المحتوى الرئيسى

الثقافة القانونية للناخب وصندوق الاقتراع.. «5- 5»

03/14 11:55

◄الناخب سيختار أول حاكم فى تاريخ مصر يؤدى اليمين الدستورية أمام مجلس النواب بغرفة واحدة بعد إلغاء نظام الغرفتين

◄الصم والبكم في حاجة إلى من يترجم أصواتهم للقاضى بلغة الإشارة

◄الفكر الدستورى يجيز الانتخابات الرئاسية في حالة الطوارئ لتأمين حياة الشعب ضد الإرهاب

◄إبداء الصوت الانتخابى أقوى لحظات التمثيل الديمقراطى

◄ترسخ ثقافة اللامبالاة بالصوت الانتخابى عمل خطير واَفة ضد عقيدة الانتماء للوطن

◄التصويت يجب أن يرقى فى نفس وعقل كل مواطن إلى مستوى العقيدة الشخصية

نتناول في الجزء الخامس والأخير للبحث الذي أعده المستشار الدكتور محمد خفاجي، نائب رئيس مجلس الدولة، عن «المدخل لبناء الثقافة القانونية للناخب المصري وصندوق الاقتراع»، دراسة تحليلية لحقوق وواجبات الناخب وصندوق الاقتراع والإجراءات الضامنة لحسن سير العملية الانتخابية.

ذكر «خفاجي» أن الصوت الانتخابى في الانتخابات الرئاسية له أهمية كبرى كإحدى ثمار المشاركة السياسية، ومن جانبنا نرى أن دعم هذا الحق العام لا يكون إلا بتيسير سبله وتمكين المواطنين من القيام به، من خلال الثقافة القانونية التى يتضمنها البحث من أجل الإسهام في بناء نظام انتخابى سليم يليق بمكانة مصر والمصريين، خاصة أن الغالبية العظمى من الشعب بدأ يتبلور لديها الوعى الانتخابى المسئول، لذا فإننا نعرض في الجزء الثانى من البحث ما يلي:

أولاً: الصم والبكم في حاجة إلى من يترجم أصواتهم للقاضى بلغة الإشارة:

يقول الدكتور محمد خفاجى أن المشرع تعرض للناخب من ذوى الاحتياجات الخاصة ممن كانت نوع الإعاقة تمنعه من أن يثبت بنفسه رأيه فى البطاقة كالكفيف مثلاً، فله أن يبديه بنفسه شفاهة على انفراد لرئيس اللجنة الفرعية الذى يثبته فى البطاقة , وليس لأى من الموظفين المعاونين له فهو اختصاص استئثارى لرئيس اللجنة الفرعية ولا يجوز له تفويض غيره فيه، لكن المشرع لم يتعرض إطلاقاً للصم والبكم وغمَ عليه وضع حكم خاص بهما فى قانون مباشرة الحقوق السياسية أو غيره من القوانين، خاصة وأن لغتهم فى الإشارة لا يعرفها القاضى أو غيره سوى مترجم معتمد والذى تستعين به المحاكم كلما تطلب الأمر ذلك , والرأى عندى أنه يجب توفير مناخ اجتماعى وانسانى اَمن للصم والبكم فى إبداء أصواتهم بواسطة مترجم إشارة معتمد من الممكن أن يتواجد فى اللجنة العامة بعد الاتفاق مع الهيئة الوطنية للانتخابات ثم يقسم اليمين أمام رئيس وأعضاء اللجنة العامة ثم يتم الاستعانة به فى اللجان الفرعية بحسب الأحوال احتراماً وتقديراً وإجلالاً لتصميمهم الأكيد على إبداء صوتهم الانتخابى.

ويضيف أنه يرى من المهم أن يكون مع الصم والبكم بجانب بطاقة الرقم القومى بطاقة معتمدة من التضامن الاجتماعى تفيد حالتهم توقياً للانتحال والعناصر الدخيلة، ولا يجب اطلاقاً التفكير فى عقد لجنة خاصة بالصم والبكم لأن ذلك يتعارض مع فلسفة المشرع الدستورى فى فكرة اندماجهم مع المجتمع ومع مبدأ المساواة بين المواطنين فى الحقوق والواجبات، وأن ما أنادى به ليس بدعاً من القول بل سبقنى إليه فضيلة الشيخ المرحوم محمد حسين طنطاوى شيخ الأزهر الشريف بالاستعانة بمترجم اشارة معتمد فى المساجد فى خطب الجمعة وخطبة العيدين.

كما سبقنى إليه الراحل العظيم الذى ارتقى لمرتبة القديسين قداسة البابا شنودة الثالث بالاستعانة بمترجم معتمد ليترجم أحداث القداس والترتيلات الكنسية , وما أنادى به من مترجم اشارة معتمد للصم والبكم لممارسة حقوقهم السياسية هو الأول من نوعه فى تعزيز حقهم الدستورى فى إبداء صوتهم الانتخابى ويعمق من الثقافة العامة للشعب تجاههم ولنبدأ بالثقافة الانتخابية.

ويضيف «خفاجي» أن علة وجود مترجم يصل صوت تلك الفئة للصوت الانتخابى أن لغة الصم والبكم هي لغة الاشارة فالشخص الأصم لا يتكلم لأنه لا يستطيع السمع وبالتالي لا يعرف كيفية نطق الحروف والكلمات فيفقد خاصية الكلام أيضاً، ولكن ليس كل اصم ابكم، ولغة الاشارة مكنتهم من التواصل مع الأخرين عن طريق حركة الاصابع واليدين لتمثيل الحروف والأرقام والكلمات وتعتمد لغة الإشارة على مظاهر خمسة : الحركة و تحديد المكان و شكل اليد وتحديد الاتجاه والإشارات غير اليدوية هي السمة الأكثر حسما في تحديد المعنى وتلك مظاهر للغة الإشارة تحدث كلها في وقت واحد وليست متتابعة ويساهم اتجاه نظرة العين وحركة الجسم والكتفين والفم والوجه ايضا في هذه اللغة وتنقسم لغة الاشارات إلى ثلاثة طرق : الأولى الوصفية وهي اشارة واحدة لكلمة معينة وهي من أسهل الطرق وتصف الشكل أو فعل معين والثانية الاصوات المعبرة ومنها الاشارات المعبرة عن كل حرف من الحروف الابجدية فلكل حرف اشارة معينة وتستعمل للكلمات التي ليس لها وصف معين كما بالطريقة الأولى، والثالثة الرمزية وهي تشبه الوصفية ولكنها تصف الكلمة بحركة واحدة معينة ووصف المدلول بلغة الاشارة يختلف من مكان لأخر , ولكن هناك لغة واحدة متفق عليها موحدة عالمياً تسمى " جستينو" أقول ذلك لأنى من أكثر القضاة الذين أصدروا مئات الأحكام لصالح المعاقين خاصة الصم والبكم .

وطالب «خفاجي» ألا يقتصر ما ننادى به على الحقوق الانتخابية للصم والبكم فقط بل تمتد إلى الحق الرياضى وليت المسئولين عن تنظيم المونديال مراعاة هذا الحق أيضاً.

ثانياً: بناء الرأى البنية الأساسية المعنوية لتنمية الوعى الانتخابى:

يقول «خفاجى» إن البنية الأساسية المعنوية أساس الحل الجوهرى لاشكالية تعدد الفكر السياسى وتكوين الرأى على مختلف درجاته ومستوياته سواء كان الرأى محكوماً بمؤثرات اقتصادية أو سياسية أو عرقية أو اجتماعية , على أن منظومة الفكر والاتصال العامة هى التى تحكم نظرة أفراد المجتمع حول وطنهم ومصير التجمعات أو الأوطان أو الدول تخضع لفلسفة قانون النشوء والارتقاء والتطور , وهذا المفهوم هو الإطار لتكوين الرأى بشرط أن يكون الرأى ارادياً غير قابل للخصم متحرراً من أى مؤثرات معروفة ومتعددة .

ويضيف أن ايقاع العصر لاشك الأرضية التى تحكم وتحيط وتحاصر الرأى بالنمو أو الذوبان , فإذا فقد شعب من الشعوب قدرته على بناء الرأى فإنه يتحول إلى مجرد مجتمعات جامدة لا حراك فيها ويقال للمشاهدين من العالم هذا هو المكان الذى احتضن فيه عبقريات كثيرة لأنه كان مكاناً عبقرياً، سيقال علينا إذا تخلفنا عن واجبنا هنا كان يعيش إنساناً اسمه المصرى حيث يتحول من صاحب رأى إلى مضغة طحنتها الشائعات واستسلم لشهوة التراضى وتلذذ بالكسل عن أداء دوره الوطنى والتزامه الدستورى المقرر فى ضوء حقوق الانسان عن ممارسة دوره فى إبداء صوته.

ثالثاً: المواطنة والبنية الأساسية للوعى الانتخابى:

يقول إن حقوق المواطنة ومسئولياتها تلقى التزاماً وواجباً على عاتق جمهور الناخبين، فالمواطنة تفاعل متبادل بين الوطن وبين من يعيش عليه، ذلك أن الوعى الانتخابى يلعب الدور الأساسى ويجعل الناخب يتفاعل مع حركة التاريخ واتجاهاته لذا فإن تحديث البنية الأساسية يعد أمراً مطلوباً عن طريق ضخ مفاهيم مستحدثة للممارسة الفاعلة عن مفهوم الحق واختباره واختياره باعتبار أن التصويت يجب أن يرقى فى نفس وعقل كل مواطن إلى مستوى العقيدة الشخصية.

رابعاً: إبداء الصوت الانتخابى أقوى اللحظات في التمثيل الديمقراطى ومن خلال نسبة المشاركة يقاس درجة الولاء والاندماج الاجتماعى للوطن:

ويذكر الدكتور محمد خفاجى يعتبر إبداء الصوت الانتخابى أقوى اللحظات في التمثيل الديمقراطى، إذ يعد بشكل عام محدداً للمشاركة السياسية، وهو في الواقع يتطلب انخراطاً في المجموعة الوطنية، ومن خلال النسبة المئوية لأصوات الناخبين الذين صوتوا لحظة الاقتراع يمكن قياس درجة اهتمام المواطنين بعملية الاقتراع، ومن ثم تحديد درجة الولاء والاندماج الاجتماعي للفرد داخل وطنه وانتمائه إليه.

وأضاف أن السلوك الانتخابى ليس تظاهرة ولكنه وقفة موضوعية تعكس يقظة ضمير وصحوة وجدان شعب ومجتمع يتطلع لبناء مستقبله، فالسلوك الانتخابي يعد من تجليات السلوك السياسي، وتعبيرا واقعيا للمشاركة السياسية فهو سلوك جماعي ذو أبعاد إحصائية.

خامساً: ترسخ ثقافة اللامبالاة بالصوت الانتخابى عمل خطير واَفة ضد عقيدة الانتماء لوطن:

يوضح نائب رئيس مجلس الدولة، أن ترسخ ثقافة اللامبالاة بالصوت الانتخابى عمل خطير واَفة ضد عقيدة الانتماء لوطن حيث يصورون لغالبية المجتمع إلى أن ممارسة الحقوق السياسية مرادفة للفساد ولا جدوى من ممارستها، وزرع هشاشة الثقافة السياسية لدى المواطن، وعدم تفاعله مع السياسة العامة للبلاد، وعدم فهم مغزاها أو مناقشة ونقد الأفكار والبرامج وعادة ما يكون غياب الوعي يرتبط أساساً بالأمية السياسية وهي آفة منتشرة في كثير من المجتمعات، ولكن الشعب المصرى بلغ ذروة الوعى السياسى في الوقت الحاضر.

ويشير أن قيام البعض ببث روح فقدان الأمل في تعظيم الصوت الانتخابى مؤشر على فقدان روح الانتماء للوطن ، واندثار للقيم الإيجابية للحقوق السياسية ولمبادئ المواطنة والمسئولية الاجتماعية، ومن هنا يبدو جلياً أهمية ممارسة الحق الانتخابى والإدلاء بالصوت داخل جمعية الاقتراع إنما يرتبط بفكرة الولاء للوطن وكما يذهب الفقيه Buffalo survey إلى أن التصويت يرتبط بأعمال وطنية وإظهار الوطنية ما يشير إلى أن التصويت في الانتخابات يعتبر عملاً يؤكد الفرد من خلاله على إخلاصه وولائه للدولة ، أكثر من كونه عملاً يتقدم من خلاله بمطالب للنظام السياسي في بلده .

سادساً: الناخب سيختار أول حاكم فى تاريخ مصر يؤدى اليمين الدستورية أمام مجلس النواب بغرفة واحدة بعد إلغاء نظام الغرفتين:

يقول «خفاجي» إن أهمية قيام الناخب المصرى بمنح صوته الانتقائى للمرشح الذى يراه جديراً بتمثيل الدولة المصرية فى منصب رئيس الجمهورية أمر له أهميته التاريخية القصوى لأن من سيختاره الناخب المصرى سيكون لأول مرة أول حاكم فى تاريخنا الحديث سواء فى العصر الملكى أو الجمهورى يؤدى اليمين الدستورية أمام مجلس النواب بغرفة واحدة بعد الغاء الدستور الصادر فى 18 يناير 2014 نظام الغرفتين، ومن هنا تبرز قيمة صوته الانتخابى فى هذا الحدث التاريخى الدستورى الهام لمصر، إذ بموجب المادة 144 من الدستور يشترط أن يؤدى رئيس الجمهورية قبل أن يتولى مهام منصبه أمام مجلس النواب اليمين الاَتية " اُقسم بالله العظيم أن اُحافظ مخلصاً على النظام الجمهورى وأن أحترم الدستور والقانون وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن اُحافظ على استقلال الوطن ووحدة سلامة أراضيه "ويا لها من لحظة تاريخية عظيمة فى حياة مصر يصنعها الناخب المصرى .

سابعاً: الفكر الدستورى يجيز الانتخابات الرئاسية في حالة الطوارئ لتأمين حياة الشعب ضد الإرهاب:

يشير ايل أن البعض يذهب أن حالة الطوارئ وما يباح فيها من الإجراءات الاستثنائية لا تجيز إجراء الانتخابات الرئاسية، وحقيقة الأمر أن الفكر الدستورى الحديث الذى يتواكب مع حالة العصر في مواجهة الإرهاب كظاهرة تهدد حياة الشعوب ومستقبل الدول يجيز إجراء الانتخابات الرئاسية في ظل حالة الطوارئ التى فرضت لمواجهة حوادث إرهابية لتأمين الشعب ذاته وتحقيق أمنه واستقراره، وقد استحدث المشرع نصاً دستورياً في المادة 237 بالتزام الدولة بمواجة الإرهاب ومن ثم فإن حالة الطوارئ تكون لتأمين حياة الشعب ضد الإرهاب الذى يكون مجابهته التزاماً على عاتق الدولة , وبهذه المثابة فإن حالة الطوارئ لا تحول في الفكر الدستورى الحديث دون إجراء الانتخابات الرئاسية ولا تأثير لها على سير العملية الانتخابية بجميع أشطارها ومراحلها، سيما وأن الهيئة الوطنية للانتخابات القائمة على أمر تنظيم تلك الانتخابات هيئة مستقلة لا سلطان لأى جهة عليها .

ويضيف الدكتور محمد خفاجى أن الأساس الفلسفى لإجازة إجراء الانتخابات الرئاسية في فرض حالة الطوارئ أنها في الأصل إجراءات وقائية لحماية أركان الدولة ونظامها العام واَدابها العامة بالمشاركة بين القوات المسلحة مع هيئة الشرطة في حماية المنشآت العامة ومقار الانتخابات ليتمتع الناخب بضمانة إبداء صوته الانتخابى دون رهبة أو خوف فتمضى عملية التصويت داخل جمعية الاقتراع في مناخ اَمن واتخاذ إجراءات سريعة بموجب حق الضبطية القضائية.

ويشير الي أن ما نقول به ليس بدعاً في الحياة الدستورية وإنما أخذت به أعرق الدول الديمقراطية كفرنسا قبلة الحريات التى اختارت رئيسها ال 25 إيمانويل ماكرون، خلفاً للرئيس فرانسوا هولاند، الذي قرر ألا يترشح لفترة ثانية في ظل فرض حالة الطوارئ فى جميع أركان الدولة الفرنسية.

وقد اُجرت الجولة الأولى بعد ثلاثة أيام من مقتل شرطي في الشانزليزيه في قلب باريس، مما اقتضى تدخل عناصر الجيش الفرنسى المشاركين في عملية مكافحة الإرهاب التي بدأت بعد هجمات باريس في يناير 2017، وبذلك تكون للمرة الأولى أن تجرى الانتخابات الفرنسية في 7 مايو 2017 في ظل حالة الطوارئ وهي أول انتخابات رئاسية تجري في ظل حال الطوارئ التي فرضت بعد اعتداءات 13 نوفمبر 2015 في باريس.

وظللت عناصر الشرطة والجيش الفرنسى حماية مراكز الاقتراع ونظمت "دوريات فعالة متحركة" للتدخل الفورى عند وقوع أي حادث، وحتى يتم إشعار الناخبين بالطمأنينة ودفعهم إلى التصويت، انتشر ما يقرب من 50 ألف شرطي و7 آلاف عسكري في جميع أنحاء البلاد بفرنسا لضمان حسن سير عمليات الاقتراع.

أهم أخبار حوادث

Comments

عاجل