المحتوى الرئيسى

أسرار السبع سنوات بين مصر وإسرائيل حول «طابا».. القاهرة تنجح في إثبات أحقية أم الدنيا لـ «كم2».. والدبلوماسية المصرية جعلت تل أبيب تعترف بأحقيتنا للمدينة الإستراتيجية

03/19 00:28

-تتحكم طابا فى الممرات المتجهة إلى وسط سيناء والطريق المتجه إلى غزة شمالا

-«طابا - العقبة - رأس النقب» مثلثا استراتيجيا بفكر العمليات الحربية

-النزاع بدأ في مطلع القرن العشرين بين مصر وبريطانيا من جهة والدولة العثمانية

-بناء إسرائيل لفندق في مدينة طابا عام 1980 كان بداية الخلاف حول الحدود

-مصر تكتشف في أكتوبر 1981 مخالفات إسرائيلية حول 13 علامة حدودية

-«اتفاق روما» التنفيذي في 29 نوفمبر 1988 بحضور الولايات المتحدة كان كلمة السر

تحتفل مصر والقوات المسلحة، بمرور الذكرى الـ 29 لتحرير طابا، بعد أن قام المفاوض المصري بمجهود كبير وتحكيم دولي ضد إسرائيل، ليثبت أحقية مصر في منطقة طابا وقدم ما يثبت من المستندات لتؤكد أن مدينة طابا هي مدينة مصرية وليست إسرائيلية كما أشاع القادة العسكريين والسياسين الإسرائيليين.

وأرسى نصر أكتوبر العظيم عام 1973 الذي حققته مصر ضد إسرائيل، قواعد الشريعة لاستئناف الصراع بين العرب وإسرائيل، وذلك بإستخدام «القنوات السياسية»،حيث قامت مصر بأداء دبلوماسي وسياسي متميز وضرب القوة بالقانون، في سبيل عودة طابا إلى سيناء في السادس عشر من مارس 1989.

لم تكن قضية طابا مجرد اّخر بقعة من التراب الوطني تم إستعادتها إلى أحضان مصر من خلال مفاوضات شاقة ومضنية، ولم تكن بقعة مساحتها كم2، لكنها تعتبر نموذجا للالتزام الوطني ورمز احترام السيادة الوطنية، وتطبيقا للمبدأ الذي أعلنته مصر منذ المراحل الأولى من النزاع بعدم التفريط في ذرة من ترابها الوطني.

طابا تعتبر محدودة المساحة وتقع على الساحل الغربى لخليج العقبة وعلى مسافة خمسة أميال من رأس الخليج "بحرًا" وداخل الحدود المصرية بثلاثة أميال وبالقرب من مصادر اّبار المياه العذبة، وتتحكم طابا في الممرات المتجهة إلى وسط سيناء وكذا في الطريق المتجه الى غزة شمالا، وتعتبر طابا بذلك مفتاح الدخول إلى جنوب إسرائيل عبر سيناء وبالعكس.

كما أنها فى نفس الوقت تطل على ميناء إيلات الأمر الذي يسمح لمن يتواجد فيها بالسيطرة على هذه المنطقة الحيوية والتي تمثل شريانا هاما إلى قارة اّسيا وأفريقيا، كذلك فإن المنطقة من خليج العقبة وإلى مسافة 20 كم شمالًا عبارة عن هضبة جبلية يمتد بها وادى طابا الذى يخترقه ممرين جبلين يتجهان إلى إيلات، ويكون إحداهما جزءا من طريق الحج البري القديم بسيناء.

ويعتبر المثلث «طابا - العقبة - رأس النقب»، مثلثا استراتيجيا بفكر العمليات الحربية، حيث ترتكز قاعدة «طابا - رأس النقب» على الحرف الشرقية وادي طابا حيث تتحكم الرأس المطل على الخليج بالطريق الساحلى ومخرج الممر، كما أن هذا المثلث يمكن أن يمتد ليكون مثلثا اّخر هو «العقبة - شرم الشيخ – السويس».

بوجه عام، فإن أهمية الأرض التى يمتد خلالها خط الحدود الدولية الشرقية حتى رفح شمالا ترتبط بالتوفير النسبى لموارد المياه العذبة وطرق التحركات الرئيسية «الجنوبي – والأوسط – الشمالي»، كما أن بعضها يصلح للزراعة والتنمية السكانية وأعمال السياحة على النحو الذى حدث فى منطقة طابا.

بدأت مشكلة طابا الأولى في مطلع القرن العشرين، بين مصر وسلطة الاحتلال البريطانى كطرف أول مع الدولة العثمانية كطرف ثان فى يناير 1906، حيث أرسلت تركيا قوة لاحتلالها مخالفة بذلك ما جاء بفرمان و 1841 و 1892 الخاصين ولاية مصر والحدود الدولية الشرقية لها والممتدة من رفح شمالًا على ساحل البحر المتوسط إلى رأس خليج العقبة جنوبا شاملة قلاع العقبة وطابا والمويلح.

وقد تدخلت بريطانيا سياسيا لمنع تكريس الأمر الواقع على الحدود وذلك حفاظا على مصالحها فى مصر أو لمجرد احتمال تهديد قناة السويس ذلك الشريان الحيوي الذي يصلها ومستعمراتها في جنوب شرقي اّسيا والهند، وازدادت المشكلة تعقيدًا فتعددت أزمة طابا وامتدت إلى منطقة رفح في اقصى الشمال حيث قامت الدولة العثمانية أيضًا بقوة من جنودها بإحتلال مدينة رفح وإزالة أعمدة الحدود الدولية بها.

وبفشل الجهود السياسية قامت بريطانيا بتقديم إنذار نهائي إلى «الباب العالى» فى تركيا أوضحت فيه أنها ستضطر إلى الالتجاء الى القوة المسلحة ما لم يتم إخلاء طابا ورفح وعودة القوات التركية بهما إلى ما وراء الحدود الأمر الذى دفع بالسلطة العثمانية بها إلى الرضوخ لهذه المطالب الشرعية حيث قامت بتعيين لجنة مشتركة مع الجانب المصرى والبريطانى لإعادة ترسيم الحدود إلى ما كانت عليه مع تدقيقها طبقا لمقتضى القواعد الطبوغرافية لتحديد نقاط الحدود الطبيعية بدأً من رفح ثم تتجه اللجان جنوبا بشرق على خط مستقيم تقريبا إلى نقطة حدود على خليج العقبة تبعد ثلاثة أميال من العقبة.

مما يستدل منه ببساطة عودة منطقة طابا إلى داخل الحدود المصرية بنحو ثلاثة أميال حيث أنتهى المهندسون البريطانيون مع مندوب المساحة المصرية واللجنة التركية من رسم الخرائط وتثبيت علامات الحدود من رأس طابا جنوبًا مارًا على رؤوس جبال طابا الشرقية المطلة على وادي طابا ثم يتجه الخط الفاصل بالاستقالات المحددة وشمالًا حتى رفح إلى شاطىء البحر المتوسط مع تحديد هذا الخط الحدودي فلكيًا وعلى الخرائط المرفقة بالاتفاقية المبرمة بين كلا من مصر وبريطانيا وتركيا بخط أسود متقطع.

وقد بلغ عدد الأعمدة المقامة وقتئذ على الحدود الدولية _وحتى وقتنا هذا_ عدد 91 عمودًا للحدود بدأ من العمود رقم واحد عند ميناء رفح على تل الخرايب واّخر عمود وهو رقم 91 على رأس طابا حيث أنتهى نهائيًا بناء هذه الأعمدة الإسمنتية المسلحة فى 9 فبراير 1907، وهكذا عادت طابا مصرية فى مطلع القرن العشرين وكانت الوثائق المتعلقة بمشكلة طابا الأولى وثائقها التاريخية خير سند قانونى دعم موقف المفاوض المصرى فى أزمة طابا الثانية في الثمانينات القرن العشرين الماضي.

قدر لمنطقة طابا أن تكون مرة أخرى بعد نصر أكتوبر 73، أن تكون فى دائرة الاهتمام لكلا من الدبلوماسية المصرية والإسرائيلية، وذلك خلال ترتيبات الإنسحاب النهائي من شبه جزيرة سيناء، تنفيذا لاتفاقية السلام حيث بدأت مقدمات المشكلة كالاّتى:

عادت مسألة الحدود الآمنة تطرحها إسرائيل بعد حرب أكتوبر 73 إلى أن عقدت معاهدة السلام فى مارس 79 والتى نصت فى مادتها الأولى على أن تنسحب إسرائيل من سيناء إلى ماوراء الحدود الدولية بين مصر وفلسطين تحت الإنتداب، إلا أن إسرائيل - «بعد توقيع المعاهدة قررت توسيع الأقاليم التى تحيط بميناء إيلات»-، وشرعت فى إقامة فندق سياحي فى وادى طابا دون إبلاغ مصر ومن هنا بدأ خلاف حول الحدود خاصة عند علامة الحدود رقم 91 بمنطقة طابا.

فى أكتوبر عام 81 وعند تدقيق أعمدة الحدود الشرقية اكتشفت اللجنة المصرية بعض مخالفات إسرائيلية حول عدد 13 علامة حدودية أخرى ارادت اسرائيل ان تدخلها ضمن أراضيها وأعلنت مصر بانها لن تتنازل أو تفرط فى سنتيمتر واحد من اّراضيها وأن الحفاظ على وحدة التراب الوطنى المصرى هدف أساسي وركيزة لكل تحرك.

مباحثات ومفاوضات «مصرية – إسرائيلية»

دارت مباحثات على مستوى «عالى»، بين الجانبين استخدمت إسرائيل فيها كل صنوف المراوغات وأعلنت مصر بأن أى خلاف حول الحدود يجب أن يحل وفقا للمادة السابعة من معاهدة السلام والتي تنص خلاصتها بأن يتم الحل عن طريق المفاوضات، وفي حالة فشلها يتم اللجوء إلى التوفيق أو التحكيم.

ثم أبدت مصر رغبتها فى اللجوء إلى مشاركة التحكيم فقامت بتشكيل لجنة فنية تضم مجموعة من الأساتذة والخبراء المتخصصين فى القانون الدولى بدراسة الجوانب القانونية للتوفيق والتحكيم، كما شكلت مصر لجنة فنية أخرى للاتفاق على النظام الذي يسود المناطق المتنازع عليها حيث رأت مصر أنها تفضل اللجوء إلى التحكيم فى المقام الأول.

استمرت المفاوضات لأكثر من أربع سنوات وصعوبة الوصول إلى حل للنزاع وتدخل الولايات المتحدة الأمريكية تم الاتفاق فى 11 سبتمبر 86 الى اللجوء لهيئة تحكيم دولية تعقد فى جنيف بسويسرا حيث يحقق هدفين أساسيين أصر عليهما الجانب المصرى ضمن مشارطة التحكيم وهما:

أ- تلتزم اسرائيل بتحكيم بجدول زمني محدد بدقة.

ب- تحدد مهمة المحكمة بدقة بحيث تكون مهمتها الوحيدة المسندة إليها هى تثبيت الموقع الذي تراه صحيحا وترفض الموقع الذى اقترحه الطرف الآخر مع اعتبار الحكم نهائى يلزم تنفيذه دون تراجع.

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل