المحتوى الرئيسى

حكايات فدائيين صدقوا ما عاهدوا «الوطن» عليه

03/09 11:50

إذا كان الله عز وجل قال في صحابة «النبي محمد»: «من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه»، فمن المصريين أبطال صدقوا ما عاهدوا «الوطن» عليه، مقسمين بجهد إيمانهم أن لا يتركوا «محتل» مغتصب للسيادة المصرية على الأراضي الوطنية آمن النفس والمصير.

«رجال».. «نساء».. «شباب».. «مسلمون».. «مسيحيون» من كل طوائف المجتمع وشرائحه تكونت «مجموعات الفدائيين»، مؤمنين بالأثر النبوي: «من مات دون أرضه فهو شهيد».. في ذكرى يوم الشهيد، نرصد أشهر «الرجال المسلحين» ضد المحتل الإنجليزي.

لم تكن تعلم بداية الأربعين وهي تخرج «حمدي» إلى النور في الرابع من يوليو لعام 1935، أنها تهدي «بلد الغريب» ومصر معها هدية العمر.

ولد البطل «حمدي أبوزيد» لأب وأم سوسيين من جذور مصرية، وهو الابن الوحيد لهما بجانب بنتين، ومنذ نعومة أظافره زرع الله فيه حبه «لأرض المعمورة» وكراهيته للاحتلال ومقاومته بشتى الطرق.

ثائرية «حمدي» ظهرت في شخصيته منذ الصغر، حينما كان في المدرسة الأساسية «الابتدائية»، فشارك مع زملائه الطلاب المدرسة الإعدادية في مظاهرات منددة بالاحتلال البريطاني، ومطالبته برفع يده من على «السيادة المصرية».

جهاد «حمدي» الثوري لم يكن عملًا متقطعًا، بل كان دائم المعارضة و«الهيجان» ضد المحتل الإنجليزي، وهو ما جعل وزير المعارف «وزير التربية والتعليم الآن»، يصدر قرارًا بفصل «الثورجية» وعودتهم إلى بيوت أهاليهم منكسي الرؤوس، كي يموت مجهودهم، ويتضاعف تأثيرهم.

وتجاه هذا القرار المتعسف، تشبث بطل السويس بقضية الوطن ضد «المحتل الإنجليزي»، وزاد في تحريك أبناء «الأربعين»، وإزاء هذا الغضب الشعبي العارم اضطر وزير المعارف إلى إعادة «الفدائيين المفصولين» إلى عملهم، محتويًا بذلك غضب أهاليهم وذويهم.

كفاح «رجل الأربعين» جعله مؤهلًا للانضمام إلى حزب عرف وقتها بأنه «مصر الفتاة»، وقد تدرب فيه على العمل المسلح، واشترك مع قيادات شعبية على تنفيذ عمليات عسكرية، على الرغم من أنه لم يكن يتجاوز الـ16 عامًا.

لم يكن انتماء «حمدي» لـ«مصر الفتاة» مجرد انتماء شكلي، فلقد كلفه «الحزب» بتأمين مداخل ومخارج «أرض الجيش الثالث»، وهو ما نجح فيه «الأسطورة»، حيث قام بمنع وصول أية مواد غذائية أو طبية لـ«المحتلين البريطانيين»، مما لفت نظر القائمين على قيادة «الفدائيين»، ليضموه بعد نجاحه في «تأمين الأرض والعرض» إلى الصف الأول للفدائيين الشعبيين.

شارك «الأسطورة» فيما عرف بـ«دنشواي السويس»، وهي معركة كفر أحمد عبده، والتي وقعت في 8 ديسمبر عام 1951، وقام بتدمير «قطارات السويس» المحملة بالأسلحة، بالإضافة إلى مشاركته في أغلب الحروب الكبرى التي وقعت في مصر، بداية من حرب العدوان الثلاثي، مرورًا بالعدوان الثلاثي في 1956، ولم تقف بطولاته عند حرب اليمن التي لفتت نظر الزعيم الراحل جمال عبدالناصر، والذي قدم له خطاب شكر على مجهوده الكبير وتقديم روحه ودمه فداء لوطنه، فمنحه القدر فرصة المشاركة في حرب العبور التي انطلقت صافرتها في الـ6 من أكتوبر لعام 1973.

لا يذكر الحديث عن المقاومة الشعبية، إلا وذكرت معه أرض القناة الحرة «بورسعيد»، لما لرجالها من جولات وصولات في معارك الحرب والفداء.

أحد هؤلاء الرجال هو البطل أحمد مهران، أحد أبطال معركة 1956، وكان وقتها مكلفًا بالدفاع عن منطقة مطار الجميل، ومنع إنزال قوات المظلات البريطانية بالقرب منها.

في ذلك يقول مهران نفسه: في 5 نوفمبر 1956 كلفت أنا وزملائي من رجال الحرس الوطني، من منع إنزال قوات المظلات البريطانية، وبالفعل نجحنا في العملية الأولى واستطعنا أن نبيد كل قوات المظلات البريطانية، لكن قوات الاحتلال تمكنت من إنزال الدفعة الثانية، لتشتعل معركة دامية بيننا وبين قوات الاحتلال، سقط فيها أحد زملائي، وألقيت فيها قنبلتين يدويتين، واختبئت داخل حفرة، لكن رآني وقتها جندي من قوات الاحتلال، ليلقي علي قنبلة مضادة للأفراد ويصيبني بالرصاص، مما جعلني أفقد الوعي تماما.

ويضيف «مهران» كلامًا لا بد من التوقف عنده، فيقول: تمكنت بعدها من التسلل إلى داخل بورسعيد، لكن شاء القدر أن تلقي قوات الاحتلال القبض علي، وقاموا بتجريدي من ملابسي للحصول على أسماء وأسرار الفدائيين وهو ما رفضته على الفور، وقاموا بإجراء محاكمة صورية لي، وأصدرت حكمًا ضدي بقلع عيني، جزاء لي بما فعلته في عين الضابط الإنجليزي أثناء المعركة معه، وقاموا على الفور بنقلي إلى مستشفى بريطانية بقرص، وهناك حاول الطبيب مساومتي بأن يتركني، مقابل أن أعترف في تسجيل إذاعي بفشل المقاومة الشعبية المصرية، وهو ما رفضته بدون تفكيري، ليقوموا بعدها بخلع عيني، وبعد العملية أرجعوني إلى بورسعيد إلى مستشفى الدليفراند البريطانية، ليمكن الفدائيون بعدها من اختطافي ونقلي إلى مستشفى عسكرية بالقاهرة، وهناك زارني الرئيس جمال عبدالناصر، ووقف بجانبي في رحلة علاجي، وكرمتني الدولة بمجموعة من الأوسمة والنياشين.

للنساء نصيب من الجهاد ضد المحتل

على خطى الصحابيات في جهادهن مع النبي محمد -صلى الله عليه وسلم-، سارت المرأة المصرية، في كفاحها بجانب الرجال المصريين ضد القوات البريطانية.

«أم على» الممرضة المسلحة.. واحدة من النساء التي شهدت أبرز المعارك المصرية الحديث ضد «الاحتلال»، وشاركت في مساعدة الفدائيين المصابين، حيث كانت تعمل ممرضة في مركز طبي للدكتور جلال الزرقاني، وكانت هذه العيادة ملجأ للفدائيين بالنهار.

«فتحية الأخرس» أو أم علي، كانت تخبئ أسحلة المقاومين الشعبيين في ملابس تلبسها للفدائيين، وتجعل الأسحلة بها عند «السرة»، مستعينة بذلك بالمركز الطبي التي كانت تعمل به.

وفي يوم فاجئت دورية بريطانية «فتحية الأخرس»، فقامت على الفور بإلباس المقاومين زي المرضى، ولما تفاجئت بالضابط البريطاني أمام الباب، قامت على الفور بالتصويت لإيهامه بأن مريض قد توفي، وهو ما جعل الضابط المحتل يخرج على الفور.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل