مقابر القاهرة.. «صداع مزمن» فى رأس العاصمة | المصري اليوم

مقابرالقاهرة مازالت تشكل صداعا مزمنا فى رأس العاصمة التاريخية والحضرية وتشوه جسدها منذ عشرات السنين، هذه المقابر تشغل مساحة لا تقل عن 2019 فدانا وتقع فى مناطق حيوية بالمحافظة، يتقاسم فيها الأحياء العيش فى أحضان الموت مع من فارقوا الحياة، فى ظاهرة تكاد تنفرد بها مصر من بين دول العالم فيما يعرف باسم «مدينة الموتى».

كانت هناك محاولات كثيرة على مستوى الحكومة بنقل هذه المقابر من الحيز العمرانى الذى تتشابك معه إلى المناطق الصحراوية المجاورة وتحويل هذه المناطق إلى مساحات خضراء تشكل رئة نظيفة تمد القاهرة بالهواء النقى فضلا عن إقامة مشروعات استثمارية وأخرى سياحية ترتبط بطبيعة المنطقة القديمة والعريقة والتى تستفيد من الطابع التراثى المتمثل فى المقابر التاريخية التى ينتمى أغلبها إلى حقبة المماليك والأسرة العلوية التى حكمت مصر الحديثة منذ عهد محمد على باشا وأبنائه، إلى جانب مقابر المشاهير والفنانين الذين أثروا الحياة الفنية المصرية حتى صاروا جزءا من تراثها الحديث.

مسؤولون بوزارة الإسكان قالوا لـ«المصرى اليوم» إن الوزارة توقفت تماما عن مشروع النقل وإنها لا تعمل فى الوقت الراهن فى هذا الاتجاه، فى حين أفاد آخرون بأن الخطط والتصورات موجودة فى أدراج الوزارة وتنتظر من يأتى لينفض عنها الغبار ويضعها حيز التنفيذ.

كثير من التصورات، وأبرزها مشروع 2050، الذى توقف تماما، إلى الجانب الخطط الأخرى والتصورات التى وضعتها وزارة الإسكان وهيئة التخطيط العمرانى والجهاز القومى للتنسيق الحضارى، ومؤسسات دولية شاركت برؤيتها لعل أبرزها اليونسكو و«الجايكا» اليابانية وجامعة بوليتيكنيكو الإيطالية.

محاولات عديدة باءت بالفشل أو توقفت، فى حين تنتشر البلطجة والبناء المخالف للمقابر ومخالفات وضع اليد على الأحواش والاعتداء على المقابر الأثرية وإهمالها، بينما يعانى المفتشون بإدارة الجبانات من الاعتداءات والتهديدات، مما جعلهم يطالبون بالضبطية القضائية حتى يتمكنوا من ممارسة عملهم على الوجه الأمثل. «المصرى اليوم» رصدت الأزمة مع عدد من الجهات المسؤولة والخبراء، حيث يوجد كثير من المعوقات على رأسها التمويل وتوفير مناطق بديلة لسكان المقابر الذين يتمسكون بالحياة وسط الأموات..

خطط وتصورات عديدة ساهمت فيها أجهزة الدولة المعنية خاصة وزارة الإسكان ومحافظة القاهرة وجهات أخرى دولية، مثل منظمة «اليونسكو» وجامعة «بوليتيكنيكو» وهيئة «الجايكا» اليابانية، ترمى إلى نقل المقابر خارج القاهرة، فى إطار الشريعة والقانون واستغلال المساحات التى كانت مقامة عليها، فى مشروعات استثمارية وثقافية من شأنها أن تسهم فى تطوير وتحسين المظهر الحضارى لهذه المناطق إلى جانب الحفاظ على الجانب الأثرى والتراثى. المزيد

أكد عدد من خبراء التعمير والتنسيق الحضارى أن سكان المقابر يعانون من الإهمال، مطالبين بسرعة إنهاء ظاهرة السكن التى تجمع بين الأحياء والأموات، باعتبارها من أشد انتهاكات حقوق الإنسان التى تتزايد يوما بعد يوم، وشددوا لـ «المصرى اليوم» على ضرورة تعديل القوانين بما يسمح بإزالة هذه المقابر وإقامة مشروعات استثمارية على مساحاتها الشاسعة، وليس تخضيرها فقط. المزيد

بعد أن كان يستهدف تحويل القاهرة الكبرى إلى مدينة عالمية مثل طوكيو وسيدنى وباريس ودبى وشنغهاى.. تعرض المخطط الاستراتيجى للقاهرة 2050 للتجميد منذ ثورة يناير.

وتقرر وفقا للمخطط الذى تم وضعه فى 2007، إخلاء المناطق غير الآمنة بالقاهرة، وإزالة الكثافات السكانية العالية من المناطق العشوائية، ونقل مقابر القاهرة ما عدا الأثرية والتراثية منها، والتى تعرف باسم مدينة الموتى إلى مشارف المدينة وتخصيص هذه المساحة للحدائق والمساحات الخضراء. المزيد

قال المهندس محمد طه، مدير عام إدارة جبانات القاهرة، عضو لجنة «20- 30» إن البلطجة والجريمة بكل أنواعها تنتشر فى مناطق المقابر، منبها إلى أن المفتشين والفنيين الذين يتابعون المخالفات بهذه المناطق مهددون وغير مؤمن عليهم فى عملهم ولا يتمتعون بصفة الضبطية القضائية.

وأضاف طه، فى حوار لـ«المصرى اليوم»، أن هناك تشكيلات عصابية و«دواليب مخدرات» خاصة فى مناطق جبانات باب النصر وزين العابدين والإمام الشافعى والتونسى، مشيرا إلى أن هذه الجرائم تؤثر على عمل إدارة الجبانات فى رصد المخالفات بداخلها.

ونبه إلى أن الاستثمار العقارى دخل فى المقابر، وأنه السبب فى ارتفاع أسعارها، موضحا أن كل مقبرة لها سعر ولها قيمة ويتم تصنيف المنطقة إلى كلاس «إيه» وكلاس «بى» وكلاس «سى»، ويتراوح سعرها بين 50 و400 ألف جنيه حسب الطبقة الاجتماعية فى حين أن الفقراء يدفنون فى مقابر الصدقة. وانتقد طه استمرار أزمة الجثث التى تطفو فوق المياه الجوفية بسبب ارتفاع منسوب المياه فى بحيرة عين الصيرة الكبريتية.. وإلى نص الحوار: المزيد

انفوجراف يوضح حصر للجبانات والمدافن بجميع مناطق القاهرة