المحتوى الرئيسى

محمد سلطان محمود يتمرد : نعم لماما سامية ..لا لماما نجوى

03/20 22:30

لقيت الراحلة سلوى حجازى مصرعها في شهر أبريل من عام 1973 في حادث طائرة تم تفجيرها بواسطة الجيش الإسرائيلي أثناء تحليقها فوق سيناء، وتركت خلفها برنامجها للأطفال “عصافير الجنة”، لتقوم إدارة التليفزيون بإسناد مهمة إستكمال تقديمه للممثلة والمذيعة الشابة وقتها، نجوى إبراهيم. وكان يجب أن يتم تقديمها في نفس الإطار الذي ظهرت به سلوى حجازي، أو كما عرفها الأطفال “ماما سلوى”، من هنا بدأت رحلة ماما نجوى التي تجاوزت الأربعين عاما، وكانت أشهر محطاتها برنامج “مساء الخير” برفقة شريكها بقلظ، العروسة التي ابتكرها فنان العرائس الراحل محمود رحمي، وقام بالأداء الصوتي لها الفنان الراحل سيد عزمي.

نرشح لك: لماذا نحب كريمة مختار؟

كأحد أطفال الثمانينات و التسعينات، لم أرتبط كثيرًا بنقاشات ماما نجوى مع بقلظ، قدر اهتمامي بالكارتون الذي سيتم إذاعته في نهاية الحلقة، وكطفل كثير التفكير والتأمل، لم أكن متفهما لفكرة أن يكون لقب المذيعة “ماما”، فقررت أن أعيد تسميتها لتصبح “طنط نجوى”، وهو ما جعل علاقتنا كطفل ومذيعة قائمة علي المنفعة، مثلها مثل أي طنط، لا أحب زياراتها لمنزلنا لكنني لا أمانع في الحصول على الشوكولاتة منها.

لم أكن أستصيغ النقاشات بين بقلظ المرح الظريف وطنط نجوى دائمة الصرامة والتذمر من تصرفاته وسلوكياته، بالتأكيد كان الهدف من تلك النقاشات هو إيصال رسالة إلى الأطفال بعدم ارتكاب الأخطاء التي يفعلها بقلظ، لكنني فقدت التواصل مع أي شيء تنطق به ماما نجوى بعد تلك المرة التي شاهدتها وهي تقوم فيها بجذب بقلظ من أذنه.

العنف ضد الأطفال مرفوض في المطلق، لم أكن أعي تلك الجملة في طفولتي، لكن بفطرة الطفولة، كنت أجد فكرة جذب دمية من أذنها حتى تصرخ “أي أي حرمت يا ماما نجوى”، فكرة أعنف من أن يتقبلها عقلي الصغير الذي كان يضج بالفعل من تذمر ماما نجوى الدائم من صديقي بقلظ، وأكتفي باللهو أمام التليفزيون حتى يبدأ ظهور تتر الكارتون الذي أنتظره.

العديد من أبناء جيلي يشعرون بالانتماء إلى مشروع طنط نجوى في “مساء الخير”، لكن قلبي يميل إلى برنامج أطفال آخر، وهو “عروستي” للراحلة سامية شرابي، فكانت هي طنط المفضلة لدي في عالم برامج الأطفال، حيث تأتي مع دباديبو والعرائس لنلعب سويًا لعبة عروستي، ثم نشاهد الكارتون، ونبدأ الأجازة الإسبوعية بجرعة من المرح، فوجود سامية شرابي وسط مجموعة من الأطفال جعلها مقبولة كتلك الـ “طنط” التي نحب زيارتها لأنها تتعامل معنا بطفولة وتلعب معنا كصديقة دون تكبر أو تنظير، فالأطفال سعداء باللعب معها، والعرائس متنوعة الشكل، ودباديبو صوتها العميق وحركاتها الطفولية، كلها عناصر جذبتني للبرنامج.

كبرنا وكبرت معنا الرائعة الراحلة سامية شرابي، وقدمت لجيلنا واحدا من أذكي البرامج الموجهة للأطفال في سن أكبر من مرحلة “عروستي”، وهو برنامج “حوار مع الكبار”، برنامج جاد يناقش قضايا هامة، وحوار بين الأطفال المراهقين وبعض المسئولين، تدير خلاله اللقاء بهدوء وإحترام لرأى الأطفال، وتعاملهم كأشخاص لهم رأي ووجهة نظر، لم أكن متابعا جيدا للبرنامج، ولكن كلما تابعته نالت إحترامي.

كبرنا، وذهبت برامج الأطفال، واعتزلت الإعلامية سامية شرابي الإعلام عام 2007 لمرورها بظروف صحية، ثم رحلت عن عالمنا عام 2010 إثر أزمة قلبية مفاجئة.

لكنها حفرت في ذاكرة أجيال، تجربة إيجابية تبقى إلى الأبد في صندوق الذكريات إلى جوار بقلظ للراحلين رحمي و سيد عزمي، لتأتي سيرة الثلاثي دائمًا مع مزيج من الشجن، وإبتسامات تحن إلى الماضي البريء.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل