المحتوى الرئيسى

خبراء: زيادة نسبة العاملين فى غير مؤهلهم تتطلب التوسع فى كليات تنمية المهارات | المصري اليوم

03/21 22:42

من مواقعهم كأساتذة يدرسون فى الجامعات ويؤهلون الأجيال لسوق العمل، ويعرفون فى ذات الوقت عن كثب ملامحها، وما تعانيه من مشكلات، أكد عدد من خبراء التعليم العالى أن وضع سوق العمل فى مصر وارتفاع نسبة الحاصلين على مؤهلات عليا ممن يعملون فى غير تخصصاتهم أمر نابع من تراجع نسب التوظيف الحكومى، وعدم اكتساب الطالب الجامعى الخبرة العملية التى تحتاجها السوق، فضلاً عن عدم التوازن بين الفرص المتاحة بسوق العمل وأعداد الخريجين.

وقال الدكتور عبدالرؤوف الضبع، أستاذ علم الاجتماع بجامعة سوهاج: «يمكننا وصف سوق العمل فى الوقت الحالى بالميتة، حيث يقدم عليها من هم غير مؤهلين لها، فالجميع يحصل على شهادات، لكن دخول سوق العمل له مقاييس ومعايير أخرى بجانب الشهادة».

وأضاف: «المؤشر الأكبر على خلل منظومة سوق العمل، معاناة كافة التخصصات من مشكلة البطالة، ما يضطر نماذج كالمهندسين والصيادلة، وهم خريجو كليات قمة للعمل فى مجالات مثل مندوبى المبيعات، وأى عمل سيقوم به الشباب فى تلك الحالة سيكون أفضل له من أن يعيش عاطلا».

وتابع الضبع: «تحتاج منظومة سوق العمل فى مصر تحديد ملامحها، بحصر الوظائف المتاحة والتخصصات المطلوبة، وعدد المطلوبين لها، وهو دور وزارة التخطيط، ثم يأتى دور وزارة التعليم العالى، التى لابد أن تحدد نوع الخبرات، المطلوب تدريسها للطلاب، ليكونوا مؤهلين لتلك الوظائف، ولدينا تجارب عملية عدة يمكننا تطبيقها، كتجربة كوريا، التى وجهت طاقة الشباب للعمل اليدوى، لأنه المطلوب والأكثر إتاحة».

وقال: «يمكننا استعادة حركة النهضة التى قامت بها مصر فى الستينيات، إذ كان طريق التقدم وقتها يتمثل فى إنشاء قلعة صناعية، ومنتج صناعى، تراجعت أمامه معدلات الاستيراد».

وأضاف الضبع: «التلاؤم بين سوق العمل، ونهج التعليم يصب فى نهاية الأمر فى صالح الناتج القومى، لأنه سيقضى على إهدار الموارد المنفقة على التعليم دون جدوى، ونحن فى مرحلة الضرورة للتوسع فى الكليات القائمة على المهارات الفنية».

«لدينا بطالة هيكلية تتمثل فى عدم توافق متطلبات سوق العمل مع مؤهلات الخريجين»، بهذه الكلمات أوضح الدكتور عبدالمطلب عبدالحميد، أستاذ الاقتصاد، العميد الأسبق لأكاديمية السادات للعلوم الإدارية، حقيقة الأزمة، لافتا إلى أن التطور فى النشاط الاقتصادى يكشف عن إتاحة فرص للعمل، لكنها لا تتناسب مع مؤهلات الخريجين، وبالتالى لدينا مشكلة كبيرة فى المخرجات التعليمية، الأمر الذى أفرز لنا هذه النسبة، التى أثبتتها الدراسة.

وأضاف: «خريجو الجامعات فى فترة لاحقة كانوا يرفضون الالتحاق بأى عمل فى غير تخصصهم، وبعد أكثر من تجربة عاشوها وجدوا أن البديل الوحيد لهم هو المكوث فى المنزل، وتتحمل الاسرة عبء الإنفاق عليهم، حتى بعد تخرجهم، الأمر الذى لا يعد حلاً على الإطلاق فى ظل مطالبات الحياة».

وتابع عبدالحميد: «بدأت فى تلك الفترة تتراجع حدة الرفض، وبدأت العقول تتقبل فكرة الالتحاق بأى فرصة عمل، حتى ولو على سبيل البداية، خاصة أن التطور الاقتصادى وقتها لم يتح سوى الحرف والمهن الأقل مستوى، مقارنة بحجم المؤهلات، وكان أشهر تلك الوظائف (عامل الدليفرى)».

وقال: «تطور أمر القبول بمهن لا تتناسب مع المؤهلات، وظهر جليا فى إقبال الشباب، وهم لا يزالون فى مرحلة الدراسة على العمل بتلك المهن، لتصبح بالنسبة لهم واقعاً ومقبولاً، وبالتالى زادت درجة الحراك».

واعتبر «عبدالمطلب» هذا الحراك حلاً مؤقتا للبطالة، التى تفرض نفسها، ما دفع الدولة للتفكير فى منظومة للتأمين على تلك العمالة، لأن علاج هذه الظاهرة يحتاج وقتاً طويلاً، يتم خلاله معرفة متطلبات سوق العمل، وإصلاح التعليم، لافتا إلى أن عيوب العملية التعليمية لا يتم حلها من خلال خطط قصيرة الأمد.

واقترح وضع برامج للتدريب التحويلى فى إطار قومى، يؤهل الشباب ويُلم بما لم يدركه التعليم، الأمر الذى تبادر به الشركات الكبيرة نفسها، عندما تكون بحاجة لعدد معين من الخريجين، قائلا: «لا تبالى بمؤهلاتهم قدر حرصها على منحهم دورات تدريب على طبيعة العمل لديها، بل تشترط أن يكون اجتيازها ضمن شروط التعيين».

يرى «عبدالمطلب» أن ليس كل ما فى الواقع سلبياً رغم قسوة النسبة التى رصدتها الدراسة، إذ إنها مؤشر يظهر مدى تخلى شبابنا عن السلبية، فى الفكر النظرى والتطبيق العملى: «تجاوزنا مرحلة الشكليات، التى كانت تعتمد على الوجاهة الاجتماعية، بقدر نوع المؤهل، وأصبح لدينا الآن تنام فى السعى لطلب الرزق، ولم تعد الوظيفة الحكومية براقة، ولا الوصول إليها هو الحلم، من حيث المكسب ولا الدخل».

وعلى النقيض يرى الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى بالمركز القومى للبحوث، أن اتجاه الدولة لتقليص حجم العمالة السبب الأول لارتفاع نسبة الخريجين العاملين فى غير تخصصاتهم، وأن توقف القوى العاملة عن تعيين الشباب أجبرهم على الالتحاق بأى عمل متاح لهم، طلباً للرزق.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل