المحتوى الرئيسى

بأمر الحكومة.. تبوير 100 فدان لأهالي منيا القمح.. ورئيس المدينة: مشروع دولة

03/12 12:54

لو بحثت في أسباب تفرد مصر ورغبة العالم أجمع في احتلالها على مدار التاريخ ستجد أن تربة أرضها وخصوبتها للزراعة في صدارة تلك الأسباب، إلا أن الحال تبدل كثيرًا على أيدي الأنظمة المتعاقبة حتى بات المسئولون يأمرون بـ«تبوير» الأراضي الزراعية الخاصة بالفلاحين؛ بدعوى أنها «مشروع دولة»، وهو ما حدث في قرية «ميت يزيد» التابعة لمركز ومدينة منيا القمح بمحافظة الشرقية.

«عبدالرؤوف شوقي» فلاح بسيط لا يملك من الدنيا إلا قطعة أرض زراعية وعددا من الماشية يجرهم يوميًا إلى أرضه لمعاونته على حرثها، في منوال يستمر على مداومته حتى يأتي موسم الحصاد ويبيع المحصول عسى أن يأتي بالأموال التي احتاجها لزراعته.

كعادته اصطحب «عبدالرؤوف» ماشيته في طريقه إلى أرضه التي لم يعرف من الدنيا أحن منها طوال أكثر من 50 عامًا قضاها في رحبها، إلا أن الصدمة كانت حاضرة؛ إذ فوجئ الفلاح بـ«كراكات» ولوادر مجلس المدينة تُجرف نحو مترين من أرضه، بالإضافة إلى ضعفي المساحة من الطريق المُقابل للأرض، والذي كان في الأصل عبارة عن مصرف لأراضي المنطقة، قبل أن يتم ردمه منذ ثلاثين عامًا ليكون المتنفس الوحيد لدخول وخروج أصحاب الأرض وماشيتهم إلى أراضيهم التي تصل مساحتها لأكثر من مائة فدان.

الصدمة شلت لسان «عبدالرؤوف» وجيرانه من أصحاب أراضي المنطقة الواقعة بحوض «المُعترضة» رقم 4 التابعة للشياخة رقم 5 بزمام قرية «ميت يزيد»، والذين علقت ألسنتهم قبل أن تندفع تساؤلاتهم بغضب تجاه سائقي اللوادر وكراكات مجلس مدينة منيا القمح، تسألهم عن أسباب ما يفعلونه، ليرد الموظفين: «أوامر اللواء رئيس مجلس المدينة، بننقل خط الغاز الناحية التانية».

ردود الموظفين لم تكن لتُهدئ نيران غضب أصحاب الأراضي وهم يرون بداية خراب بيوتهم بأعينهم، قبل أن يُصيح أحدهم موجهًا حديثه إلى الموظفين: «إزاي الخط يتنقل وهو أصلًا مكانه الناحية التانية وعمال شركة الغاز بيفحتوا له من 3 أشهر علشان يسقطوه مكان الخط القديم»، إلا أن رد الموظفين حمل مفاجأةً جديدة: «طريق المصرف هيتعمل منطقة للحرفيين»، فما كان من الأهالي إلا أن تجمعوا على قلب رجل واحد وذهبوا إلى مركز الشرطة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

وفي بلاغ رسمي حمل رقم 1932 إداري منيا القمح لسنة 2018، اتهم أصحاب الأراضي اللواء عصام جاد الله، رئيس مجلس مدينة منيا القمح، بتهديد مستقبلهم والجّوُر على أراضيهم، مؤكدين أن ما يحدث سيجعل من أراضيهم بورًا لا متنفس لها، قبل أن يحضر رجال المركز ويأمروا بوقف أعمال الحفر، فيما أمر المستشار محمد المراكبي، رئيس نيابة منيا القمح العامة، بطلب تحريات المباحث حول الواقعة، والاستعلام من مجلس المدينة بصفة رسمية عما إذا كان هناك ثمة قرارات رسمية صادرة بشأن نقل خط الغاز إلى جوار خط الضغط العالي، وإرفاق ما يؤكد ذلك.

«هما علشان فيه ناس ليهم وسايط يبقى ييجوا على الغلابة بالشكل ده».. قالها حمدان صاحب قطعة أرض بالمنطقة لـ«التحرير» منوهًا بأن ما يحدث لا يمت للقانون بصلة: «منبع الغاز الناحية التانية وعمال الشركة فحتوا وغيروا الخط القديم على هذا الأساس الموجود من 30 سنة».

ويلتقط الحاج عبدالعظيم دياب، أحد كبار رجال المنطقة، أطراف الحديث، محاولًا التنفيس عن غضبه: «هما بيعملوا في الأرض بتاعتنا كده ليه وكأن ملهاش صحاب.. عاوزين يجيبوا الغاز جنب الكهربا علشان تحصل حرايق كل يومين ونطفش من هنا يعني».

وعن تاريخ أرض المصرف، أوضح الرجل لـ«التحرير»: «كان مصرف كبير بنصرف فيه الميهّ بتاعة الأرض بتاعتنا ونزعوا ملكيته من 30 سنة وردموه وسابوا أرضنا تاكلها الأملاح والرطوبة»، قبل أن يضيف موجهًا حديثه للمسئولين: «خدتوا مننا أرض المصرف وقولتوا علشان مصلحة الأرض بتاعتنا، تقوموا تاخدوها تاني علشان تعملوا فيها أكشاك وتبورا لنا أرضنا، هو إحنا كنا بنديكوا الأرض علشان تخربوا بيتنا يعني.. لمصلحة مين الكلام دا فهمونا».

فيما أشار حمدي جابر، أحد أصحاب الأراضي، إلى أن خط الغاز منذ وجوده وهو في مكانه يمين الأراضي وبعيدًا عن مدخل الطريق، إلا أن قرار تحويل مساره لأكثر من 700 متر بطول الطريق «هيخرب بيوتنا ويبور أراضينا»، مشيرا إلى أن الأمر به شُبهة غير واضحة المعالم، قائلًا: «هما الناس اللي جنب خط الغاز دافعين فلوس وإحنا مش دافعين.. لو عاوزينا ندفع قولوا»، منوهًا بأن ما يحدث سيدمر أراضيهم: «بعد كدا هييقولوا لنا سيبوا حرم طريق لخط الغاز ويحطوا الأكشاك اللي عاوزينها وبعد كده الأراضي تبوظ».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل