«مساجد مسيحية».. أروع نماذج الوحدة الوطنية في مصر

لم تكن الوحدة الوطنية يومًا شعارات مزعومة، فمصر بمسلميها ومسيحيها دائمًا ما يكونون يدًا واحدة ضد التطرف والعصبية، فبعد أن فتح عمرو بن العاص مصر، تعايش الاثنان معًا منذ ذلك التاريخ وحتي اليوم في ألفة وروح أخوة وسلام، بما يثبت أن اختلاف العقائد لا يفسد للمصرين ود.

وما يثبت ذلك أن المسلمين يشاركون في مناسبات الأقباط ومقدساتهم، وتطوع مسيحيون لترميم مساجد وتزيينها لذلك يصبح الأمر طبيعيًا اذ يطلق المسلمون أسماء المسيحيين على المساجد، وهذا الفعل هو أروع صور النضج الفكري.

في هذا التقرير يرصد "الدستور"، حكايات المساجد التي أطلق المسلمون عليها أسماء مسيحية:

"مريم البتول" التي ذكرها القرآن وخصص لها سورة كاملة تتحدث فقط عن حديث الله معها ووهبه إياها طفلًا وهي أخت هارون التي لم تكن يومًا امرأة سوء ولم تكن أمها بغيًا، فأرسل لها الله رسولًا ليهب لها غلامًا ذكيًا، هذه السورة التي اجتمع عليها المسلون والنصاري، يزين جدران منازلهم جنب إلى جنب مع صورة العذراء، والمسيح عيسى ابن مريم.

واتخذ المسلون اسمها ليزينوا به أبواب مساجدهم ويعلوا فوق مآذنهم التي تنادي بالصلاة.

في العام قبل الماضي شرع مسلمو المينا في بناء مسجد العذراء، على الطريق الصحراوي الشرقي، ناحية الكوبري الشرقي بالمنيا، ويقع المسجد بالقرب من مسار العائلة المقدسة بمناطق جبل الطير والبهنسا ودير الجرنوس، والتي مر بها السيد المسيح في رحلته الشهيرة.

وعلى ضفاف النيل بمساحة 800 متر، افتتح المسجد قيادات من الأزهر والكنيسة، ويضم هذا البناء المعامري الضخم، دارا لتحفيظ القرآن ومستشفى خيري، ووحدة عناية مركزة ومعامل تحاليل وأشعة لخدمة المواطنين مسلمين ومسيحيين، كما يضم حضانات أطفال، ويتكون المسجد من ساحة صلاة كبيرة وثلاثة طوابق وبه ثلاث قباب ومئذنة.

عوض عريان المهدي.. أو عريان باشا، هو أول مسيحي يشيد مسجدًا للمسلمين، في بني سويف، هو أحد أهم علامات حى "مقبل" بوسط مدينة بني سويف.

وفي الوقت الحالي، بحسب المصادر فإن المسجد تم تشييده على 17 فدانا أوقفها محمد عوض عريان باشا لله بعد إشهار إسلامه منتصف عشرينييات القرن الماضي، وتأسس فى منطقة "مُقبل" على الأرض التى أوقفها "عريان باشا" للصرف منها على المشروعات الإسلامية التى تشرف عليها وزارة الأوقاف، والآن أصبح المسجد وما عليه من جمعية خيرية علامة من العلامات التاريخية للمحافظة.

ويمكن القول أن هذا الرجل هو واحد من أهم رموز ثورة 1919 الذين شاركوا فيها بالجهد والمال ومآزرة المسلمين يدفعه إلى ذلك حب الوطن الذي هو أعلى وأهم من كل شيء، فالوطن لنا والدين لله.

صليب يعلو آيات قرانية.. هذا هو الحال في المسجد الذي عهد الخديوي عباس حلمي الثاني عام 1905، إلى أحمد خيري باشا مدير الأوقاف الخصوصية بإتمامه، ثم عهد خيري إلى ماكس هرتز باشا، مهندس الآثار العربية حينذاك، بهذه المهمة، وافتتح المسجد رسميًا للصلاة عام 1912.

هذا الضريح مصمم على طراز العمارة المسيحية ويعلوه صليب أسفله آيات قرآنية، أمر من شأنه دفع الزائرين إلى سؤال مفتشي الآثار المشرفين على المسجد عن هذا المزج الغريب.

وما أن يُعرف تاريخ المسجد حتى تزول لدى البعض وطأة الدهشة شيئًا فشيئًا، بينما يغرق آخرون فى بحور أخرى من عدم المنطقية، هكذا يقول محمود عبد الحميد مفتش أثري في المسجد، ويشير إلى أن مهندس نمساوي يدعى "ماكس هرتز باشا" ومساعده الإيطالي "كارلو فيرجيليو سيلفايني" أشرفا على بناء المسجد، وصممّاه على طراز يجمع بين المملوكي والأوروبي، فكان يشبه المباني في أوروبا في ذلك الوقت.

قال ايهاب رزق، الداعية الإسلامي بالأزهر الشريف، إن وجود مساجد تحمل أسماء السيدة العذراء مريم والسيد المسيح، هو قمة التسامح الديني ويعبر عن عظمة وسمو المشاعر المصرية والتقارب الفكري بين المسلمين والمسيحيين.

واستكمل الداعية حديثه مستشهدًا بقول الله تعالي"لتجدن أشد الناس عداوة للذين آمنوا اليهود والذين أشركوا ولتجدن أقربهم مودة الذين قالوا إنا نصاري، ذلك بأن منهم قسسين ورهبانا وأنهم لا يستكبرون".

وتابع في تصريحات خاصة لـ"الدستور"، أن القرآن الكريم حكى عن السيد المسيح ورفعه في الدرجات العلي فهو نبي الله مبشرًا برسول يأتي من بعدة اسمه أحمد، كما حكى عن السيدة مريم وجعلها أطهر امرأة على وجه الأرض، وأكد قائلًا: أن السيد المسيح إنما هو جزء منّا والسيدة العذراء كذلك.

وأوضح أن هذا الشيء يجب أن يتعارف عليه الناس في مصر، وأنه لا مانع منه أبدًا، بل يؤصل الروابط ويؤكد بما لا يدع مجالًا للشك، أن الإرهاب في مصر لا يمكن أن يكون بيد المسلمين ولا بيد المصريين عامة، إنما هو دخيل للفرقة بينهم ولزعزعة إيمانهم بوحدة الوطن، وأن هذا لن يحدث أبدًا.

ينفرد الإعلامى أسامة كمال، مقدم برنامج "مساء" على قناة "dmc" بلقاء الفنانة الكبيرة نادية لطفى فى لقاء حصرى اليوم الأربعاء، الساعة العاشرة مساءً. تكشف نادية لطفي عن رأيها فى الحالة التى وصل إليها الفن ...