المحتوى الرئيسى

مهران نزار غطروف يكتب: الحرب السورية ... من الصراع إلى تسوية الأوضاع

04/12 12:21

بدأت لعبة الأمم على الساحة السورية بشن عدوان تكتيكي ممنهج، اعتمد الفوضى الخلاقة نظرية استراتيجية له بشكل أساسي، أدارت هذا العدوان أشهر أجهزة المخابرات العالمية والإقليمية، وكانت خطوة إظهاره على هيئة انتفاضة شعبية ضمن موجة انتفاضات تعم المنطقة، شارة البداية لانطلاق شرارة هذه الحرب.

ونظرا للتطورات المستجدة على ساحة الصراع السورية، من المفيد الوقوف على المنهجية التي اعتمدتها جبهة المواجهة السورية، ضد أطراف العدوان، من خلال مسارات استراتيجية عسكرية - سياسية  إصلاحية انتهجت بدقة، وجسدت بقبول كافة المبادرات المطروحة، حفاظا على الوطن وحقنا لدم الأبرياء من أبنائه، مع إطلاق العجلة الإصلاحية في مختلف المجالات، وبمبدئية راسخة في حفظ الكرامة الوطنية مهما كانت الأثمان.

مع هذه المسارات بدأ العمل على صناعة مثلث يضم تقاطعات المدن الكبرى الأساسية، والتي تشكل الثقل الأساسي، والضاغط أمنيا وسكانيا، ترتد خسارته سقوطا فانقساما، في حال عدم إنهائه واستعادت زمام المبادرة فيه على وجه السرعة وليس التسرع.

ضمت أضلع هذا المثلث كلا من: العاصمة (دمشق وطوقها) في الجنوب الغربي، والمنطقة الساحلية (اللاذقية وريفها الشمالي) غربا، وصولا للمنطقة الشمالية (حلب المدينة أساسا)، مع المنطقة الوسطى (مدن حمص وحماه).

الخطط التي اتبعت من حيث - التطويق والمشاغلة وصولا للسيطرة – من قبل غرفة العمليات السورية المشتركة كاستراتيجية قتالية، أخذت الصبر وطول النفس ميزة أساسية مع الجماعات الإرهابية في مناطق وجودها، ما قوض فرص التعويل عليهم في تنفيذ مخطط إسقاط الدولة السورية.

جُردت بعد ذلك حملات عسكرية كبيرة، أوكلت لها مهام إنهاء الوجود الإرهابي ضمن أضلع المثلث هذا، كُللت بنجاحات استخباراتية - عسكرية مشهودة، وبمواكبة سياسية - دبلوماسية تصالحية بوتيرة متصاعدة.

توج ذلك بتحرير ثاني أكبر وأهم المدن السورية (حلب)، والتي غيرت مجرى الحرب وأولوياتها بالنسبة لطرفي الصراع، فشكل هذا التحرير وبحسب وصف الرئيس بشار الأسد له "حدثا تاريخيا" حيث تحول هنا "الزمن إلى تاريخ".

بعد تأمين المثلث الأهم في ميدان الصراع السوري، عمدت غرفة العمليات السورية المشتركة لتطوير مثلث السيطرة هذا، من خلال توسيع رقعته ليغدو مربعا، حقق تحرير تدمر- دير الزور ذلك، وتم القضاء على عصب الجماعات المسلحة (داعش)، ليُجهض بذلك مشروع التقسيم، هدف العدوان الجوهري.

الظهور العلني للوكيل - عقب ميل كفة الصراع لجهة محور المقاومة - شكل خطوة الانتقال للخطة (ب) لمحور العدوان، فظهرت القواعد والقوات الأمريكية شرق الفرات، مع رِهان كامل على الفصائل الكردية الانفصالية، عبر تشكيل قوات (قسد)، ورقة التوت الأخيرة على الشجرة الأمريكية في الساحة السورية.

وتدخل التركي مهاجما عفرين، بذريعة الخوف من قيام الانفصاليين الأكراد بإنشاء "كنتونات" تهدد حدوده الجنوبية، وبحجة إعادة المدينة لأصحابها الأصليين، مستعينا بمن بقي لديه من مسلحي ما يعرف (بالجيش السوري الحر) لتغطية فعلته!

أما إسرائيل فزادت من دعمها لأدواتها، عبر التصعيد الجوي وقصفها لعدة مواقع سورية، إلى أن جاء الجواب السوري ناريا بلسان "السام5 " مسقطا تفوقها.

تعاملت غرفة العمليات السورية المشتركة مع الوضع المستجد يطريقة توازي الحدث، مع ميزة إضافية، هي حالة الأريحية التامة المرافقة لهذا التعامل، لعدة أسباب أولها: سقوط ثوب الحرية والديمقراطية الذي ألبس "للثورة السورية" المزعومة وتعريتها، ثانيها: ارتفاع نسبة المناطق التي دخلت في باب المصالحات الذي انتهجته الدولة السورية (حلا مثاليا) منذ بدء العدوان، وثالثها: تعاظم النفوذ الروسي العسكري والسياسي، وعودته كقوة عظمى عبر البوابة السورية، مع تفوق نووي ردعي على الصعيد العالمي، كان من نتائج ذلك:

١ - الفشل الإسرائيلي الكامل الذي دفعها للانكفاء ضمن حدود كيانها، لتصبح جلّ أمنياتها قبول الأمم المتحدة بإعادة تموضع قواتها على خطوط الفصل لعام ١٩٧٤، واللافت ما صدر مؤخرا من رفض أمينها العام (أنطونيو غوتيريش) لهذا الطلب، وتوجيه أصابع اللوم لإسرائيل، وتأكيد تورطها بدعم الإرهاب في سورية، كخطوة أولى تصدر لأول مرة بحق هذا الكيان على المستوى الأممي!

أما عدوانها الأخير على مطار"T4" فجر 9 أبريل الجاري، فيندرج ضمن محاولاتها اليائسة لاستجرار الانتباه نحوها على صيغة أنا هنا أنا موجود ومؤثر، وحتما لن يبقى دون رد ردعي ونوعي يقض مضاجعهم.

٢- خطوات التركي التي سبقت احتلال عفرين، واللاحقة منها، كإعلان رغبته بالتدخل عسكريا في منبج وسنجار في العراق، قوبلت هذه الخطوات بتحذيرات سورية شديدة اللهجة، مع التوعد بالمجابهة في كامل أماكن تواجده باعتباره احتلالا، كل ذلك أدخل التركي في مستنقع ليس بوارد نتائجه حتى الآن، يفسر هذا تنقله بين الضفتين الأمريكية - الروسية بحثا عن تسويات تضمن له سلامة رأسه، يبدو أن الكفة في منح هذه الضمانات تميل لجهة الحلف الروسي - الإيراني.

٣- خطاب ترامب الأخير ٢٩ مارس والمتضمن إعلان رغبته بمغادرة سوريا، لحجة تحقيق أمريكا غايتها من هذا الوجود، كنوع من المماطلة في تأجيل الاعتراف بخسارة المشروع الأمريكي - الأطلسي في سورية، والخوف من تكرار مرارة (التجربة العراقية)، بالدخول في مواجهة مقاومة شعبية، يظهر أن لهيبها قد طال جنودا ومواقع لهم مؤخرا.

وما كل العنتريات التي يعج بها مجلس الأمن، وما كل السفن الحربية والمدمرات التي يعج بها شرق المتوسط بذريعة استخدام الكيماوي في دوما من قبل الجيش السوري وقواته الرديفة، إلا ترهات العاجزين ومحاولات دنيئة فاشلة لتحسين شروط التفاوض، بعد خسارة إرهابيي دوما عصب جماعاتهم المسلحة الفاعلة المرابطة على تخوم العاصمة دمشق.

إن كامل السعي الآن - كما تحاول هذه الأطراف تسويقه - يندرج ضمن سياق عام، قائم على محاولة تقاسم ما تبقى من مناطق نفوذ لها في (الكعكة السورية)، لكن ما فات هذه القوى وما لم يكن في الحسبان لديها، هو النصر الاستخباراتي العسكري – السياسي  التصالحي الخاطف، الذي حققته غرفة العمليات السورية المشتركة في الغوطة الشرقية، والإجهاز على آخر وأكبر معاقل إرهابهم، التي كانت تهدد العاصمة دمشق والدولة السورية بالإسقاط والتقسيم.

والجديد المترافق مع تطورات المشهد الميداني الأخيرة، سرعة انهيار باقي المجاميع المسلحة، في معظم مناطق تواجدها (درعا وحماه مثالا)، بعد إنجاز معركة الغوطة الشرقية، وليس من المبالغة القول بأن الباقي من هذه المجاميع أصبح عبئا حتى على مشغليهم.

لذلك قد نشهد تحولات دراماتيكية تصل حتى الكوميديا "الساخرة" ربما، لسباق قوامه الرغبة الملحة لدى الجميع - مشغلين وأدوات - في تسوية أوضاعهم مع المحور السوري الإيراني – الروسي، الذي رسخ السلام بمنطق القوة، عبر إعادة صياغة النظام العالمي من جديد، ليتناسب مع تطلعات شعوب العالم في التحرر من الهيمنة الأمريكية الأحادية القطبية.

في خطابه الأول أمام مجلس الشعب السوري 30 مارس 2011، وعقب بدء الحرب، قال الرئيس الأسد:

" نحن نقر لهم بذكائهم في اختيار الأساليب المتطورة جدا فيما فعلوه، ولكننا نقر لهم بغبائهم في الاختيار الخاطئ للوطن والشعب، حيث لا ينجح هذا النوع من المؤامرات"، وأردف "نقول لهم لا يوجد خيار أمامكم إلا أن تستمروا في التعلم من فشلكم، أما الشعب السوري فلا خيار أمامه إلا أن يستمر بالتعلم من نجاحاته."

قد تكون سبعة أعوام ونيف في عمر الإنسان تعني الشيء الكثير، لكنها حتما في عمر الأوطان لا تعدو كونها لحظة، والوطن لا يغفر أخطاء اللحظة بحقه مهما تكن، والسوريون (قيادة وشعبا) طالما وعوا ذلك، فذادوا عن حياض وطنهم جيشا وقولا وفعلا.

تفقد أحمد عبدالعظيم، رئيس مركز ومدينة أبورديس بمحاظة جنوب سيناء صباح اليوم الخميس، المجزر الآلى بحى السلام بالمدينة، وشاهد عملية الذبح واستمع لشرح تفصيلى من الطبيب المختص مدير المجزر، عن الإمكانات ...

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل