المحتوى الرئيسى

محمد فودة يكتب: صائدة الجوائز.. كيف أصبحت إلهام شاهين ضحية موهبتها؟

04/06 19:58

هل يمكن أن تتحول الموهبة إلى نقمة تقف فى طريق صاحبها؟ وهل يمكن أن تصبح النجومية سببًا فى عرقلة مسيرة هذا الفنان أو ذاك؟

هذا ما حدث مع النجمة إلهام شاهين، الفنانة الموهوبة التى أعتقد أنها أصبحت الآن ضحية نجوميتها وتألقها وموهبتها التى أراها زائدة على الحد، بالقياس لتلك المواهب الضعيفة التى غزت الساحة الفنية.

أين إلهام شاهين الآن؟ وأين ذهبت نجوميتها وسط هذا الكم الهائل من أنصاف الموهوبين الذين تسلقوا على جدار النجومية فى غفلة من الزمن؟ وهل يليق تجاهل المنتجين لفنانة بحجمها لم تكتف بعطائها الفنى بل خاضت تجربة الإنتاج لتقدم لنا فنًا راقيًا؟.

رفضت الانحناء لعاصفة الإسفاف.. و«العمى الفنى» للمنتجين وراء اختفائها عن الساحة

كان ولا يزال فن إلهام شاهين من علامات الفن المصرى الرائعة، لأنها كانت تعتمد على احترام الأسرة والابتعاد عن الإسفاف أو الألفاظ الخارجة عن حدود الآداب العامة.

وحينما أكتب متسائلًا عن سبب اختفاء إلهام شاهين، فإننى أعنى فى قولى أين هى الآن من الوسط الإنتاجى الذى يتحكم فى ظهور هذا النجم أو ذاك؟.

إلهام شاهين، النجمة المحبوبة معروف مكانتها، وتسكن داخل قلوب وعقول جمهورها العريض الذى لن ينسى لها أعمالها الجميلة والمتميزة التى قدمتها عبر مشوار طويل ملىء بنجاحات حققتها من خلال أعمال فنية كثيرة أبدعت فيها وتنقلت من خلالها بين الأعمال الاجتماعية الرائعة والرومانسية الحالمة والدراما النقدية التى لم تتضمن أبدًا أى كلمات فيها إسفاف، كما نرى الآن، وذلك لسبب بسيط هو أن إلهام شاهين هى بحق فنانة بمعنى الكلمة.

فنانة موهوبة تنتمى لجيل يعى جيدًا خطورة ما يقدمه للجمهور ويعلم تمام العلم أن دور الفنان الحقيقى ليس مجرد الوقوف أمام الكاميرا وتصوير مشهد هنا أو هناك، وإنما الفنان الحقيقى هو صاحب الرسالة فى الحياة والتى تفرض عليه أن تكون جميع تصرفاته محسوبة بدقة متناهية، وهو ما يدفعنى إلى القول بأن إلهام شاهين من تلك النوعية من النجوم الكبار الذين يحترمون أنفسهم ويقدرون قيمة فنهم.

لم تعد إلهام شاهين موجودة على الساحة الفنية، لأنها بالطبع لم تنحن فى يوم من الأيام لعاصفة الانحطاط الفنى التى هبت علينا منذ عدة سنوات فى ظل عدم وجود ضوابط تحكم العملية الإنتاجية.

وماذا كانت النتيجة؟ النتيجة أننا نتوقف أمام فنانة كبيرة فى حجم ومكانة إلهام شاهين تجلس فى بيتها وكأن الجهات الإنتاجية قد أصيبت بحالة «عمى فنى»، فلم يعد يراها أحد، ولم يعد لدينا من يمتلك مهارة البحث عن الجواهر الكامنة بداخل فنانين وفنانات كبار قدموا الكثير والكثير للساحة الفنية عبر مشوار حافل بالعطاء من خلال الفنون المختلفة، سواء كانت سينما أو مسرحًا أو تليفزيونًا.

وحينما أقول إن المنتجين قد أصيبوا بحالة «عمى فنى» فإننى لا أقصد الإساءة لشخص بعينه، فالغالبية العظمى من المنتجين لا أحد يمكن أن يشكك فى حرصهم على تقديم فن يليق باسم مصر، ولكن أعيب على البعض فى مسألة «الاعتبارات» التى يتم من خلالها اختيار هذا النجم أو ذاك للقيام ببطولة عمل ما أو حتى مجرد مشاركته ولو بدور صغير فى أى عمل فنى.

أنا فقط أنتقد تلك المعايير التى يتم العمل بها الآن.. فهل حينما يكبر فنان أو فنانة فى السن يكون من حق هذا المنتج أو ذاك أن ينصب نفسه قاضيًا ليحكم على هذا الفنان بأن يلزم بيته ويضع يده على خده فى انتظار الفرج، وتمضى الأيام والشهور بل والسنون أيضًا وهو هكذا جالس فى انتظار ما لا يجىء.

هذا الوضع المستفز الذى تتسم به الساحة الإنتاجية دفعنى إلى الكتابة الآن، آخذًا فى الاعتبار حالة النجمة الكبيرة إلهام شاهين.. فهل يليق بالفن المصرى أن تتصدر الساحة الفنية الآن فنانات لا يمتلكن ١٠٪ من موهبة وروعة وجمال أداء إلهام شاهين فى التمثيل، وهل يليق أن يتهافت المنتجون على فنانات بعينهن لاحتكار الأدوار الرئيسية فى الأعمال التى يتم إنتاجها الآن، متجاهلين اسم فنانة فى قيمة إلهام شاهين، بحجة أنها لم تعد قادرة على العطاء.

وهذه فى تقديرى أسباب تافهة لا تصدر إلا عن أشخاص لا يعرفون كيف يقدرون النجوم، فإلهام شاهين فنانة بمعنى الكلمة أراها دائمًا كالزهور الطبيعية، كلما تعرضت لعوامل الزمن فإن رائحتها تظل كما هى، ودائمًا نراها تفوح عشقًا وحبًا وجمالًا.

أكتب الآن مناشدًا المنتجين الحقيقيين الذين لا تزال تجرى فى عروقهم دماء الإخلاص للمهنة، مطالبًا إياهم بنظرة اهتمام وتقدير لنجوم كبار قدموا للفن المصرى الكثير والكثير، ولا يصح أن يتم التعامل معهم على هذا النحو من التجاهل وعدم التقدير الذى يصل فى بعض من الأحيان إلى حد التجريح، فهناك من يطل علينا من حين إلى آخر متحدثًا عن النجوم الكبار وهو يعتبرهم انتهوا وولت نجوميتهم، ضاربًا عرض الحائط بكل الأعراف والاعتبارات الأخلاقية والمهنية.

كيف يمكن الحديث عن نجومنا الكبار بهذه الاستهانة، بينما نجد الأمر مختلفًا تمامًا فى كل بلاد العالم، حيث يكرمون نجومهم ويقدرونهم ويحتفون بهم بشكل كبير يليق بما قدموه عبر مشوارهم الفنى الطويل.

قدمت أكثر من ١٣٥ عملًا متميزًا.. وخاضت تجربة الإنتاج لخدمة الأسرة المصرية وقيمها

أكتب عن النجمة إلهام شاهين، انطلاقًا من إيمانى التام بفنها، وقناعتى بأنها لا يزال لديها الكثير والكثير يمكن أن تقدمه للفن.

هى ممثلة قديرة، ولدت فى حى مصر الجديدة بالقاهرة عام ١٩٦٢، ولأنها كانت منذ الصغر تعشق فن التمثيل فإنها حصلت على بكالوريوس معهد الفنون المسرحية قسم تمثيل عام ١٩٨٢ وبدأت حياتها المهنية بالعمل فى المسرح عام ١٩٨٠.

بدأت حياتها الفنية عندما قدمها المخرج كمال ياسين فى مسرحية «حورية من المريخ»، وبعدها توالت الأعمال، فقدمت العديد من المسرحيات منها «قنبلة الموسم، المتحذلقات، المصيدة، بستان الوهم، والنسانيس».

أما انطلاقة إلهام شاهين السينمائية بشكل فعلى، ويمكن أن تقول إنها بمثابة شهادة ميلاد فنية حقيقية لها، فكانت فى فيلم «أمهات فى المنفى» عام ١٩٨١، ثم «العار» عام ١٩٨٢ الذى كان بمثابة بداية معرفة الجمهور بها. وكانت فترة الثمانينيات هى الفترة الأكثر رواجًا فى السينما لـ«إلهام شاهين»، إذ قدمت خلالها ٣٣ فيلمًا لا يمكن بأى حال من الأحوال إغفالها أو نسيانها، حينما نكتب عن مشوار إلهام شاهين الفنى، ومن بين تلك الأفلام «لا تسألنى من أنا، والعبقرى خمسة، وموت سميرة، والهلفوت، ورمضان فوق البركان، والسيد قشطة». ندرك أنها قدمت العديد من المسلسلات التليفزيونية التى لا تزال فى أذهان الناس وفى مقدمتها «محمد رسول الله جزء ٣، وأبواب المدينة جزء ٢، ورحلة عذاب، وقال البحر، وأخو البنات، والشيطان والحب، ودوامة الحياة».

وكانت أكثر السنوات التى اتسمت فيها إلهام شاهين بالنجومية والتألق عامى ١٩٨٦ و١٩٨٧، فقدمت خلال ١٩٨٦ وحده ١٠ أفلام منها «نأسف لهذا الخطأ، وسترك يا رب، واحترس عصابة نساء، والسكاكينى، ومحامى تحت التمرين، ووعد ومكتوب، وابنتى والذئاب، ورغبة وحقد وانتقام»، وقدمت مسلسل «ناس مودرن».

وقدمت النجمة خلال عام ١٩٨٧ فى السينما ٨ أفلام منها «الهاربات، ولقاء فى شهر العسل، وعطشانة، وبنات حارتنا، والعبقرى والحب، والزوجة تعرف أكثر، ورجل فى عيون امرأة».

ولأنها فنانة شاملة وموهوبة، فكانت لها تجربة فريدة قدمت من خلالها ولأول مرة الفوازير التى كانت تحمل اسم «فطوطة والأفلام»، وشاركت فى مسلسل «الهروب إلى السجن».

ولأننى لا أكتب هنا لأرصد ما قدمته عبر تاريخها الفنى فإننى أردت الإشارة فقط إلى فترات التألق الفنى للنجمة إلهام شاهين، فمع بداية التسعينيات، تراجع مجمل عدد الأعمال السينمائية التى قدمتها، وكان المناخ العام آنذاك مختلفًا تمامًا ولكنها تميزت بالأدوار الجديدة، وهو ما أضاف إلى رصيدها الجماهيرى الكثير، فقدمت أشهر أفلامها منها «موعد مع الرئيس، والحب المر، والحجر الداير، ولحم رخيص، والهروب إلى القمة، والجنتل، ويا دنيا يا غرامى، ودانتيلا، وهارمونيكا، والقتل اللذيذ، وجنون الحياة، والظالم والمظلوم». ولم يتوقف نشاطها الفنى فى السينما فقط، بل شهدت التسعينيات نشاطًا خاصًا للفنانة إلهام شاهين فى المسلسلات التليفزيونية وقدمت الكثير من بينها «ليالى الحلمية الجزء ٤ و٥، والبرارى والحامول، ونصف ربيع الآخر، والحاوى»، كما شاركت فى مسرحية «بهلول فى إسطنبول».

وقدمت إلهام شاهين، خلال الألفية الثالثة، عددًا من الأفلام من أهمها «الأخطبوط، وسوق المتعة، وحياة قلبى وأفراحه، وعليه العوض، ونحب عيشة الحرية، وصيد الحيتان، والرغبة، وخالى من الكوليسترول، وواحد صفر».

كما قدمت من المسلسلات «سامحونى ماكنش قصدى، الكومى، بنات أفكارى، الإمبراطور، السيرة العاشورية (الحرافيش) الجزأين الأول والثانى، ونجمة الجماهير، ومسألة مبدأ، وامرأة من نار، وبنت أفندينا، وعلى نار هادئة، وأحلام لا تنام، وامرأة فوق العادة، وقلب امرأة، وقصة الأمس، وعلشان ماليش غيرك، ونعم مازلت آنسة، وامرأة فى ورطة»، وحصلت على جائزة أفضل ممثلة فى مهرجان «روتردام».

أهم أخبار فن وثقافة

Comments

عاجل