المحتوى الرئيسى

السياسة الخارجية الروسية في العالم في ظل حكم بوتين

03/12 15:44

اليوم الذي بكى فيه بوتين

بوتين لا يكترث لقضية التدخل في الانتخابات الأميركية

بوتين يشيد ب"مزايا القيادة" لدى النساء في اليوم العالمي للمرأة

بوتين: علينا حماية روسيا من الراديكالية المدمرة

رسالة ترمب إلى بوتين: أتطلع إلى رؤية الجميلات في روسيا

ماكرون يطلب من بوتين ممارسة ضغوط على دمشق بشكل "فعلي وملموس"

موسكو: على مدى اكثر من 18 عاما في السلطة، تمكن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين من اعادة روسيا الى واجهة الساحة الدولية لكن على حساب أسوأ الخلافات مع الغرب تسجل منذ الحرب الباردة.

استخدمت روسيا حليفة نظام دمشق حق النقض 11 مرة في مجلس الامن لوقف مشاريع قرارات منذ بدء حركة الاحتجاج في سوريا في ابريل 2011، وذلك بهدف حماية نظام الرئيس بشار الاسد.

الكرملين المؤيد للاستقرار، لم ينظر بعين الرضا للربيع العربي، واعتبر ما حصل في ليبيا بمثابة خيانة، حيث انتهى امتناع روسيا والصين عن التصويت على قرار في مجلس الامن الدولي في مارس 2011 يتيح التدخل الدولي، بمقتل معمر القذافي بطريقة وحشية كما اغرق البلاد في فوضى.

واطلقت روسيا تدخلا عسكريا في سوريا في 2015 ادى الى تغيير المعطيات الميدانية في النزاع السوري لمصلحة النظام، ما اتاح للقوات الحكومية استعادة القسم الاكبر من الاراضي من ايدي فصائل المعارضة والجهاديين.

وفي محاولة لحل النزاع، تعاونت روسيا بشكل غير مسبوق مع ايران، حليفة النظام السوري ايضا، وتركيا الداعمة لفصائل المعارضة. وهكذا فرضت نفسها لاعبا رئيسا في الشرق الاوسط.

في مطلع 2014، ادت انتفاضة دامية مؤيدة للغرب في ساحة ميدان الى فرار الرئيس المؤيد لروسيا فيكتور يانوكوفيتش. في خلال ايام، سيطر مسلحون - جنود روس كما قال لاحقا بوتين- على شبه جزيرة القرم الاوكرانية وضمتها روسيا في 18 مارس بعد استفتاء اعتبرته المجموعة الدولية غير شرعي.

وفي الاسابيع التالية، تبع ضم شبه جزيرة القرم اندلاع نزاع مسلح بين الجيش الاوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق اوكرانيا اوقع منذ ذلك الحين اكثر من عشرة الاف قتيل. وروسيا متهمة من قبل كييف والغربيين بدعم الانفصاليين عسكريا، وهو ما تنفيه موسكو بشدة. ومنذ العام 2014 تتعرض روسيا لعقوبات اميركية واوروبية غير مسبوقة.

في هذا الوقت، تبقي روسيا على الاف من جنودها في ترانسنيستريا المنطقة الناطقة بالروسية التي انفصلت عن مولدافيا في مطلع التسعينيات بعد انهيار الاتحاد السوفياتي السابق. واقيمت قواعد عسكرية روسية ايضا في ابخازيا واوسيتيا الجنوبية، المنطقتان الانفصاليتان الجورجيتان اللتان اعترفت موسكو باستقلالهما في 2008 في ختام حرب خاطفة مع جورجيا.

خلافا لواشنطن التي تلوح باستمرار بالتهديد بعقوبات، تدعو موسكو على الدوام الى الحوار مع بيونغ يانغ على اساس خارطة طريق اعدتها روسيا والصين.

لكن روسيا ساندت في نهاية 2017 قرارا في الامم المتحدة يفرض عقوبات جديدة على كوريا الشمالية وخصوصا فرض قيود على واردات النفط التي تعتبر اساسية للبرامج الصاروخية والنووية.

وفي مطلع يناير اشاد الرئيس الروسي بالزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ اون واصفا اياه بانه "رجل سياسة ناضج" حين وجه هذا الاخير اشارات انفتاح في خطابه الى الامة في مناسبة رأس السنة.

تختلف واشنطن وموسكو حول عدد من الملفات الدولية مثل اوكرانيا وسوريا وايران. لكن منذ انتخاب الرئيس الاميركي دونالد ترمب الذي وعد بتقارب مع روسيا، شابت العلاقات ازمة الاتهامات بتدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الاميركية بوساطة عمليات قرصنة.

ومنذ سنوات، تندد موسكو بنشر الدرع الاميركية المضادة للصواريخ في اوروبا الشرقية وبشكل عام تعزيز قوة حلف شمال الاطلسي على حدودها ما يشكل مبررا لها لتقوية قدراتها العسكرية الخاصة. ما يثير مخاوف من سباق جديد للتسلح، اعلنت واشنطن في فبراير انها ترغب في امتلاك اسلحة نووية جديدة ضعيفة القوة فيما اشاد بوتين في مطلع مارس بصواريخ روسية جديدة "لا تقهر".

في اوج التوتر مع الغرب، حاولت روسيا تعزيز علاقاتها مع حلفائها التقليديين مثل الصين والهند او فنزويلا. موسكو والصين اللتان يربطهما عقد ضخم حول تسليم الغاز الروسي الى الصين، غالبا ما تظهران كجبهة متحدة على الساحة الدولية وخصوصا في عمليات التصويت في مجلس الامن. وقال الرئيس الصيني شي جينبينغ ان العلاقات بين البلدين حاليا "في افضل مستوى في تاريخها".

ووقعت روسيا في السنوات الماضية عدة عقود مع الهند، الزبون الطويل الامد للاسلحة الروسية وعززت علاقاتها مع اميركا اللاتينية وخصوصا مع فنزويلا التي تشاطرها مواقفها من الولايات المتحدة. واعطت موسكو في الاونة الاخيرة دعما ماليا لكراكاس التي تواجه ازمة اقتصادية عبر اعادة جدولة دين بقيمة ثلاثة مليارات دولار منحته اياها في 2011.

قيصر روسيا ما بعد الحقبة السوفياتية

يجسد فلاديمير بوتين، الضابط السابق في جهاز الكي جي بي الذي يشارف على ولاية رابعة شبه محسومة الأحد بعدما حكم روسيا لأكثر من 18 عاما، طموح "روسيا عظمى" استعادت نفوذها ومكانتها.

وخلال عرضه اسلحة جديدة "لا تقهر" حذر بوتين الغربيين في خطابه الاخير أمام البرلمان في مطلع مارس قائلا "لم يكن أحد يريد التحدث إلينا، لم يكن أحد يريد الاستماع إلينا. استمعوا إلينا الآن!".

وإن كان العديد من الروس يشيدون برئيسهم البالغ من العمر 65 عاما الذي وصل عام 2000 على رأس بلد سلطته غير مستقرة واقتصاده متدهور، فذلك تحديدا لأنه كان رجل الاستقرار والازدهار المستعاد، بفضل عائدات نفطية وفيرة على مدى سنوات. غير أن منتقديه يقولون إن هذا الازدهار كان ثمنه تراجع حقوق الإنسان وتقييد الحريات.

على الساحة الدولية، عمل بوتين الذي وصف تفكك الاتحاد السوفياتي بأنه "أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين"، على ترميم هيبة روسيا في العالم بعدما تدهورت مع سقوط الاتحاد السوفياتي وسنوات الفوضى في عهد بوريس يلتسين.

لتحقيق ذلك، يتبع الرئيس المواظب على لعب الجودو نهجا قوامه الصراع الدؤوب والمتعنت والبحث عن مؤشرات الضعف لدى خصمه، على ما أوضح بنفسه عام 2013 ردا على روسي طلب منه بذل كل ما بوسعه من أجل "اللحاق (بأميركا) وتخطيها"، وفق شعار قديم يعود إلى الحقبة السوفياتية.

وهو نهج طبقه بنجاح في سوريا حيث تمكن التدخل العسكري الروسي منذ 2015 دعما لنظام دمشق من تبديل مجرى الحرب وسمح للرئيس بشار الاسد بالبقاء في السلطة رغم إرادة الغربيين الذين فقدوا المبادرة إلى حد ما إذ تخطتهم الأحداث. وفي السنة السابقة، قدم بوتين نفسه على أنه الزعيم الذي سيرمم "روسيا العظمى" بضمه شبه جزيرة القرم الأوكرانية بعدما احتلتها القوات الروسية، وقد نظم فيها استفتاء نددت به الأسرة الدولية معتبرة أنه غير شرعي.

وإن كانت هذه العملية زادت من نفوذه ومقامه داخليا، إلا أنها أثارت أسوأ أزمة منذ نهاية الحرب الباردة بين روسيا والغرب، الذي يتهم موسكو أيضا بتقديم دعم عسكري لحركة التمرد الانفصالي في شرق أوكرانا، وهو ما ينفيه الكرملين. كذلك سعى الرئيس الروسي المولع بالرياضة، الى فرض بلاده كقوة في هذا المجال، مثيرا هنا أيضا أزمة دولية.

فقد نظمت روسيا عام 2014 الألعاب الأولمبية الأعلى كلفة في التاريخ في منتجع سوتشي الساحلي، وستستضيف في صيف 2018 كأس العالم لكرة القدم، الحدث الرياضي الأكثر شعبية في العالم. غير أن أحلام الكرملين في هذا المجال تصطدم باتهامات موجهة إليها بممارسة "التنشيط الممنهج" منذ صدور تقرير ماكلارن بهذا الصدد عام 2016.

بالرغم من نفي موسكو على الدوام وبشدة هذه المزاعم، غير أنها أدت إلى إقصاء رياضييها من الألعاب الأولمبية عام 2016 في ريو دي جانيرو وتعليق مشاركة روسيا هذه السنة في دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بيونغ تشانغ بكوريا الجنوبية.

لم تكن خلفيات بوتين تمهد لوصوله إلى أمجاد الكرملين، فهو ولد في 7 أكتوبر 1952 في عائلة عاملة تعيش في غرفة واحدة من أحد المساكن المشتركة في لينينغراد (سان بطرسبورغ سابقا). روى على موقع إلكتروني مخصص لسيرته "إنني آت من عائلة متواضعة، وعشت هذه الحياة لفترة طويلة جدا". ومن شبابه في شوارع لينينغراد، قال عام 2015 أنه تعلم درسا: "إن كان لا بد من المعركة، فعليك أن تسدد الضربة الأولى".

درس القانون وانتسب إلى جهاز الاستخبارات السوفياتي "كي جي بي" حيث أصبح عميل استخبارات خارجية. ارسل إلى دريسدن في المانيا الشرقية حيث عمل في منصب متواضع بين 1985 و1990. وبعد سقوط الاتحاد السوفياتي، انتقل من الكي جي بي للعمل مستشارا في العلاقات الخارجية لرئيس البلدية الجديد الليبرالي في سان بطرسبورغ، وبعدها حقق صعودا خاطفا.

ففي 1996 استدعي إلى موسكو للعمل في الكرملين. وفي 1998، عين على رأس جهاز "إف إس بي" الذي حل محل الكي جي بي، قبل أن يعينه الرئيس بوريس يلتسين بعد سنة رئيسا للوزراء، بحثا عن خلف قادر على ضمان أمنه بعد انسحابه من الحياة السياسية.

أعحب يلتسين وأوساطه بتكتم وفاعلية هذا الرجل الحاد النظرة، وظن بعض المقربين من الرئيس أنه سيكون من السهل عليهم التحكم به، غير أن فلاديمير بوتين باشر إعادة بناء سلطة الدولة، فنظم "هرم سلطة عموديا" يأتمر به حصرا. حرصا منه على تصوير نفسه في موقع المسؤول الصلب المواقف، باشر في الأول من أكتوبر 1999 حرب الشيشان الثانية إثر موجة اعتداءات، فخاضت البلاد نزاعا داميا تخللته تجاوزات ارتكبها الجنود الروس وقصفا عشوائيا لغروزني.

شكلت تلك الحرب ركيزة لشعبيته وأرست صورته كرجل شديد القبضة لا يخشى اتخاذ قرارات صعبة. وحين استقال يلتسين في نهاية 1999 وعين رئيس وزرائه خلفا له، كان بوتين فرض نفسه كرجل البلاد القوي الجديد. انتخب بوتين عام 2000 محققا فوزا سهلا، فسرع عملية الإمساك بالسلطة مستندا إلى الأجهزة السرية والشرطة والجيش من جهة، وإلى المقربين منه من سان بطرسبورغ.

تحرك بصورة سريعة لضبط رجال الأعمال الذين حققوا ثروات طائلة في ظل عمليات الخصخصة المشبوهة التي جرت في التسعينات، فاستبعدهم من اللعبة السياسية وسجن من قاومه منهم، مثل رئيس مجموعة "يوكوس" النفطية ميخائيل خودوركوفسكي الذي أطلق سراحه عام 2013 بعدما قضى عشر سنوات خلف القضبان.

كذلك عمل الكرملين على ضبط الشبكات التلفزيونية التي كانت تتمتع بحرية تعبير موروثة من التسعينات، لم تكن لترضي بوتين، فباتت الشاشة الصغيرة في خدمته. وفي 2008، عهد بوتين بالكرملين إلى رئيس وزرائه دميتري ميدفيديف لأربع سنوات، عملا بالدستور الذي لم يكن يسمح له سوى بولايتين رئاسيتين متتاليتين، وتولى بدوره رئاسة الحكومة.

مع الإعلان في نهاية 2011 عن نيته في العودة إلى الرئاسة لولاية جديدة تم تمديدها في هذه الأثناء إلى ست سنوات، شهدت البلاد موجة احتجاج غير مسبوقة. غير أن التعبئة تراجعت بعد فوزه السهل بالرئاسة في ربيع 2012، وتلت ذلك حملة قمع جديدة للمجتمع الروسي مع إقرار قوانين وصفتها المعارضة بأنها تقضي على الحريات، وتشديد القمع على أي شكل من الاحتجاجات.

يلزم بوتين الأب لابنتين، والمطلق منذ 2013، التكتم الشديد حول حياته الخاصة، ويحرص على صورته كرجل بسيط الأذواق يعيش "حياة عادية"، ويهوى "الروايات التاريخية والموسيقى الكلاسيكية"، مثلما وصف نفسه خلال لقاء مع شبان روس. لكنه يهوى تطوير عبادة الشخصية من حوله ويعتني بصورته فيظهر وهو يمارس الجودو أو عاري الصدر يمتطي حصانا، أويقود طائرة قاذفة للمياه لإخماد حريق.

عشر محطات في حياة بوتين

في ما يأتي المحطات الأساسية في حياة فلاديمير بوتين، المرشح لولاية رئاسية جديدة في روسيا.

-7 اكتوبر 1952: مولد بوتين لدى عائلة عاملة في ضاحية لينينغراد، سان-بطرسبور الحالية.

-1998: تعيينه رئيسا لأجهزة الاستخبارات الروسية المسؤولة عن الأمن الداخلي (كي جي بي سابقا).

-1999: عندما كان بوتين رئيسا للوزراء في عهد بوريس يلتسين، أمر بدخول القوات الروسية الى الشيشان لمحاربة الانفصاليين. في ابريل 2009، اعلنت موسكو نهاية "عملية مكافحة الارهاب".

-2000: انتخب رئيسا من الدورة الأولى. وسيعاد انتخابه في 2004.

أهم أخبار العالم

Comments

عاجل