المحتوى الرئيسى

الرئيس التنفيذى للحكومة الأفغانية: يجب إغلاق مكتب «طالبان» فى الدوحة

04/07 20:32

عبدالله عبدالله قال إن إرهاب الحركة أصبح واضحًا وثابتًا.. وتوقع اتخاذ القرار قريبًا

علاقتنا مع مصر جيدة.. لدينا استثمارات وتبادل تجارى مشترك.. ونسير وفقًا لتعاليم مشيخة الأزهر ونحترم الإمام الأكبر

أطراف القضية الفلسطينية مُصرون على استمرار معاناة الشعب.. وعلاقتنا مع باكستان ليست مستقرة الآن أو كما نتمنى

طالب الدكتور عبدالله عبدالله، الرئيس التنفيذى فى حكومة الوحدة الوطنية الأفغانية، النظام القطرى بتوضيح أسباب إبقائه على مكتب حركة «طالبان» الإرهابية فى الدوحة حتى الآن، وعدم إغلاقه، مشيرًا إلى أنه لا يستبعد إدارته فى أغراض «مشبوهة». وتغزل الرئيس التنفيذى فى الحكومة الأفغانية- وهو المنصب الذى استحدث مؤخرا بعد تولى أشرف غنى رئاسة البلاد- فى بلاده، قائلا إنها «بلد قوى وغنى بثروات كثيرة، ويشبه الوردة فى وسط آسيا»، قبل أن يستدرك بأسف: «لكنها وردة محاطة بالأشواك». وأكد، فى حواره مع «الدستور»، اعتماد حكومته استراتيجية حقيقية شاملة لمحاربة الإرهاب على كل المستويات، مع إعادة تشكيل الثقافة الأفغانية، متمنيا القضاء نهائيا على الإرهاب واللحاق بركب التقدم والرقى، وتوفير حياة أفضل للشعب الأفغانى. وتطرق «عبدالله» إلى العلاقات مع مصر، ووصفها بـ«الجيدة»، واعدًا المستثمرين المصريين بـ«فرص واعدة»، وبالطبع لم ينس الإشادة بدور مشيخة الأزهر الشريف التى قال عنها إنهم فى أفغانستان «يسيرون على تعاليمها».

■ بداية.. لماذا تشهد أفغانستان عمليات إرهابية ضخمة عن غيرها من الدول؟

- أفغانستان بلد قوى وغنى بثروات كثيرة، وهى مثل «الوردة» فى وسط آسيا، لكنها محاطة بالأشواك من كل اتجاه، وأهلها يرفضون الخضوع لأى مستعمر أو مستغل، ومن يرغب فى ذلك سيجد دائمًا الأبواب مغلقة فى وجهه.

ولحسن الحظ، نحن اعتمدنا استراتيجية حقيقية لمحاربة الإرهاب على كل المستويات السياسية والاقتصادية والعسكرية والتعليمية، ونعيد تشكيل الثقافة الأفغانية، ومصممون على وضع بلادنا- بما لديها من مقومات- على الخريطة العالمية.

وللعلم، الفترة الحالية لم تشهد أحداثا إرهابية مخيفة، بغض النظر عن العملية التى وقعت قبل أسابيع، وأقول إننا سنتصدى فى القادم لهذه العمليات، لأن الشعب الأفغانى روحه مسالمة ويأبى العودة إلى المعترك الذى يسير بالبلاد للخلف، والذى عطلنا عن أن نكون فى المقدمة، لذلك عندما تقع حادثة أو غيرها نلمس استياءً فى نفس اليوم، ثم يلتحم الجميع مرة أخرى.

لكن الآن، العمليات الإرهابية تجعلنا أقوى من الماضى، وروح الشعب تعكس رغبة فى الحياة ورفضًا لكل أشكال الإرهاب، والناس بطبعها رفضت وترفض الإرهاب بكل أشكاله وتشتبك معه ومع أفكاره بالتعليم والتنمية والثقافة المتحضرة.

■ ما أمنياتكم فى العام الجديد بعد أن احتفلتم مؤخرًا بـ«عيد النيروز»؟

- أمنياتنا هى صد الإرهاب واللحاق بركب التقدم والرقى، وأن يصبح وضع شعبنا أفضل، وأن نعيش فى مجتمع هادئ يتمتع بالسلام النفسى، خصوصا أنه تتوافر لديه كل مقومات التنمية.

و«عيد النيروز» مرتبط أكثر بثقافة الشعب الأفغانى، ونحتفل به منذ ما يزيد على ألفى عام، وهو عيد يأتى بعد إتمام الشمس دورتها حول الأرض، وبالتالى يمثل «بداية جديدة» لنا.

ورغم أن هناك بلدانا كثيرة تحتفل بهذا العيد، تبقى الطريقة الأفغانية هى الأكثر واقعية، لأننا نجسد تراثًا مترابطًا بهذا العيد، ونحييه على الطريقة القديمة التى اختفت، كما نربطه بجوانب عديدة، مثل انتهاء دورة المحاصيل الزراعية والحصاد، فى إشارة إلى الخير الذى يدره على البلدان.

■ سياسيًا.. ماذا عن تطورات مبادرة المصالحة مع حركة «طالبان»؟

- الحكومة الأفغانية وجهت دعوة إلى «طالبان» للمصالحة، كى يعم السلام البلاد، لكن هناك خلافا حاليا، والحركة ترفض على طول الطريق، لأنها مؤمنة بالحياة البدائية ويلصقونها فى الإسلام، ويريدون أن يعيدوا البلاد إلى الجهل والتخلف وكبت المرأة والتعليم، وكل هذه الأمور باطلة، كما يسعون إلى مكاسب سياسية على الأرض، و«كوتة» بالمشاركة الحكومية، واعتبارات أخرى لا تنم عن تقبلهم فكرة المصالحة من الأساس.

■ وهل لا تزال جارتكم باكستان تدعم أنشطة الحركة؟

- باكستان بلد حليف لنا، لكن علاقتنا ليست مستقرة معه، أو ليست كما نأمل، بسبب أن قيادات «طالبان» ونشاطاتها المسلحة لا تزال قائمة وتدار من هناك، ورغم أن الفترة الأخيرة، شهدت زيارة مستشار الأمن القومى الباكستانى لنا، لتقريب وجهات النظر، إلا أننا حتى هذه اللحظة لم نصل للمطلوب، لكننا نأمل أن تتحسن العلاقات مع هذه الجارة.

■ هل صحيح أن هناك مفاوضات بينكم وبين قطر لغلق مكتب «طالبان» فى الدوحة؟

- هذا حقيقى، هناك حديث حول هذا المكتب، والغرض الذى يستمر لأجله على الرغم من أن الحركة تم تجريمها، وإرهابها أصبح ثابتا وواضحا، وبالتالى يجب غلق مكاتبها، ولا أستبعد أن يكون المكتب يُدار لأهداف مشبوهة، ومن الممكن أن يكون تم إغلاقه بالفعل، خاصة أنه ليست هناك نشاطات حقيقية للحركة هناك.

■ بالنسبة للأمن.. كيف تتعاملون مع الهجمات الإرهابية التى تقع من وقت لآخر؟

- نحن ننظر للوضع الأمنى على أنه ثقافة ومبدأ، وليس مجرد إجراءات ذات طابع عسكرى، وسلاحنا للسيطرة على الأمن هو نشر ثقافة السلام والتنمية، أما فيما يخص الوضع على الأرض فنحن نكسب كل يوم جولات ضد الإرهاب وندعم الجيش والشرطة بأحدث المعدات لتعقب المسلحين والسيطرة على الأوضاع، ونسير وفق خطة واضحة بهدف واضح هو القضاء نهائيًا على الإرهاب الأسود.

■ لكن بعض الأئمة فى مساجد أفغانستان لا يزالون يدعون المواطنين لمفهوم «الجهاد».. أليس كذلك؟

- كما قلت فى البداية، كل هذه أفكار مغلوطة وموجودة فى أى مكان بالعالم، والخطر أن تجد البيئة الخصبة لمن يسمع لها أو يدعمها، وبالتالى مثل هؤلاء نواجههم بالتعليم، الشعب الأفغانى لن يلتفت لمثل هذه الأفكار، خصوصا أنه بدأ يذوق حلاوة الإصلاح بعد أن رأى خراب الإرهاب وجهله.

والأفكار تظل أفكارا إلى أن تجد من يدعمها ويؤمن بها، وبالتالى يحركها لتطفو على السطح وتصبح عادة، ونحن كمجتمع لدينا أفكار سلبية وأخرى إيجابية تنتشر مثلما يحدث فى أى مجتمع، لكننا فى أفغانستان لا ندعمها، وبالتالى تبقى ضمن حدود ضيقة جدًا ودون أن تجذب أى داعمين، وحاليا كل الأفكار السلبية فى طريقها إلى الزوال.

حقيقى أن المجتمع الأفغانى سيظل يعانى من أفكار متطرفة، لكننا نراهن على قطع الدعم عن هذه الأفكار، فرغم أن هناك من سيستمع إليها، فإن طبيعة شعبنا أنه يرفض العنف والقتل ويتوق للخروج من براثن الجهل للمدنية والتطور.

■ بعيدًا عن الجانب السياسى.. ماذا عن وضع التعليم والفن والزراعة وغيرها من القطاعات؟

- كل هذا بدأ يتحسن حاليا، ونحن ندرك هذا ونعمل عليه، وأتمنى لكِ التوفيق فى أن تغطى كل هذه الجوانب وتنقليها إلى مصر حتى تعلم كل المنطقة العربية طبيعة الشعب الأفغانى والفرصة المتاحة هنا، فالمرأة بعد أن كانت أمية بنسبة ١٠٠٪ تذهب الآن إلى المدارس، التى ندرس بها لغات كثيرة حتى نستطيع نشر ثقافتنا.

والجيل الحديث واعٍ لهذا الاتجاه، لأننا ندرك أننا فى أفغانستان فى حالة صراع للبقاء لنستعيد مكاننا على الخريطة العالمية، ونؤمن بأنه لا سبيل لهذا الاتجاه إلا بالتعليم، الذى بلغ مدى حرصنا عليه أن هناك من يتعلم فى موسمى الصيف والشتاء، كما أن الأسرة الأفغانية بدأت تقتطع من دخلها لتعليم أبنائها.

■ يبدو من كلامك الأهمية التى تولونها للتعليم.. ما تفاصيل هذا الاهتمام؟

- بالطبع، العملية التعليمية هنا مختلفة بسبب التوتر الأمنى وحالة الحرب على الإرهاب، الذى يحتشد المجتمع الأفغانى كله للقضاء عليه، لكن رغم انشغالنا بهذا الوضع الأمنى، نرى فى التعليم الهدف الأساسى والأسمى لنا، لذلك نبنى المدارس ونؤهل المعلمين ونضع برامج للتطوير، بالإضافة إلى توعية الرأى العام بأهمية كل هذا، حتى نخلق ثقافة جديدة قادرة على صد الأفكار الهدامة.

■ وبالنسبة لأحوال المرأة الأفغانية؟

- تحسنت للأفضل بعد أن كانت حقوقها منقوصة، لكننا لم نصل بعد للوضع الذى يرضينا، لذا نعمل على تعليمها لتحسين المجتمع، خصوصا وأن محاربة الإرهاب تتطلب الارتقاء بالمرأة والتعليم وليس مجرد الحرب بالسلاح، ونطمح لتوفير بيئة أفضل للتعليم والنساء، وهذا جزء من خطة تطوير ونهوض أفغانستان، من خلال تغيير ثقافة ظلت قائمة لسنوات، رغم أنها فى الأصل غريبة عنا.

■ كيف ترى الوجود العربى فى أفغانستان؟

- تجمعنا بالعرب علاقات طيبة جدًا، ولكن تواجدهم هنا ضعيف، نظرًا لأن هناك بعض القضايا الداخلية لدى العرب وهم مشغولون بالفعل بها، كالقضية الفلسطينية والسورية والعراقية واليمنية، وغيرها من التوترات الداخلية الحاصلة.

■ ما رأيك فيما وصلت إليه القضية الفلسطينية؟

- أنا متابع جيد لما يحدث فى فلسطين، ويخالجنى شعور بالأسف تجاه الوضع هناك، فى ظل الصمت الرهيب من العالم، رغم أنها أرض مقدسة وذات طبيعة خاصة، ولا يجب أبدًا أن تعامل على أنها صفقة يسعى الشركاء لتجاذبها والفوز بها دون أدنى احترام لحقوق الإنسان والأديان وحتى طبيعة البلد نفسه، كما أنه - وللأسف- أطراف القضية الفلسطينية مصرون على استمرار معاناة الشعب.

■ وماذا تطلب من مصر والدول العربية على مستوى العلاقات والتعاون المشترك؟

- نحن نحظى بدعم عربى بالفعل، لكننا نأمل فى وجود أكبر فى النواحى السياسية والاقتصادية وحتى الثقافية، لأن أفغانستان بلد ينهض من جديد، وبالتالى يحتاج لإعادة بناء، ونحن لدينا فرص استثمارية فى انتظار الشركاء العرب.

■ وبشكل خاص.. كيف ترى العلاقات بين مصر وأفغانستان؟

- علاقتنا جيدة مع مصر، وهناك دعم من الحكومة عندكم لنا، ولدينا استثمارات مشتركة وتبادل تجارى، كما أن هناك صداقة وزيارات متبادلة وتعاونا فى الأمن والقطاع الزراعى وفى قطاعات أخرى، ونتمنى أن يتطور الوضع ليصبح التعاون أفضل، خصوصا أننا أرض خصبة للاستثمار ولدينا العديد من الفرص، التى تناسب الشركاء المصريين، وفوق كل هذا هناك قاسم ثقافى مشترك بيننا.

■ للأزهر حضور كبير فى بلدكم.. كيف تنظرون لدور المشيخة كمنارة للوسطية؟

- نحن فى أفغانستان نكن كامل الاحترام والتقدير لمؤسسة الأزهر الشريف، باعتبارها منارة علمية وقبلة دينية لنشر القيم الدينية الإسلامية والكشف عن مبادئ الشريعة السمحة التى تنبذ العنف والقتل، فالأزهر يمثل الوسطية وهو انعكاس لسماحة ديننا وتبرئته من الأفكار والأحداث التى تلصق به.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل