المحتوى الرئيسى

متى ينتهي الخلاف الصوفي السلفي حول الأضرحة والموالد؟ - صوت الأمة

04/11 05:50

مع كل مناسبة صوفية، تشتعل أزمة «الأضرحة والموالد» بين الطرق الصوفية والتيار السلفي، حيث يرى السلفية أن الصوفية يخالفون العقيدة ويزورون المقابر ويحجون إليها من كل حدب وصوب، وهو ما يرونه من وجهة نظرهم أنها مخالفة صريحة للدين وبعيدة كل البعد عن الإسلام، بل وصل الأمر إلى أن بعض أقطاب السلفية كفروا الصوفية بسبب الأضرحة، وطالبوا بهدمها، بينما نظروا إلى الموالد على أنها «خزعبلات» صوفية .

على الجانب الأخر، ينظر الصوفية إلى زيارة أضرحة أولياء الله الصالحين، ومنهم الشيخ أبو الحسن الشاذلي، أو آل بيت رسول الله صل الله عليه وسلم، مثل الإمام الحسين والسيدة زينب والسيدة نفيسة والسيدة عائشة، على أنه نوع من الود والمحبة والوصل مع النبي صلى الله عليه وسلم، وتعبير عن محبتهم له ولآل بيته.

واستمرت الحرب بين الصوفية والسلفيية، في أعقاب ثورة 25 يناير، عندما كان التيار السلفي يفتي ويؤخذ منه، حيث بدأها السلفيون بإطلاق قياداتهم لفتاوى تحرم الصلاة في المساجد التي تضم أضرحة، مطالبين بهدم تلك الأضرحة، سواء الموجودة داخل المساجد أو المقامة من دون مساجد، ومنع إقامة الموالد التي 

كانت من أبرز المساجد التي طالبت قيادات التيار السلفي، بهدم أضرحتها مسجد «الحسين، والسيدة نفيسة، والسيدة زينب، والسيدة عائشة، والسيد البدوي، وسيدي إبراهيم الدسوقي، والمرسي أبوالعباس، وعبد الرحيم القناوي».

 تخطا السلفيون الحدود عام 2013، بعد إقدامهم على هدم ضريح كان مقاما بمسجد «الأربعين» في محافظة الجيزة، بعدما دخل اتباع الداعية السلفي «محمد حسين يعقوب»، للمسجد، وأعلنوا سيطرتهم عليه، وأقدموا على هدم الضريح، وحتى يعيقوا الصوفيين عن إعادة بناء الضريح مرة أخرى، اتخذوا من مكانه مقرا للجنة الزكاة بالمسجد، الأمر الذي أثار غضب اتباع الطرق الصوفية، فقاموا بالاعتصام داخل المسجد، ولم يتم التحرك لوقف الاعتداء السلفي، وتمادوا في إعلان حربهم على بيوت أولياء الله الصالحين، فقاموا بهدم أضرحة في مدينة قليوب بمحافظة القليوبية.

من أبرز فتاوي تيار السلفيين حول الأضرحة، كانت للشيخ يارسر برهامي نائب رئيس الدعوة السلفية، الذي أفتى بأن الأضرحة والموالد ليست من الإسلام في شيء، بل إن الإسلام نهى عنها، وعن أتيان القبور مساجد، مستدلين بحديث (لعن الله اليهود اتخذوا قبور اوليائهم مساجد».

وعلل برهامي فتواه، بأن السنة النبوية تنص على عدم ارتفاع القبور أكثر من شبرين عن الأرض، مبينا حديث الرسول صل الله عليه وسلم، قوله «اللهم لا تجعل قبري وثنا يعبد، وقد اشتد غضب الله على قوم اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد».

ورداً منه على فتاوي السلفيين حول هدم أضرحة أولياء الله وآل البيت، افتى الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر، مبينا موقف الإسلام من الأضرحة أن الأصل فها أن الدفن يكون في المقابر، وعرفت الأمم تكريم أنواع من الأموات الذين يقتلون في سبيل الله، بأن يكون لهم مواقع متميزة لدى أممهم وشعوبهم أن تحتفل بهم».

وأوضح شيخ الأزهر، أن تمييز قبور الأولاء والأضرحة، ببعض العلامات، يعد نوعًا من التكريم، أما أماكن العبادة من مساجد وبيع وصوامع وكنائس، فيفترض أن تكون أماكن للعبادة لا لدفن الموتى، والإسلام حرص على أن يميِّز منذ البداية بين المقبرة والمسجد؛ لأنَّ الدروس التي أخذها من بعض الأمم وذكرها القرآن المجيد: أنَّ القبر حينما يكون في المسجد قد يؤدي إلى بعض المشكلات، فالناس كلها ترى في أمواتها أخيارًا يستحقون التكريم، وميت بني فلان لا يكون أكرم عند الله من ميت بني علان، فلمَ يدفن ميت في مسجد، ويذهب بميت إلى المقبرة، ففتح هذا الباب فتح لباب ينفي المساواة بين الأموات التي عائدها على الأحياء، وهو مدعاة لإثارة فتن وتنافس.

وبين شيخ الأزهر، بأن الأمر أيسر من أن يتحول إلى فتنة من الحين والآخر، فيكفي أن تفصل مواقع القبور في المساجد التي فيها قبور عن مسجد الصلاة، وموقع القبلة بأي حاجز ملائم، يجعل موقع الصلاة خالصًا للصلاة، لا يستطيع أحد أن يقول إنَّ الناس يصلون في مقبرة أو يتجهون إلى القبر أو ما شابه.

وتابع شيخ الأزهر: «وأمَّا قبر رسول الله صل الله عليه وآله وسلم، فلم يكن جزء من المسجد عندما دفن فيه؛ لأنَّه دفن حيث توفي في منزل أمنا عائشة رضي الله عنها، الذي لم يتسع إلا لثلاثة قبور، قبر سيدنا رسول الله، وقبري صاحبيه وخليفتيه من بعده أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، الذي آثرته أمنا عائشة،  بالمكان الذي كانت تريد أن تدفن فيه إلى جانب زوجها وأبيها، ودفنت رضي الله عنها مع أمهات المؤمنين في بقيع الغرقد.

ومن جانبها قالت دار الإفتاء بأن الصلاة في المساجد التي بها أضرحة الأولياء والصالحين صحيحةٌ ومشروعةٌ، بل إنها تصل إلى درجة الاستحباب، وذلك ثابت بالكتاب والسُّنَّة وفعل الصحابة وإجماع الأمة الفعلي، فمن القرآن الكريم قوله تعالى ﴿فَقَالُوا ابْنُوا عَلَيْهِمْ بُنْيَانًا رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِدًا﴾، وسياق الآية يدل على أن القول الأول هو قول المشركين، وأن القول الثاني هو قول الموحِّدين.

ومن السنة حديث أبي بصير رضي الله عنه، الذي روي «أن أبا جَندَلِ بن سُهَيل بن عمرو دفن أبا بَصِير رضي الله عنه لَمَّا مات وبنى على قبره مسجدًا بـ(سِيف البحر)، وذلك بمحضر ثلاثمائة من الصحابة»، فمثل هذا الفعل لا يخفى على رسول الله صل الله عليه وآله وسلم، ومع ذلك فلم يَرِد أنه أمر بإخراج القبر من المسجد أو نبشه، كما ثبت عن النبي صل الله عليه وسلم أنه قال: «في مسجد الخَيفِ قَبرُ سبعين نبيًّا».

اجتماع لشيوخ الطرق الصوفية بالسيدة زينب لمناقشة القوافل الدعوية

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل