المحتوى الرئيسى

خبراء بترول يحللون بالخرائط والأرقام خطوط الغاز واقتصادياته فى ندوة «المصري اليوم»: القصة الكاملة لمستقبل «غاز المتوسط» | المصري اليوم

03/06 00:16

أيام قليلة فصلت بين احتفاء مصر ببدء الإنتاج فى حقل «ظُهر» عملاق الغاز، كما تطلق عليه الصحف الأجنبية، والذى يعيد مصر إلى عصر الاكتفاء الذاتى والتصدير، بعد أن تحولت إلى مستورد فى السنوات الأخيرة، واحتفاء رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، بتوقيع حكومته اتفاقاً مع شركة يملكها مستثمرون من القطاع الخاص المصرى لتصدير الغاز من الحقول الإسرائيلية إلى مصر.. تعارض كبير بين الحالتين أصاب المصريين بحيرة شديدة وسط غياب معلوماتى من جانب مصر لتبرير هذا الاتفاق..

واستغلت القنوات التابعة لجماعة الإخوان المسلمين هذه الحالة، لنشر مجموعة من المغالطات لم تقتصر على الاتفاق الذى لم يحصل حتى هذه اللحظة على موافقة من الحكومة المصرية، وإنما امتدت للتشكيك فى كافه الاكتشافات، ووصفوا «ظُهر» بـ«الفنكوش» وأن مصر ليست لديها حقوق فيه، وأن القيادة المصرية تنازلت عن حقوقها فى غاز إسرائيل وقبرص و«ظهر» أيضا.

«المصرى اليوم» استضافت فى الندوة مجموعة من الخبراء المتميزين فى قطاع البترول والطاقة، وهم: صلاح حافظ وكيل وزارة البترول الأسبق وشامل حمدى وكيل وزارة البترول الأسبق ومجدى صبحى خبير بمركز الأهرام للدراسات الاقتصادية، وعمر الكومى خبير بقطاع البترول ومسؤول سابق فى محطة إسالة دمياط، ليجيبوا عن الأسئلة الحائرة فى العقول، ويردوا على سؤال طالما شغل الرأى العام الأيام الماضية، وهو: كيف حققت مصر من اتفاق الغاز «جون»، كما وصفه الرئيس عبدالفتاح السيسى، فى حين وصف رئيس الوزراء الإسرائيلى التوقيع أيضا بأنه «عيد» لإسرائيل، وكيف تلاقت المصالح، وما العائد الاقتصادى لمصر من هذا الاتفاق، الذى يعد جزءاً من حل قضايا تحكيم خسرتها الحكومة المصرية لصالح إسرائيل التى لا تمتلك بديلاً سوى إرضاء مصر لتوفير منفذ للغاز الخاص بها، وما الأسباب الحقيقية لتحوّلنا خلال سنوات قليلة من دولة مصدرة للغاز إلى دولة مستوردة، وما تفسيرهم لرد الفعل الحاد من تركيا وقطر حول هذا الاتفاق، وهل يمثل خطوة أولى على تحقيق حلم مصر بأن تكون مركزا إقليميا لتجارة الغاز، وما مدى تعارض ذلك مع المشروع التركى لتحويل تركيا إلى مركز لتصدير الغاز الروسى إلى أوروبا؟

كما رد الخبراء على التخوفات بشأن استغلال أغلب الطاقات الإنتاجية لمحطات الإسالة فى مصر، فى عقود طويلة الأجل لإسالة الغاز الإسرائيلى والقبرصى، وموقف مصر حال اكتشافها حقلاً جديداً يوازى ظهر أو أقل قليلا يسمح لها بالتصدير، حيث أكدوا أن هذه المحطات لديها قدرات توسعية ضخمه توازى 3 أضعاف القائمة وبتكلفة أقل من مثيلاتها.

وتطرقوا، خلال الندوة، إلى أكاذيب الإخوان بِشأن تنازل مصر عن حقوقها فى غاز قبرص وإسرائيل، وأوضحوا بالخرائط التى خصّوا بها «المصرى اليوم» آليات ترسيم الحدود وفقا لاتفاقية أعالى البحار، التى أثبتت أن مصر ليست لديها حدود اقتصادية مباشرة مع إسرائيل وإنما مع السلطة الفلسطينية، والتى تم توقيع اتفاق ترسيم الحدود معها عام 1990 ووقعت عليه إسرائيل باعتبارها دولة محتلة والولايات المتحدة باعتبارها راعية للسلام.

وأوضح الخبراء أن ترسيم نقاط الأساس بين قبرص ومصر تم خلال عام 2004 قبل ظهور اكتشافات غاز البحر المتوسط، وأن التوقيع الأخير للاتفاق أثار جنون تركيا لأنه حرمها كلية من كل نقطة غاز فى مياه المتوسط ومنعها من طرح مجموعة من البلوكات فى المياه الاقتصادية بعد أن أثبت الاتفاق مع مصر أنها تقع فى المياه الاقتصادية القبرصية.

وركزوا على مستقبل الصراعات فى منطقة المتوسط ما بين احتلال إسرائيل لحقول الغاز التابعة للسلطة الفلسطينية وتهديدات حزب الله لإسرائيل من جانب آخر حال اعتراضها تنمية حقول الغاز بلبنان، وأيضا التصعيد التركى ضد قبرص، والذى تقف أمامه اليونان والاتحاد الاوروبى، وأهمية التأمينات من القوات البحرية المصرية حول «حقل ظهر» وسط هذه الصراعات، وهل يمكن أن يلحق بعض الضرر بروسيا كأهم مورد للغاز لأوروبا من جراء صعود دور مصر. ولم تغفل الندوة مستقبل الاكتشافات فى منطقة البحر الأحمر، حيث أكد الخبراء أنها منطقة واعدة جدا وظهرت بشائرها، وأنها ستبوح بكنوزها خلال 5 سنوات، وأن عملية التنمية فيها ستكون هادئة بعد توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين السعودية ومصر.. ولكن قد تظهر نقطة صراع جديدة إذا ما تم اكتشاف مصادر طاقة فى مثلث حلايب وشلاتين.. وإلى نص الندوة:

■ متى بدأت مصر فى التعامل اقتصادياً مع اكتشافات الغاز؟

- صلاح حافظ: الفارق بين الغاز والبترول أن الأول لا يُخزن، ويجب استخدامه عقب الاستخراج محليا أو إعداده للتصدير، وكل شركة- منذ منتصف السبعينات فصاعداً- كانت ترفض استخراجه بحجة انه لا يوجد سوق لتصريف الكميات المستخرجة وكان لدينا وقتها 5.5 تريليون قدم مكعب، ولا يمكن التصدير إلا عندما نصل إلى كميات إنتاج 12 تريليون قدم مكعب، أى أن العقبة الاولى كانت فى امتلاك الغاز الكافى، والثانية كانت فى تسعير الغاز، واتفقنا وقتها ان يكون التسعير بناء على القيمة الحرارية لأسعار المازوت مقابل الوحدة الحرارية البريطانية للغاز، ووقتها كان يوجد بورصة عالمية للمازوت، ولم يكن للغاز بورصة، وبعدها تم الاتفاق على حق المرور، وهذه كانت بداية التفكير فى استخدام الشبكة القومية لتكون مركزا للنقل، واقترحنا وقتها 10٪ تخفيضا على السعر إذا قامت مصر بشراء نصيب الشركات الأجنبية، وتم توقيع أول اتفاق عام 1988 وفيه يتحمل الشريك مخاطر البحث عن الغاز أو البترول واذا ما حقق نتائج اقتصادية، تبدأ عملية التنمية للاكتشاف التجارى، ويتم انشاء شركة مشتركة لإدارة الحقل أو الحقول، ويتم تقسيم الإنتاج بواقع جزء للشركة المنتجة مقابل استرداد المصاريف، وتكاليف الاستكشاف على 5 سنوات، وكذلك مصاريف التنمية على خمس سنوات، ويتم تحديد نسبة مئوية مقابل ذلك، أما الباقى فيسمى زيت أو غاز الربح، ويتم تقسيمه بنسبة مئوية يكون متوسطها فى البترول 80٪ للدولة و20٪ للشريك.

■ هذا للزيت.. ماذا عن الغاز؟

فى الغاز الأمر مختلف إذا كان بمياه عميقة، فإن النسب كما فى اتفاق حقل ظُهر 65٪ للحكومة، و35٪ للشركة، وإذا لم يجد الشريك الاجنبى اكتشافا لا يحصل على أى تعويض من الدولة، وتم تغيير نظام التسعير ليكون وفقا لخام برنت العالمى، كما طلبت الشركات أن يكون فى الاتفاق، ضمان إيجاد سوق خلال 7 سنوات، وإذا لم يحدث تكون هناك مهلة 5 سنوات تبحث خلالها الحكومة مع الشركة عملية التنمية، وقد وقعت الحكومة مع الشركات اتفاقية لشراء الغاز المستخرج، وتم تثبيت أسعار شراء الغاز فى العقود لمدد طويلة وصلت إلى 10 و20 عاما، وبعدها ارتفعت الأسعار العالمية، وأصبحت أسعار شراء الغاز من الشركات غير مجدية اقتصادياً لأعمال التنمية، ورفضت أغلب الشركات العالمية دخول السوق المصرى.

■ متى بدأت تلك المرحلة؟

- شامل حمدى: كانت فى بداية 2006، تقريبا، وقتها توقفت تماما عملية تنمية حقول غاز جديدة.

■ ولماذا لم تتحرك الحكومة المصرية سريعا لتعديل الأسعار وفقا للمتغيرات الجديدة؟

- صلاح حافظ: كان من الصعب زيادة الأسعار لأن الحكومة كانت وقعت أيضا عقودا طويلة الأجل مع يونيون فينوسا الإسبانية وبريتش جاز لتسييل الغاز فى معامل الإسالة فى دمياط وإدكو وتم تصديره بأسعار منخفضة أيضا.

- عمر الكومى: مدد هذه العقود وصلت إلى 25 عاما.

■ إلى أى مدى ساهم هذا الأمر فى تحولنا من دولة مصدرة للغاز الطبيعى إلى دولة مستوردة فى أقل من 3 سنوات؟

- صلاح حافظ: هذا سبب رئيسى للفجوة، فقد انخفض الإنتاج مع الزيادة فى معدلات الطلب محليا وحدثت بوادر المشكلة خلال عام 2010. واحب أن أؤكد أن الاحتياطيات التى كان يتم إعلانها كانت حقيقية، ولكنها لم تكن مستغلة، لأن الشركات رفضت توقيع اتفاقيات جديدة.

- شامل حمدى: من أهم أسباب تناقص إنتاج الغاز امتناع الشركات عن تنمية حقول جديدة فى ظل انخفاض الأسعار، وساهم أيضا فى حدوث العجز أن الحقول التى كانت موجودة حدث لها تدهور بمرور الوقت وتراجعت إنتاجيتها مع استمرار عملية الاستخراج، وأيضا من الأسباب المهمة الأزمة المالية العالمية، فإحدى الشركات الامريكية عرضت على مصر قبلها شراء كافة الحزم المعلوماتية المطروحة فى البحر المتوسط وهى شركة «شيفرون»، وكنا سعداء جدا أنها ستدخل السوق المصرى لأول مرة لما لها من إمكانيات فنية ومالية، واشترت بالفعل كافة الحزم كى تختار بعض المناطق للدخول فيها، حيث كانت مصر تسعى لطرح عدة بلوكات فى المياه العميقة بالمتوسط، لكن تزامن مع ذلك حدوث الأزمة المالية العالمية، وأرسلت الشركة بعدها خطابا إلى وزارة البترول، قالت فيه إنه نتيجة هذه الأزمة سيتم تركيز استثمارات الشركة فى عمليات التنمية، فى مناطق محددة من العالم، وستحد الشركة كثيرا من نشاطات البحث والاستكشاف وإنها لن تتقدم على المناطق التى تعتزم مصر طرحها، وأضافت فى خطابها أن هذا لا يعنى أن هذه المناطق ليست واعدة.

■ هل كان لهذا الموقف وحده كل ذلك التأثير؟

كان هذا أول مؤشر لنا عن عزوف المستثمرين عن دخول مناطق جديدة، وكما هو معروف فإن الإنتاج مرتبط بأعمال الاستكشاف التى إذا توقفت فلن يكون لدينا إنتاج، وقد حدث أيضا تباطؤ فى عجلة الاستكشاف، ونضوب فى حقول الإنتاج، وزاد من التباطؤ أحداث ثورة يناير عام 2011 ما أصاب الشركات العالمية بالقلق، سواء من ناحية استقرار البلد السياسى، وأيضا من الناحية المالية بعد تعثر الهيئة العامة للبترول فى دفع مستحقات الشركات الأجنبية.

■ قيل الكثير عن عامل المستحقات.. فما تأثيره الفعلى؟

- شامل حمدى: كمثال قابلت وقتها ممثلين لشركات أجنبية وأبدوا رغبتهم للاستثمار فى مصر رغم غموض الوضع السياسى وقتها، وكان ردهم أن الأحداث السياسية لا تسبب لهم قلقاً على الإطلاق، لأنها فترة وستمر، ومصر تاريخها 7 آلاف سنة وستظل 7 آلاف سنة أخرى، ولكن ما أقلقهم هو عدم وجود موعد لاستئناف هيئة البترول سداد مستحقات الشركات المتأخرة، لم يكن أحد يمتلك فى هذا التوقيت موعدا محددا لأنه كان تعثرا شديدا، ساهم أيضا فى تباطؤ الشركات فى عمليات التنمية واستمر الوضع على ذلك حتى المؤتمر الاقتصادى الأول فى شرم الشيخ مارس 2015.

■ ومتى توقفنا عن تصدير الغاز؟

- صلاح حافظ: كان من الصعب بعد حدوث العجز الكبير خاصة بعد ثورة يناير 2011 أن نستمر فى تصدير الغاز وبأسعار منخفضة، وفى المقابل نشترى المازوت بأسعار مرتفعة جدا لتشغيل محطات الكهرباء، وتزامن مع ذلك استهداف خط تصدير الغاز إلى إسرائيل من الإرهابيين، مما أدى إلى توقف مصر عن تصدير الغاز إليها.

- مجدى صبحى: ألفت النظر إلى أنه رغم أن أسعار البترول انخفضت إلى ما دون 30 دولارا للبرميل فإن الشركات لم تتقدم لمزايدات التنمية.

- شامل حمدى: بالفعل انخفاض أسعار البترول لم يساعد الشركات العالمية التى كانت تحقق خسائر أيضا فى الـدخول فى أى مخاطرة فى مناطق جديدة، كما أن شركة بى جى كانت لديها مستحقات بلغت 2 مليار دولار تحتاج إلى استردادها حتى تعيد ضخها فى استكمال تنمية باقى مراحل مشروعها، ولكنه توقف عندما وصلت المستحقات إلى هذا المبلغ.

- مجدى صبحى: قلتم إن الاحتياطيات سليمة لماذا لم يتم تنمية الحقول؟

- عمر الكومى: التكلفة والأسعار وقتها لم تكن مجزية فشركة بى بى البريطانية كانت قد اكتشفت حقل «ريفين» فى شمال غرب الاسكندرية وكانت تخطط أن تدخل معنا فى تنفيذ المرحلة الثانية من مشروع الإسالة فى دمياط، ولكنها لم تصل إلى اتفاق مع وزارة البترول والهيئة العامة للبترول، لأنه عند حساب تكلفة إنتاج المليون وحدة حرارية عام 2006 بلغت نحو 4.5 دولار، وكان سقف الشراء عندنا 2.65 دولار للمليون وحدة حرارية.

- شامل حمدى: وزارة البترول وقتها كانت سعيدة ومتمسكة بهذا المبلغ باعتباره توفيرا للموازنة العامة، ولكى أكون أميناً معكم، كان هذا قرارا صائبا وخاطئا فى نفس الوقت، لأنه كان بالفعل يحقق وفرا للموازنة، ولكنه أثر مستقبلا على أعمال التنمية.

- صلاح حافظ: الرئيس السيسى فى مؤتمر شرم الشيخ حقق تحولاً فى هذا المجال، حيث أعاد الأمل للاستثمار بهذا المجال من خلال الاتفاق على ربط أسعار الشراء بالعائد على الاستثمار، بمعنى أنه لو كانت الشركة ستصرف على المشروع 10 مليارات دولار على سبيل المثال، فإن الحكومة ستشترى منها كامل إنتاج الغاز بسعر يحقق لها معدل أرباح متفقاً عليه، وفى النهاية هذا السعر سيكون أقل كثيرا من أسعار استيراد الغاز المسال من الخارج.

- عمر الكومى: المرونة التى اتسمت بها مفاوضات الحكومة والشركات لاستئناف عملها فى الحقول المصرية سمحت بالوصول إلى حلول وتفاهمات كثيرة سواء بتقاسم الإنتاج أو أسعار الشراء أو غيرها من الأمور.

■ هـذا الأمر يدفعنا للحديث عن تقسيم حصص الإنتاج فى اتفاقية الحكومة مع شركه إينى لتنمية حقل «ظهر»، البعض ردد أن الحكومة تنازلت عن حصتها فى الحقل مقابل الإسراع فى عمليات التنمية، فيما قالت أطياف منتمية إلى جماعه الاخوان إننا فى مصر لن نستفيد مطلقا من الحقل بل إن الحكومة ستدفع أموالاً للشركات للحصول على الغاز.. فما تعليقكم على هذا الأمر؟

- صلاح حافظ: ما يحكم هذا الأمر هو العائد على الاستثمار، فلو أخرج الحقل مليار قدم مكعب فى اليوم يتم تقسيمه، بحيث يكون هناك 40% لاسترداد التكاليف تحصل عليها الشركة الأجنبية، والـ 60% الباقية يتم تقسيمها: 65% لصالح إيجاس و35% للشركة الأجنبية، ومصر ستحصل على حقها من الغاز المجانى من أول يوم للاستخراج، وأما عن سعر الشراء الحكومى لكامل إنتاج حصة الشركة الأجنبية فقد اتفقت عليه الحكومة وفقا لعائد على الاستثمار يصل إلى 9.5%، ونموذج تقاسم الإنتاج مطبق فى 99% من الاتفاقيات ما عدا اتفاق بريتش بتروليم لتنمية حقول شمال الإسكندرية، الذى سمح للشركة بالحصول على كامل إنتاج الغاز المقدر بـ 5 تريليونات قدم مكعب، بسعر متميز ما بين 3 و4.2 دولار للمليون وحدة حرارية، مقابل سعر للاستيراد بلغ 12 و13 دولارا للمليون وحدة حرارية، وهذا الاتفاق كان استثنائيا حتى تقوم الشركة بالتنمية بدلا من الاحتفاظ بالغاز فى باطن الأرض دون تنمية لمدة 12 عاما وفقا للاتفاق القديم الموقع معها، ولكنه فى المجمل يحقق عائدا أفضل من الاستيراد.

■ هل اتفاق الشراء يؤثر بأى شكل من الأشكال على حصص وحقوق كل طرف فى العقد الذى تم نشره فى الجريدة الرسمية وتمت الموافقه عليه فى مجلس النواب.. وما هو ردكم على ما قاله الإخوان من أن مصر تنازلت عن حصتها وباعتها إلى شركتى روزنفت الروسية وبى بى البريطانية؟

- صلاح حافظ: الحصص التى اشترتها روزنفت الروسية تقدر بـ 30% وحصة بى بى 10%، وهى من حصة شركة إينى الشريك الأجنبى فى المشروع ولا تمس إطلاقا حصة مصر فى الحقل، ووفقا للاتفاقيات البترولية عالميا يحق للشركة المكتشفة أن تتنازل عن حصص من اكتشافها لشركات أخرى، مقابل سداد جزء من تكاليف الاستكشاف والتنمية. روزنفت مثلا تسدد 50% من التكلفة مقابل 30% من الغاز، ويجب أن توافق الحكومة المصرية على وثيقة التنازل، كما أن مصر تحصل على 10% من قيمة الصفقة نظير موافقتها على عملية التنازل بعد الاكتشاف التجارى، وأؤكد مجددا أن المسؤوليات لا تتجزأ مع دخول شركات جديدة، أى أن شركة إينى المسؤولة أمام الحكومة المصرية وعمليات تقسيم الإنتاج وفقا للاتفاق المنشور فى الجريدة الرسمية لن يتم تعديلها وإنما ستقسم إينى حصتها مع الشركات الأجنبية التى دخلت معها.

■ هل مصر لديها القدرة على الاستثمار فى المجال بدون شركاء أجانب؟

- شامل حمدى: لا طبعا، هـذه مخاطرة طائلة، تحتاج إلى عشرات المليارات من الدولارات إلى جانب التكنولوجيات الغير متوفرة إلا عند الشركات الكبرى خاصة البحث فى المياه العميقة، فشركة شل العالمية أجرت بحثا فى نفس منطقة ظُهر، كلفها ما يقرب من المليار دولار ولم تجد شيئا.. أى أن الأموال ظلت فى قاع البحر.

■ مع إعلان اكتشاف حقل ظهر وما تردد عن تحقيق الاكتفاء الذاتى من الغاز.. خرجت علينا إسرائيل معلنة توقيع اتفاق لتصدير الغاز إلى مصر.. حيث قال رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو إنه يوم عيد لهم، فى حين قال الرئيس عبد الفتاح السيسى إننا حققنا «جون».. هذا يضعنا أمام سؤال عن العوائد الاقتصادية لمصر وإسرائيل من هذا الاتفاق، وهل نحن كنا فى حاجة إليه؟

- عمر الكومى: صفقة الغاز التى وقعتها شركة من القطاع الخاص، لم تحقق هدفا واحدا بل «سوبر هاتريك»، أولها أننا سنعيد تشغيل معامل الإسالة المتوقفة فى إدكو ودمياط، وهـذا سيرفع عنا غرامات تحكيم دولى، كما أنها ستعيد إلى مصر العديد من الخبرات المهاجرة والتى سافرت بعد توقف العمل فى هـذه المعامل، هذا إلى جانب العائد الذى يعود بشكل مباشر إلى خزينة الدولة من التشغيل خاصة أن لديها مساهمات فى كلا المعملين، كما ان هذا الاتفاق خطوة أولى لتحويل مصر إلى مركز إقليمى لتجارة وتداول الغاز فى منطقة شرق البحر المتوسط، ولدينا مثلا دولة مثل سنغافورة تشترى الغاز من كل المنتجين المحيطين وتؤجر خزانات الغاز المسال لديها لصالح تجار الغاز فى منطقة آسيا.

ودعونى أوضح أننى أول شخص سعد جداً بخبر توقيع الاتفاق بين شركتين إسرائيلية ومصرية، لأننى كنت أول مسؤول عن مصنع دمياط، من أول جرة قلم للمشروع عام 1999 حتى بدء تصدير أول شحنة فى 20 يناير 2005، وكان وقتها مصنع دمياط أكبر محطة إسالة فى العالم كله، حيث بلغ إنتاجه 7.6 مليار قدم مكعب فى العام، وهـذا يستوعب غازاً للتغذية بمقدار 750 مليون قدم مكعب يوميا، ومنذ يناير 2005 حتى ديسمبر 2005 نحاول رفع القدرة الإنتاجية.. لكن كان يتم توفير كميات الغاز المطلوبة بصعوبة جدا، كنا نأخذ فى اليوم أقصى كمية 650 مليون قدم مكعب، واحتجنا للتخطيط مع الشركة القابضة للغازات وهيئة البترول لمدة 4 أشهر لتوفير كميات لتنفيذ اختبارات الإنتاج، وحينما توفرت الكمية استطعنا تنفيذ الاختبارات التى تؤكد قدرة المصنع على الإنتاج بطاقته القصوى، وكانت هذه المره الأخيرة التى يعمل فيها المصنع بطاقته القصوى، حيث بدأت الكميات فى التناقص تدريجيا، حتى وصلنا إلى الحد الأدنى الـذى لا يمكن بعده تشغيل المصنع، وهو الأقل من 35٪ من الطاقة، وبدأ الغاز ينخفض إلى 60 و50٪، وانخفض أيضا إلى 32٪ وأعلنا أنها حالة حرجة جدا، وبدأت إيجاس أيام الطلب العالى على الغاز، وتوقف مد الغاز إلى المصنع، إلا من كميات قليلة من الغاز المسال للحفاظ على برودة تنكات التخزين عند درجة حرارة 160 تحت الصفر، لأنها لو ارتفعت حرارتها ستنكسر، وكانت تكلف التانك الواحد 100 مليون دولار، وسعته 150 ألف متر مكعب وفى دمياط يوجد لدينا اثنان، واحتجنا لفترة بناء بلغت 27 شهرا.

■ هل واجهتكم مشاكل فى هذه الفترة؟

عند إجراء اختبارات الخزان استوردنا 70 ألف طن مياه من ثلوج أعالى الجبال فى تركيا لتنفيـذ الاختبارات لأنه لا يمكن أضافة مياه فيها كلور، وكنا سنحتاج إلى أن تعمل كافة الغلايات فى مصر لمدة شهرين لتوفير المياه، وكان هذا مستحيلا، بعد ذلك توقف المصنع الذى حقق رقما عالميا وقت إنشائه وأصبح مهددا بأن يكون قطعة من الخردة والأطلال، ولو تم الاتفاق مع إسرائيل سيعود المعمل للعمل بكامل طاقته الإنتاجية فورا، وستحصل الحكومة على أموال من الإسالة ومن تكلفة المرور ونقل الغاز، وسنربى أجيالا وخبرات جديدة، حيث كان لدينا أكثر من 130 مهندسا 70 منهم أخذتهم الشركات الأجنبية مثل شيفرون وإينى وتوتال وجى بى.

■ هل تعتقد أن إسرائيل يمكنها بناء معمل إسالة للتصدير، أم أنه لا يوجد بديل أمامها سوى مصر؟

- عمر الكومى: تنفيذ معمل الإسالة فى دمياط تكلف 1.3 مليار دولار حتى بدء الإنتاج، وعندما اكتشفت إسرائيل حقلى «ليفاثان» و«تمار» كنت وقتها فى أستراليا، أعمل لدى شركة استرالية مسؤولة عن دراسة لصالح شركة شل العالمية لتنفيذ مصنع للاسالة للغاز المصاحب للفحم، فى هذه الفترة جاءت لنا شركة استرالية تقول إن إسرائيل تعرض عليها الدخول شريكا فى تطوير الحقلين وعمل وحدة إسالة عائمة، وهذا النموذج لم تقم به إلا شركة «شل» فقط، فى غرب استراليا، حيث أنشأت مشروعا كان بداية ميزانيته 8 مليارات دولار، وفى 2013 بلغت التكلفة 12 مليار ووصلت حاليا إلى 15 مليار دولار، وحتى هذه اللحظة لم يبدأ تشغيل هذه المحطة، والشركة الاسترالية التى أعمل بها عملت على المشروع الإسرائيلى لمدة شهرين لحساب التكاليف، وكان هذا فى مايو 2012، وتم تقديرها من 9 إلى 12 مليار دولار بنفس الطاقة الإنتاجية لمحطة الإسالة فى دمياط، وهذا الرقم مكلف جدا لهم.

■ ألم يفكروا فى محطة برية؟

- الكومى: لا يمكن عمل محطة إسالة برية لأن المنطقة المقابلة مأهولة بالسكان ما بين تل أبيب وعسقلان، وبها 70٪ من سكان إسرائيل. الموافقة البيئية ستكون شبه مستحيلة، وبالتالى الأسهل والأقرب له أن ياتى إلى مصر، وبالمناسبة الشركة الاسترالية رفضت العرض، حتى لو كانت إسرائيل أخذت قرارها بإقامة الوحدة العائمة، فإن تكلفة المليون وحدة حرارية فى مشروعها قد تصل إلى 3.8 دولار، مقارنة بتكلفة أقل كثيرا لمشروع إسالة دمياط.

■ كيف استقبلتم خبر توقيع الاتفاق؟

- صلاح حافظ: بالتأكيد أنا أتفهم اللغط الذى حدث فالإعلام يقول إننا سنستورد الغاز الإسرائيلى بعد أيام قليلة من إعلان الحكومة أن حقل ظهر سيغطى احتياجاتنا من الغاز، والتناول الإعلامى ركز على قول رئيس الوزراء الإسرائيلى إنه يوم عيد، بالتأكيد يوم عيد له لأنه رجل مهدد أن يدخل السجن فى قضايا فساد وقال إن الأموال لتحقيق رفاهية شعبه، كما أنه لم يكن لديه بديل لتصريف الغاز إلا من خلال مصر أو أن يقوم ببناء خط أنابيب للتصدير إلى أوروبا ليأخد سنوات طويلة بعكس تعاونه مع مصر الذى من الممكن أن يبدأ خلال عام، وبدأنا المفاوضات مع ظهور نتائج التحكيم ضد مصر لصالح شركة كهرباء إسرائيل، وكانت سياسة مصر هى التسويف فى المفاوضات بما سبب قلقا لدى إسرائيل، ساعد الحكومة فى التفاوض على حل قضايا التحكيم فى خضم عملية إسالة الغاز.

- شامل حمدى: المهم مصلحة البلد فى هذا الاتفاق، المحطات ستعاود العمل، والدولة مساهمة فيها، فى دمياط

بـ20٪ وادكو 24٪، أيضا سنحصل على رسوم مرور وعبور وكل كيلو متر له حسابه، أى تحقيق عائد لخزانة الدولة مقابل صفر حاليا، ثالثا هذا الغاز قد يكون احتياطيا إضافيا لمصر حال رغبتها فى التوسع فى صناعات البتروكيماويات، أو فى تصدير الكهرباء ويمنحنا مرونة أكبر مع كثرة الكميات والبحث عما هو أكثر اقتصادية لنا، وخاصة إذا ما تم التوصل لاتفاق مماثل مع قبرص.

- مجدى صبحى: دفاعا عن الإعلام، لدينا مشكلة فى المصادر البترولية التى تعاملت مع الخبر، فالأرقام غير دقيقة ،وهناك تضارب فى المعلومات المتاحة إلى الجمهور، كما أن تعامل وزارة البترول إعلاميا مع صفقة الغاز كان سيئا، لا أحد يريد أن يتكلم، وأعتقد أن الجمهور لم يفهم سبب هذه الصفقة، وأضيف من جانب آخر إلى الإيجابيات أن لدينا حقوقا للتحكيم ربما تسقط أو تقل مع إسرائيل وأيضا كنا مهددين برفع قضية تحكيم أخرى من الشركة الإسبانية لعدم توريد الغاز لمصنع الإسالهة بقيمه 8 مليارات دولار.

والتحفظ الوحيد لدى على هـذه الصفقة هو التعاقد طويل الأجل فى عقد الشركة للاستيراد لمدة 10 سنوات، ماذا لو اكتشفنا فى مصر «ظهر آخر»؟! بالتأكيد سيكون لدينا قدرة أكبر على تصدير الغاز إلى أوروبا، تقريبا الكميات المتعاقد عليها من إسرائيل ستغطى 70٪ من طاقة الإسالة فى مصنع دمياط، لا يتبقى أمامنا سوى مصنع ادكو، ويجب أن نضع فى حسباننا التعاقد مع الغاز القبرصى، حقل ظهر منذ اكتشافه حتى بدء الإنتاج احتاج عامين وأربعة أشهر، بافتراض أن لدينا وقتا 4 سنوات حتى نستطيع التصدير منه فإننا لو اكتشفنا حقلا غدا فى مصر أو حتى قبرص فإننا سنحتاج إلى وحدات تسييل إضافية وسيكون من الصعب تنفيذها نظرا لارتفاع التكلفة.

- عمر الكومى: يوجد لدينا ميزة فى دمياط أن محطة الإسالة تستوعب 3 خطوط، أى لدينا قدرات على التوسع بخطين إضافيين، والخطوط الجديدة لن تحتاج إلى تنكات، أى أن متوسط تكلفة الخط الإضافى لن تتجاوز 3 مليارات دولارحاليا، وعند تنفيذ المحطة وضعنا التوسعات فى حسباننا.

- شامل حمدى: ادكو أيضا لديها قدرات على التوسع بإضافة 4 خطوط جديدة.

■ ما هو حجم طاقات الإسالة الإضافية مع التوسعات؟

- عمر الكومى: مصنع دمياط يمكن أن يضيف 10 ملايين طن سنويا فى الخطين، وادكو يمكن أن تضيف 14 مليون طن سنويا، كما أن كثرة الغاز لدى مصر تعزز فرصها فى أن تكون مركزا لتجارة الغاز فى المنطقة وإقامة بورصة لأسعار ومد خطوط أنابيب إلى أوروبا.

- شامل حمدى: مصر الدولة الوحيدة المؤهلة فى المنطقة لتنفيذ هذا المشروع. لدينا إنتاج للغاز والبترول لأكثر من 100 عام، وإسرائيل وقبرص حديثتا العهد جدا بهذه الصناعة، هذا إلى جانب الموقع المتميز والبنية التحتية والخبرات المتراكمة لدينا.

■ هل هناك أسواق منافسة وهل يمكن لمصر أن تنافس روسيا فى الغاز المصدر إلى أوروبا؟

- مجدى صبحى: أنا أرى أن الدعاية الكبيرة التى صاحبت هذا الموضوع لا تتناسب مع حجم الكميات المكتشفة حتى الآن، نحن نتحدث عن مصنعى إسالة طاقاتهما لا تزيد على 14 مليار متر مكعب فى العام، ومن المبالغة جدا الحديث حول منافسة روسيا والتى يصل حجم تصديرها للغاز عبر الأنابيب إلى أوروبا لأكثر من 160 مليار متر مكعب فى العام، وقطر تصدر غازا مسالا بقيمة 104 مليارات متر مكعب فى العام، وبالتالى يجب علينا أن نتعامل مع الموضوعات بجدية كافية لحين الوصول إلى أن يكون لدينا احتياطات غزيرة والجزائر وحدها تصدر أكثر من 40 مليار متر مكعب إلى أوروبا. وأتصور أننا نصلح أن نكون فى مركز أفضل لتكرير البترول من دول الخليج ومن العراق التى يجرى إبرام اتفاق معها على تكرير مليون برميل سنويا، وهذه فرصة حقيقية لمصر بطاقات تكرير كبيرة لتصدير منتجات إما إلى أوروبا عبر المتوسط أو دول شرق آسيا وباكستان والصين من خلال البحر الأحمر.

■ ما أسباب رد الفعل العنيف من تركيا وقطر ضد صفقة الغاز؟

- مجدى صبحى: تركيا كانت تتمنى أن تكون مركزا وحيدا للطاقة المصدرة من روسيا إلى أوروبا من خلال تنفيذ خط أنابيب ولكن أوروبا رفضت هذا الحديث فى وقت مبكر، وبالتالى لجأت روسيا لإقامة خط مباشر يمر عبر البلطيق إلى ألمانيا مباشرة دون المرور على أى دولة، وبالتالى فكرة تركيا كانت فكرة مركزية قلت مع مرور الوقت خاصة مع رفض أوروبا وبالتالى لن يكون لتركيا استفادة من هذا الخط.

- عمر الكومى: لدى معلومة من مصادر مؤكدة أن شركة «شل» تقوم حاليا بإجراء دراسة لمد خط أنابيب مباشر من ليفاثان إلى ادكو مباشرة، وعرضها على الحكومة المصرية كخط مواز لخط نقل الغاز البرى.

- مجدى صبحى: هناك اقتراح أيضا يدرس حاليا لمد خط أنابيب اسمه خط غاز شرق المتوسط بطول 1200 كيلو متر يربط حقول الغاز فى قبرص وإسرائيل بمصر، لتكون نقطة تجميع يصدر بعدها إلى أوروبا وبتكلفة تقديرية 15 مليار دولار، المشكلة أنه سيكون أطول خط فى العالم، وتكلفته عالية.

- شامل حمدى: لا يمكن أن ننافس روسيا وهى أكبر منتج وأكبر احتياطى فى العالم، وبالتالى المنافسة مع روسيا ليست واردة، أما ما يتعلق بفكرة المركز الإقليمى، فإننا لدينا بنية تحتية وقدرة على التوسع فى محطات الإسالة بتكلفة أقل من الآخرين، وأيضا تنفيـذ خطوط أنابيب، وفى النهاية مصر تحتاج هذا الغاز، فنحن نحسب الاكتفاء الذاتى على استهلاكنا الحالى، ولكننا نسعى إلى مضاعفة الاستهلاك وتحقيق ثورة صناعية حقيقية ترفع معدلات النمو، فالغاز الكثير فائدة ولن يكون مشكلة أبدا إلا إذا لم نخطط لاستهلاكه بالشكل الاقتصادى الأمثل.

- صلاح حافظ: التنافس فى الغاز هو قانون المستقبل، فكل مصادر الوقود الأحفورى يتراجع حجم استهلاكها العالمى، ما عدا الغاز فإنه متوقع أن يزيد استهلاكه 10% خلال الـ20 عاما المقبلة، بالرغم من أنه خلال نفس الفترة سيحدث نضوب فى الإنتاج العالمى للبترول بنسبة 10٪ أيضا أى أن العالم سيحتاج لغاز طبيعى أكثر 20٪ من الإنتاج الحالى.

- عمر الكومى: تجارة الغاز المسال فى العالم بلغت العام الماضى نحو 270 مليون طن، 70% منها إلى شرق آسيا والباقى لأوروبا والباسيفيك، والنمو فى الصين ضخم جدا فى ظل تحولها إلى طاقات نظيفة بديلة عن استهلاك الفحم. كما أن منتجى الغاز المسال فى العالم 19 دولة فقط والمستوردين 38 دولة ومرشحة للزيادة كل عام، بالتالى سيبقى الغاز المسال قائما فى مدى الـ30 -50 عاما المقبلة بقوة، لأن له مزايا أولاها القدرة الكبيرة على تكثيف المساحات، فكل 600 متر مكعب غاز تشغل حوالى مترا مكعبا واحدا من المسال، ونسبة تخفيض الحجم 600 مرة، كما أنه مرن فى النقل من مكان لآخر.

■ تتداول موقع إخوانية الكثير من الأقاويل حول أن حقلى ليفاثيان الإسرائيلى وأفروديت القبرصى، كانا خاضعين للمياه الاقتصادية المصرية، وتنازلت مصر عن حقوقها فيهما مع الترسيم الأخير للحدود.. ما دقة هذه الأقاويل؟

- صلاح حافظ: أحاديث الإخوان اعتمدت كلها على مصدر واحد وهو نائل الشافعى، وقد قمت أنا والدكتور أحمد عبدالحليم الرئيس الأسبق للمساحة الجيولوجية بتفنيد الأسباب التى استند إليها وأكدنا أنها إما مغلوطة أو كاذبة أو مختلقة، ويمكن تقسيم الإجابة عن هذا الشق من خلال عدة محاور، أولها إجراءات ترسيم الحدود البحرية التى اشتركت فيها مصر مع الدول المحيطة، حيث انضمت مصر إلى اتفاقية قانون أعالى البحار خلال عام 1982، بعدها بدأنا وضع نقاط الأساس بين مصر وليبيا، (نقطة 1 على الخريطة)، ومع السلطة الفلسطينية (نقطة 2)، ومن طابا حتى مع السعودية والتى تم ترسيمها بشكل كامل خلال اتفاق تم توقيعه مع المملكة العام الماضى، وتم إصدار قرار جمهورى بهذه النقاط عام 1990.

■ ما هو وضع الترسيم مع فلسطين؟

- صلاح حافظ: من خلال النقاط التى أشرت إليها تم ترسيم خط المنتصف بين مصر والسلطة الفلسطينية، حيث تم مد خط عمودى إلى داخل مياه البحر المتوسط من عند نقطة تلاقى الحدود المصرية مع غزة، إلى النقطة المقابلة لتلاقى الحدود القبرصية الإسرائيلية، وفقا لقواعد ترسيم الحدود البحرية المقررة فى اتفاق الأمم المتحدة، والذى وقعت عليه حتى الآن 168 دولة ليس من ضمنها تركيا وإسرائيل وسوريا، وفى عام 1990 تم توقيع اتفاق ترسيم الحدود المصرية المشتركة مع السلطة الفلسطينية ووقعت عليه إسرائيل كدولة محتلة والولايات المتحدة كدولة راعية للسلام وتم إيداعه فى الأمم المتحدة.

■ معنى هذا أن حدودنا البحرية مع فلسطين وليست مع إسرائيل؟

- نعم حيث يتضح من الخريطة أنه لا توجد حدود مصرية مشتركة مع إسرائيل وإنما مع قطاع غزة، ويتضح هنا أن حقلى ليفاثيان وتامار يقعان بالكامل داخل إسرائيل باحتياطيات إجمالية تصل إلى 28 تريليون قدم مكعب، أما السلطة الفلسطينية، فلها حقول هى شمشون ونوح وغزة مارين باحتياطات إجمالية 3.6 تريليون قدم مكعب،

والنقطة الثانية والتى ترد على الادعاءات أن ليفاثيان تابع لمصر، هى أن المسافة الفاصلة بين ليفاثيان وحيفا النقطة المقابلة له فى البر، تبلغ 124 كيلومترا مربعا، وفى المقابل المسافة الفاصلة بين الحقل والنقطة المقابلة له فى دمياط تبلغ 238 كيلومترا مربعا، ويمكن تقدير المسافة ومدى القرب من خلال الخريطة والتى ترد على أكاذيب خبراء الإخوان، فنائل الشافعى قال إن المسافة بين حقلى ليفاثان وأفروديت القبرصى أقرب لمصر حيث يبعدان 190 كيلو عن دمياط، وهذا كلام ثبت تماما أنه مغلوط.

وكما وضعت مجموعة نائل الشافعى مفهوما خاطئا لترسيم الحدود البحرية غير موجود فى أى اتفاقية أو كتب علمية إمعانا فى التزوير، قالت أيضا إن القاعدة الذهبية أن الحدود البحرية امتداد طبيعى فى شكل خط مستقيم مع الحدود البرية بين غزة ومصر، وبهذا تضم كل حقول غزة وإسرائيل إلى مصر، وهذا غير معترف به إطلاقا وإنما حددت الاتفاقية ترسيم الحدود على تحديد نقطة التماس بين البلدين وعمل خط للتماس وأن يكون خط المنتصف فى الحدود البحرية عموديا على خط التماس وليس امتدادا له، أى أن هذه المجموعة اعتمدت على مسافات خاطئة أو حتى تحديد الخط الفاصل.

- مجدى صبحى: مؤخرا ذكرت هذه المجموعة أسعار الغاز قياسا على بورصة هنرى هوب فى أمريكا وهى أرخص سعر للغاز يقدر بـ2.5 دولار، مع العلم أنه لا يتم الاعتماد عليها فى احتساب أسعار الغاز العالمية لأنها ليست مصدرا لتصدير الغاز.

واستكمل صلاح حافظ موضحا: أما عن ترسيم الحدود القبرصية والرد على ما قيل حول تنازل مصر عن حقل أفروديت لقبرص، فإننا بدأنا تحديد نقاط الأساس مع قبرص خلال عام 2004، واشترك فى لجنة الترسيم كافة الأجهزة السيادية بالدولة والمساحة الجيولوجية المدنية والعسكرية وغيرها من الجهات ذات الصلة.

■ هل وقت الترسيم كان هناك أى دليل أو مجرد حديث عن اكتشافات غاز متوقعة فى المياه العميقة فى البحر المتوسط؟

- صلاح حافظ: لم يكن هناك أى حديث عن استكشافات الغاز فى منطقة البحر المتوسط، مصر فقط هى من ظهر عندها بعض الاكتشافات البحرية، وكان مجموعها يصل إلى 70 تريليون قدم مكعب، وإسرائيل كانت اكتشافاتها محدودة جدا.

- عمر الكومى: قبرص وقتها كانت معلوماتها عن الغاز تساوى صفرا، وكانت ترسل مهندسيها إلى مصر للتعرف على تكنولوجيات الغاز والبترول.

- صلاح حافظ: تم بناء على نقاط الأساس استكمال عملية ترسيم الحدود بين قبرص ومصر مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2014، ووفقا للمسافات أيضا فإن المسافة الفاصلة بين حقل أفروديت ودمياط 212 كيلومترا فى حين تصل المسافة الرابطة بين الحقل ومدينة ليماسول فى قبرص 166 كيلومترا مربعا، وبالتالى فهى أقرب لقبرص وليس مصر.

■ لماذا لم توقع إسرائيل وتركيا وسوريا على اتفاقية ترسيم أعالى البحار؟

- صلاح حافظ: إسرائيل لم تنضم إلى الاتفاقية، بسبب طمعها فى السيطرة على حقول الغاز التابعة لغزة ولبنان، حيث مدت خطا حدوديا للمياه الخاصة بها غير معترف به فى الأمم المتحدة، سمح لها بضم حقلى شمشون ونوح التابعين لغزة إلى مياهها الاقتصادية عنوة، وأيضا سمح لها باقتناص حقوق داخل المياه اللبنانية فى بلوكات 8 و9، وقد قمنا فى مصر بإبلاغ جامعة الدول العربية بتعدى إسرائيل على غاز غزة ولبنان بالبلطجة، أما تركيا، فإنها رفضت التوقيع على الاتفاقية الدولية لأنها لا تعترف بحق قبرص فى وجود مياه اقتصادية لها، فالحكومة التركية تعتقد أن الجزر لا يجب أن يكون لها مياه اقتصادية وإنما فقط مياه إقليمية (12 ميلا بحريا)، وحقوق المياه الاقتصادية لهذه الجزر يجب أن تخضع إلى الدولة الأم على اليابسة وفى حالة قبرص فالدولة الأم هى تركيا، ولكن هذا المبدأ تم رفضه من كافة دول العالم. ووفقا للقواعد العالمية وللخريطة الثانية المعروضة، فإن الجزر الثلاث (كاستيلو ريزو المواجهة للسواحل المصرية- وروديس وقبرص) تحجب المياه الاقتصادية تماما عن تركيا وبالتالى فإن تركيا لن تكون لها أى حقوق فى المياه الاقتصادية فى البحر المتوسط، وإنما مجرد فقط مياه إقليمية ولهذا فإن الترسيم الذى تم بين مصر وقبرص أثار جنون تركيا التى لا تمتلك نقطة واحدة من الغاز رغم أنها من أكبر المستهكلين وتعتمد بشكل كامل على استيراد الغاز القطرى والروسى، فتركيا كانت تطمع أن تتجاوب مصر معها فى رؤيتها لتقسيم المياه الاقتصادية ليكون خط المنتصف بين مصر وتركيا فقط، دون حقوق لقبرص، وفى هذه الحالة قد يدخل أفروديت المياه الاقتصادية المصرية، وحاولت تركيا من خلال حكومة الإخوان تعطيل تمرير اتفاقية ترسيم الحدود مع قبرص تحت دعوى أنها تهدر حقوق مصر الاقتصادية، ولكنها كانت فى الأساس لخدمة الجانب التركى الذى يرتبط بعلاقات سياسية وثيقه مع الإخوان.

الخريطة الثانية المعروضة رسمتها تركيا لصالح شركة (تى بى آى أو شركة جمع المعلومات) وفيها بلوكات كانت تستهدف تركيا طرحها على الشركات العالمية، قبل توقيع اتفاق ترسيم الحدود بين مصر وقبرص، ولكنها لا تستطيع حاليا القيام بذلك لأن دولة اليونان التابعة للاتحاد الأوروبى تحمى بقوة حقوق قبرص فى مياه البحر المتوسط ضد أى اعتداءات التركية. كما أن تركيا لم تضع جزيرة كاستيلو ريزو فى هذه الخريطة لأنها كانت السبب الرئيسى فى حرمانها من المياه الاقتصادية، وهى تابعة لدولة اليونان، والخلاصة أن مصر رسمت حدودها بشكل دقيق ومتوافق تماما مع كل القوانين الدولية المنظمة لهذا الشأن ولم ولن تتنازل عن أى حقوق لنا لصالح أى طرف.

- مجدى صبحى: يجب أن نعرف أن تركيا ثانى أكبر مستهلك للغاز الروسى بعد ألمانيا، حيث تستهلك حوالى 42 مليار متر مكعب 2016 فى التصنيع والتدفئة ولا تنتج نهائيا غازا طبيعيا ويمكن أن نتفهم هنا أسباب قتالها الشرس للحصول على حصة من غاز البحر المتوسط عن طريق خلق مياه اقتصادية لها بالقوة.

■ كم دولة حتى الآن فى حوض البحر المتوسط رسمت حدودها فى المياه الاقتصادية؟

- صلاح حافظ: حتى الآن قامت مصر بترسيم حدودها مع السلطة الفلسطينية وقبرص وحاليا جار ترسيم الحدود مع اليونان وتم بالفعل الاتفاق على نقاط الأساس ويتم رسم خط المنتصف وسيكون واقعا فى حدودنا مع ليبيا ولن يكون هناك أى مشكلات على ما أعتقد، وليبيا بالفعل وقعت على الانضمام لاتفاقية أعالى البحار ولكنها لم تصدق عليها حتى الآن، كما أن لبنان قامت بترسيم خط مع إسرائيل ومع سوريا رغم أنهما لم تنضما إلى الاتفاقيه كما أنها رسمت خط المنتصف مع قبرص.

■ ما توقعاتكم لتطور الصراع السياسى الاقتصادى فى منطقة شرق المتوسط مع تصاعد حدة التوترات مؤخرا واعتراض تركيا إحدى السفن التابعة لشركة إينى الإيطالية المتوجهة لتنفيذ أعمال فى حقل أفروديت القبرصى؟

- عمر الكومى: وزير البترول طارق الملا أعلن من لندن أن مصر وقعت على اتفاق مبدئى مع قبرص لمد خط أنابيب لنقل الغاز القبرصى إلى مصر لتسييله وتصديره إلى الأسواق الأوروبية، واليونان أعلنت أنها ستحمى مشروع قبرص عسكريا، وهذا تهديد مباشر لتركيا، وأكدت أن أى تعد على اليونان يمثل تعديا على الاتحاد الأوروبى.

- مجدى صبحى: ليس هذا موقف اليونان وحدها ولكن الاتحاد الأروربى أيضا أكد حماية حقوق قبرص فى مياه المتوسط.

- صلاح حافظ: فيما يتعلق بحقول لبنان وخاصة حقلى 4 و9 اللذين تمت ترسيتهما على توتال وإينى وشركة روسية، فإن حزب الله أعلن بقوة أن لديه قاعدة صواريخ على البحر المتوسط تستطيع أن تضرب حقول الغاز الإسرائيلية إذا ما فكرت إسرائيل يوما ما أن تعطل تنمية الحقول اللبنانية، وفى مصر لدينا تأمين شديد وغاية فى القوة من القوات البحرية المصرية لتأمين حقل ظهر وحماية العمل فيه وأيضا تعاوننا الاستخباراتى قوى مع اليونان لحماية حقولنا المصرية.

■ هل يمكن أن يكون حقل ظهر نقطة التقاء للغاز من الحقول الإسرائيلية والقبرصية من خلال مد خطوط أنابيب إلى ظهر وبعدها يسير الغاز فى التسهيلات الخاصة به ليصل إلى محطة التجميع فى بورسعيد؟

- شامل حمدى: أعتقد من الصعوبة تنفيذ هذه الفكرة فالإمدادات التى تم إنشاؤها وحجم خط الأنابيب فى ظهر مصمم للتعامل مع الغاز المستخرج بكميات كبيرة من الحقل، وبالتالى من الصعب تنفيذ هذا المقترح.

■ ما هو خط السير المتوقع لخط نقل الغاز القبرصى؟ وهل يكون لأوروبا دور فى عملية التمويل؟

- شامل حمدى: مسافة الخط بين قبرص ومصر صغيرة جدا (220 كيلومترا مربعا) مقارنة بمعدلات خطوط النقل الأخرى، ومن اليسير إيجاد تمويل لتنفيذ الخط، وبالتأكيد ستدخل فيه جهات تمويلية تابعة للاتحاد الأوروبى.

- عمر الكومى: الخط صغير مقارنة بخطوط أخرى فى المنطقة مثل خط نقل الغاز الجزائرى إلى إسبانيا مرورا بالمغرب وجبل طارق الذى يصل طوله إلى 1100 كيلومترمربع تقريبا منها 1050على البر.

- مجدى صبحى: خط غاز شرق المتوسط الذى تتم دراسة تنفيذه حاليا يربط بين حقول قبرص وإسرائيل وحتى معامل الإسالة فى مصر، ويصل طوله إلى 1220 كيلومترا مربعا، وتنفيذ الخط يخضع فى النهاية للجدوى الاقتصادية بما تشمله من تكلفة النقل والتسييل والبيع، ومادامت أسعار البترول فى زيادة فإن أسعار الغاز ستكون أكثر جدوى ومضمونة لأن روسيا تربط سعر تصدير الغاز إلى أوروبا بأسعار البرنت.

■ هل الأسعار الحالية ذات جدوى اقتصادية؟

- مجدى صبحى: الأسعار الحالية مجزية، وروسيا تصدر لأوروبا حاليا عن طريق خطوط الأنابيب بـ8 دولارات للمليون وحدة حرارية.

- شامل حمدى: أسعار استيراد الغاز المستورد المسال كانت ما بين 11 و12٪ من البرنت.

- صلاح حافظ: خلال فترة الثمانينيات كان هناك مشروع من روسيا لإقامة خط أنابيب دائرى حول البحر المتوسط أقرب ما يكون فى شكله وفكرته للشبكة القومية لنقل الغاز، وقالوا وقتها إن مصر سيكون لها النصيب الأعظم، باعتبارها مركزا لعبور الغاز وقاعدة استقبال من مصادر الإنتاج وتوزيعه على الأسواق المستوردة، وبعدها اتصل بى الدكتور حمدى البمبى وزير البترول وقتها يبلغنى أن ماهر أباظة وزير الكهرباء يرغب فى دراسة تحول مصر إلى مركز إقليمى للطاقة، وهذا كان فى فترة الثمانينيات، وحضرت اجتماعا مع وزير الكهرباء وكنت أشغل منصب رئيس جهاز شؤون البيئة، وكانت فكرته أن تحصل الوزارة على الغاز المكتشف واستخدامه فى إنتاج كهرباء وتصديرها إلى كل الدول.

■ هل يمكن تحقيق هـذا الحلم حاليا بعد نمو الاستكشافات بالمنطقة؟

- صلاح حافظ: صعب جدا حاليا.

■ فى رأيكم إذا ما اعتمدت إسرائيل على التصدير من خلال خط غاز شرق مرورا بسيناء، ما هى إمكانيات تأمينه ضد العمليات التفجيرية الإرهابية؟

- صلاح حافظ: مصر تجاوزت اتفاقية كامب ديفيد فيما يتعلق بتواجد القوات فى سيناء ودفعت بقوات كبيرة لمكافحة الإرهاب، ووضعت إسرائيل فى موقف يصعب عليها فيه أن ترفض التحرك المصرى حتى بعد أن بلغ حد إقامة منطقة قيادة كبيرة فى شرق القناة، ومن المؤكد أن ذلك سيوفر عوامل أمان إضافية لعملية نقل الغاز سواء لإسرائيل أو الأردن أو أى اتجاه فيما بعد، ومن المؤكد أن التعامل الإسرائيلى مع العمليات المصرية الموسعة فى سيناء ربما ساعد فى أن تسمح السلطات المصرية بالسير قدما فى إبرام الاتفاق.

نرشح لك

أهم أخبار صحافة

Comments

عاجل