المحتوى الرئيسى

السيسي ومعركة تجديد الخطاب الديني

04/10 07:31

جدد المصريون الثقة في الرئيس عبدالفتاح السيسي لولاية رئاسية جديدة، بشكل مثّل دفعاً شعبياً جديداً للرئيس لمواصلة كثير من الملفات الساخنة، التي بدأها في ولايته الأولى بكثير من الجرأة والإصرار، وفي تأكيد على رغبة قوية في مواجهة التحديات وكسر القيود وإفساح المجال بشكل واسع أمام المصريين لحياة أكثر أمناً واستقراراً، مع استمرار جهوده في مشروعات قومية تنموية، ينتظر أن تسهم في إحداث نقلة نوعية ليس في حياة المصريين فحسب، بل في طبيعة تقاسم الثروات والاستثمارات في المنطقة ككل.

وإذا كانت مصر تخوض حرباً ضروساً في مواجهة الإرهاب تمكيناً لتحقيق الأمن والاستقرار على قدم المساواة مع معركتها الأصيلة لتحقيق التنمية، فإننا نلمس رغبة حقيقية من قبل الرئيس السيسي في خوض معركة فكرية أخرى لا تقل في أدواتها واستراتيجياتها وأطروحاتها عما سبقها من معركتين، تلك المعركة الثالثة ربما هي ما يرتبط بإشكاليات الخطاب الديني في مصر، تلك القضية التي تفاخر مصر دوماً بكونها تمتلك قدرة كبيرة على التأثير فيها، عبر الزخم العلمي الكبير الذي تمتلكه وتستطيع التأثير فيه بشكل كبير، عبر أذرعها المؤثرة والمتمكنة في الداخل والخارج.

إن الدفع الرئاسي القوي لقضية تجديد الخطاب الديني وإصراره المتواصل عليها وطرحها في أكثر من مناسبة ليمثل، برأيي، منطلقاً قوياً للمضي قدماً في التفاعل المصري الواسع مع القضية، لكني أرى أن ثمة مجموعة من المنطلقات، التي يمكن أن تمثل قاعدة قوية وثابتة لتجديد الخطاب الديني وتطوير المؤسسة الدينية ككل.

ولعل من بين أهم تلك المنطلقات الأساسية أن يجري البدء بالدعاة في المساجد فترعاهم الدولة، وتمكنهم من التفرغ للدعوة بمقابل مجزٍ، ودعم دعاة الأزهر ليتفرغوا بشكل كامل للدعوة، وربما كانت بعض الأسس قد وضعت في هذا الجانب أبرزها مشروع قانون «كادر الدعاة»، ذلك الكادر الذي يضع إطاراً مالياً ومعنوياً جديداً لعمل الدعاة يحفظ لهم جهدهم وفكرهم للعمل بشكل كامل في كل ما تحتاجه الدعوة، فالدعاة هم أهم عامل يمكن أن ينجح الدعوة ويجدد الخطاب الديني.

والمنطلق الثاني لمسألة تجديد الخطاب الديني ظني أنه يتمثل في مواصلة سياسة الدولة في عدم السماح للمرجفين بالتطاول، وبطرح أطروحات مخالفة للمنهج التاريخي لأزهرية مصر المنضبطة أصولاً وفروعاً، خاصة أن من بينهم من يتطاولون على ثوابت وأسس متفق عليها للدعوة والشريعة الإسلامية بشكل غير لائق، يخرج من يتبعونه من أهلية مناقشة قضية الخطاب الديني إجمالاً، فضلاً عن من يشككون في التاريخ الإسلامي، وكذلك من يروجون للفتاوى المتطرفة، والآراء المتشددة، فضلاً عن الواجهات التي مثلت مرجعيات دينية لتيارات مارست أعمالاً سياسية أسهمت بشكل أو بآخر في تأزيم المشهد السياسي المصري في السابق.

المنطلق الثالث ربما يتمثل في ضرورة رعاية الدولة لفضائيات دينية متعددة بشكل مباشر أو غير مباشر لما تمثله من تأثير كبير في حياة شعوب تقيس كل شيء في حياتها على مقياس الحلال والحرام، خاصة أن الفضائيات الدينية التي توقفت ووظفتها التيارات الإسلامية لخدمة أغراضها، من قبل، كانت تمتلك شعبية وتأثيراً كبيراً.

المنطلق الرابع، الدعم الكامل من قبل الدولة لإنشاء وتقوية ودعم الصحف والمواقع الإلكترونية المهتمة بالشأن الديني والصادرة عن الصحف القومية أو المؤسسات الدينية بما يضمن قوة تأثيرها وتفاعل الجماهير معها.

المنطلق الخامس دعم وتطوير قدرات الدعاة وتبصيرهم بأدوات الدعوة وتوسيع مداركهم لتطوير قدراتهم وتقوية إمكاناتهم بشكل يتوازى مع التطور الدعوي والتكنولوجي والفكري الحاصل في المجتمع، بما يضمن تصديرهم لخطاب عصري يجمع بين أصول الإسلام وثوابته ومستجدات العصر ومتطلبات الواقع.

المنطلق السادس، يتمثل في استكمال جهود المواجهة الفكرية للأفكار المتطرفة، من خلال تضمين تشكيل المجلس الأعلى لمكافحة الإرهاب لجنة مهتمة بالمواجهة الفكرية، تتضمن عدداً من المهتمين بكافة التخصصات ذات الصلة تحت إشراف رئاسي كامل، بما يضمن تحقيق نتائج مباشرة ضمن قواعد التعامل الرئاسي الحاسم في كافة الملفات. وختاماً أدرك كم ما يشغل الرئيس من ملفات، لكني أطرح تلك المنطلقات لعلها تكون سبباً في إجلاء الرؤية بما يتوازى مع الاهتمام الرئاسي بقضايا الخطاب الديني، والمواجهة الفكرية للتطرف والإرهاب انطلاقاً من مصر ومكانتها العالمية، وقيمها الحضارية وإدراكها لطبيعة المنطقة وإشكالياتها.

أهم أخبار مقالات

Comments

عاجل