المحتوى الرئيسى

مصور يروي لـ"الوطن" حكاية صورة التقطها منذ 33 عاما: تحولت لأيقونة حرب لبنان

04/13 04:44

مصور صحفي حر في العشرينيات من عمره، لا يمتلك سوى كاميرته التي يغادر منزله كل صباح برفقتها، لربما يلتقط صورة تُرضي المسؤول عن مكتب الوكالة الأجنبية التي يتعامل معها، لكنه لم ينتظر المقابل المادي بقدر قراءة اسمه أسفل صورة منشورة له بجوار عبارة "وكالة الأنباء الفرنسية"، فهذا كفيل بأن ينسيه تعب يوم كامل ومال شحيح في ظل ظروف صعبة تمر بها بلاده.

"ماهر عطار"، المصور اللبناني الذي التقط قبل 33 عاما صورة لسمر بصحبة نسرين، وتحديدا في يونيو عام 1985، حيث كانت تلك الأيام تشهد بداياته في مهنة التصوير، ليلفت انتباهه مشهد سيدة لبنانية أثناء سيره في الشارع، تسكن مخيم صبرا وشاتيلا، أصيبت خلال الاجتياح الإسرائيلي قبلها بثلاثة أعوام، وهي ترضع صغيرتها التي حباها الله بها، لتسقط عليهما قذيفة فقدت على إثرها قدمها اليسرى والقدم اليمنى لرضيعتها.

"خيروا سمر بين بتر قدمها أو بتر قدم رضيعتها، وبكل حب كان الخيار الأول دون أي لحظة تفكير هو قرار الأم لإجراء عملية جراحية لابنتها التي رأى الأطباء أن نقل بعض عظام وألياف إليها من قدم والدتها سيجعل نسرين التي أتمت آنذاك عامها الأول منذ أشهر قليلة تحتفظ بيسراها"، حسب قول ماهر.

يصمت الرجل الخمسيني لبرهة، مسترجعا في حديثه لـ"الوطن" لحظة التقاط الصورة.. "كنا في توقيت وقف إطلاق النار، ولم أكن أعرف سمر من قبل، واستوقفني مجموعة من المسلحين واعتدوا عليّ بالضرب، لكن ما كان يشغل عقلي حينها الاحتفاظ بالكاميرا لأن صورة سمر وابنتها لن تتكرر، لاسيما وأنه لم يدر بيننا أي حديث".

"سمر كانت فاتحة خير، وأنا طلعت وهي نزلت"، بهذه الكلمات لخص ماهر فضل صاحبة الصورة عليه، حيث تصدرت سمر وابنتها الصفحة الأولى لصحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية نقلا عن وكالة الأنباء الفرنسية، ليوقع عقدا رسميا مع الوكالة في اليوم ذاته.

في الذكرى العشرين للحرب الأهلية وتحديدا عام 2005، كان يستقر ماهر في فرنسا، لتوجه له الدعوة من إحدى القنوات التليفزيونية كمصور لبناني شاهد على هذه الفترة التي مرت بها بلاد الأرز، ليبحث عن سمر طيلة عشرة أيام في أفقر مناطق توقع أن تكون قاطنة بها ليجدها بعدما فقد الأمل في ذلك.

"سمر" المحفورة صورتها في رأس ماهر، أصبحت قعيدة على سرير، محجبة، وظهرت على وجهها تجاعيد تؤرخ لحقبة صعبة للغاية مرت بها لبنان، فلم تعد تلك السيدة القوية رغم الإصابة التي كان يغازل الهواء شعرها كلما مر في محيطها، وحينما قالت له "أنا هي"، ليصاب ماهر بصدمة وتختلط المشاعر بداخله بين فرحته بالعثور عليها وحزنه على ما آل له حالها، ولم يجد إلا البكاء ونيسًا له، خاصةً بعدما كبرت نسرين وأصبحت "جبارة" - حسب قوله - ومنعته من الاقتراب من والدتها وهددته حال تصويره لها.

ذكريات الحرب، طغت عليها "حكاية سمر" في الحلقة التليفزيونية، بسبب حديث ماهر عنها، لتتحول إلى حلقة إنسانية وتكسب السيدة تعاطفا غير مسبوقٍ من قبل المشاهدين، إضافةً إلى سيل المتصلين الذين أعلنوا دعمهم وتبرعهم لصاحبة الصورة، ليعود إلى فرنسا في اليوم التالي، ويسمع خبرا سعيدا فور وصوله تلخص في تبرع أحد الأشخاص لها بمنزل يكفل لها حياة آدمية. 

يعود ماهر إلى لبنان مرة أخرى، وحين مروره بإحدى مناطق بيروت وجد "سمر" تتسول، ليقترب منها ويسألها "هل تعرفيني؟"، لكنها لم تتعرف عليه، فذكرها بنفسه، لتسرد له أسباب ما أوصلها لهذا الحال، حيث طردتها ابنتها من المنزل ولم يصلها أي تبرع وعدت به، لتتحول إلى متسولة منذ عام 2012.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل