المحتوى الرئيسى

خارطة طريق قرطاج.. بداية النهاية لحكومة الشاهد

03/15 13:35

انتهى اجتماع الرئيس التونسي، الباجي قايد السبسي، أول أمس الثلاثاء، مع الموقعين على "اتفاق قرطاج"، إلى إقرار تشكيل لجنة لإعداد خارطة طريق للإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية ذات الأولوية، وفقا لما ذكرته وكالة "الأناضول" التركية.

ورأى سياسيون وخبراء، في أحاديث للأناضول، أن ما تمخض عنه الاجتماع يمثل خطوة جدية في اتجاه تغيير حكومة يوسف الشاهد، القائمة منذ سبتمبر 2016.

و"اتفاق قرطاج" هي وثيقة تحدّد أولويات الحكومة، وقع عليها، في يوليو 2016، كل من: "الاتحاد العام التونسي للشغل" (أكبر نقابلة عمالية)، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة والصناعات التقليدية" (الأعراف)، واتحاد المزارعين" (مستقل)، وأحزاب سياسية، أبرزها "النهضة" (68 نائبا من أصل 217) و"نداء تونس" (56 نائبا).

الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، الذي شارك في اجتماع الثلاثاء، اعتبر أن حكومة الشاهد هي "حكومة تصريف أعمال".

ورفض الطبوبي، في تصريح لإذاعة محلية الثلاثاء، تأجيل التعديل الحكومي إلى ما بعد الانتخابات البلدية، في السادس من مايو المقبل.

وقال الطبوبي إن الحكومة التي ستنبثق عن الحوار المصغر (لجنة اجتماع قرطاج) ستقود تونس إلى نهاية الفترة البرلمانية الحالية (نهاية خريف 2019).

وهو ما رد عليه رئيس الحكومة التونسية، بقوله، أمس، إن "الاتحاد العام التونسي للشغل أول من يعلم أننا لسنا حكومة تصريف أعمال".

وتابع الشاهد، في تصريحات إعلامية، أن حكومته "طرحت إصلاحات جوهرية فيما يتعلق بقطاع الوظيفة العمومية والمؤسسات الحكومية".

فيما ذهب أمين عام حزب "البناء الوطني" (وسط)، رياض الشعيبي، إلى وجود "إجماع وطني بين كل القوى السياسية والاجتماعية على تغيير حكومي جذري وعميق".

وأضاف الشعيبي، في تصريح للأناضول، أنه "يوجد إجماع وطني بين مختلف الفاعلين على حالة الفشل الكبير التي تعيشها حكومة الشاهد".

وأردف أن "التغيير الحكومي ضروري وتأخر كثيرا"، محذرا من أن "تأجيل تغيير رئيس الحكومة وأعضائها سيعمق الأزمة الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها البلاد".

وعقب خروجه من اجتماع قرطاج، قال المدير التنفيذي لحزب "نداء تونس" (مشارك في الحكومة)، حافظ قايد السبسي (نجل الرئيس) لصحفيين، إن "التحوير (التعديل) الوزاري مرتبط بخارطة الطريق".

وأضاف: "لا نريد أن يكون التحوير شكليا، بل في العمق، ومبنيا على الأولويات الاقتصادية والاجتماعية".

وفي وقت تتحدث فيه تقارير إعلامية وتسريبات عن تخلي "نداء تونس" عن الشاهد، تتعمق الأزمة الاقتصادية في تونس، وتراجعت احتياطات النقد الأجنبي إلى أدنى مستوياتها منذ سنوات.

واعتبر الباحث الاجتماعي، هشام الحاجي، أن "انسحاب الاتحاد العام التونسي للشغل والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة من دعم حكومة الشاهد جعل هذه الحكومة في حكم المنتهية سياسيا".

وتابع بقوله، لوكالة الأناضول التركية، إن تشكيل اللجنة من جانب الموقعين على اتفاق قرطاج لتقييم حكومة الشاهد هو "انطلاق لتشكيل حكومة جديدة".

فيما تحفظ المتحدث باسم حركة "النهضة" (مشاركة في الحكومة)، عماد الخميري، عن تأييد الرأي القائل بإجراء تغيير حكومي، قبل أن يكون ذلك من نتائج عمل اللجنة.

وقال الخميري، للأناضول، إن "اللجنة تمضي في عملها، وإذا رأت أن هذا يؤدي إلى تعديلات (حكومية ) فنحن لا نمانع.. اللجنة تستدعي (تستغرق) مدة شهر لإنهاء أعمالها".

وفق المحلل السياسي، الحبيب بوعجيلة، فإن "الطبقة السياسية في تونس تبعث برسائل سيئة إلى الداخل والخارج (بشأن الاستقرار) من خلال التغييرات الحكومية المتسارعة".

وبعد الثورة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق، زين العابدين بن علي (1987-2011) مرت تونس بثماني حكومات، هي: حكومة محمد الغنوشي الأولى والثانية (يناير- مارس 2011)، وحكومة الباجي قايد السبسي (مارس2011- ديسمبر 2011)، وحكومة حمادي الجبالي (ديسمبر2011 – فبراير2013).

وكذلك حكومة علي العريض (مارس 2013- يناير 2014)، وحكومة مهدي جمعة (فبراير 2014- يناير 2015)، وحكومة الحبيب الصيد (فبراير 2015 – أغسطس 2016)، ثم حكومة الشاهد منذ سبتمبر 2016.

وأضاف بوعجيلة، للأناضول، أن "الرسائل السيئة أصبحت عادة أو إدمان، نظرا لغياب برنامج مشترك بين الفاعلين السياسيين، ودخول عوامل أخرى في الصراع السياسي أحيانا جهوية وأحيانا من لوبيات الفساد، وأحيانا خيارات شخصية".

وهو ما اتفق فيه الباحث الاجتماعي، هشام الحاجي، بقوله إن "تونس دخلت مرحلة إنتاج الأزمات الدورية، كشكل من أشكال الحكم، فلم يمض على تشكيل الحكومة إلا وقت قصير، ونجد أنفسنا أمام ضرورة تشكيل حكومة جديدة".

ولفت الحاجي إلى أن "البعض يدعو إلى مراجعة نظام الحكم لتوفير شروط الاستقرار الضروري لتتمكن الحكومة من أداء مهامها".

وكان الرئيس التونسي انتقد، في تصريحات صحيفة في سبتمبر الماضي، نظام الحكم الحالي.

فيما دعا قياديون في "نداء تونس" إلى تغييرات في الدستور، لمراجعة نظام الحكم، وأبدوا تخوفات من الحكم المحلي، كما يدعو إليه الدستور (اللامركزية).

لكن أمين عام حزب "البناء الوطني"، رياض الشعيبي، اعتبر أنه "لا يوجد بديل جدي للوضع الحالي، وأطالب بإقالة الشاهد ومراجعة الخيارات الاقتصادية والاجتماعية، وتشكيل حكومة من الأغلبية الانتخابية الموجودة الآن".

وحول تأثير التغيير الحكومي المحتمل على مسار الانتخابات البلدية، رد حافظ قايد السبسي على أسئلة صحفيين في قصر قرطاج الثلاثاء بأن "جميع الأطراف تعهدت بأن المسار الانتخابي لن يُمسّ".

فيما أعرب الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، عن رفضه تأجيل التعديل الحكومي إلى ما بعد الانتخابات البلدية (في السادس من مايو المقبل)، مشددا على وجود "هيئة مستقلة تشرف على الانتخابات".

ومضى قائلا إنه حتى في حال استقالت الحكومة لن يحدث فراغ في الجهاز التنفيذي، حيث تبقى الحكومة لتسيير الأعمال.

فيما اعتبر بوعجيلة أن "موعد الانتخابات يضغط على الفاعلين، وكانت النيّة متجهة إلى تأجيل التحوير بعد الانتخابات، إلا أن الاحتقان الاجتماعي وعلاقة الحكومة بالنقابات مثلما يحدث في التعليم (النقابة رفضت تسليم أعداد الطلاب إلى الإدارة قبل أن تلبي الوزار مطالبها المادية) قد يجعل التغيير قبل الانتخابات".

وتحدث عن وجود رغبة في تشكيل الحكومة قبل "مفاجأة الانتخابات البلدية"، وهي "رغبة موجودة لدى المنظمات الاجتماعية ونداء تونس خوفا من شبح النهضة".

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل