المحتوى الرئيسى

قصة تاريخ 'الشيشة' في قاهرة المعز.. من الجوزة إلى العجمي

04/14 17:30

الشيشة أو النرجيلة كما يطلق عليها بالعربية لا يخلو مقهى بشوارع المحروسة منها، فبمجرد أن يجلس الزبائن بالكافيهات والمقاهي الشعبية يسرعون إلى طلب الشيشة يطلقون دخانها الكثيف في الهواء تنفيسًا عما بداخلهم كما يعتقد البعض، فتدخين الشيشة "مزاج"، فهناك من يطلب المعسل بكل أنواعه حسب رغبته في التلذذ بدخان من المؤكد أنه يضر بالصحة، ولكنه "كيف" يتشدق به البعض للهروب من هموم الدنيا أو في تسلية وإمتاع الذات.

ولكن لكل شيء أصل وحكاية ربما لا يعرفها الكثيرون فللشيشة قصة من قديم الزمان ولها تاريخ من عدة قرون وعقود.

يعرف الكاتب جمال الغيطاني "النرجيلة" في كتابه "ملامح القاهرة فى ألف عام"، بأنها كلمة مشتقة من لفظة "النارجيل" الاسم الذي يطلق على ثمرة جوز الهند، يمكن القول أن ترجمته الحرفية تعني "الجوزة" وهو الاسم الذي تعرف به النرجيلة الشعبية في مصر، لأنها كانت مكونة فعلًا من ثمرة جوز هند مفرغة، وتثقب مرتين، ثقب يوضع فوقه الحجر، وثقب تنفذ من خلاله أنبوبة خشبية يتم من خلالها استنشاق الدخان الذي يمر خلال الماء الموضوع في الجوزة نفسها.

ووصف الرحالة والعالم الدنماركي كارستين نيبور "الجوزة" المصرية، التي لم تتغير ملامحها حتى أوائل القرن الماضي، وعندما ارتفعت أسعار ثمرة الجوز استبدل بها كوز صفيح فارغ أو زجاجي، وهذا ابسط الأشكال الشعبية للنرجيلة، ويدخن بواسطة المعسل، وهو الدخان الممزوج بالعسل، ويعرف في المقاهي المصرية باسم "البوري" أو "المصرى".

ويقول كارستين نيبور إن العامة يدخنون الجوزة للتدفئة أيضا، ولكن النرجيلة الأنيقة التي تستبدل فيها الجوزة ببرطمان زجاجي فأن كارستين يطلق عليها النرجيل الفارسية، ويقول إن أثرياء فارس يتخذون هذه النرجيلة و كثيرا ما تكون مصنوعة من الفضة أو النحاس.

ويروي الرحالة نيبور أن مدينة شيراز الإيرانية كانت مشهورة بصناعة النرجيلات الزجاجية الأنيقة، واحيانًا كانت توضع فيها زهور مختلفة الألوان مثبتة من الداخل، والنرجيلات الفارسية كانت منتشرة في الهند أيضا حتى قرنين ماضيين.

وشرح الرحالة إدوارد لين، وصفًا أدق للنرجيلة في مصر قائلًا إن الشيشة كلمة فارسية وتعني زجاج، وهو الأسم الذي تعرف به النرجيلة الآن في مصر، وهذا الأسم نتيجة للوعاء الزجاجي الذي يملأ بالماء إلى قدر معين ليمر الدخان من خلاله، لافتًا إلى أن التدخين يتم من خلال انبوبة طويلة لينة "تسمى لي".

وكانت رواية إدوارد الذي سردها منذ 150 عاما او اكثر لم يتغير كثيرًا ، حيث كان يوجد في فترة الخمسينيات انواع عده من الشيشة وهي الشيشة العجمي و"الأذقان" نسبة إلى اللاذقية، وهندى ويمني وعدني، ولكن الآن تنقسم الشيشة في مصر إلى نوعين رئيسين هما الشيشة العجمي وهو نوع خاص من الدخان مصدره أيران أو تركيا، ويضع بكمية أكبر فوق الحجر ويلف بورقة تمباك، ويعتبر دخانها قاسيًا ويحتاج إلى صدر قوي، أما النوع الثاني فهو الشيشة "الحمى" وكمية الدخان فى الحجر هنا أقل، ونوعية الدخان اهدأ وهو النوع الأكثر انتشارًا الأن.

وبحسب ما يقصه الغيطاني في مؤلفه، كانت تصنع النرجيلات في منطقة مصر القديمة، حيث كان يوجد عدة متاجر متجاورة بشارع القصرين تبيع النرجيلات، وادوات التدخين من حجر وليات، وغيرها، وفي ثلاثينات القرن الماضي كان متوسط سعر النرجيلة من التبغ عشرة مليمات في مقاهي القاهرة، وفي الأربعينيات كان ثلاث قروش أي ثلاثين مليما، وخضع سعر النرجيلة للتطور ككل شئ في القاهرة حتى بلغ سعر النرجيلة الحمى عشرة قروش، والعجمي وصل إلى أربعين قرشًا أما الكيلو من التبغ الخاص بالنرجيلة فثمنه كان ثلاثين جنيهًا في منتصف القرن الماضي.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل