المحتوى الرئيسى

رحلات الملاح الصغير| ماذا حدث للأصدقاء في أرض الضباع؟ | ولاد البلد

03/25 12:51

الرئيسيه » بيئة » رحلات الملاح الصغير| ماذا حدث للأصدقاء في أرض الضباع؟

بعد أن نجحت السَفِينة في يومها الثالث عَشْر في عبور المسافات الطوال، في طريقها إلى مَملِكة المَرْجَان اعترض طريقها سَفِينة أخرى تحمل علم القراصنة السفاحين في أعالي البحار، يقودها أحد الجَانُ الأشرار من ذوي الوجوه المرعبة المخيفة، الذين يسكنون عرض البحار.

طلب ذلك الجِنَّيُ صاحب الوجه المخيف من المَلاَّحِ التوقف، وما إن رأى المَيْمُونُ هذا الجِنَّيُ الشرير حتى ارتعد، وقال هامسا في أذن المَلاَّحُ، إنه “بندق” الكذاب لا تصدقه في أي شيء يقوله لك أَيُّها المَلاَّحُ، إنه من الجَانُ الأشرار، فأدرك المَلاَّحُ أن هناك أمرًا ما بين هذا الجِنَّيُ الشرير وبين صَّدِيقه المَيْمُونُ.

–       المَيْمُونُ: ماذا تريد يا بندق؟

–       بندق: لا أريد شيئا سواك أَيُّها الجِنَّيُ العاق، فقد كان عليك بعد أن حررك هذا المَلاَّحُ من محبسك أن تعود إلىَّ ثانية.

–       المَلاَّحُ: ولماذا يعود هذا المَيْمُونُ إليك من جديد يا بندق؟

–       بندق: ألم يخبرك هذا الجِنَّيُ العاق أَيُّها المَلاَّحُ، أنه كان لي عبدا قبل أن يُسجن في حجر المَرْجَان القديم، وبعد أن حررته أنت، كان لزاما عليه أن يعود إلى سيده، كما هو لزاما عليك أنت أيضا أَيُّها المَلاَّحُ أن تسلمه لي الآن، وإلا فإن الموت هو العقاب الوحيد…

وفي هذه اللحظة شعر المَيْمُونُ بالخوف وعدم الأمان، فقرر الفرار، هاربًا مسرعا على ظهر قاربه الصغير في عرض البَحْر، وتبعه صَّدِيقه المَلاَّحُ، بعد أن طلب من لُؤْلُؤة البقاء على متن السَفِينة كحارسة لها وللمَحَارة المسكينة، ووعدها بالعودة في أقرب وقت ممكن، بعد التخلص من بندق الشرير، وبالفعل لحق المَلاَّحُ بالمَيْمُونُ وركب معه القارب وخلفهما بندق يطاردهما بسفينته الكبيرة..

–       المَيْمُونُ: أين يا تُرى سنذهب أَيُّها المَلاَّحُ، فالبَحْر أمامنا وبندق  الشرير من ورائنا، وأينما ذهبنا سيلحق بنا في كل الأحوال؟

–       المَلاَّحُ: لا تحزن ولا تخف أَيُّها المَيْمُونُ، سنذهب إلى شبه جَزِيرَةِ الضِبَاع.

–       المَيْمُونُ متعجبا: وما هي شبه جزيرة الضباع تلك أَيُّها المَلاَّحُ؟

–       المَلاَّحُ: هي أرض تحيط بها مياه البَحْر من كل الجهات، إلا جهة واحدة، هي تلك التي يسكنها وتعيش بها الضباع المتوحشة .

–       المَيْمُونُ فزعا: وكيف لنا أَيُّها المَلاَّحُ أن نذهب بأقدامنا إلى تلك الضباع المتوحشة؟

–       المَلاَّحُ: إنني أعرف أَيُّها المَيْمُونُ، كل كبيرة وصغيرة فوق شبه الجزيرة المهجورة، جبالها، وسهولها، وتلالها، وجبالها، ومنخفضاتها، وأحواضها، ومغاراتها، وكثبانها الرملية، سنحاول أن نهرب من هذا البندق الشرير في البداية، فإذا فشلنا في ذلك، فلي معه شأن آخر.

وماذا ستفعل معه أَيُّها المَلاَّحُ؟ هكذا سأل المَيْمُونُ، فأجابه المَلاَّحُ  قائلا: لا عليك أَيُّها المَيْمُونُ، سأجعل من بندق هذاعبرة ومثلا  لكل بنى الجَانُ الأشرار أمثاله، وسأجعله يندم طوال عمره على اليوم الذي تبعنا فيها فوق سطح شبه الجَزِيرَة النائية.

وبالفعل وافق المَيْمُونُ على كلام المَلاَّح، واتجها معا نحو أرض الضِبَاع، وما إن نزلا فوق سطحها حتى لحق بهما بندق الشرير، فأخذ المَلاَّحُ يراوغ ذلك الجَانُ الشرير، فمرة يصعد فوق الجبال، ثم يهبط في قاع المنخفضات، ثم يمر بين السباخ والمستنقعات، إلى أن وجد إحدى موائد الصخر البارزة التي كونتها الريح، وأكلت قواعدها، ثم تركتها لتبدو كمائدة طعام مستديرة، فاختبأ خلفها، إلا أن بندق المراوغ أدرك الخدعة فلحق بهما، وهكذا في كل مرة يحاول فيها المَلاَّحُ الفرار والهرب، كان الجِنَّيُ الشرير له بالمرصاد، فأدرك المَلاَّحُ أنه لا يفيد مع بندق الشرير سوى الحل الآخر البديل.

فسأل المَيْمُونُ عن هذا الحل البديل، فقال له المَلاَّحُ: ليس أمامنا سوى تل الذئاب، بالركن الشمالي الغربي من شبه الجزيرة، وما إن سمع المَيْمُونُ كلمة الذئاب حتى ارتعد وخاف من جديد قائلا: الا تعلم أَيُّها المَلاَّحُ أنني أخاف الذئاب، فقد تفترسني أو تعيدني ثانية إلى محبسي داخل حجر المَرْجَان، فما كان من المَلاَّحِ إلا أن طمأن صديقه، وأخبره أنه سيأخذه إلى مكان أمين يختفى فيه ولا يظهر، فى حين يذهب هو ومعه بندق الشرير إلى تل الذِّئْاب.

وبالفعل ذهب المَلاَّحُ بصديقه المَيْمُونُ داخل إحدى المغارات المختفية تحت سطح الأرض، التى أذابت صخورها مياه الامطار يوما، وطلب من صَّدِيقه البقاء داخلها وعدم مغادرتها مهما حدث، حتى يعود إليه ثانية، وإلا ستكتشف أمرَه الضباعُ، وتفترسه في الحال، فوافق المَيْمُونُ على كلام صَّدِيقه المَلاَّحُ، ثم تعمد المَلاَّحُ إظهار نفسه لبندق الشرير، والذهاب به إلى التل الذي فيه تعيش الذِّئْاب.

وبالفعل صعد المَلاَّحُ إلى قمة التل المرتفع بصعوبة بالغة كأنما يَصَعّدُ في السماء، وكيف لا فعند قمم التلال والجبال يقل الأكسجين والهواء، فيضيق صدر كل من يصعد إليه وقد يختنق ويموت، إلا أن بندق الشرير لم يعبـأ بكل هذا على الإطلاق، وصعد هو الآخر حتى وصل بشق الأنفس إلى قمة التل المرتفع.

وما إن صعد الى هناك حتى وجد أمامه قطيعا من الذِّئْاب، ولأن الجَانُ تخشى دوما هذه الذِّئْاب، وخوفا منه أن يفترسه أحدهم فقد قرر “بندق” الاختفاء القصري فى صورة حجر المَرْجَان القديم، ليبقى هناك أسيرًا حبيسًا حتى يعثر عليه إنْسَان، ليحرره من محبسه، لكن هيهات هيهات أن يحدث ذلك، فهذه الأرض مهجورة لا زرع فيها ولا ماء، ومن المستحيل أن يذهب إليها أي إنْسَان، ومن ثم فسيظل هذا البندق الشرير حبيس سجنه هذا إلى الأبد.

ولم يكتفِ المَلاَّحُ بذلك بل قرر الاحتفاظ بحجر المَرْجَان الذى بداخله بندق سجينا داخل صندوق من حديد وأغلق عليه، ثم وضع الصندوق داخل إحدى الحفر العميقة، ليحفظه من النقل والضياع بفعل الرياح أو العبث بواسطة مياه السيول، أو الذوبان من قبل مياه الأمطار،  فليس هذا الحجر الكريم إلا أحد أحجار الجير، الذي يذوب في المياه ويضيع.

وربما احتاج إليه المَلاَّحُ يوما، فيعود لتحرير هذا البندق الشرير للاستفادة من خدماته الثلاثة طالما أن هذا الشرير سيكون طوع أمر سيده المَلاَّحُ في كل الأحوال، كما تحكم بذلك أُسْطورة الجَانُ والمَرْجَان، ثم عاد المَلاَّحُ مرة أخرى في رِحلة صعبة وشاقة بسبب الإرهاق وارتفاع درجة الحرارة إلى صَّدِيقه المَيْمُونُ، ليجده ما زال داخل الحفرة مختبئا من بندق الشرير والذِّئْاب والضباع.

خرج الصَّدِيقان من المغارة وقد كانت الشمس في وسط السماء ودرجة الحرارة فوق سطح شبه الجَزِيرَة قد ارتفعت ارتفاعا كبيرا، إلا أن الصَّدِيقين قررا العودة رغم كل هذه الظروف والأهوال، لاستكمال الرِحلة، وحتى لا يتأخرا كثيرا على لُؤْلُؤة والمَحَارة الصغيرة، كما حدث في المرة السابقة.

وأثناء العودة شعر المَلاَّحُ بتعب شديد، سقط بعدها مغشيا عليه، فوق سطح الأرض، فاتجه المَيْمُونُ إليه، فوجده كالصريع، فوضع يده على وجهه فوجده ملتهبا  كالنار، ثم وضع أذنه فوق قلبه، فوجد ضرباته سريعة ومتعاقبة كمن يطرق بعنف على الأبواب، ولاحظ في الوقت نَفْسِه، جسم المَلاَّحُ، وكأنه من المياه قد خلا وجف.

فأدرك المَيْمُونُ حينها، أن المَلاَّحُ بسبب الجهد الكبير وارتفاع درجة الحرارة، أصيب بضَرْبة شَمَس، فماذا يفعل الآن المَيْمُونُ؟ هل ينتظر حتى الرجوع والذهاب به إلى سطح السَفِينة؟ وهل حالة المَلاَّحُ تتحمل كل هذا التأخير؟

أدرك المَيْمُونُ أن الوقت لن يكون أبدا في صالح المَلاَّحُ، وعليه الآن الإسراع في علاج المَلاَّحُ بنَفْسِه في شبه الجَزِيرَة النائية، دون أي تردد أو انتظار، متخذا القرار السليم والسريع، فنقل المَلاَّحُ إلى مكان ظليل لا شَمَس فيه، ثم أخرج “زمزمية” المياه المبردة، وأخذ يرش به على جسم المَلاَّحُ، مع تزويده بأكبر قدر من السوائل المتوفرة.

وأخيرا أحضر المَيْمُونُ منديلا أبيضًا مبللا بالمياه، وبدأ يمسح به على رأس المَلاَّحُ من حين لآخر، وانتظر المَيْمُونُ بجوار المَلاَّحُ وقتا طويلا، وهكذا دوما يكون الصَّدِيق الحقيقي للصَّدِيق فقد انقذ المَلاَّحُ حَياة صَّدِيقه المَيْمُونُ فى بداية اليوم، وها هو المَيْمُونُ يرد المعروف للملاح وينقذ حياته في نهاية اليوم.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل