المحتوى الرئيسى

«المسئولية الطبية» بين شبهة عدم الدستورية واعتراضات الأطباء (صور)

03/16 15:15

3 مشروعات قوانين مطروحة للمسئولية الطبية والتي تقدم بها ثلاثة أعضاء داخل لجنة الشئون الصحية بمجلس النواب والتي تُجرم التعدي على الأطباء أو إلحاق الضرر بالأجهزة والمنشآت الطبية، أيا كان السبب ويُمنع الحبس الاحتياطي في قضايا الإهمال الطبي مع حفظ حق المريض في تقديم الشكوى إلى لجنة «تقرير المسئولية الطبية» المشكلة داخل المقترحات التشريعية المقدمة، والتي تم إحالتها قبل أيام إلى قسم التشريع بوزارة العدل لإبداء ملاحظاته عليها وإعداد تقرير فني بذلك.

قبل شهرين وافق مجلس الوزراء على مشروع القوانين الثلاثة التي أحالها إلى لجنة مشتركة من لجنتي الشئون الصحية والشئون الدستورية والتشريعية داخل مجلس النواب لمناقشتها بعد رفض المقترح القديم المقدم قبل 3 سنوات من قبل النقابة العامة للأطباء وهي الأقرب إلى مقترح قانون الدكتور مجدي مرشد، عضو لجنة الصحة بالمجلس رغم وجود ملاحظات جوهرية به لم تُعرض للمناقشة.

وزارة العدل أرسلت مذكرة لمجلس النواب أكدت فيها تحفظها على مشروعات قوانين المسئولية الطبية، المقدم من كل من الدكتور مجدي مرشد (وعشرة نواب آخرين) والدكتورة إليزابيث شاكر (وعشرة نواب آخرين) والدكتور أيمن أبو العلا (وعشرة نواب آخرين)، أعضاء لجنة الشئون الصحية بالبرلمان، وسجلت الوزارة عددًا من الملاحظات على مشروع القانون، بشأن بعض المواد التى يشوبها شبهة عدم الدستورية.

النص الكامل لتقرير وزارة العدل

«التحرير» حصلت على النص الكامل للتقرير الفني الصادر عن قسم التشريع بوزارة العدل على مشروعات قوانين «المسئولية الطبية» المطروحة داخل مجلس النواب، والمقدمة من النواب الثلاثة الدكتور مجدي مرشد، والدكتورة إليزابيث شاكر، والدكتور أيمن أبو العلا والتي تضمنت تنظيمًا للمسئولية الناتجة عن تقديم الخدمات الطبية واستحداث كيان يختص بإعداد تقارير فنية ملزمة بشأن حالات توافر تلك المسئولية يكون هو المرجع دون غيره أمام الجهات القضائية.

وجاء في القضية رقم 153 لسنة 21 ق دستورية بجلسة 2 يونيو 2000 بالمحكمة الدستورية العليا أن التحقق من استيفاء النصوص التشريعية لأوضاعها الشكلية يعتبر أمرًا سابقًا بالضرورة على الخوض في عيوبها الموضوعية، كما أن الأوضاع الشكلية سواء تلك المتعلقة باقتراحها أو أخذ الرأي فيها أو إقرارها هي من صميم مقوماتها ولا تقوم إلا بها ولا يكتمل بنيانها أصلًا في غيابها.

3 ملاحظات جاءت عبر تقرير وزارة العدل أن مشروعات قوانين المسئولية الطبية المطروحة تحمل عوارًا دستوريًا، من شأنه إلزام جهات التحقيق والمحاكمة بما انتهى إليه التقرير الفني بحرمان المتقاضين أيًا كانت مراكزهم القانونية وأيًا كانت طبيعة الدعوى من حقي الدفاع والمحاكمة المنصفة التي نصت عليها المادتان 96 و98 من الدستور، وينطوي أيضًا على مخالفة صريحة لنص المادة 97 من الدستور التي تحظر تحصين أي عمل أو قرار من رقابة القضاء، فالإلزام بنتيجة التقرير الفني يؤكد تحصينه من الطعن عليه بما يتوافر من أدلة فنية أو قولية أخرى.

ومن جهة أخرى أكد التقرير أن عبارة «فيما انتهى إليه من تقرير للمسئولية الطبية أو نفي لها» الواردة بالقانون المقترح المقدم من الكيان المزمع إنشاؤه (هيئة تقرير المسئولية الطبية) يتضمن مصادرة على حق المتهم في المحاكمات الجنائية، عبر الاستعانة بما قد يدحض تلك الاتهامات من تقارير استشارية تناقض التقرير المثبت لمسئوليته، وهو ما ينتقص من حقه في الدفاع والذي كفله الدستور له.

وأضاف التقرير أنه فضلًا عن إهدار المبادئ الدستورية السابقة فإن إلزام القاضي بالاستعانة بخبير فني بعينه والالتزام بما انتهى إليه تقرير الخبير الفني من شأنه الإخلال بالمبادئ القانونية، بما يتناقض مع ما ورد في قانوني الإجراءات الجنائية والإثبات من مبادئ قانونية في شأن الخبرة قوامها حرية القاضي في تكوين عقيدته وعدم إلزامه بما انتهى إليه تقرير الخبير الفني.

كما تضمنت مشروعات القوانين المطروحة طرحًا للعقوبات السالبة للحرية حال ثبوت الخطأ الطبي الموجب للمسئولية الطبية، وهو ما يعد إخلالًا بمبدأ المساواة المنصوص عليها بالمادة رقم 53 من الدستور، وتمييزًا غير مبرر لمقدم الخدمة الطبية، نظرًا إلى أن الخطأ الطبي هو في حقيقته مرتب للمسئولية الجنائية عن جريمة الإصابة بالخطأ أو القتل الخطأ حسب الحالة والتي قرر لها المشرع في قانون العقوبات عقوبات سالبة للحرية.

وفي ذات السياق فإن هذا الاستثناء الذي أوردته مشروعات القوانين المقدمة يتناقض مع ما استقر عليه قضاء المحكمة الدستورية العليا، بشأن عمومية وتجريد القاعدة القانونية، إذ قضت «الدستورية العليا» أن تتوافر للقاعدة القانونية مقوماتها بانتفاء التخصيص ويتحقق ذلك إذا سلبها المشرع مجردة عن الاعتداد بشخص معين أو واقعة بذاتها.

الإشكالية الثالثة التي وردت في تقرير قسم التشريع جاءت حول ما تضمنته المشروعات المقدمة من قصر العقوبات في هذه القضايا على التعويض المدني، وهو ما يمثل خلطًا بين الغرامة كعقوبة جنائية والتعويض المدني، إذ عرفت المادة 22 من قانون العقوبات الغرامة بأنها إلزام المحكوم عليه بأن يدفع إلى خزينة الحكومة المبلغ المقدر في الحكم، في حين أن التعويض هو ما يقضي به للمضرور جبرًا لما لحق به من أضرار مادية وأدبية مرجعها أحكام القانون المدني.

واختتم القاضي أحمد حسين، عضو قطاع التشريع تقريره بالإشارة إلى أن التشريعات الراهنة تنظم المسئولية الطبية بشقيها المدني والجنائي، إذ إنه فيما يتعلق بالمسئولية المدنية عن الخطأ الطبي فقد استقرت أحكام محكمة النقض على أن العلاقة بين الطبيب والمريض هي علاقة تعاقدية تنظمها أحكام القانون المدني، وحددت التزامات الطبيب فيها ببذل العناية الصادقة في سبيل شفاء المريض وفقا لمعايير الطبيب اليقظ من أوساط زملائه، علمًا ودراية في الظروف المحيطة به، مع مراعاة تقاليد المهنة والأصول العلمية الثابتة وأن انحرافه عن أداء هذا الواجب يعد خطأ يستوجب المسئولية.

أما فيما يتعلق بالمسئولية الجنائية الناجمة عن الخطأ الطبي فقد وردت بالمادتين 238 و244 من قانون العقوبات، حسب ما إذا كانت النتيجة المترتبة على الخطأ الطبي تتمثل في إصابة المريض أو وفاته، وانتهى تقرير وزارة العدل إلى أن مشروعات القوانين المقترحة عن المسئولية الطبية مشوبة بشبهة عدم الدستورية.

عقدت حملة «مصيرنا واحد» المهتمة بمناقشة قضايا الصحة على مدار الأيام الماضية عددا من الندوات النقاشية في محافظات (القاهرة، أسيوط، سوهاج، الأقصر) بحضور فئات مجتمعية مختلفة وعدد من العاملين بمنظمات المجتمع المدني والأحزاب السياسية والقانونيين، ناقشت فيها الحملة مشروعات القوانين المختلفة المقدمة عن المسئولية الطبية ووضعت تحفظاتها عليها، وكان من بينها ما أوردته وزارة العدل ومقترحات لتلافي تلك الملاحظات وجمعت عليها آلاف التوقيعات من فئات مختلفة بالمجتمع.

وتقدم الدكتور أحمد حسين، عضو مجلس نقابة الأطباء ومؤسس حملة «مصيرنا واحد» بعدّة ملاحظات على تعديلات مشروع قانون المسئولية الطبية المقدم من أعضاء لجنة الصحة بمجلس النواب الثلاثة الدكتور مجدي مرشد، والدكتورة إليزابيث شاكر، والدكتور أيمن أبو العلا.

وأضاف مؤسس الحملة أنه ورد إليهم نسخة من كتاب وزارة العدل (قطاع التشريع) إلى مجلس النواب بشأن إحالة المشروعات إلى وزارة العدل، قائلًا: «كنا نأمل أن يتم إحالتها إلى مجلس الدولة كما هو معتاد في مشروعات القوانين، فيُعلق مجلس الدولة بالملاحظات وطرق تفاديها وهذا ما لم يُقدمه قطاع التشريع بوزارة العدل الذي سرد الملاحظات القانونية والدستورية دون التوجيه بطرق تلافيها».

وأعلن حسين لـ «التحرير» أنهم يتفقون مضمونا مع ملاحظات قطاع التشريع بوزارة العدل والتي تؤكد وجود عوار قانوني ودستوري بمشروعات القوانين المُقدمة.

كما أنه لا يجوز دستوريًا إنشاء جهة مستقلة، لإعداد التقارير الفنية ويتم إلزام جهات التحقيق القضائية بها، حسب تعبيره، بالإضافة إلى ملاحظة قاضي وزارة العدل بطرح العقوبات السالبة للحرية حال ثبوت الخطأ الطبي إخلالاً بمبدأ المساواة ويعد تمييزًا غير مبرر لمقدم الخدمة الطبية.

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل