المحتوى الرئيسى

وجهة نظر: السياسة والدين ـ جدال أبدي

03/24 10:47

هورست زيهوفر لم يقل "الإسلام السياسي" لا ينتمي لألمانيا. كما أنه لم يقل "الإسلاموية" لا تنتمي لألمانيا. كلماته كانت واضحة وجلية: "الإسلام" لا ينتمي لألمانيا. وهذه ليست صدفة. فوزير الداخلية يعرف ماذا يفعل. وهو يريد ذلك. وهذا يعني سبق الإصرار.

ملايين الألمان بمعتقدهم الإسلامي يعيشون هنا. وهذا ليس الشيء الوحيد الذي يجعل الإسلام حقيقة داخل جمهورية ألمانيا الاتحادية. إنه كذلك بشكل مبدئي. فوزير الداخلية بالتحديد، الذي هو أيضاً وزير الدستور، يجب أن يكون على دراية بالمادة الرابعة من القانون الأساسي(الدستور الألماني). تنص المادة على حرية العقيدة والضمير: لكل شخص حرية الاعتقاد فيما يريد. وكل دين ممكن وكل معتقد يمكن التفكير ما دام لا يخرق القانون الأساسي. إن ادعاء سياسي لنفسه الحق بإنكار حق دين عالمي في الوجود كجزء من الحقيقة الدينية الاجتماعية في ألمانيا يبرهن على فهم مشكوك فيه لحرية التدين.

لا يمكن تفهم هذا التهميش للإسلام لا من الناحية التاريخية ولا من الناحية السياسية-الاجتماعية. لا أحد يشك في أن المسيحية في أوروبا عبر قرون من الزمن كانت هي الدين المهيمن. لكن هذا الغرب المسيحي، الذي يتحمس له الكثيرون، لم يكن له دوماً رؤية دينية حداثية. بالعكس: شراكات بين السلطتين الدينية والدنيوية موجودة هنا، وحروب دينية، وتبشير عنيف، وردود فعل معادية لليهود منذ البداية. مارتن لوثر، الإصلاحي، معاد عنيف للسامية.

إذاً عندما نتحدث عن الفصل بين الإسلام والتعايش المسيحي-اليهودي يجب التفكير ملياً عما نتحدث فيه في الواقع، لأنه خلال قرون ظلت هناك فواصل بين ذلك التعايش وغيتوهات ودم وتدمير. ومع الهولوكوست تبين أخيراً وفي عنف مميت غير معهود لتاريخه تجذر كراهية اليهود ثقافياً ودينياً في أوروبا ولاسيما في ألمانيا.

الإسلام هو إحدى الديانات التوحيدية الثلاثة. لا يوجد إسلام "واحد". ففي كثير من البلدان هو دين الدولة، وفي غالبية البلدان والتي هي ديكتاتوريات يوجد تعايش غير معلن بين سلطة الدولة والدين، كما كان عليه الحال في أوروبا لفترة طويلة. هذا الإسلام السياسي، الذي يقمع في المقام الأول مسلمين والذي له مثل المسيحية لفترة طويلة هدف عنيف إمبريالي ديني، يجب محاربته بكل ما نملك من قوة.

ولكن وصم الإسلام في حد ذاته ليس من مهام وزير داخلية الذي هو في آن واحد وزير شؤون الدين المسؤول عن احترام جميع الديانات.

داخل حزب البديل من أجل ألمانيا يشكل الإسلام كلمة شتيمة وتعبيراً مجازياً يشمل الكراهية ضد "الغرباء". وبدون تمييز وبشكل تعميمي يستغل كوادر حزب البديل من أجل ألمانيا والمتعاطفين معهم، لكن ليس هم وحدهم، مخاوف المواطنين عندما يصورون لهم الإسلام كأكبر خطر. يتحدث أولئك عن مجتمعات موازية لا يتم فيها احترام القانون الألماني وعن انتهاك المساواة بين الرجل والمرأة وعن عدم التسامح تجاه المثليين جنسياً.

حتى حزب البديل يشكل مجتمعاً موازياً

ولا يمكن نفي وجود ما ذكرناه آنفاً. لكن حتى الكثيرين من أتباع حزب البديل من أجل ألمانيا يشكلون مجتمعاً موازياً. فهم لا يحترمون المادة الأولى من القانون الأساسي (كرامة الإنسان غير قابلة للمساس)، عندما يصمون مجموعات بكاملها ويهينونها. الإسلاموفوبيا الممارسة من قبل حزب البديل تشبه كراهية اليهود تقريباً.

دافع وزير الداخلي الألماني هورست زيهزفر عن تصريحاته بأن "الإسلام ليس جزءاً من ألمانيا". جاء ذلك بعد سلسة طويلة من الانتقادات من الكثير من أطراف الطيف السياسي، على رأسهم الحزب الاشتراكي الديمقراطي، وفاعلين آخرين بالدولة. (17.03.2018)

فيما لا يزال الجدل مستمرا حول تصريح وزير الداخلية الألماني بأن "الإسلام لا ينتمي إلى ألمانيا"، ذكرت صحيفة "دي فيلت" أن غالبية كبيرة تؤيد كلام الوزير. الصحيفة استندت إلى استطلاع للرأي أجراه مركز أبحاث بناء على تكليفها. (19.03.2018)

نعم صحيح حتى بين المسلمين في أوروبا تكشر كراهية اليهود عن وجهها القبيح. لكن كما هو في السابق مازالت كراهية اليهود النازية داخل أجزاء من اليمينيين المتطرفين الجدد واضحة للعيان. ولا يجب الموازنة بين الشيئين، لأن أحدهما لا يجعل من الآخر أفضل حالاً. يجب فقط توضيح أن أولئك الذين يدافعون عن حزب البديل من أجل ألمانيا هم جزئياً معادين للدستور وللإنسانية مثل أولئك الذين يشجبونهم.

وعوض عن تميز نفسه والمشاركة بمسؤولية في النقاش العاطفي، يصب هورست زيهوفر بشكل شعبوي الزيت على النار المشتعلة. الابتعاد عن حزب البديل من أجل ألمانيا هو أمر مهم مثل الابتعاد عن الإسلام السياسي. وعدم تبني لغتهم هو جزء من مسؤولية منصبه. ليس من حق أي سياسي أن يقرر فيما إذا كان دين ينتمي لبلد أم لا.

حدود السياسة في قضايا المعتقد

في حال استغلال الدين، كيفما كان، كذريعة لارتكاب جنح أو انتهاك الدستور الأساسي، فإنها مهمة الشرطة والعدالة أن تهتم بذلك، لأنه ليس هناك دين فوق القانون. وما عدا هذا فلا دخل للسياسة في قضايا المعتقد. وهذا هو أيضاً نتيجة التاريخ الأوروبي الذي يعرف منذ عصور التنوير الفصل بين الدولة والدين.

كل هذا يعرفه هورست زيهوفر. وفي حال تصرفه بشكل آخر، فإن الانتقاد يكون في محله. وهذا ليس له علاقة بأنه لا يمكن في ألمانيا قول ما نفكر فيه، كما يدعي البعض. في هذه البلاد يمكن قول كل شيء! وهورست زيهوفر يستغل في الغالب هذه الحرية. ويمكن تحمل ذلك. لكن في المقابل يجب على زيهوفر وأنصاره أن يتحملوا وجود رأي آخر.

أنا على كل حال أعتقد أنه في الزمن، الذي وصل فيه شعبويون يمينيون إلى البرلمانات والتي بات فيها السلوك الفاضح ظاهرة يومية والتحريض الفكري معاش يومياً في الخطاب الاجتماعي، يجب على السياسيين من الأحزاب الديمقراطية إطلاق إشارة واضحة ومختلفة: إنها إشارة الاحترام.

ميشائيل فريدمان قانوني وإعلامي ومقدم برامج تلفزيونية. على شاشة DW يقدم فريدمان برنامج "في دائرة الخطر".

منذ عام 1997، تقام فعالية "يوم المسجد المفتوح" في الثالث من تشرين الأول/ أكتوبر من كل عام، والذي يصادف يوم الوحدة الألمانية. واختيار هذا اليوم بالذات لم يأت مصادفة، فالمجلس المركزي للمسلمين في ألمانيا يود في هذا اليوم أن يؤكد على "أن المسلمين جزء من الوحدة الألمانية بالإضافة إلى التعبير عن ارتباطهم بمجموع السكان في ألمانيا". وفي هذه السنة يتوقع أن يبلغ عدد زوار المساجد 100 ألف شخص.

الجاليات الإسلامية تريد في هذا اليوم أن تقرب الزوار من الإسلام أكثر، واختارت المساجد كأفضل مكان للالتقاء، فالمساجد ليست مكاناً للصلاة فقط، بل ولعقد اللقاءات والندوات أيضاً.

معظم المساجد تقدم جولات في هذا اليوم، وتظهر الصورة إحدى تلك الجولات في مسجد في بلدة هورت التابعة لمدينة كولونيا، حيث يتلقى الزوار معلومات عن العمارة والتاريخ والحياة اليومية في المساجد التي تعتبر أهم ملتقيات الجاليات الإسلامية في ألمانيا.

المسجد المركزي في مدينة دويسبورغ هو من أكبر المساجد في ألمانيا، وتم افتتاحه عام 2008. يشارك المسجد في نشاطات تدعم الاندماج في المدينة. في يوم المسجد المفتوح، يتيح المسجد لزواره، بالإضافة للجولة، فرصة مشاهدة صلاتي الظهر والعصر، بالإضافة إلى تقديم الشاي لهم.

يتعرف الزوار على الإسلام أكثر ابتداء من اتباع بعض القواعد البسيطة المتبعة في المساجد، حيث يخلعون أحذيتهم قبل الدخول إلى مكان الصلاة، كما يشاهدون كيف يتوضأ المسلمون. ويقوم المسجد المركزي في كولونيا بتوضيح بعض الطقوس والقواعد للزوار في يوم المسجد المفتوح.

المسجد الأزرق في هامبورغ، الذي أخذ اسمه من المسجد الأزرق في إسطنبول، لا يقع على البوسفور، بل على نهر ألستر! وهو رابع أكبر مسجد في ألمانيا. في العام الماضي وفي يوم المسجد المفتوح، رسم الفنان حسن روح العالمين "مذبحة كربلاء"، ذات الأهمية الكبيرة في المذهب الشيعي.

أبواب المساجد لا تفتح في يوم المسجد المفتوح فقط، وإنما هناك فرصة لتبادل الزيارات في يوم الكاثوليك أيضاً، كما في مسجد يافوز السلطان سليم بمانهايم، حيث قامت الراهبات وطالبات الدين من كنيسة مريم العذراء المقابلة للمسجد بجولة تعرفن فيها على الإسلام بشكل أقرب.

يحصل الناس أحياناً على بعض الهدايا الرمزية في هذا اليوم، كالصبي الصغير الذي يظهر في الصورة، والذي حصل على مَسبَحة في يوم المسجد المفتوح في منطقة بونامس بفرانكفورت.

ويتيح يوم المسجد المفتوح للزوار مشاهدة المصلين عند تأدية الصلاة ولو لمرة واحدة. ورغم أنه لا يمكن للزوار دخول مكان الصلاة إلا أنهم يمكن أن يتابعوا الصلاة من أماكن تطل عليها، كما يظهر في الصورة.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل