتوا شفتوها دى.. لكن طالما ده في مصلحة التحقيق ماشى.. قلبنا بيتقطع يا ناس.. يا ريت الحكومة توعي المواطنين عن خطورة اللعبة دى والإعلام كمان يتحرك.. عشان مانلاقيش ضحايا تاني».

«ده إسدال كانت بتلبسه إيمان تروح تجيب فيه العيش من الفرنة»، تمسك عمة الطفلة بملابس ابنة شقيقها، وتبكي: «مين هيلبس هدومك تاني يا إيمان.. رئيس المباحث بيقول لأمها في إهمال منك.. أمها كانت فى السوق يا عالم تجيب لهم الأكل وأبوهم طفحان الدم عشان يوفر لهم المصاريف.. نعمل إيه تاني».

«لهذه الدرجة تسيطر ألعاب الكارتون على عقول أبنائنا»، تتساءل العمة، مطالبة بضرورة غلق هذه القنوات التي تعرض وتبث تلك الألعاب الخطرة، "إحنا ماكناش مصدقين إن البنت ممكن تموت بالطريقة دى لحد ما شفناها بعنينا شنقت نفسها بالطرحة فى المسمار".

إيمان هى الطفلة الوسطى لأبيها وأمها، يكبرها شقيقها يوسف 14 سنة، وتصغرها نور وبشرى التوأم، أصحاب السنوات الخمس، رحلت إيمان وتركت الحسرة لأسرتها والبيت الذى بات ممتلئا بمشاهد الندم والوجع، جراء فراق فلذة كبدهم.

اطلعت «التحرير» داخل شقة عمة إيمان بمعرفة عبد الله، ابن عمتها، على اللعبة التي يتم بثها على قناة شباب المستقبل وماجد، حيث أمسك الطفل الصغير بالريموت وتجول بين المحطات وأطلعنا على اللعبة، وهى عبارة عن مشاهد كارتونية.

لفت عبد الله ابن عمة إيمان، في حديثه قائلاً: "لو ماعملناش اللى بيقولولنا عليه فى اللعبة بيهددونا بموت أبونا وأمنا»، والتقطت أمه أطراف الحديث مستكملة: «ابنى كان بيمشي على خشب في الشقة وبيعمل حاجات غريبة، والأسبوع اللى فات كان هيموت بسبب اللعبة دى، التنين الأزرق، زى بنت خاله بالظبط لولا ستر ربنا».

يؤكد عبد الله: «لو ماعملتش اللى بيقولك عليه في اللعبة بيهددوك إنهم هيموتوا أبوك وأمك »، وكررها الطفل ثلاث مرات.

«أم إيمان تحتفظ بصورة طفلتها الضحية، بين طيات ملابسها، وتوجهت بها إلى المشرحة، رافضة إعطاءها لأحد، ربنا يصبرها ويكون في عونها.. منهارة من امبارح ومش قادرة تتكلم من كتر العياط والصويت»، تقول عمة ايمان وشقيقتها الأخرى.

عم سيد، حداد يسكن بالشارع الذى تقيم به إيمان، يقول: «عايزين نشوف توعية فى المساجد من اللعب اللى زى دي، أنا ليا عيال كبار سألتهم وعرفت إنها بتموت الأطفال.. ربنا يصبر جدك يا إيمان، ده صاحبى وحبيبى ويرزق أبوكى وأمك الصبر يا حبيبتى».

ويضيف: «يا ريت نشوف الشيوخ بتخطب في المساجد عن خطورة اللعبة دى.. حرام البنت اللى ماتت دى»، وتابع أن أسرة إيمان مشهود لها بالاحترام وحسن الخلق ومشاركة جيرانهم فى السراء والضراء.. هنعمل العزاء إن شاء الله النهارده بعد ما ندفن البنت».

محمد جمال، عم الطفلة الضحية، لم يستطع الحديث وعلق أنه مع شقيقه لتسلم جثة ايمان، في حين علق أحمد عصام: «الحكومة عمالة تطلع في قرارات.. طب ما زى ما بيتكلموا فى أى حاجة مش مهمة يتكلموا برده فى الحاجات اللى بتموت ولادنا زى اللعب دى».

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل