المحتوى الرئيسى

دولة الـ8 في السكة الحديد.. «الدستور» تحاول المسؤولين عن تشغيل القطارات

03/09 22:27

- مشاركة القطاع الخاص تتضمن إنشاء وتشغيل خطوط جديدة وإعادتها للدولة بعد سنوات

- الدولة تتحمل 6 أضعاف ثمن تذكرة القطارات والمرفق لم يتطور منذ نصف قرن

«حادث قطار أودى بحياة عدد من المواطنين».. صارت العبارة المُلازمة لأى حديث مرتبط بهيئة السكك الحديدية، ذلك المرفق الذى يخدم ملايين المواطنين يوميًا، وما بين العامل البشرى، مرورًا بالمزلقانات، وأنظمة تشغيل القطارات، تتوجه أصابع الاتهام فى كل واقعة، وسواء تم تقديم المتورط للعدالة أم لا، تكون الحقيقة الوحيدة التى لا نقاش فيها: زهق أرواح بريئة لم ترتكب جرمًا سوى قطع تذكرة فى وسيلة توصف دائمًا بأنها «آمنة».

ولأن «أهل مكة أدرى بشعابها»، اختارت «الدستور» أن تقترب من المسئولين عن إدارة المنظومة «على الأرض»، من سائقين، ومساعدى سائقين، وفنيين، وعمال تحويلة، ومشرفى تشغيل، ومضيفى قطارات، للاستماع منهم عن أبرز المشكلات التى تواجه المرفق، وأسباب تكرار وقوع الحوادث، إلى جانب أوضاعهم الوظيفية والمعيشية، فى تحقيق «على القضبان» لا يستهدف سوى الوصول إلى «محطة الحقيقة».

وزير النقل: نظام الإشارات وراء أغلب الحوادث.. ورضائى عن السكك الحديدية 40%

قال الدكتور هشام عرفات، وزير النقل، إن موافقة البرلمان على التعديل النهائى لقانون السكك الحديدية، بما يسمح بمشاركة القطاع الخاص فى أعمال التطوير، سيكون من أهم سبل تحقيق طفرة فى منظومة السكك الحديدية.

ونفى، فى حواره مع «الدستور»، ما تردد عن وجود نية لخصخصة هيئة السكك الحديدية، مثلما أشاع البعض، موضحًا أن الأمر مجرد مشاركة بين القطاعين الخاص والعام. واعتبر أن الخطوة الأهم تتمثل فى إعادة تأهيل جميع ورش الصيانة التى أهملت منذ سنوات، مشيرا إلى أن الشهر المقبل سيشهد تعاقد الوزارة على استقدام ١٣٠٠ عربة لدخول الخدمة بدلا من عربات الدرجة الثالثة.

■ بداية.. ما رؤية الوزارة حول مشاركة القطاع الخاص فى مرفق السكك الحديدية؟

- مشاركة القطاع الخاص فى مرفق السكك الحديدية ستكون بنظام «حق الانتفاع»، من خلال إنشاء خطوط جديدة لتشغيلها، وإعادتها للدولة بعد عدة سنوات.

■ وما الذى سيعود على السكك الحديدية بعد مشاركة القطاع الخاص؟

- التنافس لتقديم أفضل خدمة للمواطن، بالإضافة إلى رفع كفاءة الورش المسئولة عن صيانة القطارات، فضلا عن فصل الملكية عن الإدارة عن التشغيل والصيانة، وهو ما سيسهم فى تخفيف أعباء الهيئة، فالسكك الحديدية عصب المواصلات فى مصر، وتتحمل عبئًا كبيرا للغاية.

■ هل ستتأثر أسعار التذاكر بدخول القطاع الخاص؟

- تذاكر القطارات تسبب عبئا كبيرا للدولة، فلا يوجد مواصلة واحدة بتكلفة جنيه وربع، ولذلك الدولة تتحمل ٦ أضعاف ثمن التذكرة المقدمة فى السكك الحديدية، وعقب دخول القطاع الخاص سيتم رفع كفاءة القطارات والبنية التحتية للخطوط القديمة لتتناسب مع خدمة القطاع الخاص، وعلى المواطن الاختيار.

■ ما سبب وصول السكك الحديدية إلى ما عليه الآن؟

- السكك الحديدية المرفق الوحيد الذى لم يشهد تطويرا منذ أكثر من ٥٠ عاما، وجميع الأعمال التى تمت له من أجل تيسير الأمور، وبعض المشروعات لم تنجز بصورة نهائية، وقدر الوزارة الحالية التعامل مع هذه المشكلة.

■ ما الخطة العاجلة التى تنفذها وزارة النقل للنهوض بالسكك الحديدية؟

- الوزارة تعمل فى الوقت الحالى على خطة قصيرة المدى خلال عام ونصف العام، بتطوير الإشارات، بتكلفة ١٦ مليار جنيه، خاصة أن الإشارات تعد من أهم معوقات السكك الحديدية، وسبب كبير للحوادث، وسيحقق النظام الجديد أعلى درجات الأمان، ويؤدى لزيادة معدل السرعة، وسيتم الانتهاء منه منتصف ٢٠١٩.

ويشمل تطوير وتحديث نظام إشارات خطوط «القاهرة الإسكندرية» بطول ٢٠٨ كم، و«بنى سويف الأقصر» بطول ٥٤٨ كم، و«بنها الزقازيق الإسماعيلية بورسعيد» بطول ٢١٤ كم، و«طنطا المنصورة دمياط» بطول ١١٩ كم.

■ ماذا عن الخطوط الجديدة المزمع إنشاؤها فى السكك الحديدية؟

- عقب دخول الخطوط الجديدة والمتمثلة فى خط «السخنة- العلمين» و«٦ أكتوبر-أسوان»، فإن السكك الحديدية ستشهد نقلة نوعية غير مسبوقة بدخولها عصر القطارات فائقة السرعة للركاب والبضائع، ما سيعد طفرة كبيرة فى المنظومة.

■ كيف سيتم التعامل مع العربات والقطارات المتهالكة؟

- سيتم التعاقد الشهر القادم، على ١٣٠٠ عربة لدخولها الخدمة بدلا من قطارات الدرجة الثالثة، وسيتم دخول ٣٠ عربة شهريا للخدمة، وهو ما سيسمح بحدوث تحسن ملحوظ فى الخدمة المقدمة للمواطن.

■ تعاقدت الوزارة على شراء ١٠٠ جرار.. ما موعد دخولها الخدمة؟

- وقعت الوزارة العقد فى سبتمبر الماضى، ووفقا لبنوده، فإن أول جرار سيصل بعد ٢٢ شهرا، وذلك نظرا لأن المصانع القائمة على التصنيع تصنع حسب طلب كل دولة والمواصفات الفنية، وهناك مباحثات لوصول الجرارات قبل هذه المدة.

■ وماذا عن خطة ازدواج الخطوط؟

- الوزارة تدرس فى الوقت الحالى تطوير الخطوط المفردة على السكك الحديدية، نظرا لما تمثله من أهمية كبيرة، بالإضافة إلى ذلك تشكل خطورة بالغة على سلامة القطارات، وعلى رأس تلك الخطوط خط «دمياط – المنصورة»، بطول ١٥٠ كيلو مترا، بالتفاوض مع البنكين الدولى والأوروبى لإعادة الإعمار بقروض ميسرة تتراوح بين ١٥٠ و١٦٠ مليون دولار.

■ المزلقانات تسبب الكثير من الحوادث.. ما خطة الوزارة لتطويرها؟

- نبحث فى الوقت الحالى الحالة العامة لجميع المزلقانات التى تبلغ ١٣٢٢ مزلقانا شرعيا، وأكثر من ٣٠٠٠ غير شرعى، تشكل خطورة كبيرة على سلامة المواطنين.

■ ما نسبة رضائك عن السكك الحديدية خلال الفترة الماضية؟

- شهدت السكك الحديدية تطورا ملحوظا خلال الستة أشهر الماضية، من حيث انضباط المواعيد ونظافة القطارات، وهو ما شعر به أهالى الصعيد، لكن رضائى عن الخدمة قبل عمليات تطوير السكة الحديد لا يتعدى الـ٤٠٪، لكن حتما بعد المشروعات التى تنفذها الوزارة «الناس هتشوف سكة حديد مختلفة تماما».

■ لكن دائما ما نسمع أن العامل البشرى سبب وقوع الحوادث.. ما تعليقك؟

- لن أعلق الحوادث على شماعة العامل البشرى وإهماله، مثل وزراء سابقين، أنا أصارح نفسى «المشكلة عندنا إحنا مش عند العمال المساكين.. إحنا اللى موفرناش إمكانيات ليهم».

■ ما خطة الوزارة لرفع كفاءة العامل البشرى؟

- هناك خطة تتبعها الوزارة فى الوقت الحالى لرفع كفاءة العامل البشرى، من خلال إرسالهم لتلقى دورات تدريبية فى الخارج، وفقا لبنود العقد الموقع مع شركة «جنرال إليكتريك» بتدريب ٢٧٥ مهندسا وفنيا وسائقا، على صيانة وقيادة الأسطول الجديد بما يحتويه من أحدث تقنيات التشغيل والصيانة، ليتمكنوا من كسب الخبرة ونقلها إلى جميع العاملين فى السكك الحديدية.

■ كم بلغت خسائر السكك الحديدية للعام المالى ٢٠١٦ - ٢٠١٧؟

- تكبدت الهيئة خسائر فعلية فى نهاية العام قدرها ٦.٣ مليار جنيه، وذلك نتيجة عدم تحقيق الإيراد المستهدف وانخفاضه بقيمة ٥٠٠ مليون جنيه، وكذلك زيادة أسعار الوقود مرتين.

■ كم يبلغ عدد الركاب يوميا فى مختلف وسائل النقل؟

- السكك الحديدية تنقل يوميا مليونا و٢٠٠ ألف مواطن، والوزارة تتعامل بصورة يومية مع ٣ ملايين مواطن، والنقل البحرى ٣ ملايين يوميا بصورة مباشرة وغير مباشرة، والطرق والكبارى، تتعامل مع ٧ ملايين يوميا، فالوزارة تتعامل مع مايقرب من ١٣ مليون مواطن يوميا، بينما هناك دول فى العالم تعدادها كله لا يتجاوز ٥ ملايين مواطن، فمن الطبيعى ألا نتمكن من كسب رضا جميع المواطنين عن الخدمة المقدمة.

■ لماذا حرصت على التواجد فى موقع حادث قطار البحيرة عقب حدوثه مباشرة؟

- الشعب المصرى ذكى، والناس تحكم على المواقف بعقلها وليس بقلبها، ولا يتأثرون بما يقال بالإعلام، وهم مدركون تماما أن حوادث القطارات بسبب ضعف البنية التحتية، فلا أحد يستطيع التلاعب بأفكاره، فهو يمتلك حضارة ٧٠٠٠ سنة، وهو ما جعل المواطنين لا يهاجموننى أو يرمون بالمسئولية على، فلو كانوا يرون أننى مقصر، كنت سأسمع هذا الكلام، وأتمنى أن أكون عند حسن ظن الشعب المصرى.

وحادثة قطار البحيرة غريبة ومختلفة تماما عن جميع الحوادث، فلأول مرة تفتح التحويلة عقب مرور أول عربتين فى القطار، وهو ما يثير الكثير من الشكوك، لكن التحقيقات حتمًا ستوضح الأمور.

■ ماذا عن دعم الدولة لوزارة النقل؟

- شعار الرئيس عبدالفتاح السيسى «القدرة على الفعل والعمل»، والأربع سنوات الماضية شهدت إنجاز مشروعات تحتاج إلى ٥٠ سنة عمل، لأن الرئيس لدية قدرة غير طبيعية على العمل، «إحنا ياما سمعنا كلام كتير بدون تنفيذ من ٣٠ سنة، بدون وجود شىء عملى على أرض الواقع، وما تم إنجازه لا يتناسب مع ما كان يقال، بينما اليوم ما يقال ينفذ على أكمل وجه».

■ بعد مرور عام على توليك مهام الوزارة.. ما الذى قدمته وستقدمه؟

- وزارة النقل من أصعب الوزارات، وزارة «تقيلة» تشمل «طرقًا وكبارى وسككًا حديدية ومترو أنفاق، ونقلًا بحريًا ونهريًا»، فنحن نتعامل مع شريحة ضخمة من المواطنين، نتولى مسئولية حمايتهم وتأمين خدمة مميزة لهم، ونسعى فى الوقت الحالى لتغيير فكر المواطنين عن السكك الحديدية، وصعوبة الوزارة ليست فى الشغل أو المجهود، لكن أرواح المواطنين مسئولية كبيرة.

وهناك الكثير من الأمور التى أرغب فى تقديمها للوزارة وأسعى إلى تحقيقها وتسبب عبئًا كبيرا بسبب عدم توافر الإمكانيات لتقديمها. «فى حاجات كتير مش راضى عنها وتعبانى نفسيا.. أنا عايز الناس ترجع تظبط ساعتها على مواعيد القطارات»، وأسعى كذلك لزيادة نسبة المنقول من البضائع عبر السكك الحديدية والنقل النهرى.

مشرف تشغيل: استلام الخوذ والملابس غير القابلة للاشتعال على الورق فقط.. ولصوص يسرقون الكابلات من الورش

كشف «أ. س»، مشرف تشغيل فى ورشة أسوان لصيانة الجرارات، أوضاع العاملين فى هيئة السكك الحديدية، مشددًا على أنهم يحتاجون إلى «نظرة شفقة»، فى ظل ما يعانونه من أزمات.

وأوضح: «لا يوجد لدينا إسعافات أولية فى الورشة، رغم خطورة العمل وكثرة الإصابات، التى تصل إلى تحطم الأصابع والأقدام أو بترها، لا يوجد تأمين لنا».

وأضاف: «وفق القانون، يجب أن نتسلم خوذة ونظارة وملابس مقاومة للاشتعال، لكن كل هذا لا وجود له على أرض الواقع، ولا يتم إلا على الورق فقط، والعامل لا يتسلم سوى (السفتى) والبدلة الكحلى التى تشبه ملابس المساجين».

وتابع: «لا يتوقف الأمر على ذلك، بل نعانى من عدم تنظيف دورات المياه منذ ١٠ سنوات، ولما شكونا من سوء الوضع، ركبوا لأرضيات دورات المياه سيراميك جديد، دون أى اهتمام بالمواسير والقاعدة والصرف، لذلك يتبول معظم العمال فى الخلاء».

وعن أوضاع العمل فى الورش نفسها، قال «أ. س»: «الورشة مهملة ونحتاج إلى قطع غيار غير متوفرة، والإهمال يصل إلى سرقة اللصوص المتكررة للخردة وكابلات القطارات من الورش، وإعادة بيعها، وعندما شكونا، كان رد أفراد الأمن: (إحنا بنأمن المحطة بس مش الورش)».

وأضاف: «أجهزة ATC المسئولة عن السرعات فى القطارات لا تعمل بصورة سليمة، ما يجعل السائقين يعترضون فى كثير من الأوقات على استلام الجرارات، نظرا لأن الجهاز هو وسيلة تأمينهم، التى تثبت عدم إدانتهم، حال وقوع أى حادث».

وكشف أن الهيئة فى القاهرة أخطرتهم مؤخرا بوجود أجهزة «ATC» جديدة، تعمل بالكمبيوتر، وتوفر أعلى درجات الأمان، وأكدوا لهم أنها ستركب فى الجرارات مع بداية العمرات الجديدة، وعقب انتهاء السائقين والفنيين من دورات تعليمهم كيفية تشغيلها، معتبرًا أن هذا الإجراء منحهم الأمل فى إصلاح الأوضاع.

سائق: القطارات متهالكة و«ماشيين بالستر» و«ساعات بنطلع من غير لقم الفرامل»

«أخرج من منزلى حاملًا كفنى على يدى، ولا أعلم إذا كنت سأعود لعائلتى سالمًا أو جثة هامدة».. بهذه الكلمات بدأ «م.أ»، السائق على خط «المناشى» حديثه، كاشفًا عن طبيعة الصعوبات التى تواجهه أثناء عمله كسائق قطار فى السكك الحديدية.

وقال سائق القطار: «عمرى ٥٥، وشغال فى السكك الحديدية من ٢٥ سنة، وباشتغل ٢٧ ساعة متواصلة، وباتحاسب بالقرش، الكيلو الواحد فى القطر العادى بـ١٤ قرش، والإكسبريس بـ١١ قرش، والرحلة الكاملة باخد عليها مبلغ لا يزيد على ٣٠ جنيه، والمرتب بالحوافز والإضافى لا يتجاوز الـ٢٠٠٠ جنيه، بدون أيام راحة».

وعن مهام عمله، كشف أنه يستلم القطار من الورشة الخاصة بالصيانة، ويؤشر فى الدفتر بصلاحيته من عدمه، لينطلق إلى رحلته، مضيفًا: «معظم القطارات متهالكة، ولا تصلح للاستخدام، ولا يقتصر الأمر على ذلك، بل يُضاف إليه عدم وجود قطع غيار للصيانة فى الورش، ما يزيد الأمر سوءًا».

وأضاف: «خرجت أكثر من مرة بالقطار دون وجود معظم (لقم الفرامل)، التى كانت تعمل بنسبة ٣٠٪ فقط، والفنيون فى الورش دايمًا بيقولوا لى ولزمايلى: عشان خاطرنا اطلعوا بالجرار كده وخلاص، هانجيب منين قطع غيار؟، خلوا المراكب تمشى وربنا يسترها».

أما عن أبرز المواقف التى تواجهه، وقال السائق: «الرحلة كلها متاعب، ونجلس طوال الرحلة على كرسى خشبى غير مريح، فى مكان بدون نوافذ، على أرضية جرار متهالكة قد تسقط بنا، وفى الأجواء الباردة قد يتجمد السائق، وفى الصيف قد تصل درجة الحرارة إلى ٥٠ درجة، لكنه مضطرًا لاستكمال الرحلة إلى آخرها».

وأضاف: «طلبنا من الهيئة تركيب مراوح فى الصيف بسبب الحر، فقالوا: احمدوا ربنا إن فيه كراسى». وتابع: «القمامة الموجودة على القضبان قد تتسبب فى وقوع حوادث فى أى وقت، ووسائل الأمان داخل الجرار لا تتعدى نسبة العامل منها ٤٠٪، وأغلب أجهزة (ATC) لا تعمل، ولا أجهزة اللاسلكى، وهو ما يدفعنا كسائقين للاتصال بملاحظ البلوك طوال السكة من خلال التليفونات الشخصية للاطمئنان على خلو السكة».

واستكمل: «أغلب القطارات لا تصلح للاستخدام، ويجب ألا تعمل من الأساس، وبعض الإشارات لا تعمل بصورة سليمة»، معتبرًا أن حادث قطار البحيرة لن يكون الأخير فى سلسلة الحوادث، ما دامت منظومة السكة الحديد تعمل بنفس الأسلوب.

كمسرى: نتعرض للاعتداء والإيقاف الإجبارى فى محطات الهلت

كشف «س.ع»، كمسرى قطار على «خط الشرق»، عن تعرضه للعديد من المشكلات أثناء عمله، تصل إلى حد التعرض لاعتداءات مبرحة من قبل بعض الركاب.

وقال الكمسرى: «٤ ساعات رايح جاى فى القطر، أتابع حركة الركاب واللى نازل واللى طالع، علشان ألم فلوس التذاكر»، لافتًا إلى وجود شريحة كبيرة من المواطنين يستقلون القطار دون قطع تذكرة من المحطة، فضلًا عن وجود محطات لا توجد بها أماكن لقطع التذاكر.

وأضاف: «رغم الإرهاق فى هذا العمل الشاق الذى تصل فيه الرحلة الواحدة إلى ١٢ ساعة، وقد تصل إلى ٣٦ ساعة، فإن الراتب لا يتجاوز ١٢٠٠ جنيه، ومكسبى الوحيد أنا وزملائى فى الحصول على غرامة نصف جنيه عن كل متهرب من دفع التذكرة».

وذكر أن وقائع الاعتداء على الكمسارية من قبل الركاب دائمًا ما تتكرر، خاصة فى محطات «الهلت»، وهى أرصفة صغيرة على خطى «منوف» و«الشرق»، تقف بها القطارات، اتباعًا لتعليمات جداول التشغيل.

وشكا من أن البلطجية يوقفون القطار عنوة، عبر فتح «بلف» الفرامل، وذلك بغرض سرقته، فى ظل غياب الشرطة النسبى عن القطارات، متسائلًا: «كيف يتم تأمين القطار من خلال فرد أو فردى أمن فقط؟».

وكشف عن وجود حالات سرقة كثيرة يتعرض لها الركاب، خاصة على خط «القاهرة- المنصورة»، بسبب العبور على أكثر من محطة «هلت» بين الأراضى الزراعية، حيث يظل القطار منتظرًا لأكثر من نصف الساعة.

وأثناء الانتظار، حسب الكمسرى، يدخل المتسولون والمشردون، ما يعرض الركاب للسرقة والمضايقات، مشيرًا إلى أن الباعة الجائلين فى المحطات العادية يفتحون بلف الفرامل لإيقاف القطار، لحين الانتهاء من البيع.

مضيف: الفئران تحتل القطارات.. و80% من الطفايات «عطلانة»

قال «ع. س»، الذى يعمل مضيف قطار على خط «القاهرة- أسوان»، إن الأمور الفنية المفترض أن يتابعها بحكم مهنته فى أسوأ حالة، ومن بينها طفايات الحريق، التى لا يعمل منها سوى ٢٠٪ فقط.

وأضاف: «من المفترض وجود ٤٨ طفاية حريق فى القطار، لكن لا يوجد هذا العدد فى الواقع، وحتى الموجود لا يعمل»، لافتا إلى أنه تم إبلاغ المسئول عن عطل طفايات الحرائق، فرد بقوله: «الميزانية لا تسمح بجلب طفايات أخرى». وتابع: «عملى كمضيف قطار يتضمن ضبط الحالة العامة لعربات القطار سواء تجهيز الطفايات الخاصة بالحرائق، والكراسى، والزجاج، والحمامات، ووضع حقائب المسافرين فى دواليب القطار، وهذا التجهيز يستغرق نحو ٤ ساعات من ٣٦ ساعة مدة الرحلة كلها، رايح جاى، وعددنا ٦ بكل رحلة، ولا أماكن لهم فى القطار للراحة».

وأفاد بأنهم يبقون ٤ ساعات راحة بأسوان فى حجرة بدون دورة مياه، مليئة بالفئران والحشرات والقطط والكلاب، مساحتها ٢٤ مترًا، يجلس بها قرابة ٧٠ فردًا.

واستكمل مضيف القطار، ويبلغ ٣٥ عاما: «توجد فئران وحشرات فى القطارات، ولا يوجد زجاج للنوافذ فى كثير من العربات».

مساعد سائق: أجهزة الاتصال لا تعمل.. وأعطال «السيمافورات» لا تنتهى

قال «م. أ»، مساعد سائق بهيئة السكك الحديدية، على خط الصعيد، إن حال السكك الحديدية تبدل إلى الأسوأ، خلال الـ١٥ سنة الماضية، فلم يَطُل القطارات التى يعمل عليها، خلال تلك الفترة، أى تطوير، وذكر أن عمله يتضمن مع السائق متابعة سير العمل، وتسلم القطار، والتأكد من توافر كل الشروط الفنية فيه وخلوه من العوارض، ليبدأ الانطلاق بالرحلة، لافتًا إلى أن السائق قد يغفو فى القطار لمدة ساعة مثلًا، فيتابع هو سير الرحلة.

وأضاف أن من ضمن عمله أيضًا ملاحظة الطريق ومتابعة «السيمافورات» عند دخول المحطات المختلفة، معتبرًا أن أعطال «السيمافورات» لا تنتهى، وقال: «لولا حدة نظر السائقين لحدث الكثير من الكوارث على الخط».

وأشار إلى أن من ضمن مهامه الحصول على ما يعرف باسم «كبسولات القطار»، التى توضع على القضبان وتعتبر من وسائل الأمان، لأنه عند مرور القطار عليها يحدث صوت دوى قوى، لاحتوائها على بارود.

وأوضح أنه مع مرور العجل على تلك الكبسولات يحدث ضغط على العجلة الأولى، وفى حالة عدم تهدئة سائق القطار لسرعته تتم إدانته لأن الكبسولة تركت أثرها فى تلك العجلة، وبالتالى فإن الهدف منها الحفاظ على مستوى سرعة القطار دون زيادتها، وكشف عن أنه يعمل فى السكك الحديدية منذ ٢٠ سنة، براتب لا يتجاوز ١٥٠٠ جنيه بالحوافز والأساسى، مضيفًا: «السكك الحديدية الناس كانت بتظبط ساعتها عليها، لكن بسبب الإهمال وضعف التطوير بدأت تتدهور حالتها إلى أن وصلت إلى ما هى عليه الآن».

وتابع: «السكك الحديدية تعمل الآن بستر ربنا، فنقابل الكثير من المشكلات الفنية خلال الرحلة ويتم التعامل معها»، مشيرًا إلى عدم عمل أجهزة اللاسلكى، التى تعتبر وسيلة الاتصال الوحيدة مع مراقب البرج، لمعرفة خلاء السكة لدخول القطار.

عامل تحويلة: أغلبنا يعانى من «الغضروف» ويتعاطى «الترامادول» بسبب المجهود الشاق

قال «أ.م»، عامل تحويلة على خط «أسوان ــ القاهرة»، إنه يعمل فى هيئة السكك الحديدية منذ ٢٠ عامًا، لافتًا إلى أن عمره ٤٢ عامًا، ولديه ٤ أبناء، وراتبه «الأساسى» ٩٠٠ جنيه، يصل بعد الحوافز إلى ١٦٠٠ جنيه.

وأضاف عامل التحويلة: «بانزل كل يوم من بيتى وأنا بادعى ربنا إنى أرجع لعيالى تانى، خاصة أن أى حادثة تحصل لازم اسم المحولجى يكون أول المتهمين»، مشيرًا إلى أنه يعمل ١٢ ساعة، وبعدما ينتهى من ورديته يعمل مبيض محارة، كى يتمكن من الصرف على أسرته.

وعن مهام عمله، أوضح: «مهنة المحولجى أصعب مهمة فى السكك الحديدية، فنحن مسئولون عن دخول وخروج القطارات من وإلى المحطات، ويبدأ العمل بتسلم البلوك، والاطلاع على لائحة التشغيل الخاصة بالزميل السابق، والنظر إلى المهمات من حيث الأعطال والكشف عن السيمافورات والديسك والتليفون».

وأضاف: «عقب الانتهاء من هذه الأمور، التى تستغرق حوالى ساعة، يبدأ يوم العمل، وعند قدوم القطار، أطلب من المحطة الأمامية إخلاء السكة، وأعاود الاتصال بالمحطة الخلفية لمنحها التصريح، ثم أفتح السيمافور، وأتابع مع خفير المزلقان، ثم أسجل ذلك فى دفتر الخانات الخاصة بتشغيل القطارات، وكل هذا يجب أن يتم خلال ٥ دقائق فقط، لأنه فى حال قدوم القطار دون تنفيذ هذه الأمور كلها، قد تقع كوارث».

وعن صعوبات العمل فى مهنة «المحولجى»، قال «أ. م»: «الإمكانيات المتاحة لعمال التحويلة لا تتناسب مع عملهم الشاق، خاصة فى خط الصعيد بعد بنى سويف، لأنه ما زال يعمل بالنظام اليدوى، الذى يتطلب مجهودًا شاقًا لرفع الأدوات الحديدية، لذلك يعانى معظم عمال التحويلة من مرض الغضروف، فى ظل عدم السماح لهم بالراحة طوال ١٢ ساعة».

وكشف عن أن أغلب عمال التحويلة يتعاطون مخدر «الترامادول» للتمكن من تنفيذ هذه المهمة والبقاء فى حالة يقظة دائمة، وقال: «تحليل المخدرات الذى يجريه مسئولو السكك الحديدية فى القاهرة، ليس دوريًا كما يشاع، وإنما يتم كل ٨ أشهر».

وشكا عامل التحويلة من عدم وجود أى وسائل لتأمين العاملين فى مهنته، مستشهدًا بزميل له، أصيب بلدغة عقرب، وأشرف على الموت بسبب عدم وجود مسعفين قريبين يمكنه الاتصال بهم، «ولولا جهود بعض الأهالى الذين سارعوا لإسعافه بطريقة بدائية، لانتهى أمره».

فنى كهرباء: القطار يخرج بصيانة 50%

بسخرية ممزوجة بالمرارة، لخص «ج.أ»، الذى يعمل فنى كهرباء بورشة أسوان لصيانة جرارات السكك الحديدية منذ ١٨ عاما، طبيعة العمل داخل الورشة المسئولة عن صيانة القطارات، العاملة فى أطول رحلات السكك الحديدية، بقوله: «شغلنا إن إحنا بنضحك على نفسنا».

وأضاف: «الورشة مافيهاش مظلات، والعمال فيها مالهومش مفر يهربوا فيه من الشمس ولا البرد، ورواتبهم تتراوح بين ٦٠٠ و٩٠٠ جنيه، وبالحوافز تصل إلى ١٢٠٠ أو ١٥٠٠ جنيه».

وكشف عن مهام العمل داخل الورشة: «يمر القطار فى البداية على الميكانيكى، ليكشف على كافة أجزائه، ويسجل النواقص والزيت، وهو يعمل فى ظل سخونة الجرار التى قد تحرق يديه بمجرد لمسها، ثم يأتى دور عامل اللحام، للكشف على الشبكة الخاصة بالجرار، التى تتواجد فى المقدمة لمنع دخول أى شىء إلى جسم الجرار، أثناء مروره على القضبان».

وتابع: «ينتهى العمل فى رحلة الصيانة بملاحظ التشغيل، الذى يؤشر على خروج القطار إلى الرحلة، ويسلمه إلى السائق».

واستكمل: «الجرار بياخد حوالى ساعتين صيانة من العمال الموجودين فى الورشة، لكن عدم توفر قطع الغيار يسبب سوء الصيانة، وإحنا عارفين فى الورشة إن الجرار قبل ما يخرج فى أى رحلة مواصفاته مش سليمة، لكن ما باليد حيلة».

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل