المحتوى الرئيسى

تحت شعار «زايد شاعر السلام والإنسانية».. نجاح كبير لفعاليات الملتقى الإماراتي الفرنسي 2018

04/07 08:58

بحضور نخبة من المفكرين والأدباء والشعراء الإماراتيين والفرنسيين، وعدد من الطلبة وأبناء الجاليات العربية في فرنسا، ووسائل الإعلام، أقيمت مساء أمس الأول، الخميس، في مقر منظمة اليونسكو، فعاليات الملتقى الإماراتي الفرنسي 2018 تحت شعار "زايد شاعر السلام والإنسانية"، بالتزامن مع فعاليات الاحتفاء بـِ "عام زايد".

أقيم الملتقى بدعوة مُشتركة من الوفد الدائم لدولة الإمارات العربية المتحدة لدى منظمة اليونسكو، ولجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية في أبوظبي، وبالتعاون مع شركة أبوظبي للإعلام، إلى جانب حضور عدد من السفراء والمندوبين الدائمين العرب والأجانب المُعتمدين لدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة.

وانطلقت فعاليات الملتقى بفيلم مُترجم للغة الفرنسية حول الدور الكبير للمغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على الصعيدين المحلي والدولي، وبشكل خاص تأسيسه لدولة الإمارات العربية المتحدة التي أصبحت تتبوأ مكانة عالمية مرموقة اليوم في مختلف المجالات، وتُساهم بشكل فاعل في حوار الثقافات والحضارات ونشر المحبة والسلام. وقد حاز الفيلم على تقدير الحضور من ممثلي دول العالم في اليونسكو ونخبة من رموز الفكر والثقافة والإعلام في العاصمة الفرنسية.

وتضمّن برنامج الملتقى ثلاث جلسات، الأولى بعنوان "زايد جسر التواصل مع الثقافات والحضارات.. مشروع كلمة نموذجا"، شارك فيها الدكتور علي بن تميم، مدير عام شركة أبوظبي للإعلام والأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، والدكتور كاظم جهاد، والدكتور سعد البازعي، أما الجلسة الثانية، فكانت أمسية شعرية مميزة بعنوان "زايد وتطور الشعر النبطي والفصيح في دولة الإمارات.. تجربتا شاعر المليون وأمير الشعراء نموذجا"، أحياها كل من الشاعرات والشعراء من الإمارات والسعودية زينب البلوشي، وأسماء الحمادي، وسعيد بخيت الكتبي، وإياد الحكمي، أما الجلسة الثالثة فجاءت بعنوان "التجربة الإنسانية والغنائية في أشعار الشيخ زايد"، تحدّث فيها كل من الأستاذ سلطان العميمي والدكتور غسان الحسن والدكتور كاظم جهاد.

واختتم الملتقى بمعزوفات على العود لقصائد مُغنّاة للشيخ زايد، أدّاها الفنان والمُلحّن الإماراتي فيصل الساري، استقطبت إعجاب الجمهور العربي والفرنسي على حدّ سواء.

وفي كلمته الافتتاحية للملتقى، أكد السفير عبد الله علي مصبح النعيمي، مندوب الإمارات الدائم لدى اليونسكو، أنّ "التكريم هو تكريس للفرادة والريادة، ونحتفل به هذا اليوم كفعل ولاء وانتماء إلى فكر وشعر قائد عظيم، إنه أيقونة بناء ورخاء، وعبقرية فكر وشعر، ومن الطبيعي جدًا أن نكرم الشيخ زايد في هذه المنظمة الدولية التي هي بيت الثقافات والحضارات، فهي أنشأت في الأساس لبناء السلام في عقول البشر، وهل هناك أكثر من مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة استجابة لمعادلة السلام والوئام الإنساني سواء في قيادته السياسية أو في مقاربته الشعرية الإبداعية، وحتى في رؤيته الفكرية المشدودة إلى قيم الحق والخير والجمال والوفاء، هذه القيمة الفريدة والنبيلة والنادرة بين البشر، هي ما يحفزنا على تنظيم هذا الملتقى الإماراتي الفرنسي تحت عنوان "زايد شاعر السلام والإنسانية"، وهذه الكلمات الأربع تختصر شخصية هذا القائد الاستثنائي، وترسم خارطة عالمه الفكري والشعري والسياسي والانطولوجي، إنه أولا المؤسس والحكيم، والرؤيوي الذي يستشرف الآتي من التطورات، وقد أغدق الله عليه هذا الفيض من نور العقل، وقوة الإرادة والعزيمة ليروض المصاعب، ويُحوّلها إلى فرص آفاق مفتوحة. وقد أرسى ركائز دولتنا التي غدت قدوة ومثالا بين أّمم الأرض، والسقف الذي تستظله مئتا جنسية من أقوام العالم، تكسب رزقها، وتعيش خصوصياتها بتناغم وتآلف الاختلاف وتكامله".

وتابع النعيمي حديثه حول الشيخ زايد بقوله: "هو أيضا الشاعر الذي صاغ فلسفة وجودية، محورها الإنسان والسلام، بكل ما تُجسّدانه من توق وشغف ولوعة انتظار، والدعوة إلى الإخاء الإنساني والارتقاء في السلم الحضاري. وهذا الجانب الشعري بكل دلالاته الأندلسية، قد يجهله كثيرون خارج دولة الإمارات".

وعانق الشيخ زايد، من خلال الشعر، كل ما يختلج في النفس البشرية، من أحلام وهواجس، مؤكدًا رمزية الأرض، وجذرية التراث، وعظمة المستقبل، في نسق غنائي يتسم بالجمال والسلاسة، سواء كان هذا الشعر نبطيًا أم فصيحًا، فبصمات زايد قائمة ومتوهجة. وهي تُمارس فعل هواية على القارئ، وتعبر به من النطاق المحلي إلى العالمية بعيدة المدى لتثري إنسانيته بضفائر القيم والأخلاق، وشاعرنا مرهف الإحساس، مُتقد الجذور الإبداعية، يبزغ الجمال من بين أصابعه، رضيًا وأليفًا، في امتداد الهالة، وروعة النضيد اللغوي، والجمالي والغنائي والوجودي.

وذكر سعادة عبد الله علي مصبح النعيمي، أنّ "الشيخ زايد رحمه الله، أحبّ فرنسا لتاريخها، وعظمة مفكريها، وفروسية زعمائها السياسيين، وقام بأول زيارة له إلى باريس في العام 1975، وأبرم أوّل اتفاقية مع الجمهورية الفرنسية، والتي كانت اتفاقية تربوية لغوية، قضت بتدريس اللغة الفرنسية في مدارسنا ومعاهدنا، ومنذ هذا المنعطف، دخلت علاقاتنا مع باريس في مسار شراكة استراتيجية كبيرة، بلغت الذروة في إنشاء متحف اللوفر أبوظبي، بعد جامعة السوربون أبوظبي، وغيرهما من المعالم الحضارية الباهرة، والشيخ زايد هو الرائد في بناء هذا الخط الحضاري وتكثيفه، ولذلك كان هذا الملتقى الشعري الفكري اليوم".

من جهته، أكد السيد عيسى سيف المزروعي، نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، أنّ إمارة أبوظبي شهدت خلال السنوات الماضية تحوّلا بارزا في إطار عملية التنمية الثقافية، انطلاقا من رؤى القيادة الرشيدة في الارتقاء بمكانتها على الصعيد العالمي، وترجمة لتطلعاتنا في ترسيخ أبوظبي مدينة مُستدامة تصون تراثها الثقافي، وتُساهم في إرساء مستقبل واعد للأجيال القادمة. وهذا ما يُمثل متابعة لتنفيذ رؤية المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان – طيّب الله ثراه - مؤسس دولة الإمارات العربية المتحدة، في الحفاظ على هوية وثقافة شعب الإمارات، وذلك عبر إدراك المخاطر التي تواجه الثقافة في سائر أنحاء العالم، وأهمية صون تراث الأجداد ونقله للأجيال القادمة، بالتوازي مع متابعة المسيرة الحضارية والتفاعل مع مختلف الثقافات.

واعتبر المزروعي أنّ "عام زايد" يُشكّل مناسبة هامة لاستذكار إحدى أهم الشخصيات التي ساهمت في بناء المنطقة والعالم، وفرصة لإبراز مُنجزاتها وعطاءاتها اللامحدودة، تنفيذًا لتوجيهات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان، رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة "حفظه الله"، باعتبار هذا العام مناسبة وطنية للاحتفاء بالقائد المؤسس، وتعزيز مشاعر الفخر والولاء للوطن والقيادة، وقد نجحت أبوظبي في أن تشكل نقطة تحوّل مُهمّة لصالح المنطقة والعالم، عبر الاستثمار في الإنسان المُرتبط بتاريخه وإرثه وحضارته. وحرصت لجنة إدارة المهرجانات والبرامج الثقافية والتراثية بأبوظبي، على العمل بهذه الرؤى، عبر العديد من مشاريعها التي تواكب استراتيجية أبوظبي المُستقبلية الشاملة 2030.

وأكد أنّ جهود دولة الإمارات تُعتبر معروفة في تعزيز السلم العالمي، ونشر الحب والتعايش، من خلال الفن والأدب والشعر، وذلك سيرا على نهج زايد في نشر ثقافة الأمل والخير والتكاتف الإنساني، ولطالما كان الأمن والسلام، وسيبقيان، الأمنية التي تُراود أحلام ملايين البشر، ولقد كان الشيخ زايد بن سلطان آل نهيّان، رحمه الله، شاعرًا أيضًا، إذ ترك لنا في ديوان الشعر النبطي باقة من أجمل القصائد، التي امتازت بتعدّد الأغراض الشعرية، والمعاني التي تُغني الشعر وتجعل منه رسالة نبيلة توحّد الشعوب، وتُحارب الأفكار المُتشدّدة. وكان الشيخ زايد، يُشدّد في كلّ مناسبة على أهمية تلاقي البشر من جميع الجنسيات والثقافات في قيم المحبة والسلام والحوار والانفتاح على الآخر، والاحتفاء بالإبداع الشعري في خدمة الإنسانية. فقد زرع الشيخ زايد، طيّب الله ثراه، في الأجيال جميعها عشق التراث والاعتزاز به، وحُبّ العادات والتقاليد الأصيلة. وكان من أبرز مُحبّي وناظمي الشعر النبطي، باعتباره يُمثل وجدان الوطن، ويُعبّر عن هويتنا الوطنية وذاتنا الإنسانية.

وكشف نائب رئيس لجنة إدارة المهرجانات، أنّ "أبوظبي اليوم عاصمة للشعر والشعراء وللتسامح في العالم، نجحت في خلال 12 عاما، وعبر برنامج شاعر المليون منذ عام 2006، وبرنامج أمير الشعراء منذ عام 2007، في تقديم واكتشاف 569 شاعرا من 21 دولة، تحوّلوا إلى نجوم في الأدب والشعر وسفراء للمحبة والسلام، وقد نجح البرنامجان على مدى 15 موسما ثقافيا، في إعادة الاعتبار للشعر وفنون إلقائه باعتباره أحد أهم ركائز تراثنا الأصيل، يُساعده في ذلك ارتكازُه على قاعدة شعبية واسعة من حبّ الناس له في مختلف الدول العربية".

وأضاف: "ولمّا كان الشعر منذ القدم ركيزة لنشر ثقافة الخير والسلام، فالشعراء مُطالبون اليوم بتكريس هذه القيم، بما يناسب هذا العصر الذي نعيش فيه في قرية كونية واحدة، لتكون الإنسانية هدفًا يتجسّد بنبذ كل عوامل الفرقة. ونحن في دولة الإمارات، نستلهم من تراثنا وثقافتنا الأفكار والمعاني والطموحات المشروعة بترسيخ مكانة أبوظبي كمركز مُعاصر للإشعاع والحوار الحضاري، مؤكدين دوما ً حرصنا الكبير على التمسّك بإرث زايد في حب الإنسانية، وخلق التقارب والتواصل بين البشر".

فيما قدم الدكتور علي بن تميم، مدير عام شركة أبوظبي للإعلام والأمين العام لجائزة الشيخ زايد للكتاب، ورقة عمل هامة بعنوان "زايد جسر التواصل مع الثقافات والحضارات"، تحدّث فيها عن مشروعين ثقافيين كبيرين في أبوظبي هما مشروع كلمة للترجمة وجائزة الشيخ زايد للكتاب بوصفهما جسرين معرفيين يُجسّدان قيم الاستنارة الثقافية في أبوظبي، ونموذجان لما تقوم به أبوظبي ولما يمثله زايد من قيم الانفتاح والتواصل والدعوة إلى التسامح وحوار الحضارات.

وأكد في كلمته أنّ الشيخ زايد كان يؤمن أنّ الاختلاف سنّة من سنن الكون والحياة، ولم يكن يسعى عبر الحوار إلى فرض رأي على آخر، بل ظلّ يهدف إلى تعظيم القواسم المشتركة بين الناس والتقليل من الخلاف الذي يقود إلى الصراع والعنف، فهو ابن الحضارة العربية القائمة على التنوع في إطار الوحدة. ويؤكد الشيخ زايد أهمية الانفتاح على الأبعاد الإنسانية في الحضارات المختلفة، ويرى أنّ جوهر الحضارة الغربية بني على هذا اللون من الانفتاح والمثاقفة الإيجابية، وأنّ علينا أن نفيد من التجارب الحضارية لنتمكن من بناء تصور حضاري يجمع بين "ماض تليد ونهضة عصرية.

كان الشيخ زايد يرى أنّ بناء النهضة في دولة الإمارات، هو أمر مركّب لا يجوز له أن يكون أحاديًّا وأن يقتصر على جانب بعينه من جوانب الحياة المجتمعيّة، بل إن عليه أن يتّسم بالشمول والحركيّة والمرونة ووضوح الأهداف، وقد ظلّت مسألة تعليم الأجيال لتكون مؤهّلة لاكتساب المعرفة التي تساعدها في تطوير حاضرها والتخطيط لمستقبلها، تحتلّ جزءًا مهمّا من رؤى الشيخ زايد. وتصدر دولة الإمارات عن منظور يؤمن بالحوار مع الآخر، فالإمارات كما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الوزراء حاكم دبي، أرست قيم التسامح والتعايش وقبول الآخر منذ قيامه، وتحولت إلى مركز جذب للناس من مختلف أنحاء العالم، وكما يقول صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، فإنّ الإمارات ترسم طريقًا مفعمًا بالأمل، وترسّخ بنهجها التنموي مبادئ التسامح والتعايش والخير للمنطقة والعالم.

وذكر الدكتور علي بن تميم أنّ مشروع كلمة للترجمة، انطلق برعاية كريمة من صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، في عام 2007 بهدف إحياء حركة الترجمة في العالم العربي، ومدّ جسور التواصل الثقافي والحضاري بين الشعوب، ليشكل المشروع جسرًا للحوار والانفتاح والتسامح، حيث برزت الحاجة إلى مشروع كلمة لقيام مشروع عربي للترجمة يسد الفجوة الكبرى في عالم الترجمة ويصدر عن تصور معرفي ويحقق رؤية أبوظبي في تأسيس نهضة علمية ثقافية عربية تشمل مختلف فروع المعرفة البشرية يمثل الكتاب فيها حجر الزاوية والمرتكز.

ويرى المتأمل لمنشورات كلمة أنها تشمل حقول المعرفة المختلفة التي تسهم في صناعة الوعي الإنساني مثل: المعارف العامة، الفلسفة وعلم النفس، الديانات، العلوم الإنسانية، اللغات، العلوم الطبيعية والدقيقة/التطبيقية، الفنون والألعاب الرياضية، الأدب، التاريخ والجغرافيا وكتب السيرة، الأطفال والناشئة. كما ويسعى مشروع "كلمة" كي يترجم أعماله عن أكبر قدر ممكن من اللغات الأجنبية، وقد نجح المشروع في الترجمة عن أكثر من ثلاث عشرة لغة هي: الإنجليزية، والفرنسية، والإسبانية، والألمانية، والهندية، والتركية، والصينية، والسويدية، والإيطالية، والهولندية، والروسية، والبولندية، والكردية.

كما تحدّث الدكتور علي بن تميم عن جائزة الشيخ زايد للكتاب التي تمّ الإعلان عنها في عام 2006 في السياق الثقافي الذي تتبناه أبوظبي بهدف صناعة حركة من الاستنارة في الثقافة العربية عن طريق تشجيع المبدعين والمفكرين في مجالات الآداب والفنون والنقد الأدبي والدراسات الفكرية، تكريم الشخصيات الأكثر عطاء وإبداعًا وتأثيرًا في حركة الثقافة العربية الحديثة، الاحتفاء بالمبدعين والمفكرين من الشباب، واكتشاف الموهوبين في مجالي البحث والإبداع، والمساهمة في تشجيع حركة النشر، والارتقاء بالإنتاج الإبداعي في مجالات التقنية، وتنشيط حركة الترجمة الجادة، والاهتمام بأدب الطفل العربي، إضافة للاهتمام بالآخر عن طريق تكريم الدراسات الجادة المكتوبة بلغات أجنبية عن الثقافة العربية، وقد استطاعت الجائزة التي تحمل اسم الراحل الكبير أن تصبح في غضون سنوات قليلة واحدة من أكثر الجوائز الأدبية في العالم العربي أهمية وانتشارا.

أما الكاتب والباحث الإماراتي سلطان العميمي، فقد كشف عن حقائق فريدة في جلسة بعنوان "التجربة الإنسانية والغنائية في أشعار الشيخ زايد"، وأوضح أنّ اهتمام الشيخ زايد بن سلطان بالشعر بشكل كبير إنما جاء لقيمته الإنسانية والأدبية المؤثرة والمهمة، وكذلك من جهة اعتباره عنصرا مهما من عناصر الهوية الإماراتية، وقد بادر الشيخ زايد في سبيل هذا الاهتمام لتأسيس مجالس شعرية تلفزيونية في أبوظبي، طباعة وإصدار عدد من الدواوين الشعرية في وقت مبكر، تأسيس لجنة التراث والتاريخ التي اهتمت بالشعر النبطي بصفته جزءا من التراث الإماراتي، وتشجيعه الفنانين الإماراتيين على غناء القصائد النبطية لكبار شعراء الإمارات، استقباله الدائم للشعراء في مجلسه وعند زيارته لمختلف المناطق، وتشجيعه المستمر ودعمه لوسائل الإعلام بمختلف أشكالها للاهتمام بالشعر النبطي، فظهرت برامج إذاعية وصفحات ومجلات محلية تهتم بالشعر النبطي، وظهرت مؤسسات ومراكز ثقافية وتراثية وبحثية تهتم بالشعر النبطي ودراسته.

كما قرض الشيخ زايد الشعر النبطي، وقد صدرت عدة دواوين شعرية تضم قصائده، وقد نظم على مختلف الأوزان، لكنه أبدى اهتمامًا واضحًا بأوزان الشعر النبطي وفنونه التي اشتهرت بها إمارات الدولة منذ القدم، خاصة الونة والردحة والتغرودة، أما الأغراض الشعرية التي كتب عليها الشيخ زايد، فهي عديدة، وتتنوع بين الغزل وقصائد الحكمة والقصائد الوطنية والاجتماعية، إضافة إلى قرضه ما يعرف باسم المساجلات الشعرية، وهو أسلوب من أساليب الشعر يبدي فيها الشاعر إعجابه بقصيدة شاعر آخر فيجاريها، أو يشكو فيها معاناته لشاعر آخر أو يستقبل قصيدة شكوى من شاعر آخر فيرد عليها، إلا أن ثمة ملامح مهمة للتجربة الشعرية عند الشيخ زايد، تتجلى في تلك القيم الإنسانية التي احتوى عليها عدد غير قليل من قصائده، وترتبط هذه القيم بثيمات مهمة مثل التسامح والدعوة إلى السلام وتقبل الآخر وتبادل الاحترام بين الفرد والآخر، واحترام المرأة والعلاقات الإنسانية، وضرورة التحلي بالصبر والاجتهاد والعمل لأجل تحقيق النجاح. وكذلك حب الوطن والدفاع عنه.

وحول التجربة الغنائية في أشعار الشيخ زايد، ذكر العميمي أنه يمكن القول إن الأغنية ارتبطت بالشيخ زايد عبر مسارين، الأول هو توجيهه الفنانين باختيار غناء القصائد النبطية الإماراتية، وهي خطوة لها أبعاد عديدة، منها الربط بين القصيدة النبطية القديمة في الإمارات، بالأغنية والقصيدة المعاصرة، من حيث المفردة أو الصورة الشعرية أو تعزيز الهوية المحلية، أما المسار الثاني فهو غناء الفنانين لقصائد الشيخ زايد، حيث تتميز قصائد الشيخ المغناة بعدد من المميزات التي ساعدت في نجاحها وانتشارها، من أهمها: قوة العبارة الشعرية، ووضوح المفردات المرتبطة بلغته الشعرية، وإنّ براعة الوصف المطعّم بالحكمة، وجزالة العبارة، ومتانة البُعد الصوتيّ والإيقاعيّ الذي لا تقدر الترجمة بطبيعة الحال أن تنقله باكتمال، وتعدّد المضامين المتصلة بتجربة إنسانية عميقة، هي بعض مميّزات أشعار الشيخ زايد البالغة الوفاء لتراث شعريّ أصيل تفاعلت معه بصدق واقتدار، وهو وفاء عبّر فيه صاحبها عن تواضع دائم، وعن شغف بهذه الحكمة العريقة التي تفعم الشعر البدويّ وتجعل منه نشيدًا شعريًّا وسجلًّا أخلاقيًّا في آنٍ معًا، بعيدًا عن أي شكل وعظي.

وباستعراض قصائد الشيخ زايد المغناة، نجد في إحصائية سريعة أن عدد قصائده المغناة يزيد على 80 قصيدة، غني بعضها بصوت فنان واحد، وبعضها بصوت 11 فنانًا وفنانة، وبلغ عدد الفنانين الذين غنوا قصائده: 57 فنانًا، منهم 14 فنانة، منهن 5 فنانات إماراتيات، في مقابل 30 فنانا إماراتيًا، بما يصل مجموعه إلى 35 فنانا وفنانة إماراتيين، أي أكثر من نصف الأغاني، وهناك ثلاثة فرق غنائية غنت قصائد الشيخ زايد، كما غنيت القصائد وأدّيت بالموسيقى وبأداة الربابة "وهي أداة موسيقية وترية فردية"، وبصوت "الشلّة"، وهو فن يعتمد فيه الفنان على أدائه الصوتي فقط، وإضافة إلى فناني الإمارات الذي غنوا قصائد الشيخ زايد، نجد أن جنسيات الفنانين الآخرين تتنوع بين المملكة العربية السعودية والكويت والبحرين وسلطنة عمان والمغرب وغيرها من الجنسيات العربية الشقيقة.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل