المحتوى الرئيسى

القليوبية: الزحف العمرانى يبتلع «تل أتريب» ويحولها لمنطقة عشوائية

03/08 10:17

منطقة تل أتريب الأثرية الكائنة بمدينة بنها فى محافظة القليوبية تحولت إلى شبه منطقة عشوائية، ومرتع لصائدى الكنوز الأثرية، ومدمنى المخدرات، نتيجة إهمال وتقصير مسئولى وزارة الآثار فى الحفاظ على كنوز تلك المنطقة التى يعود تاريخها إلى 4500 سنة.

الأيام الماضية شهدت نجاح إحدى بعثات التنقيب فى العثور على حفائر تشير إلى وجود كشف أثرى جديد، عبارة عن بقايا مبنى من الطوب اللبن يرجع تاريخه للعصر اليونانى، وجدران من الطوب الأحمر، كما تم العثور على آنية فخارية كانت تستخدم فى تخزين الغلال قديماً، وقالت مصادر فى هيئة الآثار إن «تلك الشواهد ربما تقود للوصول للمعابد التى يرجح وجودها بالمنطقة»، ليفتح الكشف ملف المنطقة الأثرية المهملة، ذات القيمة التاريخية العظيمة، حيث كان الفراعنة يستخدمونها كمركز لتخزين الغلال ويعتقدون فى أن المنطقة تضم الجزء الأوسط من جسد الإله «أوزيس»، صاحب الأسطورة الفرعونية الشهيرة إلا أن هذا لم يشفع لهذه المنطقة التى ما زالت تبوح بأسرارها.

جولة بسيطة فى المنطقة كفيلة بأن تكشف قلة وعى وضمير مسئولى الآثار، حيث تحولت شواهد المدينة القديمة التى تم اكتشاف جزء منها إلى مقلب للقمامة ومأوى للخارجين عن القانون، أطلقوا على أنفسهم عفاريت الجبل، فضلاً عن احتلال العشش والقمامة للمنطقة، بعد تحولها إلى وكر وملجأ لمتعاطى المخدرات.

تحولت إلى مرتع للمنقبين وملجأ لمدمنى المخدرات بعد غرقها فى المياه الجوفية.. و«تل اليهودية» أقدم موقع أثرى يتحول إلى مرعى غنم.. والأهالى: «أطلقنا عليه تل البلطجية»

مصدر بهيئة الآثار أكد أن الجزء المكتشف من تل وحمامات أتريب الأثرية تعرض لتعديات بالبناء، وإقامة الأسوار والأبراج، فضلاً عن التنقيب السرى والعلنى بحثاً عن قطع أثرية وسرقتها فى وضح النهار، وسط صمت رهيب من المسئولين وصل إلى حد التواطؤ، مشيراً إلى أن المنازل والمساكن العشوائية زحفت على المنطقة الأثرية، واختلطت الشواهد الأثرية بالعمران لتختفى ملامح التاريخ، إلى جانب غرق المنطقة فى المياه الجوفية، رغم مكانتها الأثرية الكبيرة كمركز لتخزين وتجفيف الحبوب وصناعة العسل.

سوزان بدوى، مدير مكتبة مصر العامة، ورئيسة لجنة النهوض بالسياحة فى محافظة القليوبية، أوضحت أن المستشار عدلى حسين، محافظ القليوبية الأسبق، قرر تشكيل اللجنة لنشر عدد من الكتب عن آثار القليوبية، إلى جانب إنشاء متحف يضم 4500 قطعة أثرية، وحصر الأماكن الأثرية والبدء فى ترميمها إلا أن تلك الأحلام والوعود تحولت إلى حبر على ورق، نتيجة تقاعس التنفيذيين عن الاهتمام بالمناطق الأثرية واستغلالها فى المشروعات السياحية.

وأكد وائل مأمون، باحث اجتماعى، أن المسئولين وعدوا بتطوير منطقة تل أتريب، وإقامة متحف للآثار، وتحويلها إلى مزار سياحى، إلا أن وعودهم لم تتحقق رغم أن المنطقة تعد ثروة قومية يجب الحفاظ عليها ووضعها على الخريطة السياحية للمحافظة، وأضاف «هناك إهمال متعمد من جانب مسئولى الآثار تجاه منطقة تل أتريب، كفيل بطمس معالمها، رغم أن هذه المنطقة كانت عاصمة الدولة الفرعونية ومليئة بالتوابيت الأثرية وحجرات نادرة لتسخين المياه داخل الحمامات الفرعونية التى تآكلت بفعل عوامل التعرية الجوية، وانتشرت فيها الحشائش التى تنمو على المياه الجوفية».

من ناحيته، نفى الدكتور محسن بدوى، مدير عام منطقة الآثار بالقليوبية، ما تردد عن سرقة أى أجزاء أثرية من منطقة تل أتريب، مشيراً إلى وجود حراسة مكثفة من الهيئة من الأمن والخفراء على المنطقة، وأكد أن أرض المنطقة ملكية خاصة خاضعة لقانون حماية الآثار، وتضم أجزاء من معابد الملك أحمس الثانى وبقايا معبد العصر الرومانى، إضافة إلى وجود بقايا منازل من العصر الرومانى والفرعونى، كما تضم أيضاً مجموعة من الحمامات النادرة والفريدة التى ترجع إلى العصر الرومانى.

ومن «تل أتريب» إلى «تل اليهودية»، كان الإهمال عنواناً للمنطقتين الأثريتين، رغم أن «تل اليهودية» يعد من أقدم المناطق الأثرية فى المحافظة إلا أنه تحول، أيضاً، إلى مرتع للحيوانات الضالة، بفعل الإهمال، واختفت معالم التل الأثرية بسبب المشاكل التى تحاصره وسط صمت وصل إلى حد التواطؤ من المسئولين.

تل اليهودية يتبع هيئة الآثار على الورق فقط، والواقع يؤكد أن الهيئة لا تعلم عنه شيئاً، فعمليات التنقيب العشوائى تتم فى المنطقة جهاراً نهاراً دون أن يتصدى لها أى مسئول، تحول التل من مزار سياحى إلى خرابة مكتظة بالعشش وقطعان الماعز والأغنام، اختفت معالمه الأثرية أسفل الحشائش التى تتغذى عليها الأغنام، ليبدو وكأنه قطعة أرض فضاء بلا حراسة ولا أمن، باستثناء لافتة تحذيرية تفيد بأن المكان يتبع الآثار، ما دفع محمد حبيب، راعى غنم، إلى استيطان المكان منذ 20 عاماً يستغله كمرعى دون أن يسأله أحد عن سبب وجوده بالمنطقة.

أحمد سليم، من أهالى المنطقة، قال «إن المنطقة تحولت إلى مراعى للأغنام ومأوى للبلطجية وقطاع الطرق فأطلق عليها الأهالى اسم تل البلطجية، ولم تحاول هيئة الآثار تطوير المكان أو حتى حراسته وتأمينه، وهو ما سهل احتلال المنطقة من قبل رعاة الأغنام»، وأشار منصور الوكيل، من أهالى المنطقة، إلى أن الهيئة أنشأت مبنى إلى جوار تل اليهودية لكى يصبح متحفاً ورغم إنشائه منذ سنوات، تحول إلى مبنى إدارى يضم عدداً قليلاً من الموظفين التابعين لهيئة الآثار».

أهم أخبار مصر

Comments

عاجل