المحتوى الرئيسى

أسرار «الوكالة اليهودية».. أخطبوط إسرائيل للسيطرة على العالم

03/23 21:40

يرى إسرائيليون أن «الصهيونية الحقيقية» تتمثل فى عودة كل يهودى إلى ما يزعمون أنه «الموطن التاريخى والوحيد لشعب الله المختار»، والمتمثل فى الأراضى الفلسطينية المحتلة، سواء كان وضعه فى موطنه الحالى جيدًا أم لا. فى المقابل، يرى آخرون فى إسرائيل أن دعوة اليهود للهجرة إلى الأراضى المحتلة فى فلسطين، شىء عفا عليه الزمن، معتبرين أن مصلحة دولة اسرائيل فى بقاء اليهود بـ«دول الشتات»، ومن ثم دعمها من الخارج. وخلال السنوات الأخيرة، رصد مراقبون تغيرًا فى نشاط «الوكالة اليهودية» ونمط عملها، بدءًا من المشروعات السياسية، مرورا بالمشروعات والصفقات التجارية، وصولًا إلى الأنشطة الاجتماعية، وما بين هذه المشروعات والمحطات تختفى مجموعة من الأسرار، سنحاول كشفها فى السطور التالية.

تل أبيب تمولها بـ100 مليون شيكل سنويًا.. وتمتلك 1600 شركة ومصنع خمور حول العالم

قبل التطرق إلى صفقات وبرامج وأهم أسرار «الوكالة اليهودية»، نعرج على تاريخها، الذى بدأ عام ١٩٠٨ بإنشائها تحت اسم «مكتب فلسطين» فى مدينة «يافا»، كفرع لعمليات «المنظمة الصهيونية فى فلسطين» تحت الحكم العثمانى.

وكانت مهمة الوكالة تمثيل اليهود أمام السلطان العثمانى والسلطات الأجنبية الأخرى وشراء الأراضى لليهود بمساعدة «الصندوق القومى اليهودى».

وبعد تأسيس إسرائيل فى ١٩٤٨، تغير اسمها إلى «الوكالة اليهودية لأجل إسرائيل»، وتولت مهام جمع الإعانات للقومية اليهودية، وتشجيع الهجرات، وحل مشاكل الاستيطان، والدعاية، وتثقيف اليهود خارج إسرائيل بالأهداف الصهيونية.

وفى ١٩٥٢، اعترف «الكنيست» بموجب قانون ١٩٥٢ بأن المنظمة الصهيونية والوكالة اليهودية ذات صلاحيات لمتابعة عملها داخل إسرائيل، وتم الاتفاق على أن الوكالة والمنظمة يديرها شخص واحد، إلى أن تم فصلهما مرة أخرى عام ١٩٧١.

وتتكون «الوكالة اليهودية»، حسب نص دستورها، من مجلس ولجنتين، ويتكون المجلس من ٢٢٤ عضوًا، يتم توزيعهم مناصفة بين اليهود الصهاينة وغير الصهاينة.

وتحدد وثائق رسمية إسرائيلية الأهداف الأولية لـ«الوكالة اليهودية» فى تنظيم حملات واسعة، لتشجيع «يهود الشتات» للهجرة إلى إسرائيل، والمساهمة فى توطين هؤلاء المهاجرين واستيعابهم فى إسرائيل، ودعم الخدمات الصحية لهم إلى أن يتم استيعابهم نهائيًا داخل المجتمع الإسرائيلى.

وتتضمن هذه الأهداف كذلك المساهمة فى الاستيطان الزراعى داخل الخط الأخضر، ودعم ومساندة المؤسسات التربوية والتعليمية والرياضية، والمؤسسات التى توفر الخدمات الاجتماعية، ومؤسسات ومعاهد التعليم العالى.

وكشفت تقارير عبرية أن للوكالة اليهودية نشاطا آخر غير المُعلن، خاصة فى ظل رصد ميزانيات ضخمة لها فى مشروعات «شبه سرية»، وبحسب تقرير نشره موقع «ذا ماركر» فإن «إسرائيل تمول الوكالة بنحو ١٠٠ مليون شيكل سنويًا، للإنفاق على برامج لا تتضح نتائجها حتى اليوم، فضلا عن إعفاءات ضريبية تحصل عليها المشروعات التى تمولها».

ووفق الكاتب الإسرائيلى روجير الير، فى صحيفة «هآرتس»، فإن الوكالة اليهودية تملك نحو ١٦٠٠ شركة فى العالم، تم إنشاؤها من خلال تبرعات الجاليات اليهودية، لافتًا إلى أن الوكالة تنفذ حملات علاقات عامة ضخمة من خلال نشر مبعوثيها فى الجامعات العالمية لكسب التأييد لليهود.

وأضاف «ألير»: «الوكالة اليهودية تجرى أعمالًا تجارية، فعلى سبيل المثال أنشأت مصنعًا للخمور فى موسكو»، واستكمل ساخرًا من الوكالة: «متى تكف إسرائيل عن التسول من يهود العالم؟، متى سنكف أن نبدو كدولة رضيعة لا تعيش دون دعم اليهود والأثرياء فى العالم؟».

الزواج من غير اليهود ومعاداة السامية فى أوروبا أبرز أزماتها

رغم نجاح الوكالة فى هدفها الرئيسى، وهو تشجيع اليهود على الهجرة إلى إسرائيل، وخلق روابط قوية معهم، إلا أنها واجهت عدة أزمات خلال السنوات الأخيرة.

أولى أزماتها هى أن أعداد يهود العالم فى انخفاض مستمر، وهذا ما كشفه الكاتب «يعقوب عميدور»، فى مقاله بجريدة «إسرائيل اليوم»، عندما أكد أن أعداد يهود الولايات المتحدة على وجه التحديد فى انخفاض مستمر، وهو ما يرجح أن الجالية اليهودية الأكبر فى الشتات ستضعف جدًا خلال عدة أجيال، وتوجد هذه الظاهرة بين يهود أوروبا ولكن بصورة أقل.

واتفق الموقع الرسمى للحكومة الإسرائيلية مع ما طرحه «عميدور»، موضحًا أن نِسَب الولادة داخل الجاليات اليهوية فى العالم منخفضة، مقابل ارتفاع نِسَب الزيجات مع غير اليهود، التى وصلت إلى ٥٠٪ بأمريكا الشمالية، ٤٠٪ بفرنسا وبريطانيا، ٨٠٪ بروسيا، ٦٠٪ بالمجر، و٤٥٪ الأرجنتين والبرازيل. وتتمثل ثانية أزمات الوكالة اليهودية فى عدم قدرتها على مواجهة تنامى «معاداة السامية» فى أوروبا، رغم المشروعات التى تقيمها لزيادة تأييد يهود الشتات لتل أبيب، ليس هذا وحسب، بل انتشرت ظاهرة غريبة بين اليهود فى العالم، وهى ضعف انتمائهم لإسرائيل، حيث لا تتجاوز نسبة التحاق شباب اليهود بالمنظمات اليهودية فى أمريكا الشمالية الـ٢٤٪. وأحيانا يظهر شباب اليهود حول العالم تعاطفهم مع الفلسطينيين، فخلال آخر عامين على سبيل المثال، ألغت «الوكالة اليهودية» تمويل برنامج «يهود الشتات» أكثر من مرة، بعد اكتشاف تأييد بعض المشاركين فيه للفلسطينيين، وانضمامهم إلى احتجاجات فى الضفة الغربية.

رئيس المنظمة متهم بالتجسس لصالح «CIA»

ولد «ناتان شارانسكى»، رئيس «الوكالة اليهودية» منذ ٢٠٠٩، عام ١٩٤٨ فى مدينة «دونيتسك» الأوكرانية، وبعد تخرجه فى معهد التكنولوجيا الفيزيائية فى موسكو عام ١٩٧٣، تقدم بطلب للحصول على تأشيرة هجرة إلى إسرائيل، لكن تم رفضها لدواع أمنية.

شارك «شارانسكى» فى صراع اليهود السوفييت من أجل حقهم فى الهجرة إلى إسرائيل، وأصبح المتحدث الرئيسى لأسراهم، كما انضم إلى حركة حقوق الإنسان فى الاتحاد السوفيتى الرافضة للنظام. وفى ١٩٧٧، ادعت صحيفة سوفيتية أن «شارانسكى» يتعاون مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية، وعلى الرغم من نفى الحكومة الأمريكية، حُكم عليه بالسجن لمدة ١٣ عامًا، قضى منها ٩ سنوات فى السجن، وبفضل الضغط الدولى تم الإفراج عنه وهاجر إلى إسرائيل عام ١٩٨٦. بعد ١٠ سنوات من وصوله إلى إسرائيل، أسس حزب «إسرائيل بعاليه»، الذى كان هدفه التعبير عن احتياجات ومصاعب مجتمع المهاجرين من الاتحاد السوفيتى، وحصل على ٧ مقاعد فى انتخابات ١٩٩٦.

تجنِّد الإنجيليين الأمريكان.. تعمل على تهويد فقراء الهند.. وتغزو إفريقيا بالزراعة والتعليم

تمتلك «الوكالة اليهودية» مكاتب رسمية فى نيويورك وميامى وشيكاغو ولوس أنجلوس بالولايات المتحدة، ولندن ومانشستر فى المملكة المتحدة، وملبورن وسيدنى فى أستراليا، وكيب تاون وجوهانسبرج فى جنوب إفريقيا، بجانب تورنتو الكندية، ومومباى الهندية، أما المكاتب غير المعلنة، فتمتلك منها الكثير فى جميع أنحاء العالم، متخذة من الشركات التجارية، ستارًا لذلك.

ووفق التقارير العبرية، فإن نشاط الوكالة اليهودية فى الولايات المتحدة تجاوز فكرة التواصل مع اليهود الأمريكيين، ومحاولة خلق علاقات معهم، بل وصل إلى حد عقد صفقات مع المسيحيين الإنجيليين، وهو التيار المؤيد للصهيونية داخل الولايات المتحدة.

وقالت صحيفة «هآرتس»، إن «الوكالة اليهودية» تنشئ مؤسسات مسيحية داخل إسرائيل والولايات المتحدة، تعمل على تشجيع الهجرة إلى إسرائيل، فضلًا عن استغلال «الإنجيليين» الداعمين لإسرائيل فى التأثير على قرارات الكونجرس الأمريكى وصناع القرار فى واشنطن، وممارسة ضغوط عليهم، لتحقيق منفعة للدولة العبرية، وهو ما اتضح فى وقوف الطائفة الإنجيلية بواشنطن وراء قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل. وفى الهند، تعمل «الوكالة اليهودية» على «تهويد» أبناء قبيلة «بنى منشية» الفقيرة شمال شرق الهند، عبر ترويج مزاعم انتمائهم لنسل بنى إسرائيل، وكشفت نائبة الكنيست «كسينيا سفيتلوفا» من «المعسكر الصهيونى» هذا المخطط حين قالت: «الحكومة الإسرائيلية تتكتم تفاصيل هجرة ٧٠٠ من الرعايا الهنود إلى إسرائيل، ممن لا يعتبرون يهودًا بموجب القانون، ومن ثم تعمل على تحويلهم إلى اليهودية».

كما تم رصد أنشطة بالغة الخطورة لـ«الوكالة اليهودية» فى جنوب إفريقيا وأوغندا وغانا، ففى إطار برنامج «تن بروجكت» أقامت الوكالة مشروعات لاستقطاب شباب المزارعين من أوغندا وغانا، وإقامة دورات تدريبية لهم، لتعليمهم أساليب الزراعة التكنولوجية الجديدة.

واقتحمت الوكالة اليهودية المدارس الإفريقية ببرامج تدريبية ممولة، تستهدف إدخال أساليب التعليم غير النظامى إليها، مع توفير أدوات وأساليب جديدة للتدريس ونقل المحتوى إلى الطلاب، وتركز على الرياضيات واللغة الإنجليزية، بجانب محو الأمية.

ويأخذنا ذلك إلى استعراض أهم البرامج والمشروعات التى تقيمها وتمتلكها الوكالة فى عدد كبير من دول العالم، التى تتعدى «الاستثمار أحادى الجانب» والتجاوب مع مجموعة محددة من الأثرياء المتبرعين، إلى الاستثمار المتواصل القائم على الشراكة الكاملة مع الجاليات اليهودية فى الخارج.

١- مشروعا «اكتشاف» و«رحلة»، اللذان تم فى إطارهما إحضار أكثر من ١٨٠ ألف شاب يهودى لزيارة إسرائيل، لفترات تمتد ١٠ أيام وأكثر، للمشاركة فى برامج تستمر ما بين فصل جامعى وعام كامل داخل الأرض المحتلة.

٢- شبكة الدراسات «حفتصيبا» فى أراضى بلدان الاتحاد السوفييتى السابق، إذ يدرس معلمون إسرائيليون لأكثر من ١٠ آلاف شاب يهودى، لربطهم بإسرائيل والديانة اليهودية.

٣- مشروع «تراث»، الذى يتضمن تنظيم زيارات إلى إسرائيل، للآلاف من الطلاب الجامعيين الذين يدرسون الدراسات اليهودية فى الخارج.

٤- مشروع «سبيل» وهو عبارة عن دورة أساسية لإكساب الهوية اليهودية، ويستهدف خصيصًا جنود الجيش الإسرائيلى المستجدين.

٥- برنامج «ماسا»، الذى يستقطب آلافا من الشباب اليهود من جميع أنحاء العالم إلى إسرائيل.

٦- برنامج «نيتا»، الذى يمنح تدريبًا لمدة ٤ سنوات، ويمنح شهادات فى التكنولوجيا، وهو يستهدف الشباب اليهودى فى إثيوبيا.

٧- برنامج «الشراكة» يربط ٥٥٠ مجتمعًا يهوديًا فى جميع أنحاء العالم من خلال ٤٥ شركة فى إسرائيل، وترسل «الوكالة اليهودية»، كل عام، أكثر من ٢٠٠٠ مبعوث فى جميع أنحاء العالم «٣٠ دولة و١٦٠ مدينة».

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل