المحتوى الرئيسى

«الدستور» تكشف عن خطة الحكومة لإصلاح التعليم الفنى فى مصر

03/18 13:44

«نظرة اجتماعية مشوهة.. إمكانيات دراسية متدنية.. مجالات عمل حكومية مغلقة».. ٣ أضلاع تمثل ما يمكن اعتباره «مثلث برمودا» الذى يخفى ويقضى على أى محاولات لإصلاح التعليم الفنى، منذ سنوات، بالتوازى مع تخلى الدولة عن دورها الصناعى والإنتاجى لعقود.

هذا الوضع يبدو أنه قابل للتغيير حاليًا، مع الاهتمام الملموس للدولة على مستوى التصريحات والتحركات لوضع يدها بقوة فى هذا الملف الذى يحتاج بلا شك تطويرًا كبيرًا بل إلى «نسف» نظم قديمة كان قائمًا عليها.

الصورة حاليًا تقول إن هناك مدارس فنية تُنشأ، وجامعات تكنولوجية فى المستقبل، ورغبة فى التصنيع، بخلاف الحاجة للتخديم على المشروعات الكبرى.

فهل من الممكن حل المشكلة إذن؟ نعم، لكن كيف؟ وبأى الخطوات؟ «الدستور» تكشف هنا عن تفاصيل خطة الحكومة ممثلة فى وزارة التربية والتعليم والتعليم الفنى لتطوير هذا المجال المهدور حقه، ثم تستطلع رأى خبراء يضعون «وصفة» مساعدة لخطة التطوير التى تنتظر التنفيذ.

نظام جديد بطعم الثانوية.. استحداث تخصص «السوبر ماركت».. ورجال الصناعة يضعون المناهج

الدكتور أحمد الجيوشى، نائب وزير التربية والتعليم للتعليم الفنى، كشف عن وجود خطة لدى الوزارة لتطوير التعليم الفنى فى مصر خلال السنوات المقبلة.

وقال «الجيوشى»: إن النظام الدراسى- وفقًا لهذه الخطة- سيكون شبيهًا بالثانوية العامة، فى حين ستعتمد الامتحانات على أسئلة المهارات لكل طالب فى التخصص الذى سيختاره.

وأوضح: «سيكون هناك أكثر من امتحان فى السنة، مع قياس دورى كل أسبوعين لمهارات الطلاب ومدى تقبلهم النظام الجديد وقدرتهم على الفهم والتعلم، بخلاف اختبارات خاصة للطلاب المؤهلين للالتحاق بالكليات التكنولوجية التى ستظهر قريبًا بالجامعات».

ورأى الجيوشى، أن التخصصات الحالية بنظام التعليم الفنى، عفا عليها الزمن، لافتًا إلى إضافة تخصصات جديدة، مثل «السوبر ماركت»، لما له من قيمة اقتصادية كبيرة بالسوق حاليًا.

وأكد أهمية التوسع فى إنشاء المدارس المتخصصة للتخديم على الطلاب والمجال ككل، مثل «مدرسة أثاث بدمياط، وأخرى للبتروكيماويات فى بورسعيد، وثالثة خاصة بالطاقة المتجددة فى أسوان، ورابعة لمشروعات الطاقة النووية فى مطروح، لتأهيل الفنيين للعمل بمشروع محطة الضبعة النووية».

وأشار نائب وزير التعليم إلى وضع مناهج جديدة للتعليم الفنى منذ العام الدراسى الجديد، بمساهمة من رجال صناعة متخصصين، باعتبارهم الشريك القوى فى هذا النظام الذى تبحث عنه الدولة.

ولفت إلى أن سوق العمل تتطلب حاليًا خريجًا قادرًا على اقتحامها وإفادة الدولة فى مشروعاتها القومية، ولذلك - حسبما أكد الجيوشى - «لن تكون هناك تخصصات فنية إلا فيما تحتاجه الدولة فقط»، مع التفكير فى تخصص جديد، مثل محطات الطاقة الشمسية بالمدارس، والاستثمار فى ذلك، لتوفير الكهرباء للدولة، مؤكدًا أنه ستكون هناك طفرة كبيرة فى ربط التخصص الفنى بالصناعات. ووفقًا للجيوشى، فإن هناك خطة بالتنسيق بين المدارس والمصانع لتدريب الطلاب عمليًا بالمصانع، معقبًا: «كما سنحاول الاعتماد على الاكتفاء الذاتى دون الحاجة بصفة مستمرة لميزانية من الدولة».

أما الدكتور أيمن غباشى، الخبير التعليمى، فطالب بما سمّاه «ثورة تصحيح المسار» لإعادة بناء التعليم الفنى على أسس عصرية تطبيقية، مع تعزيز توجه الدولة نحو تطوير الصناعات التكنولوجية والصناعية والزراعية.

واقترح تشكيل مجلس من العلماء والخبراء لوضع سياسات وخطط لكل التخصصات الفنية، مشددًا على مراعاة البعد الثقافى لتغيير الصورة الذهنية المترسخة عن تدنى مستوى خريجى التعليم الفنى. وتابع: «على وزارة التربية والتعليم التنسيق مع الجهات الأخرى المعنية، مثل وزارات الصناعة والزراعة والرى والموارد المائية، لوضع تصور متكامل للمجالات المطلوب لها خريجين، ثم دراسة كيفية الاستفادة منهم بعد ذلك».

وصفة الخبراء: ربط التعليم بسوق العمل.. تأسيس نقابة للخريجين.. ودراسة تجارب شبيهة

خبراء معنيون بالتعليم الفنى، ثمنوا خطة الدولة وتغيير النظرة لهذا المجال، واستحداث تخصصات غير نمطية، مشيرين إلى أهميته فى ظل التحديات التى تواجهها الدولة مع مواكبة التطورات العالمية. الدكتور كمال مغيث، الخبير التربوى، وصف التعليم الفنى بـ«تعليم الفقراء»، مشيرًا إلى أن عدد طلابه يزيد على عدد طلاب الثانوية العامة، منتقدًا عدم الاهتمام به ماديًا خلال السنوات الماضية. وطالب «مغيث» بوضع «خطط تنموية» للتعليم الفنى، تكون فلسفتها تخريج جيل قادر على مواكبة سوق العمل وتأثيره على المجتمع، مع التخديم عليه بمشروعات كثيفة العمالة، وقبل ذلك تطوير المناهج والتدريب بالاستعانة بالتطورارت التكنولوجية. معنويًا أكد الخبير التربوى، ضرورة تغيير النظرة الحالية للتعليم الفنى وطلابه، فى حين أنه إحدى قاطرات تقدم الأمم حاليًا، وأوضح: «طالب المؤهل الفنى لا قيمة له فى نظر الشارع، فى ظل عدم تأهيله بالشكل المناسب فى المدارس».

واقترح استحداث مدارس خاصة عن السواحل المصرية والحياة البرية والثروات السمكية، والشعب المرجانية، والاستثمار فى البحار، داعيًا إلى التركيز حاليًا على التنمية فى سيناء، وما يتطلبه ذلك من الاهتمام بدراسة النباتات العطرية والعلاجية والمعادن.

وثمن الخبير التربوى، فكرة الجامعات التكنولوجية، فى النظم التعليمية بمصر، منوهًا لضرورة ربطها بمجالات العمل، حتى لا تغدو مجرد «لافتات إعلانية»، مع تأهيل الطالب جيدا للقبول بهذه الجامعات، التى ستكون بمثابة نقلة كبير فى نظام التعليم الفنى بالدولة خلال الأعوام المقبلة، وجهة نظره.

الدكتور محمد يوسف، وزير التعليم الفنى الأسبق، رأى أن عملية التطوير قد تأخذ وقتًا طويلًا، لكن البداية ضرورية فى ظل رغبة الدولة فى تحقيق طفرة صناعية.

ولفت «يوسف» إلى الاهتمام بتخصصات تفيد التوجه الاقتصادى للدولة، مثل: الثروة السمكية، الصناعات المعمارية، الطاقة الشمسية، ومحطات الكهرباء، مضيفًا: «هذه التخصصات بحاجة إلى تدريب على أرض الواقع، ليتعرفوا على كل كبيرة وصغيرة فى المجالات، التى سيتخصصون بها فى المستقبل».

واتفق «يوسف»، مع الدكتور مغيث، فى أهمية خطوة إنشاء جامعات تكنولوجية، مطالبًا بفتح مسارات جديدة للتعليم الفنى على مستوى الشكل والتخصصات والصناعة.

وطرح وزير التعليم الفنى الأسبق، فكرة، وجود نقابة خاصة للخريجين الجدد من الجامعات التكنولوجية، على غرار نقابة المهندسين أو المهن الزراعية، لتقديم تسهيلات خدمية للطلاب بعد الحصول على المؤهل.

وتابع: «التعليم الفنى بكل تخصصاته طوق نجاة للدولة فى التقدم الاقتصادى، بشرط الاهتمام بنظم عملية حديثة، وتأهيل الطلاب بشكل جيد لمواكبة سوق العمل».

واقترح الاستفادة من التجارب الناجحة لدول، مثل ألمانيا وإنجلترا وفنلندا فى التعليم الفنى، مع الوضع فى الاعتبار الظروف الاجتماعية والاقتصادية الخاصة لمصر.

ولم ينسَ «يوسف» أن يؤكد ضرورة تغيير نظرة المجتمع لخريج التعليم الفنى، خاتمًا: «هو ليس أقل علميًا من خريج الثانوية العامة».

أهم أخبار متابعات

Comments

عاجل